ولم يأمنوا عقوبته.
ثم قال مشيرا إلى الملوك الذين قدم ذكرهم، فهم أن هربوا أدركهم بسلطانه وقوته، وأن وقفوا خشوا ذهاب طارفهم وتالدهم بعقوبته.
فَهُمْ يُرجُّونَ عَفْوَ مُقتَدِرٍ ... مُبَارَكِ الوَجهِ جائِدٍ ماجِدْ
أَبلَجَ لَوْ عَاذَتِ الحَمَامُ بِهِ ... ما خَشِيتْ رامِيَاً ولا صَائِدْ
أَوْ رَعَتِ الوَحشُ وَهِيَ تَذكُرُهُ ... ما رَاعَهَا حابِلٌ ولا طَارِدْ
الماجد: الشريف الكريم، والأبلج: النقي ما بين الحاجبين، وذلك من صفات السادة، والحمام: ذوات الأطواق من الطير، وما جرى مجراها كالقماري والقطا والفواخت ونحو ذلك، والوحش: ما لا يستأنس من دواب البر، الذي يصيد الوحش بالحبالة، والطارد: الذي يصيدها بالمطاردة، والعائذ: المستجير.
فيقول، وهو يريد الملوك المشفقين من موجدة الممدوح: فهم يرجون عفو مقتدر لا يدافع إلا بالخضوع له، ولا يعارض إلا بإنزال الثقة به، ميمون مبارك العزة، كريم جواد الرحاة، ماجد مشهور الرفعة.
ثم قال مؤكدا لما ذكره: أبلج لو عاذت الحمام بأمنه، واعتصمت بكنفه وظله، مع تولع الناس بصيدها، وتقوت جوارح الطير بها لضعفها، ما خشيت راميا يقصدها، ولا صائدا يخيفها ويعتمدها.
ثم قال على نحو ما قدمه: أو رعت الوحش معتصمة بذكره، منتسبة إلى رعايته وملكه، لما راعها حابل يصرعها مخادعة، ولا طارد يحتازها مغالبة.
تُهْدِي لَهُ كُلُّ سَاعَةٍ خَبَراً ... عَنْ جَحفَلٍ تَحتَ سَيفِهِ بائِدْ
وَمُوضِعَاً في فِتَانِ ناجِيَةٍ ... يَحمِلُ في التَّاجِ هَامَةَ العَاقِدْ
تهدي: تبعث، والجحفل: الجيش العظيم، والبائد: التالف، والموضع: والمجتهد في السير، والفتان: غشاء أحمر يتخذ للرحل، والناجية: الناقة السريعة، والعاقد: