وَمُمطِر المَوتِ والحَيَاةِ مَعَاً ... وَأَنتَ لا بَارِقٌ ولا رَاعِدْ
إذا المَنَايا فَدَعوَتُها ... أُبدِلَ نُونَاً بِدالِهِ الحائِدْ
العضد: كناية عن القوة، وكان لقب فناخسرو عضد الدولة، والعاضد: المعين، والساري: الذي يسير بالليل، والهاجد: الساكن النائم، والسحاب البارق الراعد: الذي يكثر فيه البرق والرعد، والحائد: المنحرف، وإنما يريد الحائد عن الطاعة.
فيقول مخاطبا لفناخسرو: يا عضد الدولة، ربها قد عضدها به، وأحرز الفخر في ذلك له، ويا ساريا على أعدائه في الفلوات النائية، والمهامه النازحة، التي تنام القطا فيها لبعدها، وتنقطع عن الأنيس بمبلغ جهدها، وجيوشك تطرقها في تلك المواضع لحفلها، وتبعثها من أقاصيها بكثرة أهلها.
ثم قال، على نحو ما قدمه من مخاطبة الممدوح: ويا من يمطر الموت على أعدائه، ويمطر الفضل وأسباب الحياة على مؤمليه، وهو في الحالين لا يبرق ولا يرعد، ولا يتهدد، بل يسبق القول بفعله، وتصحبه السعادة والتأييد في جملة أمره.
ثم قال، وهو يريد الممدوح: إذا المنايا بدت ناصرة له على من خالفه، ومسعدة بما يقصده في من حاربه وناصبه، فدعوتها أن يبدل الحائد عن طاعته، والمنحرف عن جماعته بنون من دال أسمه، حتى يصير حائنا بهلاكه، وفناء عمره، كما كان حائدا عن الاحتمال على أمره.
إذا دَرَى الحِصنُ مَنْ رَمَاهُ بِهَا ... خَرَّ لَهَا في أسَاسِهِ سَاجِدْ
ما كانتِ الطِّرْمُ في عَجَاجَتِها ... إلاَّ بَعِيراً أَضَلَّهُ نَاشِدْ
تَسألُ أهلَ القِلاعِ عَنْ مَلِكٍ ... قَدْ مِسَخَتهُ نعامَةً شَارِدْ
الطرم: حصن معروف من حصون طبرستان، والناشد: الذي يهتف على الضالة.
فيقول، وهو يشير إلى جيوش فناخسرو، والمنايا التي يبعث فيها على الأعداء: إذا درى الحصن الذي تقصده تلك الجيوش، وتيقن الباعث لها، والمصرف لأمورها،