وَإِضَافَتُهُ إلَى طَرِيقٍ مِنْ إضَافَةِ الْأَعَمِّ إلَى الْأَخَصِّ أَوْ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ رِعَايَةً لِلسَّجْعِ وَالْأَصْلُ طَرِيقًا أَنْفَعَ وَالنَّفْعُ ضِدُّ الضُّرِّ يُقَالُ نَفَعَهُ بِكَذَا يَنْفَعُهُ وَانْتَفَعَ بِهِ وَالِاسْمُ الْمَنْفَعَةُ وَالطَّرِيقُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ لُغَتَانِ فَصَيْحَتَانِ وَفِي الصِّحَاحِ الطَّرِيقُ السَّبِيلُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَالْجَمْعُ أَطْرِقَةٌ وَطُرُقٌ وَطَرَائِقُ الْقَوْمِ أَمَاثِلُهُمْ وَأَشْرَافُهُمْ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا} [الجن: 11] أَيْ كُنَّا طُرُقًا مُخْتَلِفَةً أَهْوَاؤُنَا لَا يُقَالُ أَنْفَعَ لَيْسَ بِظَرْفٍ وَإِنَّمَا هُوَ اسْمُ تَفْضِيلٍ لَيْسَ فِيهِ مَعْنَى الظَّرْفِيَّةِ؛ لِأَنَّ الظَّرْفَ مَا ضُمِّنَ مَعْنَى فِي بِاطِّرَادٍ مِنْ اسْمِ زَمَانٍ أَوْ مَكَان؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا أُضِيفَ أَفْعَلَ إلَى ظَرْفِ الْمَكَانِ فَكَانَ بَعْضًا مِمَّا يُضَافُ إلَيْهِ فَقَدْ آلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّهُ ظَرْفٌ.

(ص) مُخْتَصَرًا عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ (ش) مُخْتَصَرًا نَعْتٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ كَلَامًا أَوْ تَأْلِيفًا مُخْتَصَرًا، وَهُوَ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ اخْتَصَرَ الْكَلَامَ إذَا أَتَى بِالْمَعَانِي الْكَثِيرَةِ فِي الْأَلْفَاظِ الْقَلِيلَةِ مِنْ غَيْرِ إخْلَالٍ بِالْمَعْنَى " وَعَلَى مَذْهَبِ " عَلَى حَذْفِ مُضَافَيْنِ أَيْ فَهْمُ أَحْكَامِ أَوْ مَسَائِلَ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَيْ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مِنْ الْأَحْكَامِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالسُّلُوكِ سَلَكَ بِمَعْنَى اُسْلُكْ مُرَادٌ بِهِ اصْرِفْ إرَادَتَنَا لِلْوَجْهِ الْأَنْفَعِ مِنْ عِلْمٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ مِنْ إضَافَةِ الْأَعَمِّ إلَى الْأَخَصِّ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَنْفَعَ فِي حَدِّ ذَاتِهِ بِكَوْنِهِ طَرِيقًا وَغَيْرَ طَرِيقٍ وَإِنَّمَا قُلْنَا فِي حَدِّ ذَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ لِمَا أُضِيفَ وَأَفْعَلُ التَّفْضِيلِ بَعْضُ مَا يُضَافُ إلَيْهِ صَارَ مَصْدُوقُهُ الْفَرْدَ الْأَنْفَعَ مِنْ أَفْرَادِ الطَّرِيقِ، ثُمَّ إنَّ إضَافَةَ الْأَعَمِّ إلَى الْأَخَصِّ تَرْجِعُ لِلْإِضَافَةِ الَّتِي لِلْبَيَانِ لَا بَيَانِيَّةٌ؛ لِأَنَّ الْبَيَانِيَّةَ هِيَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ

(قَوْلُهُ رِعَايَةً لِلسَّجْعِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ إضَافَةَ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ خِلَافُ الْأَصْلِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ رِعَايَةً لِلسَّجْعِ أَيْ وَارْتَكَبَ ذَلِكَ رِعَايَةً لِلسَّجْعِ (قَوْلُهُ وَالنَّفْعُ) مَصْدَرُ نَفَعَ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ ضِدُّ الضَّرِّ بِفَتْحِ الضَّادِ؛ لِأَنَّهُ الْمَصْدَرُ وَضِدُّ الْمَصْدَرِ مَصْدَرٌ يُنَافِيهِ وَيُطْلَقُ النَّفْعُ عَلَى مَا يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ الْخَيْرِ، وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَالِاسْمُ الْمَنْفَعَةُ وَضِدُّهُ الضُّرُّ بِالضَّمِّ فَفِي الْمِصْبَاحِ الضُّرُّ الْفَاقَةُ وَالْفَقْرُ بِضَمِّ الضَّادِ اسْمٌ وَبِفَتْحِهَا مَصْدَرُ ضَرَّهُ (قَوْلُهُ وَطَرَائِقُ الْقَوْمِ أَمَاثِلُهُمْ) إشَارَةٌ إلَى تَصَارِيفِ تِلْكَ الْمَادَّةِ وَقَوْلُهُ وَأَشْرَافُهُمْ عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَقَوْلُهُ وَمِنْهُ أَيْ وَمِنْ تِلْكَ الصِّيغَةِ الَّتِي هِيَ طَرَائِقُ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ الَّذِي هُوَ أَمَاثِلُهُمْ وَأَشْرَافُهُمْ (قَوْلُهُ كُنَّا طَرَائِق) أَيْ ذَوِي طُرُقٍ أَيْ مَذَاهِبَ (قَوْلُهُ مُخْتَلِفَةً أَهْوَاؤُنَا) تَفْسِيرٌ لِقِدَدًا جَمْعُ قِدَّةٍ مِنْ قَدَّ إذَا قَطَعَ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ قِدَدًا صِفَةٌ لِطَرَائِقَ أَيْ كُنَّا ذَوِي مَذَاهِبَ مُخْتَلِفَةٍ قَالَ بَعْضُهُمْ مِنْهُمْ مُرْجِئَةٌ وَرَافِضَةٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ مَعْنَى طَرَائِقَ مَذَاهِبُ وَقِدَدًا مَعْنَاهُ مُخْتَلِفَةً فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الشَّارِحِ أَهْوَاؤُنَا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى ظَاهِرٌ بِدُونِهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الشَّارِحَ لَاحَظَ أَنَّ قِدَدًا حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ كُنَّا أَيْ كُنَّا ذَوِي مَذَاهِبَ فِي حَالِ كَوْنِنَا مُخْتَلِفَةً أَهْوَاؤُنَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مُخْتَصَرًا) مَفْعُولُ سَأَلَنِي (قَوْلُهُ أَوْ تَأْلِيفًا إلَخْ) أَيْ إنَّ الْمَوْصُوفَ إمَّا أَنْ تُقَدِّرَهُ كَلَامًا أَوْ تَأْلِيفًا قَالَ فِي ك لَكِنَّهُ غَلَّبَ فِي الثَّانِي وَعَلَى كُلٍّ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ تَأْلِيفَ مُخْتَصَرٍ (إنْ قُلْت) مَا الْمُحْوِجُ إلَى تَقْدِيرِ هَذَا الْمُضَافِ.

(قُلْت) ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنْ لَا يَسْأَلَ إلَّا فِيمَا كَانَ مَقْدُورًا لِلْمَسْئُولِ حَالَ السُّؤَالِ وَالْمُخْتَصَرُ بِتَمَامِهِ لَيْسَ مَقْدُورًا إذْ ذَاكَ لِانْعِدَامِهِ وَالْمَقْدُورُ إنَّمَا هُوَ تَأْلِيفُهُ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي تَقْدِيرُ مُضَافٍ أَيْ غَيْرَ هَذَا بِأَنْ يُقَالَ أَيْ الشُّرُوعُ فِي تَأْلِيفِ مُخْتَصَرٍ؛ لِأَنَّ الشُّرُوعَ هُوَ الْمَقْدُورُ لَهُ الْآنَ أَيْ عَادَةً فَلَا يُنَافِي أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِأَقْدَارِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ قُلْت هِيَ جَارِيَةٌ بِإِتْمَامِ التَّأْلِيفِ (قُلْت) نَعَمْ لَكِنْ كَثُرَ تَخَلُّفُهَا فِيهِ كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُ مَنْ كَتَبَ عَلَى النَّاصِرِ (قَوْلُهُ مَنْ اخْتَصَرَ إلَخْ) يَأْتِي هُنَا مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ مَنْ اُضْطُرَّ (قَوْلُهُ إذَا أَتَى بِالْمَعَانِي الْكَثِيرَةِ) إشَارَةٌ إلَى تَعْرِيفِ الِاخْتِصَارِ وَإِنَّهُ الْإِتْيَانُ بِالْمَعَانِي الْكَثِيرَةِ فِي الْأَلْفَاظِ الْقَلِيلَةِ لَا أَنَّ الْكَلَامَ كَانَ مُطَوَّلًا ثُمَّ اخْتَصَرَهُ وَالْحَقُّ أَنَّ الْمُخْتَصَرَ مَا قَلَّ لَفْظُهُ وَكَثُرَ مَعْنَاهُ أَمْ لَا وَالْمُطَوَّلُ مَا كَثُرَ لَفْظُهُ وَكَثُرَ مَعْنَاهُ أَمْ لَا فَلَا وَاسِطَةَ، وَهِيَ ثَابِتَةٌ عِنْدَ الشَّارِحِ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَنَّ الْمُخْتَصَرَ مَا قَلَّ لَفْظُهُ وَكَثُرَ مَعْنَاهُ وَالْمُطَوَّلُ مَا كَثُرَ لَفْظُهُ وَمَعْنَاهُ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ إخْلَالٍ بِالْمَعْنَى) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا الِاخْتِصَارَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُخِلٍّ بِفَهْمِ الْمَعْنَى أَيْ بِحَيْثُ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ الْمَعْنَى.

(أَقُولُ) هَذَا الْوَصْفُ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ مُخْتَصَرًا مِنْ كَلَامٍ مُطَوَّلٍ فَلَا يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ اللَّفْظُ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ قَلِيلًا وَتَحْتَهُ مَعَانٍ كَثِيرَةٌ مَعَ أَنَّهُ يُقَالُ لَهُ مُخْتَصَرٌ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَعَلَى مَذْهَبٍ عَلَى حَذْفِ مُضَافَيْنِ) لَا حَاجَةَ لِتَقْدِيرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُضَافَ الْأَوَّلَ، وَهُوَ فُهِمَ مِنْ صِفَاتِ الشَّخْصِ الْفَاهِمِ، وَلَيْسَ الْكِتَابُ مُشْتَمِلًا عَلَيْهِ وَالْأَحْكَامُ الَّتِي هِيَ الْمَسَائِلُ نَفْسُ الْمَذْهَبِ وَيُجَابُ بِأَنَّ فَهْمَ مَصْدَرِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ، وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ وَإِضَافَةِ أَحْكَامٍ إلَى مَا بَعْدَهُ لِلْبَيَانِ قَصَدَ بِذَلِكَ أَنَّ الْأَحْكَامَ هِيَ عَيْنُ الْمَذْهَبِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ كَمَا فِي ك بِأَنَّ الْأَكْثَرَ تَعَدِّيه بِفِي فَيُحْتَمَلُ عَلَى أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَاهَا نَحْوَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ، وَإِنَّمَا اخْتَارَ عَلَى لِإِيهَامِهَا الِاسْتِعْلَاءَ كَأَنَّ هَذَا الْمُخْتَصَرَ لِضَبْطِهِ وَكَثْرَةِ جَمْعِهِ مُسْتَوْلٍ وَمُسْتَعْلٍ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَقَوْلُهُ أَوْ مَسَائِلِ تَنْوِيعٌ فِي التَّعْبِيرِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَطْلُوبٌ خَبَرِيٌّ يُبَرْهَنُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ أَيْ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مِنْ الْأَحْكَامِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَذْهَبَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ أُرِيدَ مِنْهُ الْمَفْعُولُ، وَهِيَ الْأَحْكَامُ الَّتِي ذَهَبَ إلَيْهَا إمَامٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى الْمَكَانِ إلَّا بِتَعَسُّفٍ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ مَذْهُوبٌ إلَيْهَا لَا فِيهَا وَوَجْهُ صِحَّةِ الْحَمْلِ مَعَ التَّعَسُّفِ أَنَّ الْمَكَانَ هُنَا لَيْسَ حَقِيقِيًّا وَإِنَّمَا هُوَ مَجَازِيٌّ فَكَأَنَّهُ لَمَّا يَنْتَقِلُ مِنْ حُكْمٍ إلَى حُكْمٍ ذَاهِبٌ فِي الْأَحْكَامِ الِاجْتِهَادِيَّةِ أَيْ الْمَنْسُوبَةِ إلَى الِاجْتِهَادِ، وَهُوَ بَذْلُ الْوُسْعِ فِي اسْتِخْرَاجِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ إلَى آخِرِ مَا قَالُوا فَإِذَنْ وُجُوبُ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ لَيْسَ مِنْ الْفِقْهِ.

(تَنْبِيهَانِ) : الْأَوَّلُ يُطْلَقُ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015