هَذا المُعَدُّ لِرَيْبِ الدَّهْرِ مُنْصَلِتاً ... أَعِدَّ هَذا لرأَسِ الفَارسِ البْطلِ
ثم قال، مشيراً إلى سيف الدولة: هذا المعد لريب الدهر منصلتا على خطوبه،
متجردا لكف صروفه، أعد ذلك، يريد: يريد: السيف المعهود، لرأس الفارس البطل، يضرب به ويصرفه، ويمضيه ويستعمله، ويتخذه آلة يدبرها، ويبطش على حسب إرادته بها، فأبان أن السيف وإن وافقه في الاسم، فهو مقصر عنه في حقيقة الحكم.
فالعُرْبُ مٍنْهُ مَعَ الكُدْريَّ طَائرةُ ... والرُّومُ طَائرةُ مِنْهُ مَعَ الحَجَلِ
الكدري: ضرب من القطا.
فيقول: إن عصاة الأعراب لفرقهم من سيف الدولة، يعتصمون منه بما غمض من الرمال، وبعد من المهامه والقفار، وهناك تستقر القطا وتأمن، وتفرخ وتسكن، وكذلك الروم تعتصم منه بالأوعار وقنن الجبال، وتلك مواضع الحجل ومساكنها. وأشار بجمعه بين العرب والكدري، وبين الروم والحجل، إلى مستقر الطائفتين، وما إليه غاية فرار الصنفين، ودل على أن سيف الدولة لا تتعرض الأعداء لحربه، ولا يقاومون شدة بأسه، وإنما يفزعون إلى الاعتصام منه بالفوات النائية، ورؤوس الجبال الشامخة.