فيقول: ليالي بعد الظاعنين من أحبتي متشاكلة في طولها، متشابهة في تعذبي بها، وليل العاشقين طويل عليهم، بما يقاسونه من السهر، وما يتجدد لهم فيه من الفكر.

يُبِنَّ ليَ البَدْرَ الَّذي لا أريدهُ ... وَيُخْفِينَ بَدْراً ما إليهِ سَبِيلُ

ثم قال: يبن لي بدر السماء الذي لا أريده، ويظهرنه ويبدينه ولا يسترنه، ويخفين من أحبتي البدر الذي أحرص عليه، ولا أجد سبيلاً إليه.

وَمَا عِشْتُ مِنْ بَعْدِ الأَحِبَّةِ سَلْوَةً ... وَلَكنيَّ للَّنائبَاتِ حَمُولُ

ثم يقول: وما عشت من بعد الأحبة سالياً عن ذكرهم، ولا خالياً من حبهم، ولكني حمول للنائبات، صبور على الخطوب الموجعات.

وإِنَّ رحيلاً وَاحِداً حَالَ بَيْنَنَا ... وفي الموتِ مِنْ بَعْد الرَّحِيل رَحِيلُ

ثم قال: وإن رحيلا واحداً غير مضاعف، ومفرداً غير مردد، حال بيني وبينهم، وأياسني من قربهم، وفي الموت الذي أباشره بفقدهم، وأشرف عليه من بعدهم،

رحيل يشفع رحيلهم، وبعاد يضاعف بعادهم، ولا دار أبعد من القبر، ولا سبب أقطع من الموت.

إذا كانَ شَمُّ الرَّوْحِ أَدْنَى إليكمُ ... فَلاَ بَرَحَتْني رَوْضَةُ وَقَبُولُ

الروح: نسيم الريح الشرقية.

ثم يقول، مقبلاً بالخطاب على أحبته: إذا كان شم الروح أقرب الأشياء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015