ص) وَعَاشُورَاءَ وَتَاسُوعَاءَ (ش) عَاشُورَاءُ وَتَاسُوعَاءُ أَيْضًا مَمْدُودَانِ: الْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنْ الْمُحَرَّمِ وَالْمَعْنَى: أَنَّ صِيَامَ يَوْمِ عَاشُورَاءَ وَيَوْمِ تَاسُوعَاءَ مُسْتَحَبٌّ وَإِنَّمَا قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ عَاشُورَاءَ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ تَاسُوعَاءَ؛ لِأَنَّهُ يُكَفِّرُ سَنَةً وَيُسْتَحَبُّ فِيهِ التَّوْسِعَةُ عَلَى الْأَهْلِ وَالْأَقَارِبِ وَالْيَتَامَى مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ وَلَا اتِّخَاذِ ذَلِكَ سُنَّةً لَا بُدَّ مِنْهَا وَإِلَّا كُرِهَ لَا سِيَّمَا لِمَنْ يَقْتَدِي بِهِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ جُمْلَةَ الْخِصَالِ الَّتِي ذَكَرَ أَنَّهَا تُفْعَلُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ اثْنَتَا عَشْرَةَ خَصْلَةً: الصَّلَاةُ، وَالصَّوْمُ، وَالصَّدَقَةُ، وَالِاكْتِحَالُ، وَالِاغْتِسَالُ، وَزِيَارَةُ عَالِمٍ، وَعِيَادَةُ مَرِيضٍ، وَمَسْحُ رَأْسِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوْسِعَةُ عَلَى الْعِيَالِ أَيْ: وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ، وَتَقْلِيمُ الْأَظَافِرِ، وَقِرَاءَةُ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ أَلْفَ مَرَّةٍ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ لَكِنْ لَمْ يَرِدْ مِنْ ذَلِكَ إلَّا الصَّوْمُ وَالتَّوْسِعَةُ، وَبَقِيَ مِنْ الْأَيَّامِ الْمُرَغَّبِ فِي صَوْمِهَا يَوْمُ ثَالِثِ الْمُحَرَّمِ فِيهِ دَعَا زَكَرِيَّا فَاسْتُجِيبَ لَهُ، وَسَابِعَ عَشَرَ رَجَبٍ فِيهِ بُعِثَ مُحَمَّدٌ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَخَامِسَ عَشَرَ ذِي الْقِعْدَةِ فِيهِ أُنْزِلَتْ الْكَعْبَةُ عَلَى آدَمَ وَمَعَهَا الرَّحْمَةُ، وَنِصْفُ شَعْبَانَ لِنَسْخِ الْآجَالِ، وَالْخَمِيسُ وَالِاثْنَيْنُ لِلتَّرْغِيبِ فِي ذَلِكَ بِحَدِيثِ عَرْضِ الْأَعْمَالِ فِيهِمَا وَعَدَّ عِيَاضٌ مِنْ الْمُرَغَّبِ فِيهِ صَوْمُ الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ الْمُحَرَّمِ، وَكَرِهَ بَعْضٌ صَوْمَ يَوْمِ الْمَوْلِدِ أَيْ:؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَعْيَادِ الْمُسْلِمِينَ

. (ص) وَالْمُحَرَّمِ وَرَجَبٍ وَشَعْبَانَ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ صَوْمُ شَهْرِ الْمُحَرَّمِ وَهُوَ أَوَّلُ الشُّهُورِ الْحُرُمِ، وَرَجَبٍ وَهُوَ الشَّهْرُ الْفَرْدُ عَنْ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، وَشَعْبَانَ لِخَبَرِ «عَائِشَةَ مَا رَأَيْت الْمُصْطَفَى أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ» وَعَنْهَا «مَا رَأَيْت الرَّسُولَ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي

ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنْ يَقُولَ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ: مَمْدُودَانِ) خَبَرُ عَاشُورَاءَ وَتَاسُوعَاءَ فَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ أَيْضًا: وَقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يُكَفِّرُ سَنَةً لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنْ عِشْت إلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ وَالْعَاشِرَ» فَلَمْ يَأْتِ الْقَابِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ فَلَمْ يَصُمْ التَّاسِعَ قَطُّ كَمَا قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ لَكِنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ الرَّسُولَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَصُومُهُ» فَالِاحْتِيَاطُ صَوْمُهُ ك (قَوْلُهُ الْعَاشِرُ مِنْ الْمُحَرَّمِ) أَيْ: أَنَّ الْمُرَادَ بِعَاشُورَاءَ الْعَاشِرُ مِنْ الْمُحَرَّمِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ عَرَفَةَ أَفْضَلُ مِنْ عَاشُورَاءَ؛ لِأَنَّ عَرَفَةَ مُحَمَّدِيٌّ وَعَاشُورَاءَ مُوسَوِيٌّ (قَوْلُهُ: الْأَهْلِ وَالْأَقَارِبِ) أَيْ: الْإِخْوَانِ.

(قَوْلُهُ: لَا بُدَّ مِنْهَا) أَيْ: طَرِيقَةً لَا بُدَّ مِنْهَا أَيْ: كَالْأَمْرِ الْوَاجِبِ، أَوْ سُنَّةً اصْطِلَاحِيَّةً مُؤَكَّدَةً، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِتِلْكَ الْمَثَابَةِ فَلَا هَذَا ظَاهِرُهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ اعْتِقَادٌ أَنَّهَا سُنَّةٌ وَلَمْ تَكُنْ مُؤَكَّدَةً (قَوْلُهُ: وَالِاكْتِحَالُ) هَذَا يَأْتِي عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ مِنْ جَوَازِهِ وَاَلَّذِي مَشَى عَلَيْهِ فِي الرِّسَالَةِ الْحُرْمَةُ إذَا كَانَ غَيْرَ ضَرُورَةٍ (قَوْلُهُ: وَمَسْحُ رَأْسِ الْيَتِيمِ) ذَكَرَ بَعْضٌ أَنَّ رَأْسَ الْيَتِيمِ يُمْسَحُ مِنْ وَسَطِهِ إلَى نَاصِيَتِهِ وَمَنْ لَهُ أَبٌ يُمْسَحُ مِنْ نَاصِيَتِهِ إلَى وَسَطِهِ كَمَا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (قَوْلُهُ: لَمْ يُرِدْ مِنْ ذَلِكَ إلَّا الصَّوْمَ وَالتَّوْسِعَةَ) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ السَّنَةِ» اهـ.

وَصَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَامَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصَوْمِهِ وَقَالَ «إذَا كَانَ الْعَامُ الْقَابِلُ صُمْنَا التَّاسِعَ» اهـ. أَيْ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَاسْتِحْسَانٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ: دَعَا زَكَرِيَّا) أَيْ: يَرْزُقُهُ اللَّهُ غُلَامًا كَمَا فِي الْآيَةِ.

(قَوْلُهُ: فِيهِ أُنْزِلَتْ الْكَعْبَةُ عَلَى آدَمَ) .

اعْلَمْ أَنَّ آدَمَ لَمَّا وَصَلَ إلَى مَكَانِ الْبَيْتِ نَزَلَ إلَيْهِ جَبْرَائِيلُ بِيَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ مِنْ يَاقُوتِ الْجَنَّةِ تَلْتَهِبُ نُورًا لَهَا بَابٌ شَرْقِيٌّ وَبَابٌ غَرْبِيٌّ مُقَابِلُهُ مِنْ ذَهَبٍ مِنْ تِبْرِ الْجَنَّةِ وَفِيهَا ثَلَاثَةُ قَنَادِيلَ مِنْ تِبْرِ الْجَنَّةِ تَلْتَهِبُ نُورًا بَابُهَا مَنْظُومٌ مِنْ يَاقُوتٍ أَبْيَضَ وَالْحَجَرُ فِي الرُّكْنِ يَاقُوتَةٌ بَيْضَاءُ مِنْ يَاقُوتِ الْجَنَّةِ فَوَضَعَهَا عَلَى الْبَيْتِ بِقَدْرِهِ وَلَمْ تَزَلْ عَلَيْهِ إلَى أَنْ مَاتَ وَلَهُ مِنْ الْعُمُرِ أَلْفُ سَنَةٍ وَصَلَّى عَلَيْهِ جِبْرِيلُ وَالْمَلَائِكَةُ وَدُفِنَ بِخَيْفِ مِنًى كَمَا قِيلَ وَرُفِعَتْ الصَّخْرَةُ بَعْدَهُ وَقِيلَ إنَّهُ بَنَى الْبَيْتَ عَلَى حُدُودِهَا، ثُمَّ رُفِعَتْ وَقِيلَ اسْتَمَرَّتْ مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ حَتَّى رُفِعَتْ فِي زَمَنِ طُوفَانِ نُوحٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ النُّبْذَةِ اللَّطِيفَةِ لِلشَّيْخِ شِهَابِ الدِّينِ الْقَلْيُوبِيِّ وَقَوْلُهُ: فَوَضَعَهَا عَلَى الْبَيْتِ أَيْ: مَكَانَهُ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ: أُنْزِلَتْ الْكَعْبَةُ أَيْ: صُورَتُهَا وَفِي تَقْرِيرٍ مَعْنَى أُنْزِلَتْ هُدِيَ إلَى بِنَائِهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَمَعَهَا الرَّحْمَةُ) الْمَعِيَّةُ مَجَازِيَّةٌ أَيْ: وَمَعَهَا الْوَعْدُ بِالرَّحْمَةِ لِزَائِرِيهَا (قَوْلُهُ: وَنِصْفِ شَعْبَانَ لِنَسْخِ الْآجَالِ) أَيْ: فَيَكْتُبُ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِذَلِكَ مِنْ اللَّوْحِ الْوَقْتَ الَّذِي يَمُوتُ فِيهِ الشَّخْصُ وَالْعَامَ الَّذِي يَمُوتُ فِيهِ وَيُسَلِّمُهُ لِمَلَكِ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: بِحَدِيثِ عَرْضِ الْأَعْمَالِ) قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصُومُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ» وَقَالَ «إنَّ الْأَعْمَالَ تُعْرَضُ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِيهِمَا وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ فِيهِمَا وَأَنَا صَائِمٌ» .

(فَائِدَةٌ) قَالَ الْبَدْرُ اُنْظُرْ لَوْ صَامَ يَوْمَ عَرَفَةَ عَنْ قَضَاءٍ عَلَيْهِ وَنَوَى بِهِ الْقَضَاءَ وَعَرَفَةَ مَعًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُجْزِئُ عَنْهُمَا مَعًا قِيَاسًا عَلَى مَنْ نَوَى بِغُسْلِهِ الْجَنَابَةَ وَالْجُمُعَةَ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ عَنْهُمَا مَعًا وَقِيَاسًا عَلَى مَنْ صَلَّى الْفَرْضَ وَنَوَى التَّحِيَّةَ وَانْظُرْ النَّقْلَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَكَذَلِكَ يُقَالُ فِي عَاشُورَاءَ وَتَاسُوعَاءَ وَنَحْوِهِمَا تَأَمَّلْ اهـ. كَلَامُ الْبَدْرِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَعْيَادِ الْمُسْلِمِينَ) يَنْتَقِضُ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ

(قَوْلُهُ: وَالْمُحَرَّمِ) مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ جَوَازُ إضَافَةِ جَمِيعِ أَعْلَامِ الشُّهُورِ إلَى شَهْرٍ قَالَهُ السُّيُوطِيّ وَقَالَ: بَعْضُهُمْ تُجَرَّدُ كُلُّهَا إلَّا رَمَضَانَ وَالرَّبِيعَيْنِ أَمَّا رَمَضَانُ فَلِمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا الرَّبِيعَانِ فَلِالْتِبَاسِهِ بِفَصْلِ الرَّبِيعِ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تُسَمِّيهِ رَبِيعًا أَوَّلًا وَالْخَرِيفَ رَبِيعًا ثَانِيًا (قَوْلُهُ: وَرَجَبٍ) ، بَلْ يُنْدَبُ صَوْمُ بَقِيَّةِ الْحُرُمِ الْأَرْبَعَةِ وَأَفْضَلُهَا الْمُحَرَّمُ فَرَجَبٌ فَذُو الْقِعْدَةِ فَالْحِجَّةُ (إنْ قُلْت) هُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا صَامَ شَهْرًا مِثْلَ شَعْبَانَ، بَلْ كَانَ يَصُومُهُ كُلَّهُ، أَوْ إلَّا قَلِيلًا عَلَى رِوَايَتَيْنِ فَالْجَوَابُ لِاحْتِمَالِ اشْتِغَالِهِ فِي مُحَرَّمٍ، أَوْ قَبْلَ عِلْمِهِ بِفَضْلِ مُحَرَّمٍ (قَوْلُهُ: مَا رَأَيْت الْمُصْطَفَى إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ: مَا رَأَيْت الْمُصْطَفَى إذَا كَانَ فِي غَيْرِ شَعْبَانَ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْ نَفْسِهِ إذَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015