وطاعته، ويبيد ويتلف من تعرض لمخالفته.

ثم قال: لما أصار القفص، مع احتداد شوكتهم، وما كانوا عليه من كثرتهم وقوتهم، كأمس الذاهب، بسطوته عليهم، وتركهم حديثا يذكر بوقائعه فيهم، وقتل الكرد دون ما حاولوه من قتاله، وأهلكهم قبل تمكنهم فيما قصدوه من خلافه، سطا بهم فأجفلوا من مخافته هاربين، واقتدر عليهم فعاذوا بالفرار مستسلمين، وصيرهم ما بين هالك أتلفه التعرض لحربه، وطائع أنجاه التسليم لأمره، وجال هارب سار في الأرض على وجهه، قد لج في الفرار يطلب خلاصا لنفسه.

ثم عاد إلى الإخبار عن الممدوح، إلى عضد الدولة، فقال: وأقتنص، بعد إيقاعه بالقفص والكرد، فرسان أعاديه بعوالي رماحه، واعمل فيهم صوارم سيوفه، ودان له من قرب وبعد، وأطاعه من اعترف وعند، ولم يبق له مخالف يقصده، ولا عدو يناصبه ويعتمده.

سَارَ لِصَيدِ الوَحْشِ في الجِبَالِ ... وفي رَقَاقِ الأرضِ والرِّمالِ

على دِمَاءِ الإنسِ والأوصَالِ ... مُنفَرِدَ المُهْرِ عَنِ الرِّعَالِ

من عِظَمِ الهِمَّةِ لا المَلاَلِ ... وَشِدَّةِ الضَّنِّ لا الاستِبدَالِ

ما يَتَحَرَّكْنَ سِوَى انسِلالِ ... فَهُنَّ يُضرَبْنَ على التَّصْهَالِ

الرقاق من الأرض: اللينة الوطيئة، والرعال: قطع الخيل، والواحدة رعلة، لغة في الملل، والضن والضنة والضنانة والمضنة: لغات في الشح، والاستبدال: التصرف في صغائر الأمور، والانسلال في الحركة: المحاولة للاستتار بها، والتصهال: تفعال من الصهيل.

فيقول: أن الممدوح عضد الدولة لما استماح أعداءه بقوته، وقربت له آماله بما مكنه من سعادته، سار ليصيد الوحش المعتصمة بالجبال الشامخة، ويقصرها في أقاصي الفلوات النازحة، موطئا لخيله ورجاله ما سفكه من دماء الإنس في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015