المخوفة المتوقعة، ما يبعث الخرس على أن تبحث وتسأل، ويوجب لها أن تتروع وتحذر.
فُحُولُها والعُوذُ والمَتَالِي يَوَدُّ ... لو يُتحِفُها بِوَالِي
يَركَبُها بالخُطمِ والرِّحالِ ... يُؤمِنُها مِنْ هذهِ الأهوالِ
ويَخمُسُ العُشْبَ ولا يُبَالي ... وماَء كُلِّ مُسبِلٍ هَطَّالِ
الفحول: التي لم تحمل، والعوذ: التي تعوذ بها أولادها، والمتالي: نحو ذلك، والإتحاف: إهداء ما يستحسن، والخطم للإبل: كاللجم للخيل، وأستعارها للوحش، والرحال للإبل: كالسروج للخيل والإبل والبغال، واستعارها في هذا الموضع.
فيقول: فحول الوحوش وعوائذها ومتبوعاتها، تود لو يتحفها بوال يملكها، وحائط يصرفها، فيركبها بالرحال والخطم، ويثقفها بالأزمة واللجم، ويؤمنها من هذه الأهوال الحادثة، ويسكنها من روعات هذه الأخبار السائرة، ويخمس العشب؛ بأخذه الخمس مما ترعاه من العشب النابت، وما ترد عليه من ماء السحاب الهاطل، ولا تبالي ذلك ولا تكرهه، ولا تخافه ولا تحذره.
يا أَقدَرَ السُّفَّارِ والقُفَّالِ ... لو شِئْتَ صِدتَ الأُسدَ بالثّعَالِ
أو شِئتَ غَرَّقْتَ بِالعِدَى بالآلِ ... ولو جَعَلْتَ مَوضِعَ الإلاَّلِ
لآلِئاً قَتَلْتَ بالآلي ... لَمْ يَبقَ إلاَّ طَرَدُ السَّعالِي
في الظُّلَمِ الغائِبَةِ الهِلالِ ... على ظُهُورِ الإبِلِ الأُبَّالِ
فَقَدْ بَلَغَتْ غَايَةَ الآمالِ ... فَلَمْ تَدَعْ مِنهَا سِوى المُحالِ
في لا مكانٍ عِندَ لا مَنَالِ
السفار: المسافرون، وليس هذا الجمع واحد من لفظه، والقفال: الراجعون من سفرهم، الواحد: قافل، والثعال: الثعالب على الترخيم في غير النداء، والآل: السراب، وهو ما يتخيل في بطون الفلوات عند شدة الحر، مما يشبه الماء،