إنْشَاءِ الثَّانِي وَقَوْلُنَا بَعْدَ لُزُومِهِ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ الْأَوَّلُ نَذْرًا أَوْ يَمِينًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّذْرَ يَلْزَمُ بِلَفْظِهِ وَالْيَمِينُ بِالْحِنْثِ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ الْأَوَّلَ حَتَّى أَنْشَأَ الثَّانِيَ فَهَلْ يُجْزِئُهُ ثُلُثُ مَالِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً أَوْ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا ثُلُثُ مَالِهِ أَوَّلًا ثُمَّ يُخْرِجُ ثُلُثَ الْبَاقِي ثُمَّ كَذَلِكَ قَوْلَانِ وَمَبْنَاهُمَا أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُخْرِجْ حَتَّى عَقَدَ الثَّانِيَةَ صَارَا كَأَنَّهُمَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ أَوْ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَمِينٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَإِذَا كَانَتْ الْيَمِينُ الثَّانِيَةُ غَيْرَ الْأُولَى كَمَا إذَا كَانَتْ الْأُولَى لِلْجِهَادِ وَالثَّانِيَةُ صَدَقَةً لِلْفُقَرَاءِ وَقُلْنَا بِلُزُومِ ثُلُثٍ فَقَطْ لَهُمَا فَهَلْ يَقْسِمُ عَلَى قَدْرِ الْجِهَاتِ أَوْ يَخْتَصُّ بِالْأُولَى وَهُوَ الْأَظْهَرُ تَقْرِيرٌ.

(ص) وَمَا سَمَّى وَإِنْ مُعَيَّنًا أَتَى عَلَى الْجَمِيعِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا قَالَ مَالِي لِلْفُقَرَاءِ صَدَقَةٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ إخْرَاجُ ثُلُثِهِ وَأَمَّا إذَا سَمَّى شَيْئًا أَوْ عَيَّنَهُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا سَمَّاهُ بِنَحْوِ نِصْفٍ أَوْ ثُلُثَيْنِ أَوْ عَيَّنَهُ كَعَبْدِي فُلَانٌ أَوْ دَارِي الْفُلَانِيَّةُ أَوْ حَائِطِي الْفُلَانِيُّ صَدَقَةٌ لِلْفُقَرَاءِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَإِنْ اسْتَغْرَقَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ جَمِيعَ مَالِهِ فَقَوْلُهُ أَتَى عَلَى الْجَمِيعِ صِفَةٌ لِمُعَيَّنٍ لَا لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ أَيْضًا إذْ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنْ يَقُولَ نِصْفُ مَالِي أَوْ جَمِيعُ مَالِي إلَّا كَذَا وَفِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ فِيمَا سَمَّى وَهُوَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى الْجَمِيعِ كَأَنْ يَقُولَ أَلْفٌ مِنْ مَالِي وَلَا يَكُونَ مَالُهُ غَيْرَ أَلْفٍ وَقَوْلُهُ وَمَا سَمَّى عَطْفٌ عَلَى الْبَدَنَةِ.

(ص) وَبَعْثُ فَرَسٍ وَسِلَاحٍ لِمَحِلِّهِ (ش) عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ لَزِمَ وَالضَّمِيرُ فِي مَحِلِّهِ يَرْجِعُ لِلْجِهَادِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ فَرَسِي أَوْ سَيْفِي أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ آلَةِ الْحَرْبِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ نَذْرٌ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ حَلَفَ بِذَلِكَ وَحَنِثَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُرْسِلَهُ إلَى مَحَلِّ الْجِهَادِ هَذَا إنْ أَمْكَنَ إرْسَالُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَإِنْ لَمْ يَصِلْ بِيعَ وَعُوِّضَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ وُصُولُ مَا أَهْدَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ دَابَّةٍ أَوْ سِلَاحٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ إلَى مَحَلِّ الْجِهَادِ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَعْلَمُ أَمَانَتَهُ وَلَا مَنْ يُبَلِّغُهُ لِمَحِلِّهِ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ هُنَا وَيُرْسِلُ ثَمَنَهُ إلَى مَحَلِّ الْجِهَادِ يَسْتَبْدِلُ بِهِ مِثْلَهُ مِنْ خَيْلٍ أَوْ سِلَاحٍ هَذَا إذَا بَلَغَ ثَمَنُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ مِثْلَهُ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ اشْتَرَى بِهِ أَقْرَبَ شَيْءٍ إلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ دَفَعَ ثَمَنَهُ لِلْغَازِينَ وَلَا يَجْعَلُ فِي شِقْصٍ مِثْلَهُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْوَقْفِ (ص) كَهَدْيٍ وَلَوْ مَعِيبًا عَلَى الْأَصَحِّ (ش) التَّشْبِيهُ فِي لُزُومِ الْإِرْسَالِ وَالْبَدَلِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبَقَرَ وَالْإِبِلَ وَالْغَنَمَ وَالْهَدْيَ يَلْزَمُهُ إرْسَالُهَا إلَى مَحِلِّ الْهَدْيِ وَهُوَ مَكَّةُ أَوْ مِنًى إنْ أَمْكَنَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَإِنَّهَا تُبَاعُ وَيُعَوِّضُ بِثَمَنِهِ غَيْرَهُ وَيُخْرِجُهُ إلَى الْحَلِّ إنْ اشْتَرَاهُ بِمَكَّةَ اللَّخْمِيُّ يَشْتَرِي مِنْ حَيْثُ يَرَى أَنَّهُ يَبْلُغُهُ.

وَلَوْ وَجَدَ مِثْلَ الْأَوَّلِ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ لَا يُؤَخِّرُ رَجَاءَ أَفْضَلَ مِنْهُ بِمَكَّةَ وَيَلْزَمُ عِنْدَ أَشْهَبَ بَعْثُ الْمُعَيَّنِ بِعَيْنِهِ وَلَوْ مَعِيبًا كَعَلَيَّ نَذْرُ هَذِهِ الْبَدَنَةِ الْعَرْجَاءِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يُهْدَى عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ السَّلَامَةَ إنَّمَا تُطْلَبُ فِي الْوَاجِبِ الْمُطْلَقِ فَإِنْ لَمْ يَصِلْ بَيْعٌ وَعَوَّضَ بِثَمَنِهِ سَلِيمًا وَنَفَقَةٌ بَعَثَهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ مَعِيبًا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْبَاءِ يَعْنِي وَهُوَ مَعِيبٌ وَفِي بَعْضِهَا بِالنُّونِ يَعْنِي وَهُوَ مُعَيَّنٌ (ص) وَلَهُ فِيهِ إذَا بِيعَ الْأَبْدَالُ بِالْأَفْضَلِ (ش) هُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَهَدْيٍ وَأَشَارَ بِهِ إلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَالَ فَرَسِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ قَالَ هَذِهِ الْبَدَنَةُ هَدْيٌ وَتَعَذَّرَ إرْسَالُ ذَلِكَ إلَى مَحِلِّهِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ هُنَا وَيُعَوَّضُ بِثَمَنِهِ فِي مَحِلِّهِ لَكِنَّ ثَمَنَ الْفَرَسِ أَوْ السِّلَاحِ لَا يُعَوِّضُ بِهِ إلَّا مِنْ جِنْسِهِ فِي مَحِلِّ الْجِهَادِ وَأَمَّا الْهَدْيُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُعَوِّضَ بِثَمَنِهِ مِنْ نَوْعِهِ وَمِنْ غَيْرِ نَوْعِهِ.

وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَلَهُ فِيهِ أَيْ فِي الْهَدْي سَلِيمًا أَوْ مَعِيبًا إذَا بِيعَ الْأَبْدَالُ بِالْأَفْضَلِ كَمَا لَوْ بَاعَ الْغَنَمَ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهَا إبِلًا أَوْ بَقَرًا وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ الْهَدْيِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا سَمَّاهُ) لَهُ وَمُقَابِلُهُ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ غَيْرُ الثُّلُثِ وَمَا حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ سَحْنُونَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا لَا يُجْحِفُ بِمَالِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ سَمَّى شَيْئًا يُخْرِجُهُ كُلَّهُ وَلَوْ أَتَى عَلَى جَمِيعِ مَالِهِ أَنَّ الَّذِي سَمَّى لِنَفْسِهِ وَلَوْ ثِيَابَ ظَهْرِهِ وَمَا جَعَلَهُ وَاَلَّذِي قَالَ مَالِي أَدْخَلَ جَمِيعَ ذَلِكَ فَكَانَ مِنْ الْحَرَجِ الْمَرْفُوعِ فَوَجَبَ قَصْرُهُ عَلَى الثُّلُثِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ فِيمَا سَمَّى إلَخْ) وَيَكُونُ قَوْلُهُ أَتَى عَلَى الْجَمِيعِ أَيْ إمَّا لَفْظًا أَوْ وَاقِعًا.

(تَنْبِيهٌ) : يُتْرَكُ لَهُ فِي هَذِهِ أَيْضًا أَيْ كَقَوْلِهِ قَبْلُ فَالْجَمِيعُ قَدْرُ مَا عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ وَمَا يُصْرَفُ فِي حَجِّ فَرْضٍ بِلَا سَرَفٍ وَكَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ سَابِقٍ وَمَا يُتْرَكُ لِلْمُفْلِسِ.

(قَوْلُهُ وَلَا مَنْ يُبَلِّغُهُ لِمَحِلِّهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ مَنْ يُبَلِّغُهُ لِمَحِلِّهِ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ فَيُصَدَّقُ بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ مَنْ يُبَلِّغُهُ رَأْسًا أَوْ يُبَلِّغُهُ لَا عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ (قَوْلُهُ يَسْتَبْدِلُ بِهِ مِثْلَهُ) أَيْ وَلَا يَشْتَرِي بِثَمَنِ فَرَسٍ سِلَاحًا وَلَا عَكْسَهُ لِاخْتِلَافِ مَنْفَعَتِهِمَا كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بَابَا خِلَافًا لِتَنْظِيرِ عج (قَوْلُهُ أَقْرَبَ شَيْءٍ إلَيْهِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَقُولُ فَإِنْ أَمْكَنَ شِرَاءُ مِثْلِهِ سَيْفًا فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُشْتَرَى بِهِ سَيْفٌ فَأَنْ يُشْتَرَى بِهِ رُمْحٌ (قَوْلُهُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْوَقْفِ) تَشْبِيهٌ فِي الْمَنْفِيِّ لِأَنَّهُ فِي الْمَنْفِيِّ يَجْعَلُ فِي شِقْصٍ فَإِذَا وَقَفَ عَبْدًا عَلَى خِدْمَةِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ عَجَزَ ذَلِكَ الْعَبْدُ عَنْ الْخِدْمَةِ لِلْمَسْجِدِ لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ بَوَّابًا فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيَشْتَرِي بِثَمَنِهِ نِصْفَ عَبْدٍ مَثَلًا حَيْثُ لَا يُمْكِنُ شِرَاءُ عَبْدٍ كَامِلٍ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُ عِنْدَ أَشْهَبَ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْمَوَّازِ مِنْ أَنَّهُ يَبِيعُهُ وَيَشْتَرِي بِثَمَنِهِ سَالِمًا وَمَحِلُّ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا فِي الْمُعَيَّنِ وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ مُعَيِّنًا بِأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ هَدْيٌ مَعِيبٌ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ هَدْيٌ سَالِمٌ اُنْظُرْ الشُّرَّاحَ.

(قَوْلُ هُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَهَدْيٍ) أَيْ مَنْطُوقًا وَأَشَارَ بِهِ إلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إلَخْ أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَنْطُوقُ وَمِنْ حَيْثُ الْمَفْهُومُ لِأَنَّ مَنْطُوقَهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْهَدْيِ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيهِ أَيْ الْهَدْيِ أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْفَرَسِ لَيْسَ فِيهِ هَذَا الْحُكْمُ وَهُوَ شِرَاءُ الْأَفْضَلِ (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ) أَيْ لِأَنَّهُ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَصِلْ بَاعَهُ وَعَوَّضَ مِنْ جِنْسِهِ إنْ بَلَغَ أَوْ أَفْضَلُ عَلَى الْأَصَحِّ وَاعْلَمْ أَنَّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ مَا حَكَاهُ ابْنُ بَشِيرٍ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ نَوْعِ الْأَوَّلِ وَلَا يُخَالِفُ إلَى الْأَفْضَلِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015