شَيْءٌ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّحْمُ تَوْسِعَةً لِلْفُقَرَاءِ وَلَحْمُ الْإِبِلِ أَكْثَرُ بِخِلَافِ مَنْفَعَةِ الْفَرَسِ وَالسِّلَاحِ فَإِنَّهُمَا مُتَنَافِيَانِ (ص) وَإِنْ كَانَ كَثَوْبٍ بِيعَ (ش) يَعْنِي فَإِنْ كَانَ الَّذِي نَذَرَهُ الْإِنْسَانُ وَالْتَزَمَهُ هَدْيًا مِمَّا يُخَالِفُ الْهَدْيَ فِي الْعَادَةِ كَالثَّوْبِ وَالْعَبْدِ وَالْفَرَسِ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ هُنَا وَيُرْسِلُ ثَمَنَهُ يُشْتَرَى بِهِ هَدْيٌ سَلِيمٌ مِمَّا يُهْدَى فِي الْعَادَةِ وَلَا يُرْسِلُهُ بِعَيْنِهِ لِمَوْضِعِ الْهَدْيِ (ص) وَكُرِهَ بَعْثُهُ وَأَهْدَى بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُرْسِلَ مَا هُوَ كَالثَّوْبِ لِإِيهَامِ تَغْيِيرِ سُنَّةِ الْهَدْيِ لِأَنَّ جِنْسَهَا مَحْصُورٌ فِي بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَبَعْثُ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ يُبْطِلُ هَذَا الْحَصْرِ فَإِنْ ارْتَكَبَ الْمَكْرُوهَ وَأَرْسَلَهُ فَإِنَّهُ يُبَاعُ هُنَاكَ وَيُشْتَرَى بِهِ هَدْيٌ سَلِيمٌ يُنْحَرُ بِمَحِلِّ الْهَدْيِ.
فَقَوْلُهُ وَأَهْدَى بِهِ رَاجِعٌ لَهُمَا أَيْ وَبِيعَ وَأَهْدَى بِهِ وَكُرِهَ بَعْثُهُ وَعَلَى تَقْدِيرِ بَعْثُهُ أَهْدَى بِهِ أَيْ بِثَمَنِهِ (ص) وَهَلْ اخْتَلَفَ هَلْ يُقَوِّمُهُ أَوَّلًا أَوْ لَا نَدْبًا أَوْ التَّقْوِيمُ إنْ كَانَ بِيَمِينٍ تَأْوِيلَاتٌ (ش) فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي النَّذْرِ أَنَّهُ إذَا أَهْدَى ثَوْبًا وَنَحْوَهُ أَنَّهُ يَبِيعُهُ وَيَبْعَثُ ثَمَنَهُ وَلَا يَبْعَثُهُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ كَثَوْبٍ بِيعَ وَكُرِهَ بَعْثُهُ وَوَقَعَ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ النَّذْرِ جَوَازُ تَقْوِيمِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَإِخْرَاجِ قِيمَتِهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ فَحَمَلَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَشْيَاخِ ذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ وَاكْتَفَى بِظَاهِرِ اللَّفْظِ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْوِفَاقِ وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي الْعُتْبِيَّةِ مُفَسِّرٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَهَلْ اخْتَلَفَ أَيْ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ مَعَ مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ.
فَلَفْظُ اخْتَلَفَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ وَهَلْ ذَلِكَ حَمْلٌ عَلَى الْخِلَافِ أَوْ لَا وَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ وَفِي أَيِّ شَيْءٍ اخْتَلَفَ فَقَالَ هَلْ يُقَوِّمُهُ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ وَمَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ لَا يُقَوِّمُهُ عَلَى نَفْسِهِ بَلْ يَبِيعُهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ هُنَا لِأَنَّهُ رُجُوعٌ فِي الصَّدَقَةِ فَقِيلَ لَهُ إذَا قُلْنَا بِالتَّوْفِيقِ فَتَرْكُ التَّقْوِيمِ الْوَاقِعِ فِيهَا عَلَى أَيِّ وَجْهٍ فَقَالَ يُتْرَكُ نَدْبًا لَا وُجُوبًا فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ قَوْلِهَا يَبِيعُهُ وَقَوْلِ الْعُتْبِيَّةِ إنْ شَاءَ بَاعَهُ لِأَنَّ الْأَمْرَ فِيهَا بِالْبَيْعِ أَمْرُ نَدْبٍ لِأَنَّ تَرْكَ الْمَكْرُوهِ مَنْدُوبٌ وَالْمَنْدُوبُ مُوَكَّلٌ فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ إلَى الْمَشِيئَةِ أَوْ يُقَالُ التَّقْوِيمُ الْوَاقِعُ فِي الْعُتْبِيَّةِ إنْ كَانَ الِالْتِزَامُ حَصَلَ بِيَمِينٍ حَنِثَ فِيهَا لِأَنَّ الْحَالِفَ لَا يَقْصِدُ قُرْبَةً فَلَمْ يَدْخُلْ فِي خَبَرِ «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» وَالْبَيْعُ الْوَاقِعُ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَنْ الْتَزَمَ بِغَيْرِ يَمِينٍ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ قَاصِدًا الْقُرْبَةَ فَيَدْخُلُ فِي الْخَبَرِ فَهَذِهِ تَأْوِيلَاتٌ ثَلَاثٌ هَذَا زُبْدَةُ كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ.
(ص) فَإِنْ عَجَزَ عَوَّضَ الْأَدْنَى ثُمَّ لِخَزَنَةِ الْكَعْبَةِ يَصْرِفُ فِيهَا إنْ احْتَاجَتْ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ كَثَوْبٍ بِيعَ) أَيْ وُجُوبًا وَاشْتُرِيَ بِهِ هَدْيٌ أَيْ عَلَى الْمَذْهَبِ وَالتَّأْوِيلَاتُ الْآتِيَةُ ضَعِيفَةٌ كَمَا فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ يَعْنِي فَإِنْ كَانَ الَّذِي نَذَرَهُ الْإِنْسَانُ إلَخْ) وَأَمَّا إذَا جُعِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَيْسَ بِفَرَسٍ وَلَا مِنْ آلَةِ الْحَرْبِ كَقَوْلِهِ عَبْدِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ ثَمَنَهُ لِمَنْ يَغْزُو بِهِ كَذَا فِي شَرْحِ شب.
(قَوْلُهُ وَأُهْدِيَ بِهِ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لِيَشْمَلَ فِعْلَ رَبِّ الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ أَوْلًا أَوْلًا) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ إلَّا أَنَّ الْأَوْلَى مُقَابِلُ يُقَوِّمُهُ وَمُقَابِلُ أَوْلًا الثَّانِيَةُ اخْتَلَفَ وَلَا اعْتِرَاضَ فِي إتْيَانِ مُعَادِلٍ لِهَلْ لِأَنَّ ابْنَ مَالِكٍ فِي التَّسْهِيلِ وَابْنَ هِشَامٍ فِي مُغْنِيهِ صَرَّحَا بِأَنَّهُ يُؤْتَى لِهَلْ بِمُعَادِلٍ قَلِيلًا وَمِنْهُ الْحَدِيثُ هَلَّ تَزَوَّجْت بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا (قَوْلُهُ نَدْبًا) حِلُّ الشَّارِحِ الْآتِي يَقْتَضِي أَنَّ نَدْبًا مُرْتَبِطٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ يُتْرَكُ التَّقْوِيمُ نَدْبًا أَيْ يُتْرَكُ التَّقْوِيمُ حَالَ كَوْنِ التَّرْكِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ يُتْرَكُ نَدْبًا أَيْ أَنَّ الْبَيْعَ الْوَاقِعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّمَا هُوَ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالتَّوْفِيقُ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ التَّقْوِيم لَمْ يَأْتِ عَلَى سُنَنِ الْأَوَّلِ وَإِلَّا لَقَالَ أَوْ هُوَ أَيْ الْبَيْعُ الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ تَرْكِ التَّقْوِيمِ إذَا كَانَ فِي غَيْرِ يَمِينٍ أَيْ إذَا كَانَ الِالْتِزَامُ فِي غَيْرِ يَمِينٍ وَهُوَ النَّذْرُ.
(قَوْلُهُ وَأَنَّ مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ مُفَسِّرٌ) أَيْ مُفِيدٌ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِيعَ أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ لِأَنَّ تَرْكَ الْمَكْرُوهِ مَنْدُوبٌ) أَيْ لِأَنَّ تَرْكَ الْمَكْرُوهِ الَّذِي هُوَ التَّقْوِيمُ مَنْدُوبٌ وَإِذَا كَانَ التَّرْكُ مَكْرُوهًا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ مَنْدُوبًا غَيْرَ أَنَّ التَّعْلِيلَ شَيْئًا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَقَدُّمَ الْأَخْبَارِ بِكَرَاهَةِ التَّقْوِيمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ إنْ قُلْنَا بِالتَّوْفِيقِ فَيُحْمَلُ الْأَمْرُ بِالْبَيْعِ الْوَاقِعِ فِيهَا عَلَى النَّدْبِ لَا عَلَى الْوُجُوبِ فَلَا يُنَافِي الْحُكْمَ بِجَوَازِ الْبَيْعِ الَّذِي هُوَ تَرْكُ التَّقْوِيمِ لِأَنَّ الْمَنْدُوبَ يُخَيَّرُ الشَّخْصُ فِي فِعْلِهِ أَوْ تَرْكِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّرْكَ لَمْ يَكُنْ وَاقِعًا فِي لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ بَلْ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ أَوْ يُقَالُ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَتَرْكُ التَّقْوِيمِ بِحَسَبِ الْمَعْنَى لِأَنَّ الْمَعْنَى فَيُحْمَلُ الْبَيْعُ الْوَاقِعُ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى النَّدْبِ أَوْ يُقَالُ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ يُقَالُ التَّقْوِيمُ) أَيْ جَوَازُ التَّقْوِيمِ الْوَاقِعِ فِيهَا وَيَكُونُ الْأَمْرُ بِالْبَيْعِ هُنَا عَلَى هَذَا التَّوْفِيقِ عَلَى طَرِيقِ الْجَوَازِ (أَقُولُ) فِي ذَلِكَ شَيْءٌ لِأَنَّ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ بِعِوَضِهَا مَكْرُوهٌ فَقَطْ.
(تَنْبِيهٌ) : يَجُوزُ أَنْ يَقْرَأَ أَوَّلًا الْأُولَى بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ ظَرْفٌ أَيْ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ فَيَكُونُ تَفْسِيرًا لِلِاخْتِلَافِ أَيْ هَلْ قَوْلُهُ بِتَقْوِيمِهِ خِلَافُ قَوْلِهِ يَبِيعُهُ وَقَوْلُهُ أَوَّلًا الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ أَوْ لَمْ يَخْتَلِفْ بَلْ يَبِيعُهُ نَدْبًا وَالتَّقْوِيمُ جَوَازًا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْأَحْوَطُ عِنْدِي لِمَنْ أَرَادَ التَّقْوِيمَ أَنْ لَا يَكْتَفِي فِي ذَلِكَ بِإِحْضَارِ السِّلْعَةِ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَسُؤَالِهِمْ عَنْ قِيمَتِهَا بَلْ يُدْخِلُهَا السُّوقَ وَيُنَادِي عَلَيْهَا فَإِذَا بَلَغَتْ ثَمَنًا وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ يُخَيَّرُ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ عَجَزَ عَوَّضَ الْأَدْنَى) حِلُّ الشَّارِحِ مُفَادُهُ أَنَّ هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَانَ كَثَوْبٍ بِيعَ وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ فَإِنْ بِيعَ فَيُشْتَرَى بِهَا هَدْيٌ كَبِيرٌ كَبَدَنَةٍ فَإِنْ عَجَزَ عَوَّضَ الْأَدْنَى مَعَ أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ كَانَ مَطْلُوبًا بِالْأَعْلَى أَوَّلًا فَإِنْ عَجَزَ عَوَّضَ الْأَدْنَى مَعَ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الثَّوْبِ لَمْ يَكُنْ الْهَدْيُ مُتَعَيِّنًا فِي أَعْلَى وَلَا فِي أَدْنَى فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَلَهُ فِيهِ إذَا بِيعَ الْإِبْدَالُ بِالْأَفْضَلِ كَمَا قَالَ اللَّقَانِيِّ وَلَعَلَّ الْأَحْسَنَ رُجُوعُهُ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ أَمَّا رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ وَلَهُ فِيهِ إذَا بِيعَ الْإِبْدَالُ إلَخْ فَظَاهِرٌ