وقال عند وداعه لعضد الدولة:

فَدىً لَكَ مَنْ يُقَصِّرُ عَنْ نَدَاكا ... فَلا مَلِكٌ إذاً إلاَّ فَدَاكَا

وَلَو قُلْنَا فَدىً لَكَ مَنْ يُسَاوِي ... دَعَوْنَا بِالبَقَاءِ لِمَنْ قَلاكَا

وآمَنَّا فِدَاكَ كُلَّ نَفسٍ ... وإنْ كَانَتْ لِمَملَكَةٍ مِلاكا

فديت الرجل فداء: إذا كنت وقاية له، وبدلا منه فيما يكرهه، وقليت الرجل أقليه قلى: إذا أبغضته، والمملكة: سلطان الملك، وملاك الشيء: عماده.

فيقول مخاطبا لعضد الدولة، وداعيا له: جعل الله فداءك من الملوك من يقصر عن نداك وفضلك، ولا يساويك في كرمك وجودك، فأن الملوك، إذا سمع الله هذا الدعاء فيك، ويفدونك بجملتهم، ويقونك المكاره بجماعتهم؛ لتحقيرهم عنك في مجدهم، وتواضعهم دون منزلتك وقدرك.

ثم قال: ولو دعونا بأن يفديك من يساويك ويماثلك ويوازيك، لكنا قد أحلنا في فدائك على معدوم لا يوجد، وأشرنا إلى مفقود لا يعهد، ولدعونا بالبقاء لمن يقليك ويكرهك، ويتجنبك ويحسدك.

ثم قال: وآمنا فداءك أنفس الخلق أجمعين، وملوكهم المترفعين، وإن كان في تلك النفوس ما هو ملاك مملكة، ومن ينفرد بعلو منزلة، فهم عند إضافتهم إليك، كالعوام الذين لا يحفل بهم، والسوق الذين لا حظ في السلطان لهم.

وَمَنْ يَظَّنُّ نَثْرَ الحَبِّ جُودَاً ... وَيَنصِبُ تَحتَ ما نَثَرَ الشَّبَاكَا

وَمَنْ بَلَغَ الحَضيضَ بِهِ كَرَاهُ ... وإنْ بَلَغَتْ بِهِ الحَالُ السُّكاكا

فَلَو كَانَتْ قُلُوبُهُمُ صَديقَاً ... لَقَدْ كَانتْ خلائِقُهُمْ عِدَاكَا

لأَنَّكَ مُبغِضٌ حَسَبَاً نَحِيفاً إذا ... أَبصَرْتَ دُنياهُ ضِنَاكا

يظن: يفتعل من الظن، أبدلت التاء من الظاء، لتقارب مخرجيهما، ثم أدغمت الظاء الأولى في الثانية كما قال زهير:

هُوَ الجَوَادُ الَّذي يُعطِيكَ نائِلَهُ ... عَفواً وَيُظلَمُ أحيانَاً فَيَظَّلِمُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015