لَكِنْ إنْ كَانَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ فَذَلِكَ لِاخْتِيَارِهِ هُوَ فِي نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ بِصِيغَةِ الِاسْمِ فَذَلِكَ لِاخْتِيَارِهِ مِنْ الْخِلَافِ (ش) أَيْ وَمُشِيرًا بِمَادَّةِ الِاخْتِيَارِ إلَى اخْتِيَارِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ الرَّبَعِيِّ الْمَعْرُوفِ بِاللَّخْمِيِّ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ، وَهُوَ ابْنُ بِنْتِ اللَّخْمِيِّ لَكِنْ إنْ كَانَ اخْتِيَارُهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ لَا مِنْ أَقْوَالٍ مَنْصُوصَةٍ لِغَيْرِهِ فَيُشِيرُ إلَى ذَلِكَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَاضِي كَاخْتَارَ، وَإِنْ كَانَ اخْتِيَارُهُ مِنْ الْأَقْوَالِ الْمَنْصُوصَةِ فَيُشِيرُ إلَى ذَلِكَ بِصِيغَةِ الِاسْمِ نَحْوَ الْمُخْتَارِ كَذَا وَإِنَّمَا جَعَلَ الْفِعْلَ لِاخْتِيَارِ الْأَشْيَاخِ فِي أَنْفُسِهِمْ وَالِاسْمَ لِاخْتِيَارِهِمْ مِنْ الْخِلَافِ الْمَنْصُوصِ. لِأَنَّ الْفِعْلَ يَدُلُّ عَلَى الْحُدُوثِ وَالْوَصْفَ يَدُلُّ عَلَى الثُّبُوتِ وَمُنَاسَبَةُ كُلٍّ لَا تَخْفَى وَاللَّخْمِيُّ الْمَذْكُورُ نَزَلَ صَفَاقُصَ وَتَفَقَّهَ بِابْنِ مُحْرِزٍ وَأَبِي الْفَضْلِ ابْنِ بِنْتِ خَلْدُونٍ وَأَبِي الطَّيِّبِ وَأَبِي إِسْحَاقَ التُّونُسِيِّ وَالسُّيُورِيُّ وَظَهَرَ فِي أَيَّامِهِ وَطَارَتْ فَتَاوِيهِ وَكَانَ فَقِيهًا فَاضِلًا دَيِّنًا وَبَقِيَ بَعْدَ أَصْحَابِهِ فَحَازَ رِيَاسَةَ إفْرِيقِيَةَ وَتَفَقَّهَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَازِرِيُّ وَأَبُو الْفَضْلِ النَّحْوِيُّ وَالْكَلَاعِيُّ وَلَهُ تَعْلِيقٌ مُحَاذِي لِلْمُدَوَّنَةِ سَمَّاهُ التَّبْصِرَةَ حَسَنٌ مُفِيدٌ تَوَفَّى - رَحِمَهُ اللَّهُ - سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعَمِائَةٍ بِصَفَاقِس وَقَبْرُهُ بِهَا مَعْرُوفٌ وَخَصَّهُ عَمَّنْ ذَكَرَ مَعَهُ بِمَادَّةِ الِاخْتِيَارِ؛ لِأَنَّهُ أَجْرَؤُهُمْ عَلَى ذَلِكَ.

(ص) وَبِالتَّرْجِيحِ لِابْنِ يُونُسَ كَذَلِكَ (ش) أَيْ وَمُشِيرًا بِمَادَّةِ التَّرْجِيحِ لِتَرْجِيحِ ابْنِ يُونُسَ لَكِنْ إنْ كَانَ اخْتِيَارُهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ فَيُشِيرُ إلَيْهِ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَاضِي كَرَجُحَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْخِلَافِ الْمَنْصُوصِ فَيُشِيرُ إلَيْهِ بِصِيغَةِ الِاسْمِ، وَهُوَ الْأَرْجَحُ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ كَذَلِكَ وَابْنُ يُونُسَ هُوَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ تَمِيمِيٌّ صَقَلِّيٌّ كَانَ فَقِيهًا إمَامًا عَالِمًا فَرْضِيًّا أَخَذَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْحَصَائِرِيِّ وَعَتِيقِ بْنِ الْفَرْضِيِّ وَابْنِ أَبِي الْعَبَّاسِ وَكَانَ مُلَازِمًا لِلْجِهَادِ مَوْصُوفًا بِالنَّجْدَةِ تُوُفِّيَ فِي عَشْرٍ بَقَيْنَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ إحْدَى وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ وَقِيلَ فِي رَبِيعٍ الْأَخِيرِ وَيُعَبِّرُ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِالصَّقَلِّيِّ.

(ص) وَبِالظُّهُورِ لِابْنِ رُشْدٍ كَذَلِكَ (ش) أَيْ وَمُشِيرًا بِمَادَّةِ الظُّهُورِ إلَى تَظْهِيرِ ابْنِ رُشْدٍ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ لَكِنْ إنْ كَانَ) فِي الْعِبَارَةِ اسْتِخْدَامٌ حَيْثُ أَطْلَقَ الِاخْتِيَارَ أَوَّلًا مُرَادًا بِهِ لَفْظُهُ، ثُمَّ رَجَعَ الضَّمِيرُ لَهُ بِاعْتِبَارِ حَقِيقَتِهِ النَّفْسَانِيَّةِ وَقَوْلُهُ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ أَيْ مُعَبِّرًا عَنْهُ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ كَذَا قِيلَ وَأَقُولُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ اللَّامَ الدَّاخِلَةَ عَلَى الْمَشَايِخِ بِمَعْنَى إلَى دَاخِلَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ فَيَكُونُ الضَّمِيرُ فِي كَانَ عَائِدًا عَلَى ذَلِكَ الْمَحْذُوفِ هَذَا مَا يَقْتَضِيهِ حَلُّ الشَّارِحِ وَيَصِحُّ أَنْ تَقُولَ لَكِنْ إنْ كَانَ الِاخْتِيَارُ أَيْ تِلْكَ الْمَادَّةُ آتِيَةً بِصِيغَةِ الْفِعْلِ إلَخْ (قَوْلُهُ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ) أَيْ الْمَاضِي إذْ لَمْ يُسْتَعْمَلْ إلَّا ذَلِكَ (قَوْلُهُ لِاخْتِيَارِهِ هُوَ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَصْدَرُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ مُضَافًا لِلْفَاعِلِ فَيَكُونَ هُوَ تَأْكِيدًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُضَافًا لِلْمَفْعُولِ فَيَكُونَ هُوَ فَاعِلًا (قَوْلُهُ بِصِيغَةِ الِاسْمِ) أَيْ اسْمِ الْمَفْعُولِ قِيلَ خَالَفَ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ فِي قَوْلِهِ وَاخْتَارَ فِي الْأَخِيرِ خِلَافَ الْأَكْثَرِ فَإِنَّ اللَّخْمِيَّ اخْتَارَ فِيهَا قَوْلَ الْأَقَلِّ وَمَعَ ذَلِكَ عَبَّرَ بِالْفِعْلِ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْأَكْثَرِ الْكُلَّ (قَوْلُهُ فَذَلِكَ لِاخْتِيَارِهِ مِنْ الْخِلَافِ) أَيْ غَالِبًا وَقَدْ يُشِيرُ بِهِ لِلْخِلَافِ خَارِجَ الْمَذْهَبِ كَقَوْلِهِ وَالْأَظْهَرُ وَالْأَصَحُّ لَا جَعْلَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ الرَّبَعِيِّ) مَنْسُوبٌ لِرَبِيعَةَ (قَوْلُهُ ابْنُ بِنْتِ اللَّخْمِيِّ) فَاللَّخْمِيُّ حَقِيقَةً إنَّمَا هُوَ جَدُّهُ مَنْسُوبٌ لِلَخْمٍ حَيٍّ بِالْيَمَنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْفِعْلَ يَدُلُّ عَلَى الْحُدُوثِ) أَيْ بَعْدَ الْعَدَمِ فِي أَصْلِ الْوَضْعِ وَعَلَى التَّجَدُّدِ شَيْئًا فَشَيْئًا بِالْقَرِينَةِ إلَّا أَنَّ هَذَا لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ الْمُضَارِعِ.

(قَوْلُهُ وَالْوَصْفُ يَدُلُّ عَلَى الثُّبُوتِ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الثُّبُوتِ الْجُمْلَةُ الِاسْمِيَّةُ وَالصِّفَةُ الْمُشَبَّهَةُ، وَأَمَّا اسْمُ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ فَهُمَا لِلْحُدُوثِ قَطْعًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ كَوْنَ الْمُؤَلِّفِ قَابَلَ الْفِعْلَ بِالِاسْمِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ خُصُوصِ الْوَصْفِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي ك فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ لِشَارِحِ أَنْ يَقُولَ وَالِاسْمُ يَدُلُّ عَلَى الثُّبُوتِ بَدَلَ الْوَصْفِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الِاسْمِيَّةَ تَدُلُّ عَلَى الثُّبُوتِ بِأَصْلِ الْوَضْعِ وَعَلَى الدَّوَامِ بِالْقَرِينَةِ (قَوْلُهُ وَمُنَاسَبَةُ كُلٍّ لَا تَخْفَى) ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَا اخْتَارَهُ فِي نَفْسِهِ حَادِثًا نَاسَبَ التَّعْبِيرَ عَنْهُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَلَمَّا كَانَ مَا اخْتَارَهُ مِنْ الْخِلَافِ ثَابِتًا قَبْلُ نَاسَبَ التَّعْبِيرَ عَنْهُ بِالِاسْمِ أَيْ فَالتَّعْبِيرُ بِالِاسْمِ بِالنَّظَرِ لِلْمُخْتَارِ لَا لِلِاخْتِيَارِ؛ لِأَنَّهُ حَادِثٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ (قَوْلُهُ صَفَاقُصَ) فِي نُسْخَتِهِ بِالصَّادِ إلَّا أَنَّ الَّذِي فِي الْقَامُوسِ سِينٌ آخِرًا وَحَاصِلُ مَا فِيهَا أَنَّهَا بِفَتْحِ الصَّادِ أَوَّلًا وَضَمِّ الْقَافِ وَالسِّينِ آخِرًا وَهِيَ بَلَدٌ بِإِفْرِيقِيَّةَ عَلَى الْبَحْرِ شُرْبُهُمْ مِنْ الْآبَارِ (قَوْلُهُ وَطَارَتْ فَتَاوِيهِ) أَيْ وَانْتَشَرَتْ فَتَاوِيهِ أَوْ نُقِلَتْ فَتَاوِيهِ إلَى الْبِلَادِ فَهُوَ مَجَازٌ اسْتِعَارَةٌ أَوْ تَجْعَلُهُ مَجَازًا عَقْلِيًّا (قَوْلُهُ وَبَقِيَ بَعْدَ أَصْحَابِهِ) أَيْ أَقْرَانِهِ (قَوْلُهُ وَالْكَلَاعِيُّ) بِالْفَتْحِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ نِسْبَةً إلَى كَلَاعٍ قَبِيلَةٍ مِنْ حِمْيَرَ (قَوْلُهُ مُحَاذِي لِلْمُدَوَّنَةِ) أَيْ فِي التَّرَاجِمِ وَالْمَعَانِي.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَجْرَؤُهُمْ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ أَكْثَرُهُمْ اسْتِعْمَالًا لِهَذِهِ الْمَادَّةِ هَذَا مَا يُفِيدُهُ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ إلَّا أَنَّ عِبَارَةَ الْحَطَّابِ تُفِيدُ أَنَّ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ أَجْرَؤُهُمْ عَلَى الِاخْتِيَارِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ لَفْظِ الِاخْتِيَارِ وَسَيَأْتِي فَيُحْمَلُ كَلَامُ الشَّارِحِ عَلَيْهَا إلَّا أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ حِينَئِذٍ سِرُّ التَّعْبِيرِ بِالِاخْتِيَارِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الشَّأْنُ فِي ذَلِكَ التَّعْبِيرِ عِنْدَهُ بِمَادَّةِ الِاخْتِيَارِ (قَوْلُهُ لَكِنْ إنْ كَانَ اخْتِيَارُهُ) الْأَوْلَى تَرْجِيحُهُ (قَوْلُهُ صَقَلِّيٌّ) قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ الصَّقَلِّيُّ بِفَتْحِ الصَّادِ وَالْقَافِ وَكَسْرِهِمَا وَيَجُوزُ فَتْحُ الصَّادِ وَكَسْرُ الْقَافِ انْتَهَى (قَوْلُهُ الْحَصَائِرِيِّ) نِسْبَةً إلَى الْحَصِيرِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ كَذَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ نِسْبَةً مِنْ حَيْثُ بَيْعُهَا أَوْ عَمَلِهَا (قَوْلُهُ بِالنَّجْدَةِ) بِكَسْرِ النُّونِ مَعْنَاهُ الشَّجَاعَةُ وَالشِّدَّةُ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015