ص) وَعَقَدَ السَّفِيهُ ذُو الرَّأْيِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ (ش) أَيْ وَعَقَدَ السَّفِيهُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ عَلَى وَلِيَّتِهِ إذَا كَانَ لَهُ رَأْيٌ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ وَهُوَ ذُو رَأْيٍ جَازَ إنْكَاحُهُ اتِّفَاقًا وَانْظُرْ لَوْ عَقَدَ ذُو الرَّأْيِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَنْظُرُ وَلِيُّهُ. وَأَمَّا ضَعِيفُ الرَّأْيِ فَيُفْسَخُ وَالْمُرَادُ بِالرَّأْيِ الْعَقْلُ وَالدِّينُ وَهَذَانِ لَا يُنَافِيَانِ السَّفَهَ.
(ص) وَصَحَّ تَوْكِيلُ زَوْجِ الْجَمِيعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ جَمِيعَ مَنْ تَقَدَّمَ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُمْ عَقْدُ النِّكَاحِ مِنْ جِهَةِ الْمَرْأَةِ لِنَقْصٍ فِيهِمْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا وُكَلَاءَ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ فَيَقْبَلُوا لَهُ فَفِي سَمَاعِ عِيسَى لَا بَأْسَ أَنْ يُوَكِّلَ الرَّجُلُ نَصْرَانِيًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً عَلَى عَقْدِ نِكَاحِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَزِيَادَةُ ابْنِ شَاسٍ أَوْ صَبِيًّا لَا أَعْرِفُهُ وَاعْتَرَضَهُ الْمَشَذَّالِيُّ بِأَنَّهُ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ الْمُحْرِمُ فَلَا يُوَكِّلُ وَلَا يَتَوَكَّلُ وَالْمَعْتُوهُ. وَأَمَّا وَلِيُّ الْمَرْأَةِ فَلَا يُوَكِّلُ إلَّا مَنْ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَلِيًّا لَهَا وَلِهَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) لَا وَلِيَّ إلَّا كَهُوَ (ش) أَيْ لَا وَلَيُّ الْمَرْأَةِ فَلَا يُوَكِّلُ عَلَى نِكَاحِهَا إلَّا مَنْ يَكُونُ مِثْلَهُ فِي اسْتِكْمَالِ شُرُوطِ الْوِلَايَةِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ فَلَا يُوَكِّلُ كَافِرًا وَلَا عَبْدًا وَلَا صَبِيًّا وَلَا امْرَأَةً وَأَدْخَلَ الْمُؤَلِّفُ الْكَافَ عَلَى الضَّمِيرِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ مَالِكٍ مَعَ أَنَّهُ قَلِيلٌ لَا ضَرُورَةٌ.
(ص) وَعَلَيْهِ الْإِجَابَةُ لِكُفْءٍ وَكُفُؤُهَا أَوْلَى فَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ ثُمَّ زَوْجٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ غَيْرِ الْأَبِ فِي الْبِكْرِ إجَابَةُ الْمَرْأَةِ إلَى كُفْءٍ مُعَيَّنٍ دَعَتْ إلَيْهِ يُرِيدُ وَهِيَ بَالِغَةٌ؛ لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تُجِبْ لِذَلِكَ مَعَ كَوْنِهَا مُضْطَرَّةً إلَى عَقْدِهِ كَانَ ذَلِكَ ضَرَرًا بِهَا، فَإِنْ دَعَا الْوَلِيُّ إلَى كُفْءٍ غَيْرِ كُفُئِهَا أُجِيبَتْ وَكَانَ كُفُؤُهَا أَوْلَى مِنْ كُفُئِهِ؛ لِأَنَّهُ أَدْوَمُ لِلْعِشْرَةِ فَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ أَنْ يُزَوِّجَ مَنْ دَعَتْ إلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، فَإِنْ فَعَلَ فَوَاضِحٌ وَإِنْ تَمَادَى عَلَى الِامْتِنَاعِ فَيَسْأَلُهُ عَنْ وَجْهِهِ، فَإِنْ رَآهُ صَوَابًا رَدَّهَا إلَيْهِ وَإِلَّا عُدَّ عَاضِلًا بِرَدِّ أَوَّلِ كُفْءٍ وَحِينَئِذٍ يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ بَعْدَ ثُبُوتِ ثُيُوبَتِهَا عِنْدَهُ وَمِلْكُهَا أَمْرَ نَفْسِهَا وَإِنَّ الْمَهْرَ مَهْرُ مِثْلِهَا وَكَفَاءَةُ الْخَاطِبِ كَمَا عِنْدَ الْبَاجِيِّ مَعَ بَعْضِ الْمُوَثَّقِينَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْعَقْدَ لِغَيْرِ الْعَاضِلِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ تَزْوِيجَ الْحَاكِمِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عَدَمِ الْوَلِيِّ غَيْرِ الْعَاضِلِ وَجَوَّزَ هَذَا الِاحْتِمَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، فَإِنْ امْتَنَعَ الْوَلِيُّ زَوَّجَ الْحَاكِمُ.
(ص) وَلَا يَعْضُلُ أَبٌ بِكْرًا بِرَدٍّ مُتَكَرِّرٍ حَتَّى يَتَحَقَّقَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ فِي ابْنَتِهِ الْمُجْبَرَةِ لَا يَكُونُ عَاضِلًا بِرَدِّ خَاطِبٍ أَوْ خَاطِبَيْنِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْمُتَكَرِّرِ أَيْ بِرَدٍّ مُتَعَدِّدٍ مِنْ الْخُطَّابِ لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَنَانِ وَالشَّفَقَةِ وَلِجَهْلِهَا بِمَصَالِحِ نَفْسِهَا فَرُبَّمَا عَلِمَ الْأَبُ مِنْ حَالِهَا أَوْ حَالِ الْخَاطِبِ مَا لَا يُوَافِقُ حَتَّى يَتَحَقَّقَ إضْرَارُهُ، فَإِنْ تَحَقَّقَ قَالَ لَهُ الْإِمَامُ إمَّا أَنْ تُزَوِّجَ وَإِلَّا زَوَّجْنَاهَا عَلَيْك، وَلَوْ أَتَى الْمُؤَلِّفُ بِلَمْ عِوَضَ لَا كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ لَمْ لِنَفْيِ الْمَاضِي وَلَا لِنَفْيِ الْمُسْتَقْبَلِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِمُتَعَدِّدٍ بَدَلَ مُتَكَرِّرٍ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى ذَلِكَ الْعَقْدِ.
(قَوْلُهُ وَعَقَدَ السَّفِيهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُجْبَرًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ) لَفْظَةُ لَهُ لَمْ يَذْكُرْهَا عج وَلَا الشَّيْخُ سَالِمٌ؛ لِأَنَّهُ الْآتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِوَلِيِّ سَفِيهٍ فَسْخُ عَقْدِهِ وَقَصَرَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى تَزْوِيجِهِ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الْأَوْلِيَاءِ وَقَدْ يُقَالُ قَصْدُهُ بَيَانُ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَنْظُرُ وَلِيُّهُ) ، فَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ مَضَى (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالدِّينِ التَّدَيُّنُ وَهُوَ كَوْنُهُ لَيْسَ بِفَاسِقٍ وَهُوَ لَا يَقْتَضِي الْفَسْخَ وَقَوْلُهُ الْعَقْلُ إنْ أَرَادَ كَمَا لَهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَهُ طَيْشٌ فَنَقُولُ هَذَا لَا يَقْتَضِي الْفَسْخَ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ لَا يَكُونَ مَجْنُونًا وَلَا مَعْتُوهًا فَظَاهِرٌ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَلَى أَنَّ سَفَهَهُ يُنَافِي كَوْنَ عَقْلِهِ كَامِلًا (قَوْلُهُ وَهَذَانِ لَا يُنَافِيَانِ السَّفَهَ) ؛ لِأَنَّهُ صَرْفُ الْمَالِ فِي اللَّذَّاتِ وَالشَّهَوَاتِ، وَلَوْ مُبَاحَةً.
(قَوْلُهُ وَصَحَّ تَوْكِيلُ زَوْجٍ إلَخْ) وَانْظُرْ هَلْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ هُنَا أَوْ لَا (قَوْلُهُ لَا وَلِيٍّ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ زَوْجٍ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُ قَلِيلٌ) كَذَا نُسْخَةُ الشَّارِحِ أَيْ مَذْهَبُ ابْنِ مَالِكٍ كَوْنَهُ قَلِيلًا لَا ضَرُورَةً وَمَذْهَبُ غَيْرِهِ أَنَّهُ ضَرُورَةٌ.
(قَوْلُهُ وَكُفُؤُهَا أَوْلَى) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهُ وَاجِبٌ ثُمَّ إنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ أَنَّ الْأَبَ يُجْبِرُ الْمُجْبَرَةَ إلَّا لِكَخَصِيٍّ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إجَابَةُ كُفُئِهَا كَمَا هُوَ بَيِّنٌ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى فِي غَيْرِ مُجْبِرٍ كَمُجْبِرٍ تَبَيَّنَ مِنْهُ عَضْلٌ قَالَ فِي ك وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ ذِمِّيَّةً وَتَدْعُو لِمُسْلِمٍ فَلَا تُجَابُ لَهُ حَيْثُ امْتَنَعَ أَهْلُهَا؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَيْسَ بِكُفْءٍ عِنْدَهُمْ انْتَهَى (قَوْلُهُ كَمَا عِنْدَ الْبَاجِيِّ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَحِينَئِذٍ فَيُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ تَزْوِيجَ الْحَاكِمِ إلَخْ) إذَا دَقَّقَتْ النَّظَرَ تَجِدُ هَذَا الِاحْتِمَالَ هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ يَتَمَادَى عَلَى الِامْتِنَاعِ يَصِيرُ كَالْعَدَمِ فَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِلْأَبْعَدِ. وَأَمَّا الْحَاكِمُ فَلَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ وَكِيلًا لَهُ إلَّا إذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ امْتِنَاعٌ كَأَنْ يَكُونَ غَائِبًا مَثَلًا.
(قَوْلُهُ وَلَا يَعْضُلُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْأَبَ يَكُونُ عَاضِلًا بِتَحَقُّقِ الضَّرَرِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ رَدٌّ مِنْ خَاطِبٍ كَمَنْ عُلِمَ مِنْ حَالِهِ مَنْعُهُ إيَّاهَا مِنْ النِّكَاحِ تَكَرَّرَ خَاطِبُهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَلَا يَعْضُلُ أَبٌ إلَخْ) مَفْهُومُ بِكْرًا أَنَّ مَنْ لَا يُجْبِرُ يُعَدُّ عَاضِلًا مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ وَكَذَا الْوَصِيُّ الْمُجْبِرُ يُعَدُّ عَاضِلًا بِرَدِّ أَوَّلِ كُفْءٍ فَهُوَ لَيْسَ كَالْأَبِ وَفِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَلَا يَعْضُلُ أَبٌ وَمِثْلُهُ الْوَصِيُّ الْمُجْبِرُ (قَوْلُهُ بِكْرًا) وَمِثْلُهَا الثَّيِّبُ الْمُجْبَرَةُ تُجْبَرُ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَحَقَّقَ) أَيْ، وَلَوْ بِمَرَّةٍ قَالَ لَهُ الْإِمَامُ إلَخْ وَانْظُرْ إذَا زَوَّجَ الْحَاكِمُ قَبْلَ الْعَرْضِ عَلَى الْأَبِ وَامْتِنَاعِهِ فَلَوْ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ قَبْلَ تَحَقُّقِ الْعَضْلِ فُسِخَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا زَوَّجْنَاهَا) أَيْ، فَإِنْ لَمْ تُزَوَّجْ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ وَلَا يَسْأَلُهُ عَنْ وَجْهِ امْتِنَاعِهِ إذْ لَا مَعْنَى لِلسُّؤَالِ مَعَ تَحَقُّقِ الْعَضْلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَتَى إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْإِتْيَانُ بِلَا أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْأَحْكَامِ الْمُسْتَقْبَلَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَبَّرَ بِمُتَعَدِّدٍ إلَخْ) عِبَارَتُهُ هَذِهِ تَقْتَضِي أَنَّ تَحَقُّقَ الْعَضْلِ إنَّمَا يَكُونُ إذَا تَعَدَّدَ لَا إنْ اتَّحَدَ، وَلَوْ بِمُتَكَرِّرٍ وَعِبَارَةُ شب أَحْسَنُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَقَوْلُهُ وَبِرَدٍّ بِالتَّنْوِينِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ كَلَامُهُ مَا إذَا كَانَ التَّكَرُّرُ مِنْ خَاطِبٍ وَاحِدٍ أَوْ مُتَعَدِّدٍ وَكَلَامُ