وحضر مجلس سيف الدولة في شوال سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة، وبين يديه نارنج وطلع، وهو يمتحن الفرسان، فقال سيف الدولة لابن جش، رئيس المصيصة الكاتب: لا تتوهم هذا للشرب، فقال أبو الطيب ارتجالاً:
شَديدُ البُعْدِ من شُرْب الشَّمُولِ ... تُرُنْجُ الهِنْدِ أو طَلْعُ النَّخِيلِ
الشمول: الخمر، سميت بذلك لأنها تشمل القوم بريحها، وترنج الهند: النارنج، وطلع النخيل: أول ما ينعقد فيه من ثمرته، وتنشق عنه أغشيته، فيسمى ذلك العقد حينئذ طلعاً، وتسمى الأغشية المنشقة كافوراً.
فيقول لسيف الدولة: ترنج الهند، وهو النارنج، أو طلع النخيل، شديد بعدهما في مجلسك عن شرب الشمول، وإن كان غيرك يتخذهما لذلك؛ لأن هذه الحال غير مظنونة بك، وإنما استحضارك لهما ولما يشاكلهما من الرياحين استمتاعاً بحسن ذلك، لا مخالفة فيه إلى ما يكره، واستجازة لما لا يحسن.