وكان ربما تأخر مدحه عن سيف الدولة، فيشق ذلك عليه، ويكثر أذاه، ويحضر في مجلسه من يعرض له بالقبيح، ففعل به ذلك مرات، فقال، وأنشدها في محفل من العرب والعجم:
واحرَّ قلَباهُ مَمَّن قلْبُهُ شَبِمُ ... وَمَنْ بِجِسْمي وَحَالي عِنْدهُ سَقَمُ
وا: حرف ينادي به كما ينادي بيا، وحر قلباه: اسم مضاف منادى، كان أصله واحر قلبي، فأبدل من الياء ألفاً، رغبة في الخفة، والعرب تفعل ذلك في النداء، واستجلب هاء السكت، وأثبتها في الوصل كما ثبتت في الوقف، والعرب تفعل ذلك في الشعر، وحرك الهاء، لسكونها وسكون الألف قبلها، وللعرب في ذلك فعلان؛ منهم من يحركها بالضم، تشبيها بهاء الضمير، فيقول: واحر قلباه، أنشد في ذلك يعقوب عن الفراء:
يا مَرْحَباهُ بِحمارَ عَفْرَاءْ ... إذا أَتى قَرَّبْتُهُ لما شَاءْ
من الشَّعير والحشيشِ والماءْ
ومن العرب من يحرك بالكسر، على ما يوجد كثيراً في الكلام، عند التقاء الساكنين، أنشد على ذلك يعقوب:
يا ربِّ يا رَّباهِ إيَّاكَ أَسَلْ ... عَفْراَء يَا رَبَّاهِ مِنْ قَبْلِ الأَجَلْ
وهذه اللغة التزم أبو الطيب، والشبم: البارد.