الِاجْتِهَادِيَّةِ.

وَنَسَبُ مَالِكٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَرْثِ بْنِ غَيْمَانَ بِمُعْجَمَةٍ فَمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ ابْنِ خُثَيْلٍ بِمُعْجَمَةٍ مَضْمُومَةٍ فَمُثَلَّثَةٍ مَفْتُوحَةٍ فَمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ ذَكَرَهُ ابْنُ مَاكُولَا الْأَصْبَحِيُّ بِفَتْحِ الْبَاءِ نِسْبَةً إلَى ذِي أَصْبَحَ بَطْنٌ مِنْ حِمْيَرَ، وَهُوَ مِنْ الْعَرَبِ حِلْفُهُ فِي قُرَيْشٍ فِي بَنِي تَيْمِ اللَّهِ فَهُوَ مَوْلَى حِلْفٍ لَا مَوْلَى عَتَاقَةٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ فَهُوَ مِنْ بُيُوتِ الْمُلُوكِ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ عِنْدَ الْعَرَبِ إذَا جَاءُوا فِي النَّسَبِ بِذِي يَكُونُ مِنْ ذَلِكَ وَابْنُ مَاكُولَا هُوَ الْأَمِيرُ أَبُو نَصْرٍ وَحَمَلَتْ بِالْإِمَامِ أُمُّهُ ثَلَاثَ سِنِينَ وَكَانَتْ وِلَادَتُهُ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ مِنْ الْهِجْرَةِ عَلَى الْأَشْهَرِ بِذِي الْمَرْوَةِ مَوْضِعٌ مِنْ مَسَاجِدِ تَبُوكَ عَلَى ثَمَانِيَةِ بُرُدٍ مِنْ الْمَدِينَةِ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِ عِيَاضٍ فِي الْمَشَارِق أَنَّهُ مَدَنِيُّ الدَّارِ وَالْمَوْلِدِ وَالْمُنْشَأِ؛ لِأَنَّ ذَا الْمَرْوَةِ مِنْ أَعْمَالِ الْمَدِينَةِ وَكَانَتْ وَفَاتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ يَوْمَ الْأَحَدِ لِتَمَامِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ يَوْمًا مِنْ رَبِيعِ الْأَوَّلِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ وَصَلَّى عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَكَانَ يَوْمئِذٍ وَالٍ عَلَى الْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ وَقَبْرُهُ مَشْهُورٌ وَعَلَيْهِ قُبَّةٌ وَبِجَانِبِهِ قَبْرٌ لِنَافِعٍ. قَالَ السَّخَاوِيُّ إمَّا نَافِعُ الْقَارِئُ أَوْ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ وَانْظُرْ مَنَاقِبَ الْإِمَامِ وَبَقِيَّةَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ فَإِنَّ فِيهِ الْعَجَبَ الْعُجَابَ.

(ص) مُبَيِّنًا لِمَا بِهِ الْفَتْوَى (ش) مُبَيِّنًا اسْمُ فَاعِلٍ إمَّا حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ وَاضِعِهِ الْمَسْئُولِ أَيْ سَأَلُونِي وَضْعَ مُخْتَصَرٍ حَالَ كَوْنِي مُبَيِّنًا لَهُمْ فِيهِ الْقَوْلَ الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى مِنْ أَقْوَالِ الْمَذْهَبِ الْمَذْكُورِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ عَلَى مَا بِهِ الْفَتْوَى مِنْ إطْلَاقِ الشَّيْءِ عَلَى جُزْئِهِ الْأَهَمِّ كَالْحَجِّ عَرَفَةُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَهَمُّ عِنْدَ الْفَقِيهِ الْمُقَلِّدِ (الثَّانِي) الْمُرَادُ بِمَذْهَبِهِ مَا قَالَهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ عَلَى طَرِيقَتِهِ وَنُسِبَ إلَيْهِ مَذْهَبًا لِكَوْنِهِ يَجْرِي عَلَى قَوَاعِدِهِ وَأَصْلُهُ الَّذِي بُنِيَ عَلَيْهِ مَذْهَبُهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ وَحْدَهُ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ مَذْهَبِهِ (قَوْلُهُ الْأَصْبَحِيُّ) نَعْتٌ لِمَالِكٍ، وَإِنْ كَانَ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَصْفًا لِخُثَيْلٍ (قَوْلُهُ بَطْنٌ) أَيْ جَمَاعَةٌ مِنْ حِمْيَرَ أَيْ إنَّ تِلْكَ الْجَمَاعَةِ سُمِّيَتْ بِذِي أَصْبَحَ اسْمِ أَبِيهَا الَّذِي هُوَ جَدٌّ أَعْلَى لِلْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَخُلَاصَتُهُ أَنَّ ذَا أُصْبِحَ اسْمُ أَبِيهَا فَسُمِّيَتْ قَبِيلَتُهُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ الْعَرَبِ) هَكَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِالْوَاوِ وَالْأَوْضَحُ الْفَاءُ تَفْرِيعًا عَلَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ حِلْفُهُ فِي قُرَيْشٍ) وَحِلْفُهُ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ أَيْ مُخَالَفَتُهُ أَيْ مُعَاقَدَتُهُ وَمُعَاهَدَتُهُ أَيْ مُعَاقَدَةُ جَدِّهِ مَعَ قُرَيْشٍ وَذَلِكَ الْجَدُّ هُوَ مَالِكٌ فَقَدْ قَالَ قَالَ لِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التَّيْمِيِّ ابْنُ أَخِي طَلْحَةَ وَنَحْنُ بِطَرِيقِ مَكَّةَ يَا مَالِكُ هَلْ لَك إلَى مَا دَعَانَا إلَيْهِ غَيْرُك فَأَبَيْنَاهُ أَنْ يَكُونَ دَمُنَا دَمُك وَهَدْمُنَا هَدْمُك فَأَجَبْته إلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ فِي بَنِي تَيْمِ اللَّهِ) أَيْ مَعَ بَنِي تَيْمِ اللَّهِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ قُرَيْشًا فِرَقٌ مِنْ جُمْلَتِهَا تَيْمُ بْنُ مَرَّةَ رَهْطُ أَبِي بَكْرِ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَالْمُعَاهَدَةُ لَمْ تَقَعْ مَعَ كُلِّ قُرَيْشٍ بَلْ مَا وَقَعَتْ إلَّا مَعَ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ احْتِرَازًا عَنْ تَيْمِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ وَالْقَبِيلَةُ إنَّمَا هِيَ تَيْمٌ لَا تَيْمُ اللَّهِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ تَيْمُ مَعْنَاهُ الْعَبْدُ أُضِيفَ إلَى اللَّهِ فَقِيلَ تَيْمُ اللَّهِ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ بَنِي تَيْمِ اللَّهِ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي قُرَيْشٍ بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ وَالْمَعْنَى مُعَاهَدَةُ جَدِّهِ مَعَ وَاحِدٍ مِنْ قُرَيْشٍ الَّذِي هُوَ وَاحِدٌ مِنْ تَيْمِ اللَّهِ (قَوْلُهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ إِسْحَاقَ فَإِنَّهُ يَقُولُ مَوْلَى عَتَاقِهِ وَكَلَامُهُ مَرْدُودٌ (قَوْلُهُ فَهُوَ) أَيْ مَالِكٌ مِنْ بُيُوتِ الْمُلُوكِ أَيْ؛ لِأَنَّ جَدَّهُ، وَهُوَ ذُو أَصْبَحَ مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ الْيَمَنِ (قَوْلُهُ إذَا جَاءُوا فِي النَّسَبِ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذُو لَمْ يَقَعْ فِي النَّسَبِ إذْ النِّسْبَةُ أَصْبَحِيٌّ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ إذَا صَدَّرُوا الِاسْمَ بِذِي يَكُونُ مِنْ ذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُسَمَّى مَلِكٌ وَالْحَاصِلُ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت أَنَّ كَلِمَةَ ذِي فِي هَذَا التَّرْكِيبِ وَنَحْوِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْعِلْمِ فَهِيَ جُزْءٌ مِنْهُ لَا بِمَعْنَى صَاحِبٍ وَهِيَ لُغَةُ أَهْلِ الْيَمَنِ يُدْخِلُونَهَا عَلَى أَعْلَامِهِمْ وَلَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي كُلِّ عَلَمٍ بَلْ أَعْلَامِ مُلُوكِهِمْ (قَوْلُهُ وَابْنُ مَاكُولَا إلَخْ) مَاكُولَا بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الْوَاوِ، ثُمَّ لَامِ أَلِفٍ قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ لَا أَعْرِفُ مَعْنَاهُ وَلَا أَدْرِي سَبَبَ تَسْمِيَتِهِ بِالْأَمِيرِ وَقَالَ بَعْضٌ: إنَّهُ لَقَبٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَحَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ ثَلَاثَ سِنِينَ) قَالَ بَكَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ وَاَللَّهِ أَنْضَجَتْهُ الرَّحِمُ اهـ. أَيْ فَصَارَ كَامِلَ الْعَقْلِ سَدِيدَ الرَّأْيِ (قَوْلُهُ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ عَلَى الْأَشْهَرِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَقِيلَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ (قَوْلُهُ مَسَاجِدِ تَبُوكَ) أَيْ مَوْضِعٍ مُسَمًّى بِمَسَاجِدَ وَلَمْ أَدْرِ مَا وَجْهُ التَّسْمِيَةِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَكَانَتْ وَفَاتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مِنْ أَنَّهُ لِعَشْرٍ مَضَتْ مِنْهُ وَقِيلَ لِأَرْبَعَ عَشَرَةَ وَقِيلَ لِثِنْتَيْ عَشَرَةَ مِنْ رَجَبٍ (قَوْلُهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ) أَيْ إمَامًا بِالنَّاسِ (قَوْلُهُ وَالٍ) بِدُونِ يَاءٍ عَلَى عَادَةِ مَنْ تَقَدَّمَ.

(فَائِدَةٌ) مِمَّا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ أَوْصَى الشَّافِعِيَّ عِنْدَ فِرَاقِهِ لَهُ فَقَالَ لَهُ لَا تَسْكُنْ الرِّيفَ يَذْهَبْ عِلْمُك وَاكْتَسِبْ الدِّرْهَمَ لَا تَكُنْ عَالَةً عَلَى النَّاسِ وَاِتَّخِذْ لَك ذَا جَاهٍ ظَهْرًا لِئَلَّا تَسْتَخِفَّ بِك الْعَامَّةُ وَلَا تَدْخُلْ عَلَى ذِي سَلْطَنَةٍ إلَّا وَعِنْدَهُ مَنْ يَعْرِفُك وَإِذَا جَلَسَتْ عِنْدَ كَبِيرٍ فَلْيَكُنْ بَيْنَك وَبَيْنَهُ فُسْحَةٌ لِئَلَّا يَأْتِيَ إلَيْهِ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْك فَيُدْنِيَهُ وَيُبْعِدَك فَيَحْصُلَ فِي نَفْسِك شَيْءٌ وَنُقِلَ عَنْ سَحْنُونَ وَجَدْت كُلَّ شَيْءٍ يَحْتَاجُ لِلْجَاهِ بِمِصْرَ حَتَّى الْعِلْمَ أَيْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْعَالِمُ ذَا جَاهٍ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ، وَهُوَ كَلَامٌ صِدْقٌ وَقَوْلٌ حَقٌّ (قَوْلُهُ الْعُجَابَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ مَا جَاوَزَ حَدَّ الْعَجَبِ (قَوْلُهُ مُبَيِّنًا لِمَا بِهِ الْفَتْوَى) ، فَإِنْ قِيلَ مَا مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ مَعَ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ لَمْ يَذْكُرْ كُلَّ قَوْلٍ بِهِ الْفَتْوَى قُلْت الْمُرَادُ مُعْظَمُ مَا بِهِ الْفَتْوَى بِقَرِينَةِ الْوَاقِعِ أَوْ أَنَّهُ إخْبَارٌ عَمَّا عَزَمَ عَلَيْهِ وَالْإِنْسَانُ قَدْ يَعْزِمُ عَلَى أَمْرٍ وَلَا يَتِمُّ لَهُ مَا عَزَمَ عَلَيْهِ لِنِسْيَانٍ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ اسْمُ فَاعِلٍ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَجَوَّزَ بَعْضٌ أَنْ يَكُونَ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ يَظْهَرُ (قَوْلُهُ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ وَاضِعِهِ الْمَسْئُولِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ ضَمِيرِ سَأَلَنِي؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ إنَّ الْحَالَ وَصْفٌ لِصَاحِبِهَا قَيْدٌ فِي عَامِلِهَا فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ سُؤَالُهُمْ مُقَيَّدًا بِالْبَيَانِ الْمَذْكُورِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مُقَيَّدًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015