لِخُصُوصِهَا وَتُعَطَّلُ الْخَمْسُ بِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ سَمِعْت أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الصَّفُّ دَائِمًا فِيهِ إلَّا أَنْ تُزِيلَهُ الْأَعْذَارُ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا اهـ. قَالَ بَعْضٌ وَسَكَتَ غَيْرُهُ عَنْ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فَلَوْ كَانَ مُعْتَبَرًا لَنَبَّهُوا عَلَيْهِ فَنَزَّلَ الْمُؤَلِّفُ ذَلِكَ مِنْهُمْ مَنْزِلَةَ تَصْرِيحِهِمْ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ فَصَحَّ قَوْلُهُ (تَرَدُّدٌ) لِهَؤُلَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ ذَكَرَ سَنَدٌ عَنْ الْمُخْتَصَرِ مَا يُوَافِقُهُ فَقَوْلُ ابْنِ غَازِيٍّ لَا أَعْرِفُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ لِغَيْرِهِ فِيهِ نَظَرٌ

(ص) وَصَحَّتْ بِرَحْبَتِهِ وَطُرُقٍ بِهِ مُتَّصِلَةٍ إنْ ضَاقَ، أَوْ اتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ لَا انْتَفَيَا (ش) أَيْ وَصَحَّتْ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ لِلْمُقْتَدِي فِي رِحَابِ الْجَامِعِ وَطُرُقِهِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ أَيْ الَّتِي لَمْ يَحُلْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَرْضِهِ غَيْرُهُ وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ الْمَذْكُورَةِ إنْ ضَاقَ الْجَامِعُ اتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ أَمْ لَا أَوْ اتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ مِنْ غَيْرِ ضِيقٍ وَالْمُرَادُ بِالرِّحَابِ مَا زِيدَ خَارِجَ مُحِيطِهِ لِتَوْسِعَتِهِ كَالسِّنَانِيَّةِ بِبُولَاقَ وَلَا رَحْبَةَ لِلْجَامِعِ الْأَزْهَرِ لِأَنَّ مَا زِيدَ خَارِجَ بَابِهِ الْكَبِيرِ إنَّمَا هُوَ لِمَنْعِ الدَّوَابِّ لَا لِتَوْسِعَتِهِ فَهُوَ مِنْ الطُّرُقِ فَإِنْ انْتَفَى الضِّيقُ وَالِاتِّصَالُ فَلَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا

(ص) كَبَيْتِ الْقَنَادِيلِ وَسَطْحِهِ وَدَارٍ وَحَانُوتٍ (ش) أَيْ أَنَّ مَنْ صَلَّى فِي بَيْتِ الْقَنَادِيلِ لَا تَصِحُّ لَهُ جُمُعَةٌ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ الضِّيقِ وَكَذَا لَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ وَكَذَا لَا تَصِحُّ فِي الدَّارِ وَالْحَانُوتِ بِالطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ الْمَحْجُورِينَ وَلَوْ أَذِنَ أَهْلُهُمَا وَأَمَّا الْحَوَانِيتُ وَالدُّورُ الَّتِي تُدْخَلُ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ فَحُكْمُهَا حُكْمُ رِحَابِ الْمَسْجِدِ وَالطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ هَكَذَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ

(ص) وَبِجَمَاعَةٍ تَتَقَرَّى بِهِمْ قَرْيَةٌ أَوْ لَا بِلَا حَدٍّ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَبِجَامِعٍ وَالْبَاءُ فِيهِ تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلْمَعِيَّةِ أَيْ وَشَرْطُ الْجُمُعَةِ وُقُوعُهَا فِي الْجَامِعِ مَعَ جَمَاعَةٍ وَتَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلظَّرْفِيَّةِ أَيْ شَرْطُهَا أَنْ تَكُونَ فِي جَامِعٍ وَجَمَاعَةٍ تَسْتَغْنِي وَتَأْمَنُ بِهِمْ قَرْيَةٌ بِأَنْ يُمْكِنَهُمْ الثَّوَى بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ الْإِقَامَةُ فِيهَا صَيْفًا وَشِتَاءً وَالدَّفْعُ عَنْ أَنْفُسِهِمْ فِي الْأُمُورِ الْكَثِيرَةِ لَا النَّادِرَةِ وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْجِهَاتِ مِنْ كَثْرَةِ الْخَوْفِ وَالْفِتَنِ وَقِلَّتِهَا بِلَا حَدٍّ مَحْصُورٍ مِنْ خَمْسِينَ أَوْ ثَلَاثِينَ أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ، أَوْ عَشَرَةٍ كَمَا قِيلَ بِكُلٍّ مِنْهَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الِاثْنَيْ عَشَرَ لَا تَتَقَرَّى بِهِمْ قَرْيَةٌ اهـ. فَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ بِلَا حَدٍّ أَيْ فِيمَا بَعْدَ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَاشْتِرَاطُ حُضُورِ الْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورَةِ إنَّمَا هُوَ فِي الْجُمُعَةِ الْأُولَى وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا لَا فِي كُلِّ جُمُعَةٍ بَلْ تَجُوزُ فِيمَا بَعْدَهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ

(ص) وَإِلَّا فَتَجُوزُ بِاثْنَيْ عَشَرَ بَاقِينَ لِسَلَامِهَا (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْجُمُعَةَ الْأُولَى بَلْ كَانَتْ غَيْرَهَا فَيَجُوزُ ابْتِدَاؤُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا أَحْرَارٍ ذُكُورٍ مُتَوَطِّنِينَ غَيْرِ الْإِمَامِ بَاقِينَ لِسَلَامِهَا أَيْ مَعَ صِحَّةِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَعَلَّهُ مِثْلُهُ وَانْظُرْ فِي ذَلِكَ قَالَهُ فِي ك، غَيْرَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ فِيمَا يُتَّخَذُ لِخُصُوصِهَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ جِنْسُ الْخَمْسِ الْمُتَحَقِّقُ فِي وَاحِدٍ وَأَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ لَا يُمْنَعُ إلَّا فِيمَا اُتُّخِذَ لِخُصُوصِ الْجُمُعَةِ وَيَكُونُ قَوْلُ الشَّارِحِ: وَتُعَطَّلُ الْخَمْسُ أَيْ كُلُّ خَمْسٍ فَعَلَى ذَلِكَ لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ يُصَلِّي فِيهِ صَلَاةً وَاحِدَةً مِنْ الْخَمْسِ فَتَكُونُ صَحِيحَةً بِاتِّفَاقٍ فَيُحَرَّرُ النَّقْلُ (قَوْلُهُ: مَنْزِلَةَ تَصْرِيحِهِمْ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْ أَنَّ الْقَوْلَ بِاشْتِرَاطِ إقَامَةِ الْخَمْسِ ضَعِيفٌ.

(قَوْلُهُ: وَصَحَّتْ بِرَحْبَتِهِ) أَيْ لِمُقْتَدٍ لَا لِإِمَامٍ فَلَا تَصِحُّ لَهُ وَلَا لَهُمْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَالْخُطْبَةِ لَيْسَ إلَّا الْمَسْجِدَ وَلَوْ مَعَ الضِّيقِ أَوْ اتِّصَالِ الصُّفُوفِ (قَوْلُهُ: مُتَّصِلَةٌ) أَيْ لَمْ يَحُلْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَرْضِهِ غَيْرُهُ وَلَوْ فِيهَا أَرْوَاثُ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالُهَا وَمِثْلُهُ الْمَدَارِسُ الَّتِي حَوْلَ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ بِالْقَاهِرَةِ قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ فَصَلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الطُّرُقِ حَوَانِيتُ كَالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ بِمِصْرَ مِنْ نَاحِيَةِ بَابَيْ الْمَغَارِبَةِ وَالْمَقْصُورَةِ لَا تَصِحُّ فِيهَا الْجُمُعَةُ وَبَعْضُ الشُّرَّاحِ نَظَرَ فِيهَا، نَعَمْ إذَا صَلَّى فِي نَفْسِ مَصَاطِبِ الْحَوَانِيتِ جَازَ (قَوْلُهُ: إنْ ضَاقَ. . . إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الضِّيقَ يَسْتَلْزِمُ اتِّصَالَ الصُّفُوفِ، وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْتُ اللَّقَانِيِّ قَالَ مَا نَصُّهُ وَتَصَوُّرُ ضِيقِ الْمَسْجِدِ مَعَ عَدَمِ اتِّصَالِ الصُّفُوفِ لَا يُعْقَلُ وَمَعْنَى اتِّصَالِ الصُّفُوفِ أَنْ يَكُونَ صَفًّا يَلِي صَفًّا وَقَالَ الْبَدْرُ وَالْمُرَادُ اتِّصَالُهَا مِنْ الْمَشْرِقِ إلَى الْمَغْرِبِ لَا مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ وَتَأَمَّلْ.

وَقَالَ عج وَالْمُرَادُ اتِّصَالُهَا بِرَحْبَتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ اتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ) أَيْ اتِّصَالًا مُعْتَادًا أَوْ كَالْمُعْتَادِ قَالَهُ الزَّرْقَانِيُّ (قَوْلُهُ: لَمْ تَصِحَّ الْجُمُعَةُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا) هَذَا ضَعِيفٌ فَفِي الْمَوَّاقِ وَابْنِ رُشْدٍ ظَاهِرُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ فِي الطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ مَعَ انْتِفَاءِ الضِّيقِ وَالِاتِّصَالِ وَلَكِنَّهُ أَسَاءَ (قَوْلُهُ: كَبَيْتِ الْقَنَادِيلِ) وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ بَيْتٌ بُسْطُهُ وَسِقَايَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مَحُوزٌ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ الضِّيقِ وَنَظَرَ فِيهِ صَاحِبُ الطِّرَازِ بِأَنَّ أَصْلَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَإِنَّمَا قُصِرَ عَلَى بَعْضِ مَصَالِحِهِ (قَوْلُهُ: لَا تَصِحُّ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ) سَوَاءٌ ضَاقَ أَوْ لَا كَانَ الْمُؤَذِّنَ أَوْ غَيْرَهُ وَيُفْهَمُ مِنْهُ صِحَّتُهَا بِدَكَّةِ الْمُبَلِّغِينَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ السَّطْحِ وَالطُّرُقِ أَنَّ الطُّرُقَ الْمُتَّصِلَةِ مُتَّصِلَةٌ بِأَرْضِهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ عَشْرَةٍ) يَقْتَضِي أَنَّهَا تَصِحُّ فِي الْعَشَرَةِ إذَا تَقَرَّتْ بِهِمْ قَرْيَةٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الِاثْنَيْ عَشَرَ. . . إلَخْ) أَيْ أَفْهَمَ مِنْ كَوْنِهِ جَعَلَ الِاثْنَيْ عَشَرَ كَافِيَةً فِي غَيْرِ الْأُولَى فَيَقْتَضِي أَنَّ الِاثْنَيْ عَشَرَ لَا تَكْفِي فِي الْأُولَى (أَقُولُ) : وَلَا يَخْفَى مُنَافَاةُ هَذَا لِقَوْلِهِ أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ أَوْ عَشْرَةً كَمَا قِيلَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِدْرَاكِ كَأَنْ يَقُولُ لَكِنَّ كَلَامَهُ فِيمَا بَعْدُ يُفْهِمُ أَنَّ الِاثْنَيْ عَشَرَ. . . إلَخْ ثُمَّ أَقُولُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الثَّلَاثَةَ عَشَرَ تَتَقَرَّى بِهِمْ قَرْيَةٌ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَالثَّلَاثَةَ عَشَرَ، عَلَى أَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا بُدَّ مِمَّنْ تَتَقَرَّى بِهِمْ الْقَرْيَةُ اثْنَيْ عَشَرَ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ جَمَاعَةٍ عَظِيمَةٍ؛ لِأَنَّهُمْ هُمْ الَّذِينَ يُمْكِنُهُمْ الثَّوَى فِي الْأَمْنِ وَالْخَوْفِ اهـ. (قَوْلُهُ: فَتَجُوزُ بِاثْنَيْ عَشَرَ) أَحْرَارًا ذُكُورًا مُتَوَطِّنِينَ بِهَا مَالِكِيِّينَ أَوْ حَنَفِيِّينَ، كَشَافِعِيِّينَ قَلَّدُوا وَاحِدًا مِنْهُمَا فِيمَا ذُكِرَ لَا إنْ لَمْ يُقَلِّدُوا فَلَا تَصِحُّ جُمُعَةُ الْمَالِكِيِّ بِاثْنَيْ عَشَرَ شَافِعِيِّينَ لَمْ يُقَلِّدُوا؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهَا عِنْدَهُمْ أَرْبَعُونَ يَحْفَظُونَ الْفَاتِحَةَ بِشَدَّاتِهَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015