غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ بِصَحَّحَ أَوْ اُسْتُحْسِنَ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ تَعْيِينُ ذَلِكَ الْفَاعِلِ وَلِذَا قَالَ شَيْخُنَا بِالتَّنْكِيرِ وَإِنَّمَا لَمْ يُسَمِّهِمْ مَعَ مَنْ قَدَّمَهُ عِنْدَ ذِكْرِهِ اصْطِلَاحَهُ لِكَثْرَتِهِمْ فَيُؤَدِّي إلَى الطَّوْلِ، فَإِنْ قُلْت لِمَ لَمْ يَقُلْ أَوْ اسْتَحْسَنَهُ فَيُعِيدُ اللَّفْظَةَ كَمَا فَعَلَ بِصَحَّحَ أَوْ يَقُولُ أَوَّلًا بِصَحَّحَ أَوْ اسْتَظْهَرَ قُلْت إنَّمَا لَمْ يَقُلْهُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَ مَادَّةَ الظُّهُورِ لِابْنِ رُشْدٍ.

وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ اسْتَفْعَلَ كَمَا تَقَدَّمَ لَكِنَّهُ فَرَّ مِنْ التَّشْرِيكِ وَأَتَى بِهِ ثَانِيًا تَفْسِيرًا لِمَعْنَى الِاسْتِحْسَانِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ أَوْ اسْتَحْسَنَهُ لِيُطَابِقَ اُسْتُحْسِنَ إشَارَةً إلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَنْ يُشِيرَ إلَى التَّرْجِيحِ الصَّادِرِ مِنْ الْمُرَجِّحِ بِمَادَّةِ لَفْظِهِ الْمَخْصُوصِ وَالْأَقْرَبُ إلَى الْحَقِيقَةِ أَنَّ التَّصْحِيحَ فِيمَا يُصَحِّحُهُ الشَّيْخُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ وَالِاسْتِحْسَانُ فِيمَا يَرَاهُ مَعَ احْتِمَالِ الشُّمُولِ فِيهِمَا وَأَدْخَلَ بَعْضٌ فِي قَوْلِهِ بِصَحَّحَ أَوْ اُسْتُحْسِنَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ كُلُّ لَفْظٍ دَلَّ أَوْ اقْتَضَى التَّرْجِيحَ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ مَا كَانَ بِلَفْظِ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ وَالتَّصْوِيبِ وَغَيْرِهَا كَقَوْلِهِ وَالْقِيَاسُ رَدُّ الْجَمِيعِ إنْ رَدَّ بَعْضُهُمْ وَالِاسْتِحْسَانُ أَخْذُ الْمُجِيزِ الْجَمِيعَ وَصَوَّبَ وُقُوفَهُ عَنْ الْأَوْلَى حَتَّى يَنْكِحَ ثَانِيَةً وَدَخَلَ الْمُؤَلِّفُ فِي قَوْلِهِ شَيْخُنَا بِدَلِيلِ اسْتِقْرَاءِ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُشِيرُ لِاسْتِظْهَارِ نَفْسِهِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ.

(ص) وَبِالتَّرَدُّدِ لِتَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ أَوْ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ (ش) أَيْ وَأُشِيرَ بِلَفْظِ التَّرَدُّدِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُسَمِّهِمْ إلَخْ) كَأَنْ يَقُولَ وَأُشِيرُ بِمَادَّةِ التَّصْحِيحِ إلَى مَا صَحَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَثَلًا لَكِنْ إنْ كَانَ بِصِيغَةِ الِاسْمِ فَإِشَارَةٌ إلَى مَا صَحَّحَهُ مِنْ الْأَقْوَالِ، وَإِنْ كَانَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ فَذَلِكَ لِمَا كَانَ مِنْ نَفْسِهِ وَهَكَذَا، فَإِنْ قُلْت لِمَ يُسَمِّي مَنْ تَقَدَّمَ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ هَؤُلَاءِ قُلْت لَمَّا اخْتَصَّ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ بِمَزِيدِ التَّرْجِيحِ دُونَ غَيْرِهِمْ خَصَّهُمْ بِالتَّسْمِيَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ اسْتَفْعَلَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ بِغَيْرِ اسْتَفْعَلَ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَدَلَ ذَلِكَ فَيُوقِعُ فِي اللَّبْسِ لِوُجُودِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْجُمْلَةِ فَفَرَّ مِنْ التَّشْرِيكِ فِي الْمَادَّةِ فِي الْجُمْلَةِ لِدَفْعِ ذَلِكَ اللَّبْسِ (قَوْلُهُ تَفْسِيرًا لِمَعْنَى الِاسْتِحْسَانِ) أَيْ إنَّ الِاسْتِحْسَانَ لَمَّا كَانَ خَفِيًّا احْتَاجَ إلَى تَفْسِيرِهِ وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ فِي الْعِبَارَةِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ (قَوْلُهُ إشَارَةً إلَى مَا تَقَدَّمَ إلَخْ) وَحَاصِلُ هَذَا أَنَّهُ إذَا وَقَعَ مِنْ غَيْرِهِمْ اسْتِحْسَانٌ أَوْ اسْتِظْهَارٌ أَوْ تَصْحِيحٌ أَيْ بِهَذِهِ الْمَادَّةِ لَا بِالْمَعْنَى وَإِلَّا لَاكْتَفَى بِوَاحِدَةٍ فَأَمَّا أَنْ يُعَبِّرَ بِصَحَّحَ أَوْ اسْتَحْسَنَ فَلَا يَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ صَحَّحَ هَذَا أَوْ اسْتَظْهَرَهُ لَفًّا وَنَشْرًا بَلْ كُلٌّ مِنْ صَحَّحَ هَذَا أَوْ اسْتَظْهَرَهُ رَاجِعٌ لِكُلٍّ وَيَكُونُ قَوْلُهُ صَحَّحَ هَذَا أَوْ اسْتَظْهَرَهُ عَلَى مَعْنَى أَوْ اسْتَحْسَنَهُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ مَا صَدَرَ مِنْهُ وَمُلَخَّصُهُ أَنَّ الصَّادِرَ لَا يُخَصُّ بِمَادَّةٍ وَاَلَّذِي يَعْنُونَ بِهِ لَهُمْ إنَّمَا هُوَ إحْدَى الصِّيغَتَيْنِ تَابِعًا لِأَيِّ صِيغَةٍ صَدَرَتْ مِنْهُمْ لَكِنْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ لَمْ يَظْهَرْ سِرُّ التَّعْبِيرِ بِهِمَا دُونَ غَيْرِهِمَا وَدُونَ الِاكْتِفَاءِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ بِوَاحِدٍ مِنْ غَيْرِهِمَا فَلِذَلِكَ قَالَ وَالْأَقْرَبُ إلَى الْحَقِيقَةِ أَيْ إلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَالْمَقْصُودُ وَالْمُوَافِقُ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَعَدَلَ عَنْ ذَلِكَ تَحَرِّيًا لِلصِّدْقِ وَتَنَزُّهًا عَنْ التَّجَاسُرِ بِالْجَزْمِ بِمَا هُوَ مَغِيبٌ.

(قَوْلُهُ: أَنَّ التَّصْحِيحَ) أَيْ فَيُعَبِّرُ بِصَحَّحَ إذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ وَرَجَّحَ أَحَدَهُمَا فَيَكُونُ التَّعْبِيرُ بِصَحَّحَ بِمَثَابَةِ التَّعْبِيرِ بِالِاسْمِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَيُعَبِّرُ بِاسْتَحْسَنَ إذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ وَاسْتَنْتَجَ خِلَافَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ قَوْلٌ أَصْلًا وَظَهَرَ لَهُ شَيْءٌ فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ فَيَكُونُ التَّعْبِيرُ بِالِاسْتِحْسَانِ شَبِيهًا بِالتَّعْبِيرِ بِالْفِعْلِ وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا أَقْرَبَ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ التَّكْرَارِ، فَإِنْ قُلْت هَلَّا عَكَسَ قُلْت وَجْهُ مَا قَالَهُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضٌ أَنَّ التَّصْحِيحَ يَسْتَدْعِي وُجُودَ مُصَحَّحٍ قَابِلٍ الْفَسَادَ وَالِاسْتِحْسَانُ يَتَبَادَرُ مِنْهُ صِدْقُهُ بِاعْتِبَارٍ حَسَنٍ سَوَاءٌ كَانَ مُقَرَّرًا أَوْ مُنْشَأً فَأُرِيدَ الثَّانِي لِلتَّمْيِيزِ (قَوْلُهُ مَعَ احْتِمَالِ الشُّمُولِ فِيهِمَا) أَيْ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنَّ كُلًّا مِنْ الصِّيغَتَيْنِ لِكُلٍّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ التَّعْبِيرُ بِصَحَّحَ تَارَةً أَوْ اسْتَحْسَنَ أَيْ تَارَةً بِحَسَبِ مَا يَتَّفِقُ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ إلَخْ) أَيْ لَا عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ خُصُوصُ هَاتَيْنِ الصِّيغَتَيْنِ كَمَا هُوَ مُفَادُ مَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ دَلَّ أَوْ اقْتَضَى إلَخْ) أَيْ دَلَّ عَلَى التَّرْجِيحِ أَوْ اقْتَضَاهُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا دَلَّ عَلَيْهِ فَقَدْ اقْتَضَاهُ فَهُوَ تَنْوِيعٌ فِي الْعِبَارَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى وَاحِدًا (قَوْلُهُ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ) الْأَوْلَى حَذْفُ الْبَاءِ (قَوْلُهُ وَالِاسْتِحْسَانِ) أَيْ بِهَذِهِ الْهَيْئَةِ لِقَوْلِهِ وَالِاسْتِحْسَانِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالتَّصْوِيبِ) أَيْ بِهَذِهِ الْمَادَّةِ لَا بِهَذِهِ الْهَيْئَةِ لِقَوْلِهِ وَصَوَّبَ وُقُوفَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَغَيْرِهَا) أَيْ كَعِنْدِي أَيْ وَدُخُولُ صَحَّحَهُ أَوْ اسْتَحْسَنَ أَوْلَوِيٌّ، ثُمَّ أَقُولُ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا وَجْهَ لِلتَّعْبِيرِ بِالْمَادَّتَيْنِ بَلْ أَحَدُهُمَا يَكْفِي وَيَكُونُ كِنَايَةً إلَّا أَنْ يُقَالَ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدَةٍ لَتُوُهِّمَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا وَلَمَّا ذَكَرِ الثَّانِيَةَ آذَنَ بِتَوْسِيعِ الدَّائِرَةِ (قَوْلُهُ وَدَخَلَ إلَخْ) هَذَا بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ تَرْجِيحُ نَفْسِهِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْأَرْجَحِيَّةُ الْمَنْصُوصَةُ وَحَيْثُ أَشَارَ لِنَفْسِهِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ نَادِرًا اسْتِطْرَادِيٌّ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ (فَائِدَةٌ) إذَا قِيلَ الْأَظْهَرُ كَانَ فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ مُقَابَلَةً فِيهِ ظُهُورٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْأَظْهَرَ اسْمُ تَفْضِيلٍ يَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ وَزِيَادَةً وَالْمَشْهُورُ يُقَابِلُهُ الْغَرِيبُ وَهَذَا بِحَسَبِ الْأَصْلِ وَالصَّحِيحُ يُقَابِلُهُ الضَّعِيفُ وَالْأَصَحُّ يُشْعِرُ بِصِحَّةِ مُقَابِلِهِ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ تَفْضِيلٍ كَالْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ أَيْ وَأُشِيرُ بِلَفْظِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَبِالتَّرَدُّدِ عَطْفٌ عَلَى بِصَحَّحَ فَكُلٌّ مِنْ بِالتَّرَدُّدِ وَلِتَرَدُّدِ وَلِعَدَمِ مُتَعَلِّقٌ بِهِ إلَّا أَنْ أَشَارَ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ إنَّمَا يَتَعَدَّى بِإِلَى قَالَ الْجَوْهَرِيُّ أَشَارَ إلَيْهِ بِالْيَدِ أَوْمَأَ وَأَشَارَ عَلَيْهِ بِالرَّأْيِ اهـ. لَكِنْ إلَى لِلِانْتِهَاءِ أَيْ انْتَهَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَاللَّامُ تَجِيءُ لِلِانْتِهَاءِ أَيْضًا وَلِذَا تَعَاقَبَا فِي نَحْوِ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَلِذَا عَدَّاهُ الْمُؤَلِّفُ بِهَا وَهِيَ أَخْصَرُ. .

(تَنْبِيهٌ) : مُفَادُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ مَتَى ذَكَرَ التَّرَدُّدَ فَهُوَ لِتَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّهُ كُلَّمَا تَرَدَّدَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي نَقْلٍ أَوْ فِي حُكْمٍ يُشِيرُ لَهُ بِتَرَدُّدِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلَانِ فَقَالَ وَفِي غَيْرِهِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ بِلَفْظِ التَّرَدُّدِ) أَيْ بِالتَّجْرِيدِ مِنْ أَلْ لَا بِالِاقْتِرَانِ بِهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015