إلَى الذَّكَاةِ بِأَقْسَامِهَا الْأَرْبَعَةِ الذَّبْحُ وَالنَّحْرُ وَالْعَقْرُ وَمَا يُعَجِّلُ الْمَوْتَ كَإِلْقَاءِ فِي نَارٍ وَنَحْوِهَا أَوْ قَطْعِ جَنَاحٍ لِجَرَادٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا مَيْتَتُهُ طَاهِرَةٌ مِنْ الْبَرِّ لَكِنَّ النِّيَّةَ فِي الْعَقْرِ عِنْدَ إرْسَالِ الْجَارِحِ أَوْ السَّهْمِ وَالنِّيَّةُ عَلَى قِسْمَيْنِ نِيَّةُ تَقَرُّبٍ وَنِيَّةُ تَمْيِيزٍ وَاَلَّذِي يُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِسْلَامُ الْأُولَى لَا الثَّانِيَةُ وَمَعْنَاهَا أَنَّهُ يَنْوِي بِهَذَا الْفِعْلَ مَنْ ذَبَحَ وَمَا مَعَهُ تَذْكِيَتَهَا لَا قَتْلَهَا أَيْ يَنْوِي أَنْ يُحَلِّلَهَا وَيُبِيحَهَا لَا يَقْتُلَهَا وَهَذَا مُتَأَتٍّ مِنْ الْكِتَابِيِّ فَعَلَى هَذَا قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَوَجَبَ نِيَّتُهَا أَيْ مِنْ مُسْلِمٍ وَكِتَابِيٍّ

(ص) وَتَسْمِيَةٌ إنْ ذَكَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ التَّسْمِيَةَ أَيْضًا وَاجِبَةٌ مَعَ الذِّكْرِ فِي الذَّكَاةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ فَيَقُولُ بِاسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ عِنْدَ الذَّبْحِ وَعِنْدَ النَّحْرِ وَعِنْدَ الْإِرْسَالِ فِي الْعَقْرِ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ فَقَطْ أَوْ اللَّهُ أَكْبَرُ أَوْ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ أَوَسُبْحَانَ اللَّهِ أَوْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَجْزَأَهُ وَكُلُّ ذَلِكَ تَسْمِيَةٌ وَمَا مَضَى عَلَيْهِ النَّاسُ أَحْسَنَ وَهُوَ بِاسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اهـ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْوِفَاقِ وَإِنَّ الْمُرَادَ ذِكْرُ اللَّهِ ثُمَّ لَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ كَتَسْمِيَةِ إنْ ذَكَرَ لَجَرَى عَلَى عَادَتِهِ مِنْ رُجُوعِ الْقَيْدِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَقَالَ ز قَوْلُهُ إنَّ ذَكَرَ خَاصٌّ بِالتَّسْمِيَةِ وَقَدْ حُذِفَ مِنْ هُنَا الْوَاوُ مَعَ مَا عَطَفَتْ أَيْ وَقُدِّرَ وَحُذِفَ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ قَرِينِهِ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ غَيْرِ الْقَادِرِ كَالْأَخْرَسِ فَإِنَّ التَّسْمِيَةَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَأَفَادَ اشْتِرَاطَ الذِّكْرِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا مَعَهُ لَمْ تُؤْكَلْ سَوَاءٌ كَانَ جَاهِلًا أَوْ لَا خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِي الْجَاهِلِ اهـ

(ص) وَنَحْرُ إبِلٍ وَذَبْحُ غَيْرِهَا إنْ قَدَرَ (ش) يَعْنِي إنَّ الْإِبِلَ بُخْتُهَا وَعِرَابُهَا يَجِبُ نَحْرُهَا فَإِنْ ذُبِحَتْ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ لَمْ تُؤْكَلْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمِثْلُ الْإِبِلِ الْفِيلُ وَإِنَّ الْغَنَمَ وَالطَّيْرَ وَلَوْ نَعَامَةً يَجِبُ ذَبْحُهَا فَإِنْ نَحَرَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ اخْتِيَارًا لَمْ يُؤْكَلْ وَلَوْ سَاهِيًا

(ص) وَجَازَ لِلضَّرُورَةِ (ش) أَيْ وَجَازَ وُقُوعُ الذَّبْحِ مَحَلَّ النَّحْرِ وَوُقُوعُ النَّحْرِ مَحَلَّ الذَّبْحِ لِلضَّرُورَةِ مِنْ وُقُوعٍ فِي مَهْوَاةٍ وَجَزَمَ فِي الشَّامِلِ بِضَرُورَةِ عَدَمِ الْآلَةِ فَقَالَ فَإِنْ عَكَسَ فِي الْأَمْرَيْنِ لِعُذْرٍ كَعَدَمِ مَا يُنْحَرُ بِهِ صَحَّ وَلَا يُعْذَرُ بِنِسْيَانِ وَفِي الْجَهْلِ قَوْلَانِ أَيْ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْجَهْلِ عَدَمُ مَعْرِفَةِ الذَّبْحِ فِيمَا يُذْبَحُ وَالنَّحْرُ فِيمَا يُنْحَرُ لَا جَهْلَ الْحُكْمِ فَإِنَّهُ لَا يُعْذَرُ بِهِ اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا عُذِرَ بِالْجَهْلِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ دُونَ النِّسْيَانِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ فَقْدِ آلَةِ الذَّبْحِ فِيمَا يُذْبَحُ وَآلَةِ النَّحْرِ فِيمَا يُنْحَرُ كَمَا أَشَارَ لَهُ (هـ) فِي شَرْحِهِ

(ص) إلَّا الْبَقَرَ فَيُنْدَبُ الذَّبْحُ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ وَذَبَحَ غَيْرَهُ فَقَدْ دَخَلَ فِي الْغَيْرِ كُلُّ حَيَوَانٍ أَوْ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَجَازَا لِلضَّرُورَةِ وَالْمَعْنَى عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ ذَبْحُ غَيْرِ الْإِبِلِ إلَّا الْبَقَرَ فَلَا يَتَعَيَّنُ الذَّبْحُ فِيهِ بَلْ يَجُوزُ الْأَمْرَانِ أَيْ الذَّبْحُ وَالنَّحْرُ وَإِنَّمَا اسْتَحَبَّ مَالِكٌ فِي الْبَقَرِ الذَّبْحَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: 67] وَمُقْتَضَاهُ جَوَازُ النَّحْرِ فِيهَا وَهُوَ وَاضِحٌ وَقَدْ أَخَذَ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ عَدَمَ وُجُوبِ ذَبْحِهَا

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ بِأَقْسَامِهَا الْأَرْبَعَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْقِسْمَ الرَّابِعَ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ فِيمَا سَبَقَ فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ نَبْتُهَا أَيْ الذَّكَاةُ الْمَعْهُودَةُ عِنْدَهُمْ (قَوْلُهُ وَمَعْنَاهَا) أَيْ الثَّانِيَةُ الَّتِي هِيَ نِيَّةُ التَّمْيِيزِ (قَوْلُهُ أَيْ يَنْوِي أَنْ يُحَلِّلَهَا وَيُبِيحَهَا) اعْتَرَضَ بِأَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ وَأَنَّ الْمُرَادَ قَصْدُ الْفِعْلِ وَإِنْ ذَهِلَ عَنْ قَصْدِ الْحِلِّ بِهِ فَمَنْ نَوَى بِالذَّبْحِ قَطْعَ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ وَذَهِلَ عَنْ كَوْنِ ذَلِكَ يُبِيحُ الذَّبْحَ كُفِيَ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فِي الذَّبْحِ وَالصَّيْدِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ أَنْوَاعِ الذَّكَاةِ اهـ وَالشَّارِحُ تَابِعٌ فِي ذَلِكَ لِلَّقَانِيِّ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ عج ارْتَضَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْكِتَابِيِّ النِّيَّةُ وَلَا التَّسْمِيَةُ فَإِنَّهُمَا شَرْطَانِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ إلَّا أَنَّ شَيْخَنَا قَالَ إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ فِي الْكَافِرِ

(قَوْلُهُ إنْ ذَكَرَ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا فَلَا شَيْءَ.

(تَنْبِيهٌ) : مَنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَامِدًا ابْتِدَاءً ثُمَّ قَبْلَ أَنْ يَقْطَعَ تَمَامَ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ وَبَعْدَ قَطْعِ الْبَعْضِ سَمَّى فَيَنْبَغِي الْإِجْزَاءُ وَلَوْ كَانَ التَّرْكُ ابْتِدَاءً نِسْيَانًا ثُمَّ ذَكَرَهَا بَعْدَ مَا قَطَعَ بَعْضَ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهَا وُجُوبًا فَإِنْ تَرَكَهَا بَعْدَ الذِّكْرِ عَامِدًا كَانَ كَالتَّارِكِ لَهَا ابْتِدَاءً عَامِدًا وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالتَّسْمِيَةِ أَيْ ذِكْرِ اللَّهِ إلَّا بِالْعَجَمِيَّةِ فَهَلْ يَأْتِي بِهَا أَمْ لَا وَالظَّاهِرُ السُّقُوطُ مِنْ ك (قَوْلُهُ عِنْدَ الذَّبْحِ إلَخْ) أَيْ وَعِنْدَ الْإِلْقَاءِ فِي الْمَاءِ الْحَارِّ (قَوْلُهُ وَعِنْدَ الْإِرْسَالِ فِي الْعَقْرِ) الْبَاجِيُّ لَوْ سَمَّى حِينَ الرَّمْيِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَيْهِ التَّسْمِيَة عَلَى الذَّبِيحَة سَمَّى لِذَكَاتِهِ أَيْضًا وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا (قَوْلُهُ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ قَالَ وَتَسْمِيَةٌ فَظَاهِرُهُ اشْتِرَاطِ التَّسْمِيَةِ وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي أَيُّ ذِكْرٍ كَانَ مَعَ أَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ يَقُولُ يَكْفِي غَيْرُ بِاسْمِ اللَّهِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ مُخَالِفًا لِكَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ بِأَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَتَسْمِيَةٌ أَيْ ذِكْرٌ بَلْ لَوْ قَالَ اللَّهُ وَلَمْ يُلَاحِظْ لَهُ خَبَرًا لَكَفَى وَأَمَّا لَوْ أَتَى بِالصِّفَةِ كَالْخَالِقِ أَوْ الرَّزَّاقِ فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ مِنْ الِاسْمِ الْعَلَمْ كَاَللَّهِ لِأَنَّهُ مُسْتَجْمِعٌ لِسَائِرِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَهَذَا لَا يَأْتِي فِي نَحْوِ الْخَالِقِ وَالرَّزَّاقِ.

(قَوْلُهُ وَمِثْلُ الْإِبِلِ الْفِيلُ) أَيْ وَالزَّرَافَةُ كَذَا قَالَ عج وَالزَّرَافَة بِضَمِّ الزَّايِ وَفَتْحِهَا (قَوْلُهُ وَالطَّيْرَ وَلَوْ نَعَامَةً إلَخْ) بَالَغَ عَلَيْهِ لَعَلَّهُ لِرَدِّ خِلَافٍ وَعِبَارَةُ التَّوْضِيحِ وَذَبَحَ غَيْرَهُ حَتَّى الطَّيْرُ الطَّوِيلُ الْعُنُقِ كَالنَّعَامَةِ ابْنُ الْمَوَّازِ وَإِنْ تَحَرَّتْ لَمْ تُؤْكَلْ اهـ.

(قَوْلُهُ وَوُقُوعُ النَّحْرِ مَحَلُّ الذَّبْحِ) لَكِنْ فِي اللَّبَّةِ لَا فِي غَيْرِهَا لِأَنَّهُ عَقْرٌ (قَوْلُهُ مَهْوَاةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْحُفْرَةُ كَمَا أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ.

(قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: 67] الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى مَعَ مَا أَفَادَ الصَّرْفُ عَنْ الْوُجُوبِ مِنْ حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ فَقَوْلُ الشَّارِحِ مُقْتَضَاهُ أَيْ مُقْتَضَى اسْتِحْبَابِ الذَّبْحِ وَقَوْلُهُ جَوَازُ النَّحْرِ الْمُرَادُ بِهِ عَدَمُ حُرْمَتِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ قَوْلِهِ تَذْبَحُوا تُذَكُّوا الصَّادِقَ بِالذَّبْحِ وَالنَّحْرِ وَلَكِنْ لَمَّا عَبَّرَ بِصِيغَةِ الذَّبْحِ أَفَادَ رُجْحَانَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ فِيمَا يَظْهَرُ {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا} [البقرة: 67] لَا تَنْحَرُوا فَإِنَّهُ لَا يَكْفِيكُمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015