شَعْبَانَ كَانَ يَصُومُهُ إلَّا قَلِيلًا» زَادَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ بَلْ كَانَ يَصُومُهُ كُلَّهُ وَخَبَرُ «أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مَا رَأَيْت الرَّسُولَ يَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ إلَّا شَعْبَانَ وَرَمَضَانَ» وَجَمَعَ بَعْضٌ بَيْنَ رِوَايَةِ كَانَ يَصُومُهُ إلَّا قَلِيلًا وَكَانَ يَصُومُهُ كُلَّهُ بِأَنَّ لَفْظَ كُلَّهُ تَأْكِيدٌ، أَوْ يَصُومُهُ كُلَّهُ فِي سِنِينَ بِأَنْ يَصُومَ فِي سَنَةٍ مِنْ أَوَّلِهِ وَفِي أُخْرَى مِنْ وَسَطِهِ، وَفِي أُخْرَى مِنْ آخِرِهِ

. (ص) وَإِمْسَاكُ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ لِمَنْ أَسْلَمَ وَقَضَاؤُهُ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَسْلَمَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِمْسَاكُ فِي بَقِيَّةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ؛ لِيَظْهَرَ عَلَيْهِ صِفَاتُ الْإِسْلَامِ بِسُرْعَةٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ تَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَيْضًا قَضَاؤُهُ

. (ص) وَتَعْجِيلُ الْقَضَاءِ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ تَعْجِيلُ الْقَضَاءِ؛ لِمَا تَرَتَّبَ فِي الذِّمَّةِ مِنْ كُلِّ صَوْمٍ مُوَسَّعٍ فِي قَضَائِهِ رَمَضَانَ أَوْ غَيْرِهِ لِمُبَادَرَتِهِ لِلطَّاعَةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا كَالصَّلَاةِ الْمُؤَدَّاةِ فِي الْوَقْتِ الْمُوَسَّعِ، أَمَّا مَا ضُيِّقَ فِي وَقْتِهِ كَقَضَاءِ مَا فَاتَ لِعُذْرٍ مِنْ كَفَّارَةٍ مُتَتَابِعَةٍ كَظِهَارٍ فَوَاجِبٌ تَعْجِيلُهُ وَوَصْلُهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَتَتَابُعُهُ) أَيْ: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْقَضَاءُ مُتَتَابِعًا؛ لِأَنَّ فِي الْقَضَاءِ مُتَفَرِّقًا خِلَافَ مَا نَدَبْنَا إلَيْهِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ إلَى الْقَضَاءِ لِتَرَاخِي الْآخَرِ عَنْ الْأَوَّلِ.

(ص) كَكُلِّ صَوْمٍ لَمْ يَلْزَمْ تَتَابُعُهُ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الصَّوْمَ الَّذِي لَمْ يَلْزَمْ تَتَابُعُهُ يُسْتَحَبُّ تَتَابُعُهُ: كَصِيَامِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَقَضَاءِ رَمَضَانَ، وَصِيَامِ الْجَزَاءِ، وَالْمُتْعَةِ فَإِنْ فَرَّقَهَا أَجْزَأَهُ وَبِئْسَ مَا فَعَلَ، وَأَمَّا الصَّوْمُ الَّذِي يَلْزَمُ تَتَابُعُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ تَتَابُعُ قَضَائِهِ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ: " كَكُلِّ " إلَخْ قَاعِدَةٌ كُلِّيَّةٌ وَإِنْ كَانَ الْمُؤَلِّفُ قَدْ نَصَّ فِي بَابِ الْيَمِينِ فِي بَحْثِ الْكَفَّارَةِ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّتَابُعِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ إذَا كَفَّرَ بِهَا فَهُوَ جُزْئِيٌّ مِنْ جُزْئِيَّاتِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فَلَيْسَ هُنَا أَيْ: فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ تَكْرَارٌ؛ لِأَنَّ هَذَا أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ

. (ص) وَبَدْءٌ بِكَصَوْمِ تَمَتُّعٍ إنْ لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مَرْفُوعِ نُدِبَ أَيْ: أَنَّهُ يُنْدَبُ لِمَنْ عَلَيْهِ كَصَوْمِ تَمَتُّعٍ وَقَضَاءِ رَمَضَانَ أَنْ يَبْدَأَ بِفِعْلِ صَوْمِ التَّمَتُّعِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ صَوْمِ الْقَضَاءِ إنْ لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ عَنْ صَوْمِ الْقَضَاءِ، فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْهُ وَجَبَ تَقْدِيمُهُ.

(ص) وَفِدْيَةٌ لِهَرَمٍ وَعَطَشٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ بِوَجْهٍ لِهَرَمٍ أَوْ عَطَشٍ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ يُفْطِرُهُ مُدًّا وَهَذِهِ الْكَفَّارَةُ الصُّغْرَى وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ لَا فِدْيَةَ حَمَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ وَاجِبَةٌ

ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ فِي شَعْبَانَ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ أَيْ: فَهُوَ فِي شَعْبَانَ أَكْثَرُ صِيَامًا (قَوْلُهُ: كَانَ يَصُومُهُ إلَّا قَلِيلًا) مِنْهُ فَلَا يَصُومُهُ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ يَصُومُ أَغْلَبَهُ (قَوْلُهُ: زَادَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ إلَخْ) قَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ «كَانَ أَحَبُّ الشُّهُورِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَصُومَ شَعْبَانَ كَانَ يَصُومُهُ إلَّا قَلِيلًا، بَلْ كَانَ يَصُومُهُ كُلَّهُ» (قَوْلُهُ تَأْكِيدٌ) أَيْ: زَائِدٌ وَعَبَّرَ بِهِ دُونَ زَائِدٍ تَأَدُّبًا، إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ زَادَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ، بَلْ كَانَ يَصُومُهُ كُلَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَيْسَتْ زَائِدَةً، وَعَلَى تَسْلِيمِ أَنَّهَا زَائِدَةٌ فَلَا وَجْهَ لِذِكْرِهَا، وَالْأَحْسَنُ أَنَّ الْمُرَادَ، بَلْ كَانَ يَصُومُهُ كُلَّهُ فِي بَعْضِ السِّنِينَ وَهُوَ إضْرَابُ انْتِقَالٍ، قَالَ فِي الْمَصَابِيحِ.

وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِطَرِيقٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهَا وَكَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ مَحْمُولًا عَلَى حَذْفِ أَدَاةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَالْمُسْتَثْنَى أَيْ: إلَّا قَلِيلًا مِنْهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِلَفْظِ «مَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُهُ كُلَّهُ إلَّا قَلِيلًا» (قَوْلُهُ: أَوْ يَصُومُهُ كُلَّهُ) كَذَا بِأَوْ فِي نُسْخَتِهِ جَمْعٌ ثَانٍ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُنَافٍ لِقَوْلِهِ كَانَ يَصُومُهُ إلَّا قَلِيلًا

(قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَيْضًا: قَضَاؤُهُ) وَهَلْ هُوَ خَاصٌّ بِمَا إذَا أَمْسَكَ بَقِيَّتَهُ أَمَّا إذَا لَمْ يُمْسِكْ فَيَجِبُ الْقَضَاءُ؟ أَوْ فِيهِ وَفِيمَا إذَا أَفْطَرَ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ أَيْ: مَعَ أَنَّ الْوُجُوبَ مُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ السَّابِقَةِ فِي قَوْلِهِ أَوْ زَوَالِ عُذْرٍ مُبَاحٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَنُدِبَ قَضَاؤُهُ

(قَوْلُهُ: وَبِئْسَ مَا فَعَلَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهَا صِيغَةُ ذَمٍّ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمُحَرَّمِ لَا فِي خِلَافِ الْمَنْدُوبِ الَّذِي هُوَ مَكْرُوهٌ، أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى (قُلْت) : لَعَلَّهُ كَنَّى بِذَلِكَ عَنْ الْكَرَاهَةِ أَيْ: أَنَّهُ مَكْرُوهٌ لَا خِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الصَّوْمُ الَّذِي يَلْزَمُ تَتَابُعُهُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَلْزَمْ تَتَابُعُهُ وَقَوْلُهُ: يَلْزَمُ تَتَابُعُ قَضَائِهِ صَحِيحٌ إلَّا أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ مُقْتَضَى الِاحْتِرَازِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) الْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ: جُزْئِيٌّ) أَيْ: فَرْعٌ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجُزْئِيَّاتِ إنَّمَا تُنْسَبُ لِلْكُلِّيِّ (قَوْلُهُ: أَيْ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ تَكْرَارٌ) أَرَادَ بِالتَّكْرَارِ لَازِمَهُ مِنْ الِاسْتِغْنَاءِ أَيْ: لَا يُسْتَغْنَى بِمَا يَأْتِي عَمَّا هُنَا؛ لِأَنَّ مَا هُنَا أَعَمُّ وَلَا يُسْتَغْنَى بِالْخَاصِّ عَنْ الْعَامِّ فَإِذَا عَلِمْت هَذَا انْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ التَّكْرَارَ إنَّمَا يُنْسَبُ لِلثَّانِي لَا لِلْأَوَّلِ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ أَيْ: فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ خِلَافُهُ وَحَاصِلُهُ كَمَا قُلْنَا إنَّهُ لَا يُسْتَغْنَى بِالْآتِي عَمَّا هُنَا فَلَيْسَ هَذَا تَكْرَارًا مَعَ مَا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَغْنَى بِالْخَاصِّ وَهُوَ الْآتِي عَنْ الْعَامِّ وَهُوَ مَا هُنَا

(قَوْلُهُ: وَبَدْءٌ بِكَصَوْمِ تَمَتُّعٍ) أَيْ: أَوْ قِرَانٍ وَكُلِّ نَقْصٍ فِي حَجٍّ، أَوْ ظِهَارٍ أَصَابَ فِيهِ فَالْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى تَمَتُّعٍ وَإِنَّمَا قَدَّمَ التَّمَتُّعَ لِأَنَّهُ مُضَيَّقٌ وَالْقَضَاءَ مُوَسَّعٌ إلَى رَمَضَانَ الثَّانِي، وَالْقَاعِدَةُ تَقْدِيمُ الْمُضَيَّقِ عَلَى الْمُوَسَّعِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ تَقْدِيمُهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا وَإِنْ كَانَ مُرَادًا لَا يُفْهَمُ مِنْ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الِاسْتِحْبَابِ وَعَدَمِهِ، وَإِنْ كَانَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدًا بِمَا إذَا لَمْ يُؤَخِّرْ صَوْمَ قَضَاءِ رَمَضَانَ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ آخَرُ فَإِنْ أَخَّرَ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِهِ عَلَى صَوْمِ التَّمَتُّعِ ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ (قَوْلُهُ: لِهَرَمٍ، أَوْ عَطَشٍ) ظَاهِرُهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالطَّاءِ، وَالْأَحْسَنُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَالطَّاءِ؛ لِأَنَّهُ مُشْعِرٌ بِأَنَّ الْهَرَمَ وَالْعَطَشَ مُلَازِمٌ لَهُ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ لَا فِدْيَةَ) كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْهَرَمِ لَا فِي الْهَرَمِ وَالْعَطَشِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ،.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ نَصَّ فِي الرِّسَالَةِ وَالْجَلَّابِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْفِدْيَةِ لِلْهَرَمِ، وَحَمَلَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015