ولو استقام على طاعتهما لما قاتلاه.

ثم قال مؤكدا لما قدمه: وما يستحي أحد من أن يقال له فضلك آل بويه ونضلوك، واستولوا عليك وغلبوك، فيعترف بالتقصير عنهم، ويجعل الإذعان وسيلته في أن يأخذ بخطه منهم.

ثم قال، يريد بني بويه: قدروا لعظم المملكة، فعفوا، وحمدت قدرتهم، ووعدوا من انقاد لهم بسعة الإفضال، فوفوا وأنجزوا عدتهم، وسئلوا التشريف بسلطانهم، والمشاركة في أموالهم، فأغنوا وشرفوا سائلهم، وعلت أحوالهم في الملك وجلالة الأمر، فأعلوا أقدار المتصلين بهم، ورفعوا منازل المؤملين لهم، واتصلت لهم ولاية أمور الناس، فشملوهم بالإحسان والمعدلة، ودبروا أمورهم، فعمهم ذلك التدبير بالمصلحة، فمن خالفهم فهو ظالم لهم، ومن ناصبهم فهو شديد الاغترار بهم. وهذا التأويل وأن لم تكن جملته في لفظ الشعر، فهو مفهوم منه، وغير خارج عند التأمل عنه.

فَوقَ السَّمَاءِ وَفَوقَ ما طَلَبُوا ... فَإذا أَرَادُوا غَايَةً نَزَلُوا

قَطَعَتْ مَكَارِمُهُمْ صَوَارِمَهُمْ ... فَإذا تَعَذَّرَ كاذِبٌ قَبِلُوا

لا يَشهَرُونَ عَلَى مُخَالِفِهِمْ ... سَيفَاً يَقُومُ مَقَامَهُ العَذَلُ

فيقول، وهو يريد بني بويه على توسع الكلام: فوق السماء منازلهم في العلو والرفعة، وأحوالهم فوق ما طلبوه لأنفسهم من جلالة الرتبة، فإذا أرادوا غاية بعدما بلغوه، لم يجدوا ذلك إلا بالتواضع عما أدركوه والتطأطؤ دون ما أحرزوه وشيدوه.

ثم قال: حكمت مكارمهم على سيوفهم؛ لشمول عفوهم، وعموم فضلهم، فإذا اعتذر إليهم كاذب قبلوا عذره، وإذا استجاز بتجاوزهم مخالف سهلوا بسعة حلومهم أمره.

ثم قال: لا يشهرون على من عارضهم سيفا في حرب، ولا يقصدون له بمساء وضر، مادام العذل يؤثر فيه، وحسن التبصير يحكم عليه، ولا يبعد عنه عفوهم إذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015