منكم، وأقعدها بالدنو إليكم، وتيقنت أن الرياض في تبديكم ومنازلكم، والمياه التي تقاربها مواردكم، لما يوجب لكم علو الحال من الحلول في كرائم الأرض، فلا برحتني روضة تذكرني منزلكم، وقبول أتنسم منها ريح أفقكم. وأشار بذكر القبول إلى أن رحلة أحبته كانت إلى جهة المشرق.
وَمَا شَرقِي بالماءِ إلا تَذَكُّرَاً ... لماءٍ بِهِ أَهْلُ الحَبِيبِ نُزولُ
الشرق: الاختناق.
ثم قال: وما أشرق بالماء إلا لعلمي أن أهل الحبيب الراحلين به، وقومه الحافظين له، يعتمدون ماء ينزلونه، ويستقرون بمنهل يحلونه، فيهيج لي الماء تذكر حلوله، وأغص به أسفاً على رحيله.
يُحَرَّمُهُ لْمَعُ الأَسِنَةِ فَوْقَهُ ... فَلَيْسَ لِظَمْآنٍ إِليهِ وُصُولُ
ثم قال، واصفا لموضع من يحبه من الرفعة، وما هو بسبيله من العز والمنعة: يحرم هذا الماء الذي يرده لمع أسنة قومه المحتلين به، وامتناع