وَمَفْهُومُ اللَّقَبِ، وَهُوَ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ عَلَى مُجَرَّدِ أَسْمَاءِ الذَّوَاتِ نَحْوَ فِي الْغَنَمِ الزَّكَاةُ وَهِيَ حُجَّةٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ إلَّا مَفْهُومَ اللَّقَبِ فَقَالَ بِهِ الدَّقَّاقُ وَابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ وَإِنَّمَا خَصَّ مَفْهُومَ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَاهَا إذْ يَقُولُ بِهِ بَعْضُ مَنْ لَا يَقُولُ بِغَيْرِهِ إلَّا الْغَايَةَ فَإِنَّهُ يَقُولُ بِهِ بَعْضُ مَنْ لَا يَقُولُ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ إلَّا أَنَّهُ قَلِيلٌ لَا يَتَأَتَّى مَعَهُ اخْتِصَارٌ.

فَلِذَلِكَ تَرَكَهُ بَلْ جَعَلَ بَعْضُهُمْ الْغَايَةَ مِنْ الْمَنْطُوقِ وَفِي رُتْبَةِ الْغَايَةِ مَفْهُومُ الْحَصْرِ وَقِيلَ فِيهِ إنَّهُ مَنْطُوقٌ، وَأَمَّا مَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُعْتَبَرٌ عِنْدَهُ كَقَوْلِهِ فِي بَابِ الْحَجْرِ وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ إذْ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ أَحْرَى فَعَلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ النَّصِّ أَوْ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ قُلْنَا أَنَّهُ مِنْ الْمَفْهُومَاتِ فَهُوَ أَحْرَى مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ فَكَأَنَّهُ اعْتَبَرَهُ فِي نَفْسِ مَا نَحْنُ بِصَدَدِهِ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ إذَا اعْتَبَرْت مَفْهُومَ الشَّرْطِ فَأَحْرَى مَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ وَعَلَى قِيَاسِ مَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ فِي مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ يُقَالُ فِي مَفْهُومِ الْغَايَةِ وَالْحَصْرِ إنَّهُمَا مُعْتَبَرَانِ؛ لِأَنَّهُمَا أَعْلَى مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ وَكُلُّ مَنْ قَالَ بِالشَّرْطِ قَالَ بِهِمَا وَالْخِلَافُ فِيهِمَا أَضْعَفُ مِنْ الْخِلَافِ فِي غَيْرِهِمَا فَكَأَنَّهُ قَالَ أَعْتَبِرُ مَفْهُومَ الشَّرْطِ وَمَا هُوَ أَعْلَى مِنْهُ وَمَنْ تَتَبَّعَ كَلَامَهُ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ هَذَيْنِ الْمَفْهُومَيْنِ لُزُومًا فَمَفْهُومُ الْغَايَةِ كَقَوْلِهِ وَالْمَبْتُوتَةُ حَتَّى يُولِجَ بَالِغٌ وَكَقَوْلِهِ فِي الْحَجْرِ الْمَجْنُونُ مَحْجُورٌ لِلْإِفَاقَةِ وَكَقَوْلِهِ إلَى حِفْظِ مَالِ ذِي الْأَبِ وَمَفْهُومُ الْحَصْرِ كَقَوْلِهِ إنَّمَا يَجِبُ الْقَسْمُ لِلزَّوْجَاتِ فِي الْمَبِيتِ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ حَصْرُ الْقَسْمِ فِي الزَّوْجَاتِ وَكَقَوْلِهِ فِي بَابِ الْحَجْرِ وَإِنَّمَا يَحْكُمُ فِي الرُّشْدِ وَضِدِّهِ إلَخْ الْقُضَاةُ.

(ص) وَأُشِيرَ بِصَحَّحَ أَوْ اسْتَحْسَنَ إلَى أَنَّ شَيْخًا غَيْرَ الَّذِي قَدَّمْتهمْ صَحَّحَ هَذَا أَوْ اسْتَظْهَرَهُ (ش) لَمَّا عَيَّنَ الْأَشْيَاخَ الْأَرْبَعَةَ وَمَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى مُخْتَارِهِمْ وَلَمْ يَسَعْهُ تَرْكُ التَّنْبِيهِ عَلَى مَا صَحَّحَهُ غَيْرُهُمْ مِنْ الْأَقْوَالِ أَوْ اسْتَحْسَنَهُ مِنْهَا أَوْ مِمَّا ظَهَرَ لَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ أَخْبَرَ هُنَا أَنَّهُ يُشِيرُ إلَى مُخْتَارِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ، وَهُوَ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ) أَيْ مَفْهُومُ اللَّقَبِ أَمْرٌ دَلَّ عَلَيْهِ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ عَلَى مُجَرَّدِ أَسْمَاءِ الذَّوَاتِ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ لَيْسَ نَفْسَ التَّعْلِيقِ وَالْمُرَادُ بِاللَّقَبِ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ مَا يَشْمَلُ أَقْسَامَ الْعَلَمِ الثَّلَاثَةِ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ نَحْوَ أَعْطِ مُحَمَّدًا أَوْ أَبَا بَكْرٍ أَوْ زَيْنَ الْعَابِدِينَ وَيَشْمَلُ أَيْضًا اسْمَ الْجِنْسِ الْإِفْرَادِيَّ كَرَجُلٍ وَمَاءٍ وَالْجَمْعِيَّ كَتَمْرٍ وَكَلِمٍ كَذَا ذَكَرُوا (قَوْلُهُ وَهِيَ) أَيْ مَفَاهِيمُ الْمُخَالَفَةِ حُجَّةٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَغَيْرُهُمْ كَأَبِي حَنِيفَةَ يُنْكِرُ كُلَّ الْمَفَاهِيمِ أَيْ مَفَاهِيمَ الْمُخَالَفَةِ، وَإِنْ قَالَ فِي الْمَسْكُوتِ بِخِلَافِ حُكْمِ الْمَنْطُوقِ فَلِأَمْرٍ آخَرَ كَمَا فِي انْتِفَاءِ الزَّكَاةِ عَنْ الْمَعْلُوفَةِ قَالَ الْأَصْلُ عَدَمُ الذَّكَاةِ وَرَدَتْ فِي السَّائِمَةِ فَبَقِيَتْ الْمَعْلُوفَةُ عَلَى الْأَصْلِ (قَوْلُهُ فَقَالَ بِهِ الدَّقَّاقُ) أَيْ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَقَوْلُهُ وَابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ فِي الْقَامُوسِ بِضَمِّ الْخَاءِ وَكَسْرِ الزَّاي وَفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَالِدُ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ الْمَالِكِيِّ الْأُصُولِيِّ اهـ.

وَفِي عج بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا وَقَدْ تُبْدَلُ بَاءً مَكْسُورَةً وَبِإِعْجَامِ الْحَرْفِ الْأَخِيرِ وَهِيَ الذَّالُ، وَأَمَّا الْأُولَى فَفِيهَا لُغَتَانِ الْإِعْجَامُ وَالْإِهْمَالُ اهـ.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ قَلِيلٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ إلَّا فِي مَوَاضِعَ ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ لَا يَتَأَتَّى مَعَهُ اخْتِصَارٌ) أَيْ لَا يَتَأَتَّى مَعَ مُرَاعَاتِهِ اخْتِصَارٌ دُونَ عَدَمِ مُرَاعَاتِهِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِهِ كَانَ الِاخْتِصَارُ مَوْجُودًا فَالِاخْتِصَارُ مَوْجُودٌ اعْتَبَرَهُ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ وَقِيلَ فِيهِ) أَيْ فِي مَفْهُومِ الْحَصْرِ، وَهُوَ قَلِيلٌ أَيْضًا فَلَا يَتَأَتَّى مَعَهُ اخْتِصَارٌ (قَوْلُهُ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى حُجِّيَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُعْتَبَرٌ عِنْدَهُ إلَخْ) تَقَدَّمَ مَعْنَى الِاعْتِبَارِ (قَوْلُهُ إذْ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ مُعْتَبَرٌ عِنْدَهُ لَكِنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ الرَّدُّ مَعَ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِ الرَّدُّ فَالْأَوْلَى أَنْ يُمَثِّلَ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ جَنَى الْعَبْدُ فِي يَدِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ وَلِلْوَلِيِّ إلَخْ لِلِاخْتِصَاصِ فَيَصْدُقُ بِتَعَيُّنِ الرَّدِّ فِي الْمَفْهُومِ وَيَكُونُ النَّظَرُ فِي كَوْنِهِ مَفْهُومًا بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ فَعَلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ النَّصِّ) وَعَلَيْهِ اخْتَلَفُوا فَقِيلَ نَقْلُ اللَّفْظِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْأَعَمِّ عُرْفًا بَدَلًا عَنْ الدَّلَالَةِ عَلَى الْأَخَصِّ لُغَةً فَنَقَلَ لَفْظَ أُفٍّ لِلْإِيذَاءِ وَأَطْلَقَ لَفْظَ يَأْكُلُونَ لِلْإِتْلَافِ فَمَعْنَى {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] لَا تُؤْذِهِمَا وَمَعْنَى {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ} [النساء: 10] الَّذِينَ يُتْلِفُونَ وَقِيلَ إنَّ الدَّلَالَةَ عَلَى الْأَعَمِّ فُهِمَتْ مِنْ الْقَرَائِنِ وَهِيَ تَعْظِيمُ الْوَالِدَيْنِ وَصِيَانَةُ مَالِ الْيَتِيمِ وَعَلَى هَذَا فَاللَّفْظُ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ إطْلَاقِ الْأَخَصِّ عَلَى الْأَعَمِّ فَالْعَلَاقَةُ الْخُصُوصُ (قَوْلُهُ أَوْ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ) الْقِيَاسُ الْجَلِيُّ مَا قُطِعَ فِيهِ بِنَفْيِ الْفَارِقِ وَالْعِلَّةُ فِي وَ {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] الْإِيذَاءُ وَفِي {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ} [النساء: 10] الْإِتْلَافُ (قَوْلُهُ فَلَا إشْكَالَ) أَيْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنَّا فِي الْمَفَاهِيمِ لَا فِي النَّصِّ وَلَا فِي الْقِيَاسِ (قَوْلُهُ فِي نَفْسِ إلَخْ) لَفْظَةُ نَفْسٍ تَأْكِيدٌ (قَوْلُهُ بِصَدَدِهِ) الصَّدَدُ بِفَتْحَتَيْنِ الْقُرْبُ.

(قَوْلُهُ فَهُوَ أَحْرَى إلَخْ) أَيْ إنْ قُلْنَا بِدُخُولِهِ فِي الْمَفَاهِيمِ، فَإِنْ خَصَصْنَاهَا بِالْمُخَالَفَةِ فَلَا يَرِدُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ وَعَلَى قِيَاسِ مَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ اعْتَبَرَ مَفْهُومَ الْمُوَافَقَةِ (قَوْلُهُ وَمَنْ تَتَبَّعَ إلَخْ) وَفِي بَعْضِ الْحَوَاشِي أَنَّهُ يَعْتَبِرُ مَفْهُومَ الشَّرْطِ لُزُومًا وَغَيْرَهُ جَوَازًا يَظْهَرُ ذَلِكَ بِتَأَمُّلِ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ وَالْمَبْتُوتَةُ إلَخْ) أَيْ وَتَحْرُمُ الْمَبْتُوتَةُ حَتَّى يُولِجَ بَالِغٌ مَفْهُومُهُ لَا حُرْمَةَ بَعْدَ الْإِيلَاجِ (قَوْلُهُ وَكَقَوْلِهِ فِي الْحَجْرِ إلَخْ) مَفْهُومُهُ لَا حَجْرَ عَلَى الْمَجْنُونِ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ وَقِسْ (قَوْلُهُ لِلزَّوْجَاتِ) أَيْ لَا لِلسَّرَارِي وَالْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ فَيَقُولَ فِي الزَّوْجَاتِ وَفِي الْمَبِيتِ أَيْ لَا لِلسَّرَارِي وَلَا الْكِسْوَةِ وَالنَّفَقَةِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَحْكُمُ فِي الرُّشْدِ وَضِدِّهِ الْقُضَاةُ) مَفْهُومُهُ لَا حُكْمَ فِي ذَلِكَ لِغَيْرِ الْقُضَاةِ.

(قَوْلُهُ وَأُشِيرَ بِصَحَّحَ أَوْ اسْتَحْسَنَ) أَيْ فِي حُكْمٍ (قَوْلُهُ صَحَّحَ هَذَا إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى الْحُكْمِ الْمُقَدَّرِ أَيْ بِقَوْلِنَا أَيْ فِي حُكْمٍ (قَوْلُهُ أَوْ اسْتَظْهَرَهُ) أَيْ عَدَّهُ ظَاهِرًا أَيْ ظَنَّهُ ظَاهِرًا أَوْ أَلْفَاهُ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ أَوْ اسْتَحْسَنَهُ إلَخْ) الْإِتْيَانُ بِأَوْ بِاعْتِبَارِ الْعِبَارَةِ الصَّادِرَةِ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَشْيَاخِ وَإِلَّا فَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَ لَيْسَ نَظِيرَ مَا يُشِيرُ إلَيْهِ بِالِاسْمِ فِي اصْطِلَاحِ الْأَشْيَاخِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَقَدِّمَةُ وَإِنَّمَا قُلْنَا لَيْسَ نَظِيرَ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ يُشِيرُ بِتَيْنِكَ الْمَادَّتَيْنِ لِمَا اسْتَحْسَنَهُ مِنْ الْأَقْوَالِ أَوْ مِنْ نَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ أَوْ مِمَّا ظَهَرَ لَهُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْ مَا ظَهَرَ لَهُ عَطْفًا عَلَى مَا صَحَّحَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015