الْمَكَانُ مَحْصُورًا وَقَصَدَ مَا وَجَدَ فِي طَرِيقِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ أَمَّا لَوْ كَانَ الْمَكَانُ مَحْصُورًا فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ لَمْ يُرَ بِغَارٍ أَوْ غَيْضَةٍ

(ص) أَوْ أَرْسَلَ ثَانِيًا بَعْدَ مَسْكِ أَوَّلٍ وَقَتَلَ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ لَا يُؤْكَلُ الصَّيْدُ إذَا أَرْسَلَ الصَّائِدُ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ فَأَمْسَكَهُ ثُمَّ أَرْسَلَ بَازًا أَوْ كَلْبًا بَعْدَ ذَلِكَ فَقَتَلَ الثَّانِي الصَّيْدَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ أَيْ بَعْدَ أَنْ أَمْسَكَهُ الْأَوَّلُ صَارَ أَسِيرًا أَمَّا لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ لِلصَّيْدِ هُوَ الْأَوَّلَ فَلَا إشْكَالَ فِي جَوَازِ أَكْلِهِ وَمَفْهُومُ الظَّرْفِ أَنَّهُ لَوْ أَرْسَلَ الثَّانِيَ قَبْلَ أَنْ يُمْسِكَ الْجَارِحُ الْأَوَّلُ الصَّيْدَ لَجَازَ أَكْلُهُ بِلَا إشْكَالٍ

(ص) أَوْ اضْطَرَبَ فَأَرْسَلَ وَلَمْ يَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَارِحَ إذَا اضْطَرَبَ عَلَى صَيْدِ رَآهُ فَأَرْسَلَهُ الصَّائِدُ وَالْحَالُ أَنَّ الصَّيْدَ لَمْ يَرَهُ الصَّائِدُ وَلَا غَيْرُهُ وَالْمَكَانُ غَيْرُ مَحْصُورٍ فَإِذَا أَخَذَ الْجَارِحُ صَيْدًا لَمْ يُؤْكَلْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْجَارِحُ قَدْ أَخَذَ غَيْرَ الَّذِي اضْطَرَبَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَتَيَقَّنَ أَنَّهُ إنَّمَا اضْطَرَبَ عَلَى الصَّيْدِ الَّذِي أُخِذَ مِثْلُ أَنْ يَرَاهُ غَيْرُهُ وَلَا يَرَاهُ هُوَ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَلِمَالِكٍ جَوَازُ أَكْلِهِ وَمَبْنَاهُمَا عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ كَالْمُحَقَّقِ أَوْ لَا ابْنُ رُشْدٍ مِنْ النَّاسِ مَنْ حَمَلَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَلَى الْخِلَافِ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الَّذِي يُرْسِلُ كَلْبَهُ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّيْدِ وَيَنْوِي إنْ كَانَ وَرَاءَهَا جَمَاعَةٌ أُخْرَى لَمْ يَرَهَا فَيَأْخُذُ مَا لَمْ يَرَ أَنَّهُ يَأْكُلُهُ وَلَيْسَ بِخِلَافٍ بَلْ الْأَظْهَرُ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ أَرْسَلَ يَنْوِي صَيْدَ مَا اضْطَرَبَ عَلَيْهِ خَاصَّةً وَأَمَّا لَوْ نَوَاهُ وَغَيْرُهُ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ وَإِلَى هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْمُضْطَرِبُ) أَيْ عَلَيْهِ فَحَذَفَ الْجَارَ وَأَوْصَلَ الْفِعْلَ فَاسْتَتَرَ الضَّمِيرُ عَلَى مَا فِيهِ (وَغَيْرُهُ فَتَأْوِيلَانِ) بِالْأَكْلِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَعَدَمِهِ عِنْدَ غَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ كَالْمُحَقَّقِ وَإِنَّ رُؤْيَةَ الْجَارِحِ كَرُؤْيَةِ رَبِّهِ أَوْ لَا فِيهِمَا وَلَيْسَ كَمَنْ رَأَى جَمَاعَةَ صَيْدٍ فَنَوَاهَا وَمَا وَرَاءَهَا لِأَنَّ غَيْرَ الْمَرْئِيِّ تَبَعٌ لَهُ انْتَهَى

(ص) وَوَجَبَ نِيَّتُهَا (ش) الضَّمِيرُ فِي نِيَّتِهَا يَرْجِعُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَنَحْوَ ذَلِكَ أُكِلَ كَانَ الْمَكَانُ مَحْصُورًا أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا أَيْ مَعْلُومًا وَكَانَ الْمَكَانُ مَحْصُورًا كَالْغَارِ أُكِلَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ وَقَتْلٍ) أَيْ الثَّانِي أَوْ قَتَلَاهُ جَمِيعًا فَلَا يُؤْكَلُ فِي الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ لَجَازَ أَكْلُهُ) قَتَلَهُ الثَّانِي أَوْ قَتَلَاهُ مَعًا وَمَفْهُومُ بَعْدُ أَنَّهُ لَوْ أُرْسِلَ ثَانِيًا قَبْلَ مَسْكِ أَوَّلٍ وَقَتَلَ الثَّانِي أَوْ قَتَلَا جَمِيعًا فَيُؤْكَلُ فِي الصُّورَتَيْنِ وَمَفْهُومُ بَعْدَ مَسْكِهِ لَوْ أُرْسِلَ ثَانِيًا بَعْدَ قَتْلِ أَوَّلٍ قَبْلَ وُصُولِ الثَّانِي لَهُ فَيُؤْكَلُ أَيْضًا، وَمَفْهُومُهُ أَيْضًا لَوْ أَرْسَلَ ثَانِيًا قَبْلَ مَسْكِ أَوَّلٍ فَمَسَكَ الْأَوَّلُ قَبْلَ وُصُولِ الثَّانِي ثُمَّ قَتَلَ الثَّانِي فَيُؤْكَلُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ وَقَتَلَ مَعْطُوفٌ عَلَى أَرْسَلَ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُبْرِزَ الضَّمِيرَ بِاتِّفَاقِ الْبَصْرِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ فَيَقُولُ وَقَتَلَ هُوَ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَتَلَ عَائِدٌ عَلَى الثَّانِي وَقَتَلَ وَقَعَ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوَّلٍ فَقَدْ جَرَى الضَّمِيرُ عَلَى غَيْرِ مَنْ هُوَ لَهُ فِي الْمَعْنَى.

(قَوْلُهُ وَلِمَالِكٍ) هَذَا مُقَابِلٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَمَبْنَاهُمَا عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ كَالْمُحَقَّقِ) أَيْ فَيُؤْكَلُ وَقَوْلُهُ أَوْ لَا أَيْ فَلَا يُؤْكَلُ (قَوْلُهُ مِنْ حَمْلِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ) أَيْ مَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ أَوْ اضْطَرَبَ فَأَرْسَلَ وَلَمْ يَرَ (قَوْلُهُ عَلَى الْخِلَافِ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ فَإِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ يُؤْكَلُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ إذَا نَوَى الْمُضْطَرِبُ وَغَيْرُهُ مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ حَكَمَ بِعَدَمِ الْأَكْلِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ نَوَى الْمُضْطَرِبُ عَلَيْهِ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ بِخِلَافٍ) أَقُولُ أَيْ مَا ذَكَرَهُ لَيْسَ بِخِلَافٍ لِأَنَّهُ أَكَلَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي لَمْ يَرَ لِكَوْنِهِ نَوَى مَعَ مَنْ رُئِيَ وَلَمْ يُؤْكَلْ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَخَذَ غَيْرَ مَا اضْطَرَبَ عَلَيْهِ فَلَوْ نَوَى مَا اضْطَرَبَ عَلَيْهِ وَغَيْرَهُ لَأَكَلَ.

(قَوْلُهُ الْحَذْفُ وَالْإِيصَالُ) أَيْ حَذَفَ الْجَارَ تَوَسُّعًا فَاتَّصَلَ الضَّمِيرُ وَاسْتَتَرَ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ حَذْفِ نَائِبِ الْفَاعِلِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَذْفُهُ (قَوْلُهُ عَلَى مَا فِيهِ) الَّذِي فِيهِ أَنَّ بَابَ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ مَقْصُورٌ عَلَى السَّمَاعِ إجْمَاعًا وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَدْخُلُ الْعَمْدُ وَإِنَّمَا يَكُونُ فِي الْفَضَلَاتِ كَذَا فِي ك أَيْ فَالْمُصَنِّفُ مُشْكِلٌ (قَوْلُهُ بِالْأَكْلِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ) أَيْ لِأَنَّهُ نَوَى الْمُضْطَرَبَ عَلَيْهِ وَغَيْرُهُ وَلَمْ يُؤْكَلْ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ لِكَوْنِهِ مَا نَوَى إلَّا الْمُضْطَرَبَ عَلَيْهِ خَاصَّةً فَالْمُصَنِّفُ مُوَافِقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ وَعَدَمِهِ عِنْدَ غَيْرِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ جَعَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مُخَالِفًا لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَعِنْدَهُ لَا يُؤْكَلُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ نَوَى الْمُضْطَرَبَ عَلَيْهِ خَاصَّةً أَوْ نَوَاهُ وَغَيْرَهُ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ كَالْمُحَقَّقِ إلَخْ) هَذَا لَا يُنَاسِبُ التَّوْفِيقَ بَيْنَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْمُدَوَّنَةِ وَالْخِلَافُ وَإِنَّمَا يُنَاسِبُ الْخِلَافَ بَيْنَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلِ مَالِكٍ الَّذِي أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَلِمَالِكٍ جَوَازُ أَكْلِهِ.

(قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ كَالْمُحَقَّقِ) أَيْ فَيُؤْكَلُ فَهُوَ نَاظِرٌ لِلتَّأْوِيلِ بِالْأَكْلِ (قَوْلُهُ وَإِنَّ رُؤْيَةَ الْجَارِحِ كَرُؤْيَةِ رَبِّهِ) أَيْ فَيُؤْكَلُ (قَوْلُهُ أَوْ لَا) أَيْ لَيْسَ الْغَالِبُ كَالْمُحَقَّقِ وَلَيْسَ رُؤْيَةُ الْجَارِحِ كَرُؤْيَةِ رَبِّهِ أَيْ فَلَا يُؤْكَلُ وَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَمَنْ رَأَى جَمَاعَةَ صَيُودٍ) أَيْ كَمَا ادَّعَى ابْنُ رُشْدٍ فَعِنْدَ ذَلِكَ الْقَائِلِ لَا يُؤْكَلُ وَلَوْ نَوَى الْمُضْطَرَبَ عَلَيْهِ وَغَيْرَهُ وَلَيْسَ كَمَنْ رَأَى جَمَاعَةَ صَيُودٍ (ثُمَّ أَقُولُ) ظَهَرَ لَك أَنَّ مَنْ يَقُولُ بِالْخِلَافِ يُسَلِّمُ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَقُولُ بِالْقِيَاسِ الَّذِي يَقُولُ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ فَإِذَنْ يُرَدُّ أَنْ يُقَالَ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ مِنْ النَّاسِ مَنْ حَمَلَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَلَى الْخِلَافِ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُخَالَفَةُ مِنْ حَيْثُ يُسَلِّمُ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ بِالْأَكْلِ وَعَدَمِ الْأَكْلِ فِي مَسْأَلَتِنَا وَلَوْ نَوَى الْمُضْطَرَبَ عَلَيْهِ وَغَيْرَهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَرْئِيِّ تَبَعٌ لِلْمَرْئِيِّ) أَيْ وَلَيْسَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ مَرْئِيٌّ.

(تَنْبِيهٌ) : بِالتَّأَمُّلِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ تَعْلَمُ أَنَّ فِي كَلَامِهِ تَنَافِيًا وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَى هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ أَشَارَ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّأْوِيلَيْنِ تَأْوِيلَانِ بِالْخِلَافِ كَمَا قَالَ غَيْرُ ابْنِ رُشْدٍ وَالْوِفَاقُ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَا بِالْأَكْلِ وَعَدَمِهِ كَمَا قَالَ بَعْدَ حَيْثُ قَالَ فَتَأْوِيلَانِ بِالْأَكْلِ نَعَمْ التَّأْوِيلَانِ بِالْخِلَافِ وَالْوِفَاقِ مُسْتَلْزِمٌ لِلْخِلَافِ بِالْأَكْلِ وَعَدَمِهِ إذَا نَوَى الْمُضْطَرَبَ عَلَيْهِ وَغَيْرَهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015