لَيَالٍ أَوْ نَحْوِهَا وَدَعَتْ لِكُفْءٍ وَأَثْبَتَتْ مَا تَدَّعِيهِ مِنْ الْغَيْبَةِ وَالْمَسَافَةِ وَالْكَفَاءَةِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُزَوِّجُهَا لَا الْأَبْعَدَ؛ لِأَنَّ غَيْبَةَ الْأَقْرَبِ لَا تَسْقُطُ حَقُّهُ وَالْحَاكِمُ وَكِيلُ الْغَائِبِ وَحَذْفُ التَّاءِ مِنْ قَوْلِهِ الثَّلَاثِ لِحَذْفِ الْمَوْصُوفِ، وَلَوْ زَوَّجَهَا الْأَبْعَدُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ صَحَّ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَبِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ وَمَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ حُكْمُهُ حُكْمُ الثَّلَاثِ وَمَا نَقَصَ عَنْ الثَّلَاثِ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِلْأَبْعَدِ لَكِنْ بَعْدَ الْإِرْسَالِ إلَيْهِ، فَإِنْ حَضَرَ وَإِلَّا زَوَّجَهَا الْأَبْعَدَ.
(ص) ، وَإِنْ أُسِرَ أَوْ فُقِدَ (ش) هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ أَقْسَامِ غَيْبَةِ أَبِي الْبِكْرِ وَهُوَ مَا إذَا حَصَلَ لَهُ أَسْرٌ أَوْ فُقِدَ وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ خَبَرٌ فَيَنْزِلُ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْتِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْوَلِيَّ يُزَوِّجُهَا وَلِهَذَا قَالَ (فَالْأَبْعَدُ) أَيْ فَالْأَبْعَدُ مِنْ أَوْلِيَائِهَا يُزَوِّجُهَا لَا الْحَاكِمُ، وَإِنْ جَرَتْ عَلَى الْبِكْرِ النَّفَقَةُ وَلَمْ يُخَفْ عَلَيْهَا الْمُتَيْطِيُّ وَبِهِ الْقَضَاءُ.
(ص) كَذِي رِقٍّ وَصِغَرٍ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي شُرُوطِ الْوَلِيِّ بِذِكْرِ أَضْدَادِهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَلِيَّ الْأَقْرَبَ إذَا كَانَ مُتَّصِفًا بِوَصْفٍ مِنْ هَذِهِ الْأَوْصَافِ لَا حَقَّ لَهُ وَالْحَقُّ إنَّمَا هُوَ لِلْأَبْعَدِ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ فَرَقِيقُ كُلٍّ أَوْ بَعْضٍ مَسْلُوبُ الْوِلَايَةِ، وَلَوْ مُكَاتَبًا بَلْ يُقَدَّمُ عَلَى إمَائِهِ إذَا طَلَبَ فَضْلًا كَمَا يَأْتِي فَإِنْكَاحُ الرَّقِيقِ بَاطِلٌ يُفْسَخُ أَبَدًا بِطَلْقَةٍ، وَإِنْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ، وَإِنْ دَنِيُّهُ، وَإِنْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ بَالِغًا احْتِرَازًا مِنْ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَلِي أَمْرَ نَفْسِهِ فَكَيْفَ يَأْمُرُ غَيْرَهُ وَكَذَلِكَ الْمَعْتُوهُ الضَّعِيفُ الْعَقْلِ وَالْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ شَرْطُهُ الْعَقْلُ فَلَا يَصِحُّ عَقْدٌ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَهَذَا هُوَ الشَّرْطُ الثَّالِثُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَعَتَهٌ) أَيْ وَجُنُونٌ أَوْ ضَعْفُ عَقْلٍ وَيُقَالُ فِي قَوْلِهِ (وَأُنُوثَةٌ) مَا قِيلَ فِي صِغَرٍ أَيْ فَالْأُنْثَى مَسْلُوبَةٌ وِلَايَتُهَا عَنْ مِثْلِهَا لِلذَّكَرِ الْأَبْعَدِ عَنْهَا وَبَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ كَوْنُهُ حَلَالًا وَكَوْنُهُ مُسْلِمًا عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ يَأْتِي.
وَكَوْنُهُ عَدْلًا عَلَى قَوْلٍ وَالْمَشْهُورُ خِلَافُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا) ذِي (فِسْقٍ) فَلَا يَسْلُبُهَا عَلَى الْمَشْهُورِ لَكِنْ يَسْلُبُ الْكَمَالَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَسُلِبَ الْكَمَالُ) أَيْ وَسَلَبَ الْفِسْقُ الْكَمَالَ عَنْ الْوِلَايَةِ لَكِنْ إنْ أُرِيدَ بِهِ تَقْدِيمُ الْأَبْعَدِ الْعَدْلِ عَلَى الْأَقْرَبِ الْفَاسِقِ فَبَعِيدٌ، وَإِنْ أُرِيدَ رُجْحَانُ الْعَدْلِ الْمُسَاوِي فِي الْقَرَابَةِ عَلَى مُسَاوِيهِ فَقَرِيبٌ وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْوِلَايَةَ مَسْلُوبَةٌ عَنْ الْمَرْأَةِ ذَكَرَ أَنَّ لَهَا وِلَايَةٌ فِي الْجُمْلَةِ وَهُوَ أَنَّ لَهَا التَّوْكِيلُ دُونَ الْمُبَاشَرَةِ فِي مَسَائِلَ ثَلَاثٍ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (ص) وَوَكَّلَتْ مَالِكَةٌ وَوَصِيَّةٌ وَمُعْتَقَةٌ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمَالِكَةَ تُوَكِّلُ حُرًّا ذَكَرًا يُبَاشِرُ عَقْدَ مَمْلُوكَتِهَا، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ الْوَصِيَّةُ تُوَكِّلُ رَجُلًا يَعْقِدُ عَلَى مَنْ هِيَ فِي إيصَائِهَا فَقَدْ كَانَتْ عَائِشَةُ مُوصَاةً عَلَى أَيْتَامٍ تَخْتَارُ الْأَزْوَاجَ وَتُقَرِّرُ الْأَصْدِقَةَ ثُمَّ تَقُولُ اعْقِدُوا فَإِنَّ النِّسَاءَ لَا يَعْقِدْنَ، وَكَذَلِكَ الْمُعْتِقَةُ بِكَسْرِ التَّاءِ تُوَكِّلُ فِي تَزْوِيجِ مَوْلَاتِهَا.
وَقَوْلُهُ (وَإِنْ أَجْنَبِيًّا) أَيْ مِنْ الْمُوَكِّلَةِ فِي الثَّلَاثِ وَمِنْ الْمُوَكَّلِ عَلَيْهَا فِي الْأَوْلَى، وَكَذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى تَقْدِيمِ الْوَصِيِّ عَلَى وَلِيِّ النَّسَبِ لَا فِي الثَّالِثَةِ لِمَا عَلِمْت مِنْ تَقْدِيمِ وَلِيِّ النَّسَبِ فِي الْوِلَايَةِ عَلَى الْمُعْتِقِ فَإِذَا كَانَ لِلْمُعْتَقِ بِالْفَتْحِ عَاصِبُ نَسَبٍ فَلَيْسَ لِلْمُعْتِقَةِ بِالْكَسْرِ أَنْ تُوَكِّلَ أَجْنَبِيًّا مِنْ الْمُعْتَقَةِ بِالْفَتْحِ إذْ لَيْسَ لَهَا وِلَايَةٌ حِينَئِذٍ عَلَى الْمُعْتَقَةِ بِالْفَتْحِ وَلَمَّا ذَكَرَ سَلْبَ الْوِلَايَةِ عَنْ ذِي الرِّقِّ ذَكَرَ أَنَّ بَعْضَ الْأَرِقَّاءِ يَجُوزُ لَهُ التَّوْكِيلُ وَإِنَّمَا يُمْنَعُ الْمُبَاشَرَةَ كَبَعْضِ الْإِنَاثِ الْمَذْكُورَاتِ مُشَبِّهًا لَهُ بِهَا بِقَوْلِهِ (كَعَبْدٍ أُوصِيَ) عَلَى إنَاثٍ فَيُوَكِّلُ مَنْ يُبَاشِرُ عَقْدَهُنَّ نِيَابَةً عَمَّنْ أَوْصَاهُ عَلَيْهِنَّ فَوَكِيلُهُ نَائِبُ نَائِبٍ وَلَا يَضُرُّهُ وَصْفُ رَقِّهِ اللَّازِمِ السَّالِبِ لِوِلَايَتِهِ عَنْ ابْنَتِهِ مَثَلًا إذْ لَوْ ثَبَتَتْ وِلَايَتُهُ عَلَيْهَا كَانَتْ أَصْلِيَّةً، وَلَوْ وَكَّلَ فِيهَا كَانَ وَكِيلُهُ نَائِبَ وَلِيٍّ أَصْلِيٍّ وَالْأَصْلِيَّةُ مَسْلُوبَةٌ عَنْهُ إلَّا فِي الْمُكَاتَبِ إذَا طَلَبَ فَضْلًا.
كَمَا أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ (وَمُكَاتَبٌ) يُوَكِّلُ (فِي) تَزْوِيجِ (أَمَتِهِ إذَا طَلَبَ فَضْلًا) أَوْ غِبْطَةً لِمَهْرِهَا (وَإِنْ كَرِهَ) ذَلِكَ (سَيِّدُهُ) لِإِحْرَازِهِ نَفْسَهُ وَمَالَهُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا وَكَّلَ وَلَمْ يَتَوَلَّ الْعَقْدَ بِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ غَيْبَةِ أَبِي الْبِكْرِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ غَيْرَ أَبِي الْبِكْرِ مِنْ أَخٍ أَوْ عَمٍّ أَوْلَى فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ أَيْ فِي أَنَّ الْحَقَّ يَنْتَقِلُ لِلْأَبْعَدِ (قَوْلُهُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْوَلِيَّ يُزَوِّجُهَا إلَخْ) قَالَ فِي ك وَيَنْبَغِي أَنْ يُثْبِتَ الْوَلِيُّ عِنْدَ الْحَاكِمِ طُولَ غَيْبَةِ الْأَبِ وَانْقِطَاعِ خَبَرِهِ وَالْجَهْلَ بِمَكَانِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ إنْكَاحُهَا وَصُوِّبَ أَنَّ ذَلِكَ لِلْحَاكِمِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَسِيرٍ وَبَعِيدِ غَيْبَةٍ.
(تَنْبِيهٌ) : أَفْهَمَ أَنَّ الْمَجْنُونَ وَالْمَحْبُوسَ لَيْسَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَا تُزَوَّجُ بِنْتُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ بُرْأَهُ وَخُرُوجَهُ مَرْجُوٌّ إنْ قَالَهُ تت وَفِي التَّوْضِيحِ مَا يُفِيدُ أَنَّ هَذَا فِي الَّذِي يُفِيقُ أَحْيَانًا. وَأَمَّا الْمُطْبِقُ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ يُفِيدُهُ.
(قَوْلُهُ جُنُونٌ أَوْ ضَعْفُ عَقْلٍ) أَيْ إذَا كَانَ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ. وَأَمَّا الطَّارِئُ فَيَنْبَغِي انْتِقَالُهُ لِلسُّلْطَانِ (قَوْلُهُ فَبَعِيدٌ) لَا بُعْدَ أَصْلًا خُصُوصًا وَبَعْضُ الْأَئِمَّةِ يَقُولُ لَا بُدَّ مِنْ عَدَالَةِ الْوَلِيِّ فَيَكُونُ ذَلِكَ مُرَاعَاةً لَهُ (قَوْلُهُ وَلَمَّا ذَكَرَ إلَخْ) الْأَنْسَبُ أَنْ لَوْ قَالَ وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يَصِحُّ مُبَاشَرَتُهَا الْعَقْدَ عَلَى الْأُنْثَى وَكَانَ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهَا أَصْلًا ذَكَرَ أَنَّ لَهَا وِلَايَةً فِي الْجُمْلَةِ بِقَوْلِهِ وَوَكَّلَتْ مَالِكَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ وَوَكَّلَتْ مَالِكَةٌ) ، وَلَوْ قَصَدَتْ التَّوْكِيلَ فِي الْمُبَاشَرَةِ وَكَانَتْ الْوِلَايَةُ تَبَعًا أَيْ لَا كَافِلَةً إذْ لَا حَقَّ لَهَا فِي وِلَايَتِهِ (قَوْلُهُ مَالِكَةً) أَيْ فِي تَزْوِيجِ الْأُنْثَى احْتِرَازًا عَنْ الذَّكَرِ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِمَّا ذَكَرْنَا يَلِي تَزْوِيجَهُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ أَجْنَبِيًّا) ، وَلَوْ مَعَ حُضُورِ أَوْلِيَائِهَا (قَوْلُهُ عَلَى تَقْدِيمِ الْوَصِيِّ) أَيْ وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ إذْ لَوْ ثَبَتَتْ وِلَايَتُهُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى ابْنَتِهِ (قَوْلُهُ إلَّا فِي الْمُكَاتَبِ) مُسْتَثْنًى مِنْ مَحْذُوفٍ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَحَيْثُ كَانَتْ الْأَصْلِيَّةُ مَسْلُوبَةً عَنْهُ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ أَنْ يُوَكِّلَ (قَوْلُهُ وَغِبْطَةً) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ فَضْلًا فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ ابْتِغَاءِ الْفَضْلِ فَلَا يُزَوِّجُهَا إلَّا سَيِّدُهُ، فَإِنْ أَجَازَ السَّيِّدُ جَازَ، وَإِنْ رَدَّهُ، فَإِنْ جَهِلَ هَلْ زَوَّجَهَا لِابْتِغَاءِ الْفَضْلِ أَمْ لَا حُمِلَ عَلَى عَدَمِهِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ نَقَصَ فَهُوَ عَلَى ذَلِكَ