والحضيض: قرار الأرض، والسكاك: ما ارتفع من الهواء، وأفرد صديقا وهو خبر عن جميع؛ لأن العرب تفعل ذلك فيه، وفي أشياء مما يكون على وزن فعيل، نحو نعل خصيف، وريح خريق، ورجل صديق، يستوي في ذلك المذكر والمؤنث والجمع والواحد، والحسب: الشرف، والنحيف: الهزيل، والمرأة الضناك: الضخمة المتداخلة الخلق، فاستعار ذلك في الدنيا.
فيقول، وهو يخاطب عضد الدولة، مؤكدا لما قدمه: ولامنا فداءك من الملوك من يظن قليل العطاء جوادا بالغا، ويرصد لمن يبذل له ذلك حتفا قاصدا، تكرها للجود وفعله، ومنافرة للكرم وأهله. وضرب لقلة العطاء مثلا بنثر الحب، وبنصب الشباك لما يبغي بها ناثرها من الكيد.
ثم قال على نحو ما قدمه، مخاطبا لعضد الدولة: ولآمنا فداءك ملوكا قد بلغ الحضيض بهم قصر أفهامهم، وتأخر إدراكهم، وأن كانت أحوالهم قد بلغت بهم السكاك في العلو والرفعة، والتمكن والحظوة.
ثم قال يخاطبه: فلو كانت قلوبهم تعتقد مودتك، وضمائرهم تخلص طاعتك، لعادوك بلؤم خلائقهم، ولأمحضوك مذموم مذاهبهم.
ثم قال مؤكدا لما قدمه: لأنك مبغض من الولاة من دنياه ضناك قوية، وأوليته نحيفة دنية، فهو يتشبه بأهل الشرف، ويقعد به في ذلك لؤم السلف.
أَرُوحُ وَقَدْ خَتَمْتَ على فُؤادِي ... بِحُبِّكَ أَنْ يَحُلَّ بِهِ سِواكا
وَقَدْ حَمَّلْتَنِي شُكْرَاً طَويلاً ... ثَقِيلاً لا أُطِيقُ بِهِ حَرَاكا
أُحَاذِرُ أَنْ يَشُقَّ على المَطَايَا ... فلا تَمشِي بِنَا إلاَّ سِوَاكَا
الرواح: السير بعد ذهاب صدر النهار، والختم: الطبع على الشيء، والحراك: لغة في الحركة، يقال: حرك الشيء يحرك حراكا وحركة، والسواك: ضعيف من مشي الإبل.