وَأَمَّا بَعْدَ الْخُطْبَةِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ فَجَائِزٌ وَلَوْ لِغَيْرِ فُرْجَةٍ وَيَجُوزُ الْمَشْيُ بَيْنَ الصُّفُوفِ وَلَوْ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ
(ص) وَاحْتِبَاءٌ فِيهَا (ش) أَيْ يَجُوزُ لِلْمَأْمُومِ الِاحْتِبَاءُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَكَذَا احْتِبَاءُ الْإِمَامِ فِي جُلُوسِهِ بَيْنَ خُطْبَتَيْهِ وَالِاحْتِبَاءُ إدَارَةُ الْجَالِسِ ثَوْبَهُ بِظَهْرِهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَقَدْ يَكُونُ بِالْيَدَيْنِ عِوَضَ الثَّوْبِ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ فِيهَا لِلْخُطْبَةِ وَهِيَ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا ذِكْرٌ لَكِنْ دَلَّ عَلَيْهَا قَوْلُهُ قَبْلَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ أَيْ فِي خُطْبَتِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] أَيْ الْعَدْلُ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
(ص) وَكَلَامٌ بَعْدَهَا لِلصَّلَاةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ الْكَلَامُ بَعْدَ الْخُطْبَةِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَوْ فِي حَالِ نُزُولِ الْخَطِيبِ لِزَوَالِ مَانِعِهِ وَهُوَ الِاشْتِغَالُ عَنْ الِاسْتِمَاعِ لَهَا وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى جَوَازِ مَا ذُكِرَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مَنْعُ الْكَلَامِ حِينَئِذٍ كَمَا نُقِلَ عَنْ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ بِمَثَابَةِ رَكْعَتَيْنِ فَكَأَنَّهُ تَكَلَّمَ فِي صُلْبِ الصَّلَاةِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ لِلصَّلَاةِ أَيْ لِإِقَامَتِهَا وَيُكْرَهُ مِنْ أَخْذِهِ فِي الْإِقَامَةِ إلَى أَنْ يُحْرِمَ الْإِمَامُ وَيَحْرُمُ إذَا أَحْرَمَ وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا التَّفْصِيلُ بِالْجُمُعَةِ
(ص) وَخُرُوجُ كَمُحْدِثٍ بِلَا إذْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ طَرَأَ لَهُ حَدَثٌ فِي الْخُطْبَةِ، أَوْ ذَكَرَهُ أَوْ رُعَافٌ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي تُبِيحُ لَهُ الْخُرُوجَ مِنْ الْجَامِعِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الْإِمَامَ فَالْجَوَازُ مَصَبُّهُ قَوْلُهُ بِلَا إذْنٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْخُرُوجَ وَاجِبٌ لِتَحْصِيلِ الطَّهَارَةِ
(ص) وَإِقْبَالٌ عَلَى ذِكْرٍ قَلَّ سِرًّا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ الْإِقْبَالُ عَلَى الذِّكْرِ بِحَرَكَةِ اللِّسَانِ عِنْدَ السَّبَبِ وَغَيْرِهِ إذَا قَلَّ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ وَيُمْنَعُ الْكَثِيرُ، أَوْ الْجَهْرُ بِالْيَسِيرِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْمَنْعِ الْكَرَاهَةُ وَقَوْلُهُ (كَتَأْمِينٍ وَتَعَوُّذٍ عِنْدَ السَّبَبِ) تَشْبِيهٌ لَا تَمْثِيلٌ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مُقَيَّدَيْنِ بِالْيَسَارَةِ
(ص) كَحَمْدِ عَاطِسٍ (ش) هُوَ كَقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ عَطَسَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ حَمِدَ اللَّهَ سِرًّا فِي نَفْسِهِ وَلَا يُشَمِّتُهُ غَيْرُهُ وَفَصَلَهُ بِكَافِ التَّشْبِيهِ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَإِنَّ جَوَازَهُ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَقَوْلُهُ سِرًّا قَيْدٌ فِيهِ وَفِيمَا قَبْلَهُ وَيُكْرَهُ جَهْرًا وَبِهِ يُعْلَمُ رَدُّ قَوْلِ الزَّرْقَانِيِّ الْمُنَاسِبُ هُنَا الْوَاوُ مَكَانَ الْكَافِ لِأَنَّ الْحَمْدَ مِنْ الذِّكْرِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُشَبَّهَ بِالْمِثَالِ لِأَنَّ الْمُشَبَّهَ بِالشَّيْءِ غَيْرُ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَالْحَمْدُ مَطْلُوبٌ هُنَا
(ص) وَنَهْيُ خَطِيبٍ، أَوْ أَمْرُهُ (ش)
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَقُولُ: الظَّاهِرُ كَلَامُ عج؛ لِأَنَّ مَا قَالَهُ عب مَوْجُودٌ فِيمَا بَعْدَ الْخُطْبَةِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ الْجَوَازُ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا بَعْدَ الْخُطْبَةِ) وَيَدْخُلُ فِي: " بَعْدَ " وَقْتُ التَّرَضِّي وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْوُ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: بَيْنَ خُطْبَتَيْهِ) وَكَذَا أَوْلَى فِيهِمَا إنْ خَطَبَ جَالِسًا لِعُذْرٍ كَلِغَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى سُنَّةِ قِيَامِهِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: إدَارَةُ. . . إلَخْ) أَيْ جَعْلُ الْجَالِسِ ثَوْبَهُ مُدِيرًا أَيْ مُحِيطًا بِظَهْرِهِ وَرُكْبَتِهِ وَلَا مَفْهُومَ لِثَوْبِهِ بَلْ شَيْءٌ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: ثَوْبَهُ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَا يُسْلَكُ فِي الْعِتْقِ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ نَحْوُ مِلْحَفَةٍ (قَوْلُهُ: وَهِيَ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا ذِكْرٌ) أَيْ قَرِيبًا فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ وَبِخُطْبَتَيْنِ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: لَكِنْ دَلَّ عَلَيْهَا) ، فَالْمَرْجِعُ تَقَدَّمَ مَعْنًى.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ بِمَثَابَةِ رَكْعَتَيْنِ) أَيْ فَفِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَلَامٌ بَعْدَهَا لِلصَّلَاةِ رَدٌّ عَلَى مَنْ يَقُولُ: إنَّ الْخُطْبَةَ بَدَلٌ مِنْ رَكْعَتَيْنِ وَوَجْهُ الرَّدِّ أَنَّ الْخُطْبَةَ لَوْ كَانَتْ بَدَلًا مِنْ رَكْعَتَيْنِ لَمْ يَجُزْ الْكَلَامُ بَعْدَهَا لِلصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْكَلَامُ فِي الصَّلَاةِ وَأَفْهَمَ جَوَازَ الْكَلَامِ فِي حَالِ التَّرَضِّي عَنْ الصَّحْبِ وَالدُّعَاءِ لِلسُّلْطَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَقَعُ بَعْدَ الْخُطْبَةِ.
(قَوْلُهُ: بِلَا إذْنٍ) قَالَ اللَّقَانِيِّ أَيْ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَوْ نَائِبِهِ إنْ كَانَ؛ لِأَنَّ إمَامَ الْمَسْجِدِ لَا يُعْتَبَرُ اهـ.
وَانْظُرْهُ وَفِي شَرْحِ عب خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْخَطِيبِ.
(قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ الْإِقْبَالُ عَلَى الذِّكْرِ) قَالَ عب: وَهَذَا لَيْسَ مِمَّا اسْتَوَى فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ كَمَا يُوهِمُهُ الْمُصَنِّفُ بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ اهـ.
وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ بَلْ هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَرَّرَهُ غَيْرُهُ وَعَلَيْهِ تت فِي كَبِيرِهِ وشب (قَوْلُهُ: أَوْ الْجَهْرُ بِالْيَسِيرِ) وَأَمَّا الْجَهْرُ بِالْكَثِيرِ فَيَحْرُمُ قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْمَنْعِ الْكَرَاهَةُ) مُفَادُ النَّقْلِ حُرْمَةُ الْجَهْرِ اُنْظُرْ مُحَشِّيَ تت (قَوْلُهُ: تَشْبِيهٌ لَا تَمْثِيلٌ) الْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّة كَمَا هُوَ قَاعِدَةُ الْفُقَهَاءِ اعْلَمْ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِ النُّطْقِ بِالذِّكْرِ وَعَدَمِهِ وَاتُّفِقَ عَلَى جَوَازِ النُّطْقِ بِالتَّأْمِينِ وَالتَّعَوُّذِ عِنْدَ السَّبَبِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي صِفَتِهِ مِنْ سِرٍّ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَصُحِّحَ، أَوْ جَهْرٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ قَالَ: يُؤَمِّنُ النَّاسُ وَيَجْهَرُونَ جَهْرًا لَيْسَ بِالْعَالِي، وَالرَّاجِحُ أَنَّ التَّأْمِينَ، وَالتَّعَوُّذَ عِنْدَ السَّبَبِ مُسْتَحَبٌّ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ الْحَطَّابُ مِنْ أَنَّهُ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ بِخِلَافِ الذِّكْرِ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا تَقَدَّمَ.
(تَنْبِيهٌ) : مِثْلُ التَّأْمِينِ التَّصْلِيَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ عِنْدَ سَبَبِ كُلٍّ مِنْ ذِكْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَأَمْرِهِ بِاسْتِغْفَارٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشَمِّتُهُ غَيْرُهُ) أَيْ لَا سِرًّا وَلَا جَهْرًا؛ لِحَقِّ الْخُطْبَةِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ أَيْ نُطْقًا أَيْ لَا يُشَمِّتُ نُطْقًا بَلْ مُشِيرًا وَكَذَا لَا يَرُدُّ السَّلَامَ نُطْقًا بَلْ يَرُدُّ مُشِيرًا بَقِيَ أَنَّ شب قَالَ: وَلَا يُشَمِّتُهُ غَيْرُهُ لِحَقِّ الْخُطْبَةِ أَيْ فَمُفَادُهُ أَنَّ التَّشْمِيتَ حَرَامٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ سُنَّةٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ حَمْدَ الْعَاطِسِ سُنَّةٌ فِي عب الرَّاجِحُ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ وَكَذَا فِي شب إلَّا أَنَّ مُحَشِّيَ تت أَقَرَّ كَلَامَ تت الْحَاكِيَ بِالسُّنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ جَوَازَهُ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ) ، الرَّاجِحُ أَنَّ مَا قَبْلَهُ مِنْ التَّأْمِينِ وَالتَّعَوُّذِ مُسْتَحَبٌّ، وَأَمَّا الْإِقْبَالُ عَلَى الذِّكْرِ فَخِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ جَهْرًا) اُنْظُرْ مَنْ نَصَّ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَأْتِي فِيهِ مَا فِي الذِّكْرِ قَالَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُعْلَمُ) أَيْ بِكَوْنِهِ سُنَّةً لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ عَلَى مَا فِي عب (قَوْلُهُ: رَدُّ قَوْلِ ز. . . إلَخْ) حَاصِلُ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَةِ ز أَنَّ الْكَافَ فِي قَوْلِهِ كَتَأْمِينٍ لِلتَّمْثِيلِ وَالْحَمْدُ مِنْ جُمْلَةِ الذِّكْرِ فَيُعْطَفُ عَلَى مِثَالِ الذِّكْرِ أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُ: كَتَأْمِينٍ؛ لِأَنَّهُ تَمْثِيلٌ لِلذِّكْرِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُشَبِّهَ) أَيْ مِثَالًا مِنْ أَمْثِلَةِ الذِّكْرِ بِمِثَالٍ مِنْ أَمْثِلَتِهِ، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُشَبَّهَ. . . إلَخْ نَقُولُ لَهُ وَالْأَمْرُ هُنَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَمْثِلَةَ لِلشَّيْءِ مُتَغَايِرَةٌ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ الذِّكْرِ مَعَ أَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِهِ (قَوْلُهُ: وَالْحَمْدُ مَطْلُوبٌ) يُسْتَفَادُ مِنْ الشَّيْخِ أَحْمَدَ أَنَّ هَذَا دَفْعٌ لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ