قَالَ فِيهَا وَجَائِزٌ أَنْ يَتَكَلَّمَ الْإِمَامُ فِي خُطْبَتِهِ لِأَمْرٍ أَوْ نَهْيٍ وَلَا يَكُونُ لَاغِيًا، ثُمَّ قَالَ وَمَنْ كَلَّمَهُ الْإِمَامُ فَرَدَّ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَاغِيًا وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَإِجَابَتُهُ أَيْ وَيَجُوزُ لَهُ إجَابَةُ الْخَطِيبِ فَقَوْلُهُ: وَنَهْيُ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ جَازَ لَا بِالْجَرِّ لِئَلَّا يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى تَأْمِينِ الَّذِي الْمُعْتَمَدُ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ الْمُسْتَحَبِّ أَيْ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ أَمْثِلَةِ الذِّكْرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ
(ص) وَكُرِهَ تَرْكُ طُهْرٍ فِيهِمَا (ش) ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ عَائِدٌ عَلَى الْخُطْبَتَيْنِ أَيْ وَكُرِهَ لِلْخَطِيبِ أَنْ يَتْرُكَ الطَّهَارَةَ الصُّغْرَى وَالْكُبْرَى فِي الْخُطْبَتَيْنِ إذْ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِمَا الطَّهَارَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ قُدِّمَ عَلَى الصَّلَاةِ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ فِي الْكُبْرَى مِنْ حَيْثُ الْمُكْثُ بِالْجَنَابَةِ فِي الْمَسْجِدِ ابْنُ يُونُسَ عَنْ سَحْنُونَ إنْ ذَكَرَ فِي الْخُطْبَةِ أَنَّهُ جُنُبٌ نَزَلَ لِلْغُسْلِ وَانْتَظَرُوهُ إنْ قَرُبَ وَبَنَى وَقَالَ غَيْرُهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَتَمَادَى فِي الْخُطْبَةِ وَاسْتَخْلَفَ فِي الصَّلَاةِ أَجْزَأَهُمْ
(ص) وَالْعَمَلُ يَوْمَهَا (ش) أَيْ يُكْرَهُ تَرْكُ الْعَمَلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إذَا تَرَكَهُ تَعْظِيمًا كَمَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْكِتَابِ لِسَبْتِهِمْ وَأَحَدِهِمْ وَأَمَّا تَرْكُهُ لِلِاسْتِرَاحَةِ فَمُبَاحٌ وَتَرْكُهُ لِلِاشْتِغَالِ بِأَمْرِ الْجُمُعَةِ مِنْ تَنْظِيفٍ وَنَحْوِهِ فَحَسَنٌ يُثَابُ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَالْعَمَلِ مَجْرُورٌ بِالْإِضَافَةِ عَطْفًا عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ وَهُوَ طُهْرٌ أَيْ وَكُرِهَ تَرْكُ الْعَمَلِ يَوْمَهَا أَيْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
(ص) وَبَيْعُ كَعَبْدٍ بِسُوقٍ وَقْتَهَا (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَرْفُوعِ وَهُوَ تَرْكُ أَيْ وَكُرِهَ بَيْعُ الْعَبْدِ وَمَنْ هُوَ مِثْلُهُ فِي سُقُوطِ الْجُمُعَةِ عَنْهُ كَالصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ فِي وَقْتِ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ بِالسُّوقِ مَعَ مِثْلِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لِاسْتِبْدَادِهِمْ بِالرِّبْحِ دُونَ السَّاعِينَ فَيَدْخُلُ عَلَيْهِمْ ضَرَرٌ فَمُنِعُوا مِنْهُ لِصَلَاحِ الْعَامَّةِ وَهَذَا إذَا تَبَايَعُوا فِي الْأَسْوَاقِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْأَسْوَاقِ فَجَائِزٌ لِلْعَبِيدِ وَالنِّسَاءِ وَالْمُسَافِرِينَ أَنْ يَتَبَايَعُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَمَفْهُومُ مَعَ مِثْلِهِ الْحُرْمَةُ مَعَ مَنْ تَلْزَمُهُ
(ص) وَتَنَفُّلُ إمَامٍ قَبْلَهَا (ش) هُوَ مَرْفُوعٌ عُطِفَ عَلَى مَا قَبْلَهُ أَيْ وَكُرِهَ تَنَفُّلُ إمَامٍ إذَا جَاءَ وَقَدْ حَانَ وَقْتُ الْخُطْبَةِ وَلْيَرْقَ الْمِنْبَرَ كَمَا يَدْخُلُ إلَّا إنْ بَكَّرَ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَرْكَعَ وَيَجْلِسَ مَعَ النَّاسِ
(ص) أَوْ جَالِسٍ عِنْدَ الْأَذَانِ (ش) هُوَ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى إمَامٍ أَيْ وَكُرِهَ تَنَفُّلُ جَالِسٍ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ الْأَذَانِ الْأَوَّلِ لَهَا قَبْلَ خُرُوجِ الْخَطِيبِ فَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ فِي الْمُحَرَّمَاتِ: وَابْتِدَاءُ صَلَاةٍ بِخُرُوجِهِ، وَكَذَا يُكْرَهُ لِلْجَالِسِ التَّنَفُّلُ وَقْتَ كُلِّ أَذَانٍ لِلصَّلَوَاتِ غَيْرَ الْجُمُعَةِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ فَقَالَ وَيُكْرَهُ قِيَامُ النَّاسِ لِلرُّكُوعِ بَعْدَ فَرَاغِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِنْسَانَ مَشْغُولٌ بِسَمَاعِ الْخُطْبَةِ فَلَا يَحْمَدُ كَالْمُصَلِّي فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَالْحَمْدُ مَطْلُوبٌ هُنَا أَيْ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مَطْلُوبًا فَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ يُنْدَبُ لَهُ تَرْكُ الْحَمْدِ سِرًّا وَجَهْرًا؛ لِأَنَّ مَا هُوَ فِيهِ أَهَمُّ بِالِاشْتِغَالِ وَهُنَا انْتَهَى كَلَامُ ز.
(قَوْلُهُ: وَجَائِزٌ أَنْ يَتَكَلَّمَ الْخَطِيبُ فِي خُطْبَتِهِ لِأَمْرٍ أَوْ نَهْيٍ) أَيْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلَّذِي يُخَطِّي رِقَابَ النَّاسِ: «اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْت» (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ لَاغِيًا) أَيْ الْمُجِيبُ أَيْ لَا يَكُونُ مُتَكَلِّمًا بِكَلَامٍ سَاقِطٍ بَاطِلٍ أَيْ؛ لِأَنَّ إجَابَتَهُ مَطْلُوبَةٌ أَيْ يَجُوزُ إجَابَةُ الْإِمَامِ فِيمَا لِلْإِمَامِ التَّكَلُّمُ فِيهِ أَيْ وَجَازَ لِمَنْ كَلَّمَهُ الْخَطِيبُ فِي أَمْرٍ أَوْ نَهْيٍ إجَابَتُهُ فَإِجَابَتُهُ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ وَإِذَا وَقَفَ الْخَطِيبُ فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَحَدٌ؛ لِأَنَّهُ إجَابَةٌ لِلْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ الْكَلَامَ (قَوْلُهُ: الَّذِي الْمُعْتَمَدُ فِيهِ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ. . . إلَخْ) هَذَا هُوَ الَّذِي نَبَّهْنَا عَلَيْهِ سَابِقًا وَقَوْلُهُ أَيْ فَيَقْتَضِي. . . إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ الْكَافَ الدَّاخِلَةَ عَلَى تَأْمِينٍ لِلتَّمْثِيلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ لِلتَّشْبِيهِ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: نَزَلَ لِلْغُسْلِ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ وَانْتَظَرُوهُ إنْ قَرُبَ) اُنْظُرْ هَلْ الْقُرْبُ يُحَدُّ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَالْقُرْبُ قَدْرُ أُولَتَيْ الرُّبَاعِيَّةِ وَقِرَاءَتِهِمَا، وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: وَتَمَادَى) أَيْ مُرْتَكِبًا لِلْحُرْمَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ الْكَرَاهَةُ لِجِهَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ: إذَا تَرَكَهُ تَعْظِيمًا) أَيْ لِلْيَوْمِ (قَوْلُهُ: لِسَبْتِهِمْ) أَيْ الْيَهُودِ (وَقَوْلُهُ: وَأَحَدِهِمْ) أَيْ النَّصَارَى ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ (كَلَامَ) الْمُصَنِّفِ فِي تَرْكِ الْعَمَلِ، وَأَمَّا الْعَمَلُ فَمِنْهُ مَا هُوَ مَنْدُوبٌ وَهُوَ الْعَمَلُ فِي وَظَائِفِ الْجُمُعَةِ وَاشْتِغَالُهُ بِالْعِلْمِ فِيمَا زَادَ عَلَى مَا يَعْمَلُ فِيهِ وَظَائِفَ الْجُمُعَةِ وَمِنْهُ مَا هُوَ مَكْرُوهٌ وَهُوَ الْعَمَلُ الَّذِي يَشْغَلُهُ عَنْ وَظَائِفِ الْجُمُعَةِ وَمِنْهُ مَا هُوَ جَائِزٌ وَهُوَ الْعَمَلُ الَّذِي تَرْكُهُ جَائِزٌ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ) أَيْ كَتَطَيُّبٍ.
(قَوْلُهُ: فِي وَقْتِ الْخُطْبَةِ) وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا بِجُلُوسِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: فَيَدْخُلُ عَلَيْهِمْ الضَّرَرُ) وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُقْتَضِيًا لِلْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ: الْحُرْمَةُ مَعَ مَنْ تَلْزَمُهُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ أَشْغَلَ مَنْ تَلْزَمُهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا تَبَايَعَ اثْنَانِ مِمَّنْ تَلْزَمُهُمَا الْجُمُعَةُ أَوْ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْبَيْعَ يُفْسَخُ وَإِنْ كَانَا مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُمَا الْجُمُعَةُ لَمْ يُفْسَخْ فَعَدَمُ فَسْخِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ حَرَامٍ ك.
(تَنْبِيهٌ) : قَالَ مُحَشِّي تت: اُنْظُرْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْكَرَاهَةِ فِي كَالْعَبْدِ مَعَ قَوْلِهَا وَإِذَا قَعَدَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ حَرُمَ الْبَيْعُ وَمُنِعَ مِنْهُ مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ فَقَالَ الْوَانُّوغِيُّ قَيَّدَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ بِمَا إذَا كَانَ فِي الْأَسْوَاقِ وَيَجُوزُ فِي غَيْرِ الْأَسْوَاقِ لِمَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَيَمْتَنِعُ فِي الْأَسْوَاقِ لِلْعَبِيدِ وَغَيْرِهِمْ وَإِلَيْهِ أَشَارَ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ: سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُرْفَعُ الْأَسْوَاقُ حِينَئِذٍ ابْنُ رُشْدٍ يَمْنَعُ تَبَايُعَ مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ لَهَا وَيَجُوزُ لَهُمْ بِغَيْرِهَا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ حَانَ وَقْتُ الْخُطْبَةِ) أَيْ وَالْجَمَاعَةُ حَاضِرُونَ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ بَكَّرَ قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ أَوْ جَاءَ وَقْتُ الْخُطْبَةِ إلَّا أَنَّ الْجَمَاعَةَ لَمْ تَحْضُرْ (قَوْلُهُ فَلَا بَأْسَ. . . إلَخْ) لَا بَأْسَ لِمَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ التَّحِيَّةُ (قَوْلُهُ: الْوَقَارُ) بِفَتْحَةٍ فَوْقَ الْقَافِ بِدُونِ تَشْدِيدٍ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي يَحْيَى الْوَقَارُ وَلَهُ مُخْتَصَرَانِ فِي الْفِقْهِ الْكَبِيرِ مِنْهُمَا فِي سَبْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا تَفَقَّهَ بِأَبِيهِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ قِيَامُ النَّاسِ لِلرُّكُوعِ) قَالَ عج، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَنْتَهِي بِفِعْلِ الصَّلَاةِ الَّتِي أَذَّنَ لَهَا أَوْ بِخُرُوجِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ بِوُضُوئِهِ بِهِ وَلَوْ تَجْدِيدًا اهـ.