فيقول مخاطبا لوهسوذان، وواصفا لهربه عن جيش ركن الدولة: تعطي سلاحهم وأيديهم من التحكم في جيشك، وبلوغ المراد من تريق جمعك، ما لم تكن العيون تطمح إلى رؤية مثله، ولا النفوس تطمع بإدراك نيله.
ثم قال: أسخى النفوس بنقل الممالك، وأشجعها على اقتحام المتالف، من جهل في ذلك ما يتقلده، ولم يعرف الحقيقة فيما يقصده، فأشرف على مثل ما أشرف عليه وهسوذان، من توقعه بمفارقة رأسه لجسده، واعتصامه بالفرار عن مملكته وبلده.
لَوْلاَ الجَهَالَةُ ما دَلَفْتَ إلى ... قَومٍ غَرِقْتَ وإنَّما تَفَلُوا
لا أَقبَلُوا سِرَاً ولا ظِفَروا غَدراً ... ولا نَصَرَتهُمُ الغِيَلُ
الدلوف: الزحف، والتفل: البصق، والغيل: جمع غيلة، وهو القتل على الغفلة.
فيقول: لوهسوذان: لولا جهلك بأمرك، وغلطك على نفسك، لما أقدمت على مزاحفة يوم بصقوا عليك فغرقوك، وأشاروا نحوك فأهلكوك. يشير إلى ركن الدولة وفناخسرو ورهطهما.
ثم قال يريدهم: لا يقصدون إلى الأعداء سرا ومخاتلة، ولا يظفرون بهم غدرا ومخادعة، ولا تعصر عليهم الغيل، ولا تستنقذ الأعداء منهم الحيل.
لاَ تَلْقَ أَفرَسَ مِنْكَ تَعرِفُهُ ... إلاَّ إذا ما ضَاقَتِ الحِيَلُ
لا يَستَحِي أَحَدٌ يُقالُ لَهُ ... فَضَلُوكَ آلُ بُوْيْهٍ أَوْ نَضَلُوا
قَدَروا عَفَوا، وَعَدوا وَفَوا، سُئِلُوا ... أَغنَوا، عَلَوا أعلَوا، وَلُوا عَدَلُوا
التناضل: المسابقة في الرمي، ويقال: نضل الرجل، إذا ظهر عليه لكثرة الإصابة.
فيقول مشيرا إلى وهسوذان: لا تلق أفرس منك على ظهور الخيل، وأنفذ منك في شدائد الحرب، إلا إذا ضاقت الحيل بك، وانقطعت طرق النجاة دونك، يعرض بوهسوذان في أنه تعرض لحرب ركن الدولة وأبنه فناخسرو، وهو عاجز عنهما، وترك الخضوع لهما، وهو غير بعيد من جميل عائدتهما، ولو إعترف لهما لقبلاه،