عَلِمْت وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِهَؤُلَاءِ الْأَشْخَاصِ بَلْ غَيْرُهُمْ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَوْلِيَاءِ مِثْلُهُمْ بَلْ وَالْأَجْنَبِيُّ عِنْدَ بَعْضِهِمْ إذَا قَامَ هَذَا الْمَقَامَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ فِي وَلِيٍّ لَهَا لَكَانَ أَشْمَلَ وَأَخْصَرَ (ص) وَهَلْ إنْ قَرُبَ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَهَلْ مَحَلُّ ذَلِكَ الْجَوَازِ بِإِجَازَةِ الْمُجْبِرِ إنْ قَرُبَ مَا بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالْعَقْدِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ حَمْدِيسٌ أَوْ مُطْلَقًا كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو عِمْرَانَ تَأْوِيلَانِ تَحْتَمِلُهُمَا الْمُدَوَّنَةُ.
وَلَمَّا أَفْهَمَ قَوْلُهُ، وَإِنْ أَجَازَ مُجْبَرٌ إلَخْ أَنَّ غَيْرَ الْأَشْخَاصِ الثَّلَاثَةِ لَا يَجُوزُ إنْكَاحُهُ لِلْمُجْبَرَةِ بِدُونِ إذْنِ الْمُجْبَرِ، وَلَوْ أَجَازَهُ حَضَرَ الْمُجْبِرُ أَوْ غَابَ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ أَوْ بَعُدَتْ ذُكِرَ أَنَّ لِغَيْبَةِ الْمُجْبَرَةِ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ قَرِيبَةً وَهِيَ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ (ص) وَفُسِخَ تَزْوِيجُ حَاكِمٍ أَوْ غَيْرِهِ ابْنَتَهُ فِي كَعَشْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاكِمَ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ كَأَخٍ وَجَدٍّ إذَا زَوَّجَ الْمَرْأَةَ الْمُجْبَرَةَ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً مَجْنُونَةً فِي غَيْبَةِ أَبِيهَا غَيْبَةً قَرِيبَةً كَعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ التَّزْوِيجَ يُفْسَخُ، وَإِنْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ أَوْ أَجَازَهُ الْأَبُ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ ضَرَرُ الْأَبِ بِهَا وَإِلَّا زُوِّجَتْ وَيَصِيرُ كَالْعَاضِلِ الْحَاضِرِ فَتَتَقَدَّمُ إلَى الْإِمَامِ إمَّا أَنْ يُزَوِّجَهَا وَإِلَّا زَوَّجَهَا عَلَيْهِ قَالَهُ الرَّجْرَاجِيُّ وَمِثْلُ الْأَبِ السَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ مُجْبَرَتِهِ لِيَشْمَلَ الْأَمَةَ لِأَجْلِ الْأَقْسَامِ بَعْدَهُ فَإِنَّهَا خَاصَّةٌ بِالْحُرَّةِ.
(ص) وَزَوَّجَ الْحَاكِمُ فِي كَإِفْرِيقِيَّةَ (ش) هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ بَعِيدُ الْغَيْبَةِ يَعْنِي أَنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَةَ الْمُجْبِرِ إذَا غَابَ عَنْهَا غَيْبَةً بَعِيدَةً وَغَايَتُهَا كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ مَسَافَةُ إفْرِيقِيَّةَ أَيْ الْقَيْرَوَانُ وَاخْتُلِفَ فِي ابْتِدَائِهَا فَعِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِصْرَ؛ لِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ بِهَا وَتَبِعَهُ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (وَظَهَرَ مِنْ مِصْرَ) وَاسْتَبْعَدَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَاسْتَظْهَرَ قَوْلَ الْأَكْثَرِ مِنْ الْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ لِمَالِكٍ وَإِنَّمَا قَالَهُ بِالْمَدِينَةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَمِصْرَ نَحْوُ شَهْرٍ وَبَيْنَ مِصْرَ وَأَفْرِيقِيَّةَ نَحْوُ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَكَمَا تُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الِاسْتِيطَانِ لِلْمُجْبَرَةِ تُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى اشْتِرَاطِ الِاسْتِيطَانِ بِالْفِعْلِ لَهُ وَلَا يَكْفِي مَظِنَّتُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِالِاسْتِيطَانِ) .
(ص) كَغَيْبَةِ الْأَقْرَبِ الثَّلَاثَةَ (ش) تَشْبِيهٌ فِي أَنَّ لِلْحَاكِمِ تَزْوِيجَهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَلِيَّ الْأَقْرَبَ غَيْرَ الْمُجْبِرِ إذَا غَابَ غَيْبَةً مَسَافَتُهَا مِنْ بَلَدِ الْمَرْأَةِ ثَلَاثَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ بَلْ وَالْأَجْنَبِيُّ عِنْدَ بَعْضِهِمْ) وَهُوَ الْأَبْهَرِيُّ وَابْنُ مُحْرِزٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ تَفْوِيضُ الْأَبِ فَلَا فَرْقَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْحُكْمِ بِمُشْتَقٍّ يُؤْذِنُ بِالْعِلِّيَّةِ قَالَ شب وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ فِي ابْنٍ وَأَخٍ وَجَدٍّ لَا مَفْهُومَ لَهُ وَفِي شَرْحِ عب تَضْعِيفُهُ بَلْ شَارِحُنَا حَيْثُ يَقُولُ فَلَوْ قَالَ فِي وَلِيٍّ إلَخْ فَإِنَّهُ قَالَ وَمَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي ابْنٍ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ الْأَجْنَبِيُّ الْمُفَوَّضُ لَهُ نَصًّا أَوْ عَادَةً بِنْتَ الْمُوَكِّلِ لَمْ يَجُزْ وَلَمْ يَمْضِ، وَإِنْ أَجَازَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْعَقْدِ عَلَيْهَا لَا بُدَّ فِي صِحَّتِهِ، وَلَوْ تَفْوِيضًا لَهُ بِالنَّصِّ مِنْ إجَازَةِ الْمُجْبَرِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ مِنْ أَنَّ الْمُفَوَّضَ لَهُ بِالنَّصِّ لَا يُزَوِّجُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُجْبِرِ ابْنَتَهُ وَلَا يَبِيعُ دَارَ سُكْنَاهُ وَلَا عَبْدَهُ وَلَا يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْزُولٌ عُرْفًا عَنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ حَيْثُ لَمْ يَنُصَّ لَهُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا (قَوْلُهُ إنْ قَرُبَ مَا بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالْعَقْدِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقُرْبَ هُنَا كَالْقُرْبِ الْمُشَارِ إلَيْهِ فِي السَّابِقَةِ.
(قَوْلُهُ وَفُسِخَ تَزْوِيجُ) هَذَا إذَا كَانَتْ النَّفَقَةُ جَارِيَةً عَلَيْهَا وَلَمْ يَخْشَ عَلَيْهَا الْفَسَادَ وَكَانَتْ الطَّرِيقُ مَأْمُونَةً وَإِلَّا فَتُرْفَعُ لِلْقَاضِي فَيُزَوِّجُهَا (قَوْلُهُ كَعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا) أَيْ ذَهَابًا وَلَمْ يُبَيِّنْ النَّحْوَ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِخَمْسَةٍ وَعَشْرَةٍ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ يَتَعَارَضُ مَفْهُومُ هَذَا مَعَ مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَزَوَّجَ الْحَاكِمُ كَمَا إذَا زَوَّجَهَا عَلَى مَسَافَةِ شَهْرٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا قَارَبَ كُلًّا يُعْطَى حُكْمَ كُلٍّ وَيَبْقَى الْأَمْرُ فِي الْمُتَوَسِّطِ وَالظَّاهِرُ أَنْ يَلْحَقَ بِالْعَشَرَةِ وَفِي عِبَارَةِ عب (تَنْبِيهٌ) : يَتَعَارَضُ قَوْلُهُ كَعَشَرَةٍ وَكَإِفْرِيقِيَّةَ فِي غَيْبَتِهِ بِمَسَافَةٍ فَوْقَ كَعَشَرَةٍ وَدُونَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا لَكِنَّهُ يَصِحُّ بَعْدَ الْوُقُوعِ عَلَى مَا عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ مَشَايِخِي قَائِلِينَ إنَّ كَلَامَ التَّوْضِيحِ يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ إمَّا أَنْ يُزَوِّجَهَا) نُسْخَةُ الشَّارِحِ فَتَتَقَدَّمُ إلَى الْإِمَامِ إمَّا أَنْ يُزَوِّجَهَا إلَخْ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ فَتَتَقَدَّمُ إلَى الْإِمَامِ فَيُرْسِلُ لَهُ إمَّا أَنْ يُزَوِّجَهَا وَإِلَّا زَوَّجَهَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا زَوَّجَهَا عَلَيْهِ) أَيْ الْحَاكِمُ فَلَوْ تَبَيَّنَ ضَرَرُ الْأَبِ بِهَا فَيُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ بِدُونِ كَتْبٍ فَهَلْ يَمْضِي أَوْ يَصِحُّ.
(قَوْلُهُ أَيْ الْقَيْرَوَانُ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ أَطْلَقَ إفْرِيقِيَّةَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَالْمُرَادُ الْقَيْرَوَانُ؛ لِأَنَّهَا إذْ ذَاكَ كَانَتْ عَامِرَةً (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ لِمَالِكٍ) يُقَالُ وَابْنُ الْقَاسِمِ حِينَ قَرَّرَهَا لَمْ يُقَيِّدْهَا فَأَفَادَ أَنَّ إفْرِيقِيَّةَ بَعِيدَةٌ مِنْ الْبَلَدَيْنِ هَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي وَعِبَارَةُ عب وَزَوَّجَ الْحَاكِمُ فِي كَإِفْرِيقِيَّةَ بِحَيْثُ لَا يُرْجَى قُدُومُهُ بِسُرْعَةٍ غَالِبًا بِغَيْبَتِهِ الْمَسَافَةَ الْمَذْكُورَةَ، وَلَوْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا وَلَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا ضَيْعَةً وَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا بِالْقَوْلِ، وَلَوْ خِيفَ فَسَادُهَا خِلَافًا لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ يُجْبِرُهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِدُونِ إذْنِهَا اهـ وَلَكِنْ اعْتَمَدَ بَعْضُ شُيُوخِنَا كَلَامَ اللَّخْمِيِّ.
(تَنْبِيهٌ) : قَيَّدَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَزُوِّجَ بِالْبَالِغِ دُونَ غَيْرِهَا مَا لَمْ يَخَفْ ضَيْعَةً ذَكَرَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا إلَخْ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا غَابَ غَيْبَةَ انْقِطَاعٍ بِحَيْثُ لَا يُرْجَى قُدُومُهُ بِسُرْعَةٍ غَالِبًا وَلَمْ تُعْدَمْ النَّفَقَةُ وَلَمْ يُخْشَ عَلَيْهَا الْفَسَادُ. وَأَمَّا مَنْ لَا تَطُولُ إقَامَتُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَلَا تُزَوَّجُ حَيْثُ لَمْ تَعْدَمْ النَّفَقَةَ وَلَمْ يُخْشَ عَلَيْهَا الْفَسَادُ، فَإِنْ عَدِمَتْ النَّفَقَةَ أَوْ خُشِيَ عَلَيْهَا الْفَسَادُ فَإِنَّهَا تُزَوَّجُ فَيُزَوِّجُهَا السُّلْطَانُ وَهَذَا مَا قَالَهُ عج لَا أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهَا تُزَوَّجُ إذَا قَطَعَ عَنْهَا الْأَبُ النَّفَقَةَ وَخُشِيَ عَلَيْهَا الضَّيْعَةُ اتِّفَاقًا هَكَذَا بِالْوَاوِ فَاعْتَبَرَ الْأَمْرَيْنِ وَهَكَذَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَجَعَلَهُ مُقَابِلًا لِمَنْ اعْتَبَرَ قَطْعَ النَّفَقَةِ فَقَطْ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت.
(قَوْلُهُ كَغَيْبَةِ الْأَقْرَبِ الثَّلَاثَ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْغَائِبِ عَضْلٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ غَيْبَتَهُ بِمَنْزِلَةِ عَضْلِهِ.