وَلَوْ أَجَازَهُ سَيِّدُهُ أَوْ أَوْلِيَاءُ ابْنَتِهِ الْحُرَّةِ وَبِعِبَارَةٍ وَالْمُرَادُ بِطَلَبِهِ الْفَضْلُ أَنْ يَكُونَ صَدَاقُهَا يَزِيدُ عَمَّا يَجْبُرُ عَيْبَ التَّزْوِيجِ وَزَائِدًا عَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا.

ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ شَرْطَ الْوَلِيِّ أَنْ يَكُونَ حَلَالًا بِقَوْلِهِ (ص) وَمَنَعَ إحْرَامٌ مِنْ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِحْرَامَ الْكَائِنَ مِنْ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ وَهُمْ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَالْوَلِيُّ يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ عَقْدِ النِّكَاحِ فَلَا يَقْبَلُ زَوْجٌ وَلَا تَأْذَنُ زَوْجَةٌ وَلَا يُوجِبُ وَلِيٌّ مُحْرِمُونَ وَلَا يُوَكِّلُونَ وَلَا يُجِيزُونَ إلَى إتْمَامِ الْإِحْلَالِ بِالرَّمْيِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِخِلَافِ شِرَاءِ الْأَمَةِ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَجَائِزٌ وَلَا يَطَأُ حَتَّى يُحِلَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْكِحُ إلَّا مَنْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهُ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ فَيَكُونُ لِمَا هُوَ أَعَمُّ.

(ص) كَكُفْرٍ لِمُسْلِمَةٍ (ش) لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْإِحْرَامَ يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ عَقْدِ النِّكَاحِ ذَكَرَ أَنَّ كُفْرَ الْوَلِيِّ مَانِعٌ أَيْضًا مِنْ صِحَّةِ عَقْدِ نِكَاحِ وَلِيَّتِهِ الْمُسْلِمَةِ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الذِّمِّيُّ وَالْمُرْتَدُّ وَالْحَرْبِيُّ (ص) وَعَكْسُهُ (ش) أَيْ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فِي عَكْسِ هَذَا الْفَرْعِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ مُسْلِمًا وَالْمَرْأَةُ كَافِرَةً عَلَى الْمَشْهُورِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: 72] فَلَوْ زَوَّجَهَا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ، وَإِنْ عَقَدَ مُسْلِمٌ لِكَافِرٍ تُرِكَ أَيْ، وَإِنْ عَقَدَ لِمُسْلِمٍ لَا يُتْرَكُ بَلْ يُفْسَخُ فَمَقْصُودُ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ. وَأَمَّا الْفَسْخُ وَعَدَمُهُ فَشَيْءٌ آخَرُ (ص) إلَّا لِأَمَةٍ وَمُعْتَقَةٍ مِنْ غَيْرِ نِسَاءِ الْجِزْيَةِ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَعَكْسُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا كَانَتْ لَهُ أَمَةٌ كَافِرَةٌ أَوْ مُعْتَقَةٌ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ الْمُعْتَقَةُ مِنْ غَيْرِ نِسَاءِ الرِّجَالِ الَّذِينَ يُؤَدُّونَ الْجِزْيَةَ بِأَنْ أَعْتَقَهَا وَهُوَ مُسْلِمٌ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ. وَأَمَّا لَوْ أَعْتَقَهَا كَافِرٌ ثُمَّ أَسْلَمَ فَلَا يُزَوِّجُهَا إلَّا أَهْلُ الْكُفْرِ إلَّا أَنْ تُسْلِمَ.

(ص) وَزَوَّجَ الْكَافِرُ لِمُسْلِمٍ (ش) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْمُسْلِمَ مَسْلُوبُ الْوِلَايَةِ عَلَى الْكَافِرَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى السَّلَبِ فَإِنَّ الْكَافِرَ يُزَوِّجُ وَلِيَّتَهُ الْكَافِرَةَ لِمُسْلِمٍ وَأَوْلَى لِكَافِرٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْكَافِرَةِ وَلِيٌّ كَافِرٌ فَأَسَاقِفَتُهُمْ، فَإِنْ امْتَنَعُوا وَرَفَعَتْ أَمْرَهَا لِلسُّلْطَانِ جَبَرَهُمْ عَلَى تَزْوِيجِهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ رَفْعِ التَّظَالُمِ الَّذِي لَهُ نَظَرُهُ وَلَا يَجْبُرُهُمْ عَلَى تَزْوِيجِهَا مِنْ مُسْلِمٍ ثُمَّ اسْتَطْرَدَ فَرْعًا لَهُ تَعَلُّقٌ بِمَا هُوَ فِيهِ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ تَجَرَّأَ الْمُسْلِمُ وَعَقَدَ عَلَى وَلِيَّتِهِ الْكَافِرَةِ بَعْدَ أَنْ قُلْنَا بِسَلْبِ وِلَايَتِهِ عَنْهَا فَقَالَ (وَإِنْ عَقَدَ مُسْلِمٌ لِكَافِرٍ تُرِكَ) وَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُ؛ لِأَنَّا إذَا لَمْ نَتَعَرَّضْ لَهُمْ فِي الزِّنَا إذَا لَمْ يُعْلِنُوهُ فَأَحْرَى النِّكَاحُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَدْ ظَلَمَ الْمُسْلِمُ نَفْسَهُ لِمَا أَعَانَهُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا لِمُسْلِمٍ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ أَبَدًا خِلَافًا لِأَصْبَغَ وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ الْكَافِرَةُ مُعْتَقَةَ الْعَاقِدِ فَلَا يُفْسَخُ إنْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ أَمَتَهُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ أَنَّ الْأَمَةَ الْكَافِرَةَ إنَّمَا تُوطَأُ بِالْمِلْكِ.

ثُمَّ أَشَارَ إلَى أَنَّ شَرْطَ الرُّشْدِ فِي الْوَلِيِّ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ بِقَوْلِهِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQحَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَلَى النَّظَرِ وَقَوْلُهُ أَمَتُهُ أَيْ لَا فِي ابْنَتِهِ ذَكَرَهُ فِي ك (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ صَدَاقُهَا إلَخْ) نُسْخَةُ الشَّارِحِ أَنْ يَكُونَ صَدَاقُهَا يَزِيدُ عَمَّا يَجْبُرُ عَيْبَ التَّزْوِيجِ وَزَائِدًا عَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا (قَوْلُهُ يَجْبُرُ عَيْبَ التَّزْوِيجِ إلَخْ) كَأَنْ يَكُونَ ثَمَنُهَا خَمْسِينَ وَبِعَيْبِ التَّزْوِيجِ أَرْبَعِينَ وَصَدَاقُ مِثْلِهَا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِ تَزْوِيجِهَا عَيْبًا عَشَرَةٌ مَثَلًا فَيُزَوِّجُهَا بِأَحَدٍ وَعِشْرِينَ فَهِيَ أَزِيدُ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا وَمِنْ عَيْبِ التَّزْوِيجِ مَعًا وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ بِأَنْ يَزِيدَ صَدَاقُهَا عَلَى مَا يَجْبُرُ بِهِ عَيْبَ التَّزْوِيجِ وَعَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَمَنَعَ إحْرَامٌ إلَخْ) الْعِبْرَةُ بِوَقْتِ الْعَقْدِ حِلًّا أَوْ مُحْرِمًا فِي الثَّلَاثَةِ أَوْ أَحَدُهُمْ، فَإِنْ وَكَّلَ حِلًّا فَلَمْ يَعْقِدْ إلَّا وَأَحَدُهُمْ مُحْرِمٌ فَسَدَ، وَإِنْ وَكَّلَ مُحْرِمًا فَلَمْ يَعْقِدْ إلَّا وَالْجَمِيعُ حِلٌّ لَمْ يَفْسُدْ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْوِلَايَةُ لِلسُّلْطَانِ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَنَائِبُهُ، وَلَوْ قَاضِيًا حَلَالٌ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ لِعُمُومِ مَصَالِحِ النَّاسِ وَكَذَا إذَا كَانَتْ الْوِلَايَةُ ابْتِدَاءً لِلْقَاضِي وَهُوَ مُحْرِمٌ وَنَائِبُهُ حَلَالٌ فَكَذَلِكَ صَحِيحٌ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَفْهَمْ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَا يُوَكِّلُونَ إلَخْ (قَوْلُهُ بِالرَّمْيِ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَرْمِ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَطَافَ وَرَكَعَ لِلطَّوَافِ ثُمَّ عَقَدَ فَإِنَّ عَقْدَهُ يُفْسَخُ.

(تَنْبِيهٌ) : يُنْدَبُ أَنْ يُؤَخِّرَ حَتَّى يَحْلِقَ أَوْ يُقَصِّرَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَسْتَمِرَّ الْمَنْعُ فِي الْحَجِّ حَتَّى يَطُوفَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَيُصَلِّيَ الرَّكْعَتَيْنِ إنْ كَانَ فَعَلَ السَّعْيَ قَبْلَهُ وَإِلَّا فَتَمَامُ السَّعْيِ، فَإِنْ أَفَاضَ وَقَدْ كَانَ قَدَّمَ السَّعْيَ وَعَقَدَ قَبْلَ صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ فُسِخَ حَيْثُ قَرُبَ، فَإِنْ تَبَاعَدَ لَمْ يُفْسَخْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْحَجِّ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبُعْدَ الرُّجُوعُ لِبَلَدِهِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَنْعِهِ وَفَسْخِهِ قَبْلَ تَمَامِ الرَّكْعَتَيْنِ وَبَيْنَ جَوَازِ وَطْئِهِ قَبْلَهُمَا طُولُ فِرَاقِ أَهْلِهِ فَأُبِيحَ لَهُ قَبْلَ الرَّكْعَتَيْنِ بِخِلَافِ مَنْ أَنْشَأَ عَقْدًا قَبْلَهَا فَفِيهِ إحْدَاثُ مَا لَيْسَ فِيهِ نِكَاحُ حَاضِرٍ.

(قَوْلُهُ لِمُسْلِمَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ كَمَا يَمْنَعُ وَصْفُ كُفْرٍ وِلَايَةَ كَافِرٍ لِمُسْلِمَةٍ (قَوْلُهُ مَانِعٌ أَيْضًا مِنْ صِحَّةِ عَقْدِ نِكَاحِ وَلِيَّتِهِ الْمُسْلِمَةِ) فَلَوْ زَوَّجَهَا فُسِخَ أَبَدًا (قَوْلُهُ {مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: 72] إلَخْ) أَيْ وَالْهِجْرَةُ كَانَتْ فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ شَرْطُ صِحَّةٍ أَوْ أَنَّ الْكَافِرَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ وَتَأَمَّلْ الِاسْتِدْلَالَ بِالْآيَةِ مَعَ أَنَّهَا نُسِخَتْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75] وَأَجَابَ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِأَنَّ نَسْخَ الْمَنْطُوقِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ نَسْخُ فَحَوَاهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا) لِعَبْدٍ كَافِرٍ أَوْ لِغَيْرِهِ لَا لِمُسْلِمٍ. وَأَمَّا الْكَافِرُ الْحُرُّ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ عَدَمِ تَزْوِيجِ الْحُرِّ الْأَمَةَ اسْتِرْقَاقُ الْوَلَدِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَحُرٍّ لَا يُولَدُ لَهُ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَقَالَ اللَّقَانِيِّ إطْلَاقُهُ يَشْمَلُ عَقْدَهُ لِلْكَافِرِ حُرًّا كَانَ أَوْ رَقِيقًا وَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ. وَأَمَّا لَوْ أَعْتَقَهَا كَافِرٌ) أَوْ أَعْتَقَهَا مُسْلِمٌ بِبِلَادِ الْحَرْبِ.

(قَوْلُهُ وَزَوَّجَ الْكَافِرُ لِمُسْلِمٍ) مَعَ مُرَاعَاةِ أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَشُرُوطِهِ فِي الْإِسْلَامِ غَيْرَ وَلِيِّهَا (قَوْلُهُ وَلَا يَجْبُرُهُمْ عَلَى تَزْوِيجِهَا إلَخْ) لَعَلَّهُ بِغَيْرِ رِضَاهَا (قَوْلُهُ لِمَا أَعَانَهُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ لِمَا أَعَانَ الْكَافِرُ عَلَى ذَلِكَ الْعَقْدِ لِأَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ بَعَثَهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015