خر له ساجدا في أساسه قبل الحرب، وتداعى بالانهدام قبل تجشم الطعن والضرب، فكيف بنية الممدوح فيه مؤونة المنازلة، وبدر أهله إلى الخضوع بطاعته قبل تكلف المقاتلة؟!.

ثم قال: ما كانت الطرم؛ وهو حصن وهسوذان المتقدم الذكر، لما أحاطت به عجاجة تلك الجيوش، ودارت عليه كتائب تلك الجموع، إلا كبعير ظفر به (ناشده)، فتملكه دون مدافعة، ووصل إليه فأستحقه من غير منازغة. يشير إلى عجز وهسوذان عن منعه، ومبادرته إلى الفرار عنه بنفسه.

ثم قال مؤكدا، وهو يريد الطرم المذكور، ويشير إلى سرعة افتتاح جيوش والد فناخسرو لها، وعجز وهسوذان عن ضبطها: تسأل أهل القلاع التي تماثلها، والمعاقل التي تشابهها وتشاكلها عن وهسوذان ملكها، وقد مسخته بمفارقته لها، وانحطاطه عن الإمارة التي كان ينتحلها به، نعامة شاردا في المهامه القفرة، ومستأنسا فيها بالانفراد والوحشة.

تَستَوحِشُ الأَرضُ أَنْ تُقِرَّ بِهِ فَكُلُّهَا ... إنَّهُ بِهِ جَاحِدُ

فلا مُشَادٌ ولا مَشِيدٌ حِمىً ... ولا مَشيدٌ أَغنَى ولا شَائِدْ

أشدت البنيان وشيدته: إذا طولته وأعليته، والبنيان مشاد ومشيد، وشدته: إذا علوته بالشيد، وهو الجص والبلاط، والنبيان مشيد.

فيقول، وهو يريد وهسوذان: تستوحش الأرض من الإقرار به؛ لما عليه من الطلب، وتجحده بما يظهر فيها من الفرار والهرب، فكلها يدفعه ولا يتقبله، ويخيفه ولا يؤمنه.

ثم قال: فلم يحمه من الحصون ما ارتفع وطول، ولا عصمه من البنيان ما احكم وأتقن، ولا عاد إلا بالفرار على وجهه، وأن يطلب النجاة بذلك لنفسه.

فَاغتَظْ بِقَومٍ وَهْسُوذَ ما خُلِقُوا ... إلاَّ لِغَيظِ العَدُوِّ والحِاسِدْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015