فَفِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الذَّبَائِحِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْبَقَرَ تُذْبَحُ وَتُنْحَرُ وَالْمَعْنَى عَلَى الثَّانِي فَإِنْ لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةً بِأَنْ ذَبَحَ مَا يُنْحَرُ أَوْ عَكْسُهُ اخْتِيَارًا لَمْ يُؤْكَلْ إلَّا الْبَقَرُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ الْأَمْرَانِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ

(ص) كَالْحَدِيدِ وَإِحْدَادِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ الْآلَةُ الَّتِي يَذْبَحُ بِهَا أَوْ يَنْحَرُ بِهَا مِنْ الْحَدِيدِ فَلَوْ فَعَلَ بِغَيْرِهِ مَعَ وُجُودِهِ أَجْزَأَهُ إذَا أَفْرَى الْأَوْدَاجَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ الْآلَةُ مَحْدُودَةً أَيْ سَرِيعَةَ الْقَطْعِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَهْوَنُ عَلَى الْمَذْبُوحِ لِخُرُوجِ رُوحِهِ بِسُرْعَةٍ فَتَحْصُلُ لَهُ الرَّاحَةُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَقَوْلُهُ وَإِحْدَادِهِ أَيْ سَنِّهِ لِخَبَرِ «وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ»

(ص) وَقِيَامُ إبِلٍ وَضَجْعُ ذِبْحٍ عَلَى أَيْسَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ تُنْحَرَ الْإِبِلُ قَائِمَةً مُقَيَّدَةً أَوْ مَعْقُولَةَ الْيَدِ الْيُسْرَى كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَمَنْ وَافَقَهُ وَانْظُرْ هَلْ يُطْلَبُ قِيَامُ غَيْرِهَا مِمَّا يَتَعَيَّنُ نَحْرُهُ أَوْ مِمَّا يَجُوزُ حَيْثُ قَصَدَ نَحْرَهُ أَمْ لَا وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْمَذْبُوحُ وَقْتَ الذَّبْحِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ لِأَنَّهُ أَعْوَنُ لِلذَّابِحِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الذَّابِحُ أَعْسَرَ فَيُضْجِعَهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ قَالَ فِيهَا السُّنَّةُ أَخْذُ الشَّاةِ بِرِفْقٍ وَتُضْجَعُ عَلَى شِقِّهَا الْأَيْسَرِ وَرَأْسُهَا مُشْرِفٌ وَتَأْخُذُ بِيَدِك الْيُسْرَى جِلْدَةَ حَلْقِهَا مِنْ اللَّحْيِ الْأَسْفَلِ بِالصُّوفِ أَوْ غَيْرِهِ فَتَمُدُّهُ حَتَّى تَتَبَيَّنَ الْبَشَرَةُ وَتَضَعُ السِّكِّينَ فِي الْمَذْبَحِ حَتَّى تَكُونَ الْجَوْزَةُ فِي الرَّأْسِ ثُمَّ تُسَمِّي اللَّهَ وَتُمِرُّ السِّكِّينَ مَرًّا مُجْهِزًا مِنْ غَيْرِ تَرْدِيدٍ ثُمَّ تَرْفَعُ وَلَا تَنْخَعْ وَلَا تَضْرِبْ بِهَا الْأَرْضَ وَلَا تَجْعَلْ رِجْلِك عَلَى عُنُقِهَا اهـ

(ص) وَتَوَجُّهُهُ (ش) أَيْ وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ تَوْجِيهُ الْمَذْبُوحِ إلَى الْقِبْلَةِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ وَإِلَّا أَسَاءَ وَتُؤْكَلُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ تَوْجِيهِ الذَّبِيحَةِ وَعَدَمَ تَوْجِيهِ الْبَائِلِ إلَى الْقِبْلَةِ خِفَّةُ الدَّمِ بِالْعَفْوِ عَنْ يَسِيرِهِ وَأَكْلُ الْبَاقِي مِنْهُ فِي الْعُرُوقِ وَفِي الْبَوْلِ كَشْفُ عَوْرَةٍ أَيْضًا وَالْأَوْلَى أَنْ لَوْ قَالَ وَتَوْجِيهُهُ وَظَاهِرُهُ كَلَامُ غَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّ قَوْلَهُ وَتُوَجِّهُهُ فِيمَا يُذْبَحُ فَقَطْ وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَنَحْرُهَا إلَخْ مَا يَقْتَضِي نَدْبُهُ فِي النَّحْرِ أَيْضًا

(ص) وَإِيضَاحُ الْمَحَلِّ (ش) أَيْ وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا أَنْ يُوَضِّحَ الذَّابِحُ الْمَحَلَّ الَّذِي يَذْبَحُ فِيهِ مِنْ صُوفٍ أَوْ زَغَبٍ الَّذِي يَسْتُرُ مَحَلَّ الذَّبْحِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (تَنْبِيهٌ) : مِنْ الْبَقَرِ الْجَامُوسُ وَبَقَرُ الْوَحْشِ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ وَانْظُرْ مَا يُشْبِهُ الْبَقَرَ مِنْ حِمَارِ الْوَحْشِ وَالتَّيْتَلِ وَنَحْوِهِمَا قَالَ الشَّارِحُ الْبَاجِيُّ وَالْخَيْلُ أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِحِلِّ أَكْلِهَا كَالْبَقَرِ أَيْ فَيَجُوزُ فِيهَا الْأَمْرَانِ وَيُنْدَبُ الذَّبْحُ الطُّرْطُوشِيُّ وَكَذَا الْبِغَالُ وَالْحُمُرُ الْإِنْسِيَّةُ عَلَى الْقَوْلِ بِكَرَاهَتِهَا اهـ (أَقُولُ) فَلْيَكُنْ مِثْلُ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ الْحُمُرَ الْوَحْشِيَّةَ إذَا قَدَرَ عَلَيْهَا.

(قَوْلُهُ الَّتِي يَذْبَحُ بِهَا أَوْ يَنْحَرُ بِهَا إلَخْ) بَلْ حَتَّى الْعَقْرُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ تت (قَوْلُهُ إذَا أَفْرَى الْأَوْدَاجَ) لَا يَخْفَى أَنَّ الذَّبْحَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ فَرْيِ الْأَوْدَاجِ فَمَا مَعْنَى هَذَا الِاشْتِرَاطِ (قَوْلُهُ وَلْيُحِدَّ) بِضَمِّ الْيَاءِ (قَوْلُهُ شَفْرَتَهُ) بِفَتْحِ الشِّينِ هِيَ السِّكِّينُ الْعَرِيضَةُ وَالْجَمْعُ شِفَارٌ مِثْلُ كَلْبَةٍ وَكِلَابٍ وَشَفَرَاتٌ مِثْلُ سَجْدَةٍ وَسَجَدَاتٍ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا مُطْلَقُ السِّكِّينِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ عَرِيضَةً.

(قَوْلُهُ وَضَجْعِ إلَخْ) بِفَتْحِ الضَّادِ إذْ هُوَ الْفِعْلُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ النَّدْبُ وَأَمَّا بِكَسْرِهَا فَالْهَيْئَةُ (قَوْلُهُ ذِبْحٍ) بِكَسْرِ الذَّالِ (قَوْلُهُ مُقَيَّدَةً أَوْ مَعْقُولَةً) ظَاهِرُهُ التَّخْيِيرُ وَنَاقَشَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ نَحْرَهَا مَعْقُولَةً إنَّمَا هُوَ عِنْدَ تَعَذُّرِ ذَبْحِهَا قَائِمَةً مُقَيَّدَةً اهـ (قَوْلُهُ وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْمَذْبُوحُ) أَيْ وَكَرِهَ مَالِكٌ ذَبْحَهَا عَلَى الْأَيْمَنِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الذَّابِحُ أَعْسَرَ إلَخْ) فَإِنْ كَانَ أَضْبَطَ جَازَ الْوَجْهَانِ لَكِنْ يَنْبَغِي التَّيَامُنُ (قَوْلُهُ السُّنَّةُ) أَيْ الطَّرِيقَةُ لِأَنَّ تِلْكَ الْأُمُورَ الْآتِيَةَ مَنْدُوبَةٌ بَلْ بَعْضُهَا وَاجِبٌ وَهُوَ عَدَمُ النَّخْعِ قَبْلَ الذَّكَاةِ وَالتَّسْمِيَةِ (قَوْلُهُ مُشْرِفٌ) بِالْفَاءِ وَفِي خَطِّ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ صَوَابُهُ بِالْقَافِ قَالَ تت وَقَوْلُهُ بِالْقَافِ أَيْ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَشْرِقِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْقِبْلَةُ فِي الْجَنُوبِ فَإِذَا كَانَتْ فِي غَيْرِ جِهَتِهِ فَلَا يَكُونُ مَشْرِقَ الرَّأْسِ اهـ وَعَلَى أَنَّهُ بِالْفَاءِ فَقَدْ ضُبِطَ بِفَتْحِ الشِّينِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ وَضُبِطَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الشِّينِ وَانْظُرْهُ فَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ وَرَأْسُهَا مُشْرِفٌ أَيْ مَرْفُوعَةٌ لِجِهَةِ الْعُلْوِ (قَوْلُهُ مِنْ اللَّحْيِ الْأَسْفَلِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ اللَّحْيِ الْأَسْفَلِ (قَوْلُهُ بِالصُّوفِ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَالرِّيشِ فِي الطَّيْرِ أَوْ الشَّعْرِ فِي الْمَعَزِ أَيْ تَأْخُذُ الْجِلْدَةَ فِي حَالِ كَوْنِهَا مُلْتَبِسَةً بِالصُّوفِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَتَمُدُّهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْجِلْدَةِ الْمُلْتَبِسَةِ بِالصُّوفِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ تَمُدُّ مَا ذُكِرَ مِنْ الصُّوفِ وَنَحْوِهِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِيضَاحُ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ الْبَشَرَةُ) أَيْ الْجِلْدَةُ (قَوْلُهُ فِي الْمَذْبَحِ) أَيْ مَوْضِعِ الذَّبْحِ (قَوْلُهُ حَتَّى تَكُونَ الْجَوْزَةُ فِي الرَّأْسِ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ تَكُونَ الْجَوْزَةُ فِي الرَّأْسِ (قَوْلُهُ وَلَا تَنْخَعْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَتَمُدُّ أَيْ وَلَا تَقْطَعُ النُّخَاعَ قَبْلَ الذَّبْحِ وَهُوَ مُخٌّ أَبْيَضُ فِي فَقَارِ الْعُنُقِ وَإِلَّا كُنْت قَتَلْتهَا قَبْلَ ذَكَاتِهَا فَيَكُونُ قَوْلُهُ وَلَا تَنْخَعْ تَحْرِيمًا فَيَكُونُ قَوْلُهُ أَوَّلًا السُّنَّةُ أَيْ الطَّرِيقَةُ الصَّادِقَةُ بِالْوُجُوبِ وَيَحْتَمِلُ وَلَا تَنْخَعْ أَيْ بَعْدَ الذَّبْحِ أَيْ عَلَى طَرِيقِ الْكَرَاهَةِ أَيْ يُنْهَى نَهَى كَرَاهَةٍ عَنْ قَطْعِ النُّخَاعِ (قَوْلُهُ وَلَا تَضْرِبْ إلَخْ) أَيْ عَلَى طَرِيقِ الْكَرَاهَةِ فِي الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَا تَجْعَلْ رِجْلَك عَلَى عُنُقِهَا) زَادَ فِي ك وَمَا ثَبَتَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَنَّهُ ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا» لَمْ يَثْبُتْ هـ.

(قَوْلُهُ وَتَوَجَّهَهُ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْمَطْلُوبَ تَوَجُّهُ الْجَمِيعِ لَا مَحَلُّ الذَّبْحِ خَاصَّةً وَيُفْهَمُ مِنْ تَوَجُّهِ الذَّبِيحِ تَوَجُّهُ الذَّابِحِ لَهَا كَمَا ذَكَرُوا (قَوْلُهُ وَإِلَّا أَسَاءَ) أَيْ ارْتَكَبَ مَكْرُوهًا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ تَعْبِيرِهِ بَأْسَاءَ (قَوْلُهُ خِفَّةُ الدَّمِ) أَيْ وَأَمَّا الْبَوْلُ فَثَقِيلٌ لِأَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ وَلَا يُتَعَاطَى مِنْهُ شَيْءُ أَصْلًا (قَوْلُهُ كَشْفُ عَوْرَةٍ أَيْضًا) أَيْ أَنَّ فِي الْبَوْلِ ثِقَلًا وَكَشْفُ عَوْرَةٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الدَّمِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْخِفَّةَ الَّتِي فِي الدَّمِ لَا تَقْتَضِي الِاسْتِقْبَالَ فَالْمُقْتَضَى لِلِاسْتِقْبَالِ كَمَا فِي الْحَطَّابِ أَنَّ الذَّبِيحَةَ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ جِهَةٍ فَاخْتِيرَتْ جِهَةُ الْقِبْلَةِ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ الْجِهَاتِ اهـ (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى أَنْ لَوْ قَالَ وَتَوْجِيهُهُ) لِأَنَّ الْأَحْكَامَ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ لِأَنَّهُ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015