صَلَاتِهِمْ فَلَوْ فَسَدَتْ صَلَاةُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَوْ بَعْدَ مَا سَلَّمَ الْإِمَامُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاتُهُمْ، وَمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِيَّةِ أَوَّلُ جُمُعَةٍ تُقَامُ مُطَابِقٌ لِمَا فَهِمَهُ فِي تَوْضِيحِهِ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَرَّرَ بَعْضٌ الْأَوَّلِيَّةَ عَلَى أَوَّلِيَّةِ إحْرَامِهَا وَالدُّخُولِ فِيهَا أَيْ تُشْتَرَطُ الْجَمَاعَةُ الَّتِي تَتَقَرَّى بِهِمْ الْقَرْيَةُ أَوَّلًا أَيْ عِنْدَ الدُّخُولِ فِيهَا لَا دَوَامًا فَلَوْ تَفَرَّقُوا عَنْهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ أَتَمَّهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ وَقَالَ ح وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ خِلَافُ ذَلِكَ كُلِّهِ وَأَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ أَنَّ الْجَمَاعَةَ الَّتِي تَتَقَرَّى بِهِمْ الْقَرْيَةُ شَرْطٌ فِي وُجُوبِ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ وَفِي صِحَّتِهَا فِي كُلِّ مَسْجِدٍ فَمَتَى وُجِدَتْ الْجَمَاعَةُ الْمَذْكُورَةُ بِالْقَرْيَةِ وَجَبَتْ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ وَصَحَّتْ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ مِنْهُمْ إلَّا اثْنَا عَشَرَ وَالْإِمَامُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُولَى وَغَيْرِهَا فِي ذَلِكَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ الثَّلَاثَةِ اُنْظُرْ شَرْحَنَا الْكَبِيرَ
(ص) بِإِمَامٍ مُقِيمٍ (ش) هَذَا حَالٌ مِنْ جَمَاعَةٍ، أَوْ مِنْ قَوْلِهِ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَالْمُرَادُ بِالْإِقَامَةِ الْمُقَابِلَةُ لِلسَّفَرِ فَيَصِحُّ أَنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُ مُسْتَوْطِنٍ مِمَّنْ نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ إذْ كُلُّ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ تَصِحُّ إمَامَتُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى بِإِمَامٍ مُقِيمٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَوَطِّنًا فَتَصِحُّ إمَامَةُ الْمُسَافِرِ فِي الْجُمُعَةِ بِمَحَلٍّ نَوَى بِهِ إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ وَكَذَا الْخَارِجِ مِنْ قَرْيَةِ الْجُمُعَةِ عَلَى كَفَرْسَخٍ، وَأَمَّا الْخَارِجُ مِنْهَا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ كَفَرْسَخٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُسَافِرِ عَلَى مَا عَلَيْهِ ابْنُ عَلَاقٍ وَالشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ وَفِي حَاشِيَةِ الطَّرَابُلُسِيِّ لَا تَصِحُّ إمَامَةُ غَيْرِ الْمُتَوَطِّنِ بِقَرْيَةِ الْجُمُعَةِ فِي الْجُمُعَةِ
(ص) إلَّا الْخَلِيفَةَ يَمُرُّ بِقَرْيَةِ جُمُعَةٍ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَبِغَيْرِهَا تَفْسُدُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ مَفْهُومِ الْوَصْفِ أَيْ فَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ الْمُسَافِرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُسَافِرُ خَلِيفَةً وَهُوَ مُسَاوٍ لِقَوْلِ غَيْرِهِ إلَّا الْإِمَامَ وَعِبَارَةُ الْأُمِّ تَقْتَضِي تَعْمِيمَ ذَلِكَ فِي كُلِّ أَمِيرٍ يَمُرُّ بِقَرْيَةِ جُمُعَةٍ مِنْ قُرَى عَمَلِهِ تَوَفَّرَتْ الشُّرُوطُ فِي أَهْلِهَا فَلْيَجْمَعْ بِهِمْ أَمَّا لَوْ مَرَّ بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَى عَمَلِهِ لَمْ تَتَوَفَّرْ الشُّرُوطُ فِي أَهْلِهَا فَصَلَّى بِهِمْ الْجُمُعَةَ جَهْلًا فَإِنَّهَا تَبْطُلُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَالْمُرَادُ بِالْخَلِيفَةِ مَنْ لَهُ الْحُكْمُ وَالصَّلَاةُ وَأَمَّا الْقُضَاةُ الْآنَ فَلَيْسَ لَهُمْ نِيَابَةٌ فِي الصَّلَاةِ فَيُخْطَبُ بِحَضْرَتِهِمْ
(ص) وَبِكَوْنِهِ الْخَاطِبَ إلَّا لِعُذْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُصَلِّيَ غَيْرُ مَنْ خَطَبَ إلَّا إنْ حَصَلَ لِلْخَاطِبِ عُذْرٌ مِنْ مَرَضٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَوْ فَسَدَتْ صَلَاةُ. . . إلَخْ) أَيْ وَلَا يَضُرُّ رُعَافٌ بِنَاءً لِأَحَدِهِمْ لِعَدَمِ خُرُوجِهِ مِنْ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَوَّلِيَّةِ إحْرَامِهَا وَالدُّخُولِ فِيهَا. . . إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ ابْتِدَاءِ إقَامَتِهَا فِي الْبَلَدِ بَلْ أَوَّلَ الشُّرُوعِ فِيهَا كُلَّ جُمُعَةٍ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ عِنْدَ الْإِحْرَامِ مِنْ حُضُورِ كُلِّ مَنْ تَتَقَرَّى بِهِ وَلَوْ حَصَلَ انْفِضَاضُ بَعْضِهِمْ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَبْقَ مَعَ الْإِمَامِ إلَّا اثْنَا عَشَرَ فَيَصِحُّ (قَوْلُهُ: وَقَالَ ح وَاَلَّذِي يَظْهَرُ. . . إلَخْ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: فَمَتَى وُجِدَتْ الْجَمَاعَةُ الْمَذْكُورَةُ صَحَّ بِالْقَرْيَةِ) لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأُولَى وَغَيْرِهَا فَلَوْ كَانَ فِي الْقَرْيَةِ جَمَاعَةٌ تَتَقَرَّى بِهِمْ قَرْيَةٌ ثُمَّ سَافَرَ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ مَنْ تَتَقَرَّى بِهِمْ قَرْيَةٌ فَإِنْ سَافَرُوا بِنِيَّةِ الِانْتِقَالِ سَقَطَتْ الْجُمُعَةُ عَنْ الْبَاقِينَ، وَإِنْ سَافَرُوا بِمَوْضِعٍ قَرِيبٍ بِنِيَّةِ الْعَوْدِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجُمُعَةَ تَجِبُ عَلَى الْبَاقِينَ أَيْ حَيْثُ كَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ وَالْإِمَامَ وَكَذَلِكَ إنْ كَانُوا دُونَ ذَلِكَ وَجَاءَ مَنْ خَرَجَ بِنِيَّةِ الْعَوْدِ مَا يَكْمُلُ بِهِ الْعِدَّةُ الْمَطْلُوبَةُ وَلَوْ جَاءَ عَلَى الْعَوْدِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَرِيبِ مَنْ يَحْصُلُ لَهُمْ بِهِمْ الِاسْتِعَانَةُ حَيْثُ اسْتَعَانُوا بِهِمْ وَيَحْصُلُ بِهِمْ كَفُّ الْأَذَى مِمَّنْ يُرِيدُهُمْ رَهْبَةً مِمَّنْ بِالْمَحَلِّ الْقَرِيبِ أَفَادَهُ عج (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُ. . . إلَخْ) فَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى الْأَوَّلِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ الْجُمُعَةُ غَيْرَ الْأُولَى وَعَلَى الثَّانِي بِأَنْ تَفَرَّقُوا بَعْدَ الْإِحْرَامِ، وَأَمَّا عَلَى الثَّالِثِ فَتُحْمَلُ الْأَوَّلِيَّةُ فِي كَلَامِهِ عَلَى أَوَّلِيَّةِ إقَامَتِهَا وَوُجُوبُهَا عَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ وَخِطَابُهُمْ بِهَا أَيْ شَرْطُ خِطَابِهِمْ بِهَا أَوَّلَ أَمْرِهِمْ كَوْنُهُمْ مِمَّنْ تَتَقَرَّى بِهِمْ الْقَرْيَةُ وَلَيْسَ ذَلِكَ شَرْطًا فِي حَاضِرِهَا فَمَعْنَى: وَإِلَّا عَلَيْهِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَالْخِطَابِ بَلْ وَقْتَ الْحُضُورِ فَتَجُوزُ بِاثْنَيْ عَشَرَ.
(قَوْلُهُ بِإِمَامٍ مُقِيمٍ) وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ فِي الْإِمَامِ الْإِقَامَةُ وَلَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ الِاسْتِيطَانُ كَمَا اُشْتُرِطَ فِي جَمَاعَتِهَا؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الْخَلِيفَةِ وَهُوَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِقَامَةُ (قَوْلُهُ: بِمَحَلٍّ نَوَى إلَخْ) أَيْ نَوَى لَا لِأَجْلِ الْخُطْبَةِ فَقَطْ فَتَصِحُّ وَلَوْ سَافَرَ مِنْ غَيْرِ طُرُوِّ عُذْرٍ بَعْدَهَا أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ لِأَجْلِ الْخُطْبَةِ (قَوْلُهُ إلَّا الْخَلِيفَةَ) أَيْ الْمُسَافِرَ يَمُرُّ بِقَرْيَةِ جُمُعَةٍ مِنْ قُرَى عَمَلِهِ قَبْلَ صَلَاتِهِمْ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا قَدِمَ بَعْدَهَا فِي الْوَقْتِ فَلَا يُقِيمُهَا عَلَى الْأَصَحِّ فَلَوْ حَضَرُوا لَوْ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْإِحْرَامِ بَلْ وَلَوْ بَعْدَ عَقْدِ رَكْعَةٍ تَبْطُلُ وَيُصَلِّي هُوَ أَوْ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ وَقِيلَ تَصِحُّ بَعْدَ عَقْدِ رَكْعَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي ك (قَوْلُهُ وَعِبَارَةُ الْأُمِّ تَقْتَضِي. . . إلَخْ) ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْإِمَامَ نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَقَالَ لَا جُمُعَةَ عَلَى الْإِمَامِ الْمُسَافِرِ إلَّا أَنْ يَمُرَّ بِمَدِينَةٍ فِي عَمَلِهِ أَوْ بِقَرْيَةٍ تُجْمَعُ فِيهَا الْجُمُعَةُ فَيَجْمَعُ بِأَهْلِهَا وَمَنْ مَعَهُ مِنْ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ إذَا وَافَقَ الْجُمُعَةَ لَمْ يَنْبَغِ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا خَلْفَ عَامِلِهِ اهـ.
فَهِيَ مُسَاوِيَةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا الْخَلِيفَةُ فَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ الِاعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فَلَا يَظْهَرُ لِمَا عَلِمْتَ مِنْ الْمُسَاوَاةِ وَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ غَيْرَهُ فَلَمْ يَتَبَيَّنْ وَأَيْضًا قَوْلُهُ: فِي كُلِّ أَمِيرٍ لَا يَظْهَرُ مَعَ كَوْنِهَا فِي الْخَلِيفَةِ الَّذِي هُوَ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: فَلْيَجْمَعْ بِهِمْ) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْخَلِيفَةِ. . . إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْخَلِيفَةِ السُّلْطَانَ الْأَعْظَمَ بَلْ كُلَّ حَاكِمٍ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْآنَ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْحَاكِمَ الْآنَ كَالْقَاضِي لَيْسَ لَهُ الْحُكْمُ وَالصَّلَاةُ مِنْ السُّلْطَانِ بَلْ مَا جَعَلَ لَهُمْ السُّلْطَانُ إلَّا الْحُكْمَ فَقَطْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ وَالْمُرَادُ. . . إلَخْ إنَّمَا يَكُونُ فِي نَحْوِ الْقَاضِي وَالْبَاشَا وَأَمَّا السُّلْطَانُ فَمِنْ الْمَعْلُومِ قَطْعًا أَنَّ لَهُ الْحُكْمَ وَالصَّلَاةَ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ.
(قَوْلُهُ: وَبِكَوْنِهِ الْخَاطِبَ) وَصْفٌ ثَانٍ لِإِمَامٍ أَيْ إمَامٍ مُقِيمٍ مَوْصُوفٍ بِكَوْنِهِ الْخَاطِبَ (قَوْلُهُ: لِعُذْرٍ) أَيْ حَصَلَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْخُطْبَةِ أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ احْتِرَازًا مِنْ عُذْرٍ حَصَلَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا فَيَنْتَظِرُ إلَى أَنْ يَبْقَى لِدُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ قَدْرُ مَا يُدْرِكُونَهَا جُمُعَةً إنْ قَدَرُوا عَلَى الْجَمْعِ دُونَهُ وَإِلَى مَا يَبْقَى مِقْدَارُ مَا يُصَلُّونَ بِهِ الظُّهْرَ إنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الْجَمْعِ دُونَهُ وَيُصَلُّونَ الظُّهْرَ أَفْذَاذًا