ثم أكد ما قدمه، فقال: دون سلاح يتحملها سوى قوة الرجاء لكم، ولا عدة يتكلفها غير إنزال الثقة بكم، فيرجع ظافرا بما يطلبه، وينثني راشدا منصورا فيما يرغبه.

ثم قال: يقارع الدهر من يتعرض لحربكم، ويصرع كل من لا يتصل بحزبكم، ويأبى الله إلا أن يجعل السيد منكم، والمسود المغلوب من ينحرف عنكم.

وَلَيْتَ يَومَيْ فَنَاءِ عَسكَرِهِ ... وَلَمْ تَكُنْ دَانِيَاً ولا شَاهِدْ

وَلَمْ يَغِبْ غَائِبٌ خَلِيفَتُهُ ... جَيشُ أَبِيهِ وَجَدُّهُ الصَّاعِدْ

وَكُلُّ خَطِيَّةٍ مُثقَّفَةٍ ... يَهُزُّها مارِدٌ عَلَى مَارِدْ

سَوَافِكٌ ما يَدَعْنَ فَاصِلَةً بَينَ ... طَرِيِّ الدِّماءِ والجَاسِدْ

الجد: البخت، والصاعد: المتزايد، والخطية: قناة الرمح، تنسب إلى الخط، وهو موضع معروف، والمثقفة: المقومة، والمارد: الشديد الجرأة، والجاسد: الدم اليابس.

فيقول مخاطبا لفناخسرو، ومخبرا عن وهسوذان: وليت يومي فناء عسكره اللذين فلت فيهما جيوشك حده، وفر بنفسه وحده، وكنت بعيدا عنه، ولم تكن في تلك المزاحفة دانيا منه، بل عصفت به رياح تدبيرك على البعد، وأذلته لأوليائك طوالع السعد.

ثم قال مبينا لما قدمه: ولم يغب عن مزاحفة عدوه من يخلفه في ذلك؛ جيش أبيه وجنده، وإقبال دولته وجده.

ثم قال: ويخلفه كل رمح خطي مثقف بيد كل مارد في الحرب، متصرف يحمله من الخيل ما يماثله في النفاذ والشدة، ويشاكله في الإقدام والجرأة.

ثم أكد ذلك فقال: سوافك للدماء، معتادة الإيقاع بالأعداء، تتبع طري الدماء بالجاسد، وسائلها بالراكد الجامد.

يا عَضُدَاً رَبُّهُ بِهِ العَاضِدْ ... وَسَارِيَاً يَبعَثُ القَطَا الهَاجِدْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015