بَاطِلَةٌ لِأَهْلِ الْجَدِيدِ وَهُوَ مَا حَصَلَ بِهِ التَّعَدُّدُ وَإِنْ صَلَّى فِيهِ الْإِمَامُ، وَأَمَّا لَوْ أُقِيمَتْ فِي الْجَدِيدِ وَحْدَهُ صَحَّتْ وَالْمُرَادُ بِالْأَقْدَمِ مَا أُقِيمَتْ فِيهِ الْجُمُعَةُ أَوَّلًا فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ وَإِنْ تَأَخَّرَ بِنَاؤُهُ عَنْ بِنَاءِ غَيْرِهِ وَإِذَا ثَبَتَ كَوْنُهُ عَتِيقًا بِالْجُمُعَةِ الْأُولَى، ثُمَّ تَأَخَّرَ أَدَاءُ الصَّلَاةِ فِيهِ عَنْ غَيْرِهِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ الْأُولَى فَلَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ عَتِيقًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ تَأَخَّرَ أَدَاءً) أَيْ وَإِنْ تَأَخَّرَ أَدَاءً عَنْ الْجَدِيدِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ الْأُولَى الَّتِي أَثْبَتَتْ لَهُ كَوْنَهُ عَتِيقًا وَأَحْرَى إنْ سَبَقَهُ، أَوْ سَاوَاهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَصِحُّ إلَّا بِالْجَامِعِ الْعَتِيقِ حَتَّى لَوْ تُرِكَتْ إقَامَتُهَا بِهِ وَأُقِيمَتْ بِالْجَدِيدِ وَحْدَهُ لَمْ تَصِحَّ فَإِنَّ هَذَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ بَلْ هِيَ صَحِيحَةٌ وَلَوْ أُنْشِئَ جَامِعَانِ فِي قَرْيَةٍ وَأُقِيمَتْ فِيهِمَا الْجُمُعَةُ فَالْجُمُعَةُ لِمَنْ صَلَّى فِيهِ بِتَوْلِيَةِ السُّلْطَانِ، أَوْ نَائِبِهِ وَإِلَّا فَالسَّابِقُ بِالْإِحْرَامِ إنْ عَلِمَ فَإِنْ أَحْرَمَا مَعًا حُكِمَ بِفَسَادِهِمَا وَأَعَادُوا جُمُعَةً لِبَقَاءِ وَقْتِهَا وَلَا تَجْزِيهِمْ ظُهْرًا مَعَ بَقَاءِ وَقْتِهَا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ السَّابِقُ حُكِمَ بِفَسَادِهِمَا أَيْضًا كَذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ
(ص) لَا ذِي بِنَاءٍ خَفَّ (ش) هَذَا مُحْتَرَزُ الصِّفَةِ الْمُقَدَّرَةِ أَيْ مَبْنِيٌّ بِنَاءً مُعْتَادًا لَا ذِي بِنَاءٍ خَفَّ وَلَوْ كَانَ الْبِنَاءُ مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ وَكَلَامُ ز حَيْثُ قَالَ لَا ذِي بِنَاءٍ خَفَّ أَيْ كَمَا إذَا بُنِيَ فِي الْمَسْجِدِ حَائِطٌ مَثَلًا اهـ. لَيْسَ شَرْطًا
(ص) وَفِي اشْتِرَاطِ سَقْفِهِ (ش) أَيْ وَقَعَ تَرَدُّدٌ فِيمَا إذَا هُدِمَ سَقْفُ الْمَسْجِدِ هَلْ تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ أَمْ لَا فَالْمَعْنَى وَفِي اشْتِرَاطِ دَوَامِ سَقْفِهِ هَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ مَنْ أَشَارَ إلَيْهِ بِالتَّرَدُّدِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ بَنَى مِنْ غَيْرِ سَقْفٍ لَمْ تَصِحَّ فِيهِ بِلَا نِزَاعٍ اُنْظُرْ السَّنْهُورِيَّ وَقَدْ اسْتَظْهَرَ الْحَطَّابُ عَدَمَ اشْتِرَاطِ السَّقْفِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا
(ص) وَقَصْدِ تَأْبِيدِهَا بِهِ (ش) أَيْ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي اُبْتُدِئَتْ فِيهِ، أَوْ نُقِلَتْ إلَيْهِ الْعَزْمُ عَلَى إيقَاعِ الْجُمُعَةِ فِيهِ عَلَى التَّأْبِيدِ أَمْ لَا فَذَهَبَ الْبَاجِيُّ إلَى أَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ وَأَنَّهُ لَوْ أَصَابَهُمْ مَا يَمْنَعُهُمْ مِنْ الْجَامِعِ لِعُذْرٍ بِهِمْ لَمْ تَصِحَّ لَهُمْ جُمُعَةٌ فِي غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ لَهُ الْإِمَامُ بِحُكْمِ الْجَامِعِ وَتَنْتَقِلَ الْجُمُعَةُ إلَيْهِ وَوَافَقَهُ ابْنُ رُشْدٍ مَرَّةً فِي بَعْضِ كُتُبِهِ وَخَالَفَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ وَقَدْ أُقِيمَتْ الْجُمُعَةُ بِقُرْطُبَةَ فِي مَسْجِدِ أَبِي عُثْمَانَ دُونَ أَنْ تُنْقَلَ إلَيْهِ الْجُمُعَةُ عَلَى التَّأْبِيدِ وَالْعُلَمَاءُ مُتَوَافِرُونَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ قَالَ وَلَوْ نَقَلَ الْإِمَامُ الْجُمُعَةَ فِي جُمُعَةٍ مِنْ الْجُمَعِ مِنْ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ إلَى مَسْجِدٍ مِنْ الْمَسَاجِدِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَكَانَتْ الصَّلَاةُ مُجْزِئَةً وَنَقَلَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ حَيْثُ نُقِلَتْ الْجُمُعَةُ مِنْ مَسْجِدٍ إلَى آخَرَ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تُنْقَلْ بَلْ أُقِيمَتْ ابْتِدَاءً فَالشَّرْطُ أَنْ لَا يَقْصِدُوا عَدَمَ التَّأْبِيدِ بِأَنْ يَقْصِدُوا التَّأْبِيدَ أَوْ لَمْ يَقْصِدُوا شَيْئًا أَصْلًا
(ص) وَإِقَامَةِ الْخَمْسِ (ش) أَيْ وَفِي اشْتِرَاطِ إقَامَةِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَلَا تَصِحُّ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِيمَا يُتَّخَذُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بَلْ هِيَ صَحِيحَةٌ) خُلَاصَةُ مَا قِيلَ أَنَّ الْجُمُعَةَ لِلْعَتِيقِ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ ثَلَاثَةٍ الْأَوَّلِ أَنْ تُقَامَ بِهِ وَبِالْجَدِيدِ فَإِنْ هُجِرَ الْعَتِيقُ وَصَلُّوهَا فِي الْجَدِيدِ فَقَطْ صَحَّتْ، الثَّانِي أَنْ لَا يَحْكُمَ حَاكِمٌ بِصِحَّتِهَا فِي الْجَدِيدِ تَبَعًا لِنَذْرِ بَانِيهِ عِتْقَ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ إنْ صَحَّتْ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ فِيهِ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ وَحَكَمَ مُخَالِفٌ بِعِتْقِ الْعَبْدِ لِصِحَّتِهَا صَحَّتْ فِيهِ إذْ حُكْمُهُ الدَّاخِلُ فِي الْعِبَادَاتِ تَبَعًا لِنَحْوِ عِتْقٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّاصِرُ لَا يُنْقَضُ وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ بَانٍ الْجَامِعِ: إنْ صَحَّتْ جُمُعَةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا فَعَبْدِي فُلَانٌ حُرٌّ فَتُصَلَّى فِيهِ الْجُمُعَةُ فَيَأْتِي الْعَبْدُ إلَى مَنْ يَقُولُ بِالتَّعَدُّدِ كَالْحَنَفِيِّ فَيُثْبِتُ عِنْدَهُ أَنَّهُ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ جُمُعَةً صَحِيحَةً فَيَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِعِتْقِهِ: لِوُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ ضِمْنًا فَتَصِيرُ حِينَئِذٍ الصَّلَاةُ بِالْجَامِعِ الْمَذْكُورِ وَغَيْرِهِ صَحِيحَةً وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغُورِيَّ حِينَ بَنَى مَسْجِدَهُ أَرْسَلَ لِلنَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ وَقَالَ لَهُ: أَفْتِ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِي هَذَا، أَيْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ قَالَ لَهُ النَّاصِرُ: قُلْ إنْ صَحَّتْ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ فِي مَسْجِدِي هَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ فَفَعَلَ ثُمَّ إنَّهُ رَفَعَ الْأَمْرَ لِلْقَاضِي الَّذِي يَرَى صِحَّةَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ بِالْمَسْجِدِ الَّذِي حَصَلَ بِهِ التَّعَدُّدُ وَهُوَ الْحَنَفِيُّ فَحَكَمَ بِصِحَّةِ الْعِتْقِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ وَلَوْ كَانَ الْحُكْمُ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ لِحُكْمٍ آخَرَ تَبَعًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يُدْخِلُ الْعِبَادَاتِ إلَّا تَبَعًا وَحَقَّقَهُ الْقَرَافِيُّ وَخَالَفَهُ تِلْمِيذُهُ ابْنُ رَاشِدٍ فَجَوَّزَ دُخُولَهُ فِيهَا اهـ.
وَصَرَّحَ الْقَرَافِيُّ الْمَذْكُورُ بِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ سَوَاءٌ كَانَ بِالْمُطَابَقَةِ أَوْ التَّضَمُّنِ أَوْ الِالْتِزَامِ كَحُكْمِهِ بِصِحَّةِ بَيْعِ الْعَبْدِ الَّذِي أَعْتَقَهُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَإِنَّهُ مُلْتَزِمٌ لِنَقْضِ الْعِتْقِ الثَّالِثِ أَنْ لَا يَحْتَاجُوا لِلْجَدِيدِ لِضِيقِ الْعَتِيقِ عَنْهُمْ وَإِلَّا صَحَّتْ فِي الْجَدِيدِ وَبَحَثَ فِي ذَلِكَ شَيْخُنَا بِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى الِاحْتِيَاجُ؛ لِأَنَّهُ يُوَسَّعُ، وَيُجْبَرُ مَنْ بِجَانِبِ الْمَسْجِدِ عَلَى الْبَيْعِ وَلَوْ كَانَ وَقْفًا لِلتَّوْسِعَةِ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ إلَّا أَنْ يُقَالَ يَأْتِي مِنْ حَيْثُ إذَا وُسِّعَ لَرُبَّمَا تَعَدَّدَ الْمُسْمَعُ فِيهِ فَيَحْصُلُ الْخَلَلُ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: حُكِمَ بِفَسَادِهَا) إلَّا أَنَّهُمْ فِي حَالَةِ الْجَهْلِ يُعِيدُونَهَا ظُهْرًا لِاحْتِمَالِ صِحَّةِ جُمُعَةِ الْمُعِيدِ وَالْجُمُعَةُ لَا تُصَلَّى مَرَّتَيْنِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ شَرْطًا. . . إلَخْ) نَقُولُ وَالزَّرْقَانِيُّ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ شَرْطًا لِقَوْلِهِ كَمَا إذَا بَنَى إلَخْ حَيْثُ أَتَى بِالْكَافِ وَبِمَثَلًا.
(قَوْلُهُ: بِلَا نِزَاعٍ) أَيْ أَنَّ التَّرَدُّدَ إنَّمَا هُوَ فِي الدَّوَامِ وَعَدَمِهِ وَأَمَّا سَقْفُهُ ابْتِدَاءً فَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى شَرْطِيَّتِهِ هَذَا تَقْرِيرُ السَّنْهُورِيِّ، وَاَلَّذِي قَرَّرَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَالتَّتَّائِيُّ وَالْأُجْهُورِيُّ أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ، وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ الْحَطَّابُ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ (قَوْلُهُ: عَدَمَ اشْتِرَاطِ السَّقْفِ) الْمُرَادُ كَمَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ سَقْفُهُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ غَالِبًا وَهِيَ الْقِبْلَةُ وَمَا وَالَاهَا لَا صِحَّتُهُ إذْ هُوَ غَيْرُ مُشْتَرَطٍ وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ الْحَطَّابِ.
(قَوْلُهُ وَتُنْقَلُ الْجُمُعَةُ. . . إلَخْ) بَيَانٌ لِمَا يَحْكُمُ بِهِ الْحَاكِمُ وَقَوْلُهُ وَتُنْقَلُ الْجُمُعَةُ أَيْ عَلَى التَّأْبِيدِ (قَوْلُهُ: دُونَ أَنْ تُنْقَلَ) أَيْ أَنَّهَا نُقِلَتْ مِنْ مَسْجِدٍ كَانَ فِي قُرْطُبَةَ بِهَذَا الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: مُتَوَافِرُونَ) أَيْ مُجْتَمِعُونَ (قَوْلُهُ: قَالَ وَلَوْ نَقَلَ الْإِمَامُ. . . إلَخْ) أَيْ بِدُونِ أَنْ يَقْصِدُوا التَّأْبِيدَ أَيْ وَلَا قَصَدُوا عَدَمَهُ أَيْ كَمَا فَعَلَ بِمَسْجِدِ قُرْطُبَةَ أَيْ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ. . . إلَخْ) هَذَا الْحَلُّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت وَغَيْرُهُ خِلَافَ الْحَلِّ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ: وَإِقَامَةُ الْخَمْسِ) ظَاهِرُ قَوْلِهِ: الْخَمْسُ أَنَّ جُلَّ الْخَمْسِ لَيْسَ كَالْخَمْسِ.