لِأَنَّ مِنْهَامَا هُوَ مَشْهُورٌ أَوْ مُرَجَّحٌ، وَهُوَ الَّذِي يُفْتَى بِهِ وَمِنْهَامَا هُوَ شَاذٌّ أَوْ مَرْجُوحٌ لَا يُفْتَى بِهِ وَإِمَّا صِفَةً لَمُخْتَصَرًا لَكِنَّ إسْنَادَ الْبَيَانِ لَهُ مِنْ الْإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ لِكَوْنِهِ مُبَيَّنًا فِيهِ وَالرَّاجِحُ مَا قَوِيَ دَلِيلُهُ وَفِي الْمَشْهُورِ أَقْوَالٌ مَا قَوِيَ دَلِيلُهُ أَوْ مَا كَثُرَ قَائِلُهُ أَوْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ الْمَشْهُورُ مُرَادِفًا لِلرَّاجِحِ.

(ص) فَأَجَبْت سُؤَالَهُمْ بَعْدَ الِاسْتِخَارَةِ (ش) الْفَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ وَإِجَابَتُهُ لِسُؤَالِهِمْ إمَّا بِوَضْعِ جَمِيعِ التَّأْلِيفِ إنْ تَأَخَّرَتْ الْخُطْبَةُ عَنْهُ أَوْ بِالشُّرُوعِ فِيهِ إنْ تَقَدَّمَتْ وَبَعْدَ الِاسْتِخَارَةِ مُتَعَلِّقٌ بِأَجَبْت وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُؤَيِّدُ إنَّ الْإِجَابَةَ بِالشُّرُوعِ لِصِدْقِهِ مَعَ الِاحْتِمَالَيْنِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَشْرَعْ فِي فِعْلِ مَا سَأَلُوهُ فِيهِ حَتَّى طَلَبَ مِنْ اللَّهِ أَنْ يَخْتَارَ لَهُ الْأَوْلَى بِهِ وَالْأَفْضَلَ لَهُ مِنْ إجَابَةِ سُؤَالِهِمْ أَوْ تَرَكَهُ فَالِاسْتِخَارَةُ طَلَبُ الْخِيَرَةِ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِهَا فَاسْتَفْعَلَ عَلَى أَصْلِهَا مِنْ الطَّلَبِ وَطَلَبُهَا بِصَلَاتِهَا وَدُعَائِهَا الْوَارِدَيْنِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا.

وَإِنْ كَانَ الَّذِي سَأَلُوهُ خَيْرًا فَقَدْ يَكُونُ غَيْرُهُ مِنْ الْخَيْرَاتِ أَفْضَلَ وَإِيثَارُهُ بِالِاشْتِغَالِ أَوْلَى وَأَهَمَّ وَقَدْ يَكُونُ اسْتَخَارَ فِي أَصْلِ الْفِعْلِ خَوْفًا مِمَّا يَعْرِضُ لَهُ مِنْ الرِّيَاءِ وَالْعَظَمَةِ أَوْ اسْتَخَارَ فِي كَيْفِيَّتِهِ وَوَقْتِهِ لَا فِيهِ كَمَا فِي مَنْسَكِهِ أَنَّ الِاسْتِخَارَةَ فِي الْحَجِّ لَيْسَتْ فِي نَفْسِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ الِاسْتِخَارَةَ لَا مَحَلَّ لَهَا فِي الْوَاجِبِ وَالْمَكْرُوهِ وَالْحَرَامِ وَإِنَّمَا هِيَ فِي أَنَّهُ يَشْتَرِي أَوْ يَكْتَرِي وَهَلْ يُرَافِقُ فُلَانًا أَوْ غَيْرَهُ انْتَهَى.

وَفِي الِاسْتِخَارَةِ تَسْلِيمٌ لِأَمْرِ اللَّهِ وَخُرُوجٌ مِنْ

ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهِ بَلْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَسْئُولِ نَعَمْ الْمُقَيَّدُ بِذَلِكَ وَضْعُهُ الْمُخْتَصَرَ فَالْمُنَاسِبُ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَإِمَّا صِفَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ مُرَجَّحٌ) أَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي يُفْتَى بِهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمَشْهُورُ أَوْ الْمُرَجَّحُ، ثُمَّ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ هُنَاكَ رَاجِحٌ فَقَطْ أَوْ مَشْهُورٌ فَقَطْ فَلَوْ وُجِدَ الْأَمْرَانِ وَكَانَ بَيْنَهُمَا تَنَافٍ فَيُقَدَّمُ الْمَشْهُورُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الدَّلْكِ.

(قَوْلُهُ وَمِنْهَا مَا هُوَ شَاذٌّ) مُقَابِلُ مَشْهُورٍ وَقَوْلُهُ أَوْ مَرْجُوحٌ مُقَابِلُ رَاجِحٍ وَكَمَا لَا تَجُوزُ الْفَتْوَى بِغَيْرِ الْمَشْهُورِ وَالرَّاجِحِ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ وَلَا الْعَمَلُ بِهِ فَإِذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ مُتَسَاوِيَانِ فَقِيلَ إنَّ الْمُفْتِيَ يُخَيِّرُ السَّائِلَ وَقِيلَ يَخْتَارُ لَهُ أَحَدَهُمَا، وَهُوَ مَا جَرَى بِهِ الْعَمَلُ.

(فَائِدَةٌ) يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْمَذْهَبِ الْمُخَالِفِ فِي بَعْضِ النَّوَازِلِ وَيُقَدَّمُ عَلَى الْعَمَلِ بِالضَّعِيفِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ إسْنَادَ الْبَيَانِ إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى قِرَاءَتِهِ بِكَسْرِ الْيَاءِ وَقَالَ ابْنُ الْفُرَاتِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْمُ مَفْعُولٍ صِفَةً لِمُخْتَصَرٍ أَيْ مُوَضِّحًا وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ لِمَا بِهِ الْفَتْوَى مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ مُخْتَصَرًا وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ لِمَا بِمَعْنَى فِي (قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ مُبَيِّنًا فِيهِ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ مِنْ إسْنَادِ الشَّيْءِ إلَى ظَرْفِهِ (قَوْلُهُ أَوْ مَا كَثُرَ قَائِلُهُ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ (قَوْلُهُ أَوْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ) لَمْ يُرَ لِغَيْرِ هَذَا الشَّرْحِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَلَعَلَّ الْأَوْلَى رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَحَاصِلُ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ عج فِي بَابِ الْحَجْرِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَصَرُّفِهِ إلَخْ مَعَ مَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ فِيهَا وَرِوَايَةُ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَوْلَى فِي غَيْرِهَا وَقَوْلُ مَالِكٍ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِهَا، وَأَمَّا قَوْلُهُ فِيهَا فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى رِوَايَتِهِ عَنْ الْإِمَامِ فِي غَيْرِهَا

(قَوْلُهُ بَعْدَ الِاسْتِخَارَةِ) أَيْ وَالْإِلْهَامِ لَهَا وَإِلَّا فَقَدْ يَسْتَخِيرُ وَيُلْهَمُ التَّرْكُ (قَوْلُهُ لِصِدْقِهِ) أَيْ قَوْلُهُ بَعْدَ الِاسْتِخَارَةِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْبُعْدِيَّةَ ظَرْفٌ مُتَّسِعٌ بَلْ هِيَ حَقِيقَةٌ فِي الِاتِّسَاعِ فَإِذَا أُرِيدَ التَّعْقِيبُ فَيُؤَدِّي بِبَعِيدٍ أَوْ أَنَّ الْبُعْدِيَّةَ فِي كُلِّ شَيْءٍ يَحْسَبُهُ وَالْإِجَابَةُ بِالْوَضْعِ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ وَيَشْهَدُ لِلْأَوَّلِ، ثُمَّ أَعْتَذِرُ لِذَوِي الْأَلْبَابِ إلَى آخِرِ الْخُطْبَةِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي تَأْخِيرَ الْخُطْبَةِ.

(قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ لَهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ أَوْ تَرْكُهُ) الْأَحْسَنُ أَوْ تَرْكُهَا أَيْ الْإِجَابَةِ (قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِهَا) أَيْ وَفَتْحِ الْيَاءِ أَيْ طَلَبُ الِاخْتِيَارِ أَيْ طَلَبُ صَرْفِ الْهِمَّةِ لِمَا هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْأَوْلَى (قَوْلُهُ عَلَى أَصْلِهَا مِنْ الطَّلَبِ) أَيْ فَالسِّينُ وَالتَّاءُ لِلطَّلَبِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ لَا التَّأْكِيدُ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ وَطَلَبُهَا) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ بِصَلَاتِهَا إلَخْ خَبَرٌ وَالتَّقْدِيرُ وَطَلَبُهَا كَائِنٌ بِصَلَاتِهَا وَدُعَائِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الَّذِي سَأَلُوهُ خَيْرًا) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ طَلَبَ مِنْ اللَّهِ أَنْ يَخْتَارَ لَهُ الْأَوْلَى بِهِ وَالْأَفْضَلُ إلَخْ عَلَى أَنَّ الْفَاءَ لِلتَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ أَوْلَى) بِمَعْنَى أَفْضَلَ فَقَدْ تَفَنَّنَ فِي التَّعْبِيرِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يَكُونُ اسْتَخَارَ فِي أَصْلِ الْفِعْلِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ أَنَّ الَّذِي قَبْلَ تَرَدُّدِ نَظَرِهِ بَيْنَ التَّأْلِيفِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْخِيرَاتِ مُسْتَخِيرًا فِي الْأَوْلَى مِنْهُمَا غَيْرَ خَائِفِ تَطَرُّقِ الرِّيَاءِ سَاحَتَهُ وَفِي هَذَا تَرَدُّدُ نَظَرِهِ بَيْنَ التَّأْلِيفِ وَتَرْكِهِ غَيْرُ نَاظِرٍ إلَى جِهَةِ فِعْلٍ مِنْ الْخَيْرَاتِ خَائِفًا تَطَرُّقَ الرِّيَاءِ سَاحَتَهُ (قَوْلُهُ أَوْ اسْتَخَارَ فِي كَيْفِيَّتِهِ) أَيْ كَوْنِهِ مُخْتَصَرًا كَمَا سَأَلُوا أَوْ مُطَوَّلًا (قَوْلُهُ وَوَقْتِهِ) أَيْ أَوْ وَقْتِهِ (قَوْلُهُ كَمَا فِي مَنْسَكِهِ) تَنْظِيرٌ فِي أَنَّ الِاسْتِخَارَةَ فِي أَصْلِ الْفِعْلِ لَيْسَتْ مُرَادَةً، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْحَالُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ مَعَ الْحَجِّ فَإِنَّ الِاسْتِخَارَةَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فِي الْكَيْفِيَّةِ أَوْ الْوَقْتِ وَفِي الْحَجِّ فِي كَوْنِهِ يُرَافِقُ فُلَانًا (قَوْلُهُ لَيْسَتْ فِي نَفْسِ الْحَجِّ) أَيْ فِي كَوْنِهِ يَحُجُّ أَوْ لَا يَحُجُّ أَصْلًا (قَوْلُهُ لَا مَحَلَّ لَهَا فِي الْوَاجِبِ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا تَكُونُ فِي الْمَنْدُوبَاتِ وَالْمُبَاحَاتِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الِاسْتِخَارَةَ فِي الْمَنْدُوبِ إذَا تَعَارَضَ فِيهِ أَمْرَيْنٍ أَيُّهُمَا يَبْدَأُ بِهِ أَوْ يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ لَا فِي أَصْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ أَوْ فِي أَصْلِهِ خَوْفًا مِنْ عُرُوضِ الرِّيَاءِ، وَأَمَّا الْمُبَاحُ فَفِي أَصْلِهِ وَهَلْ يَسْتَخِيرُ فِي مُعَيَّنٍ أَوْ مُطْلَقٍ اخْتَارَ بَعْضُهُمْ الْأَوَّلَ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إنْ كُنْت تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ إلَخْ وَاخْتَارَ ابْنُ عِرَاقٍ الثَّانِيَ وَقَالَ سَيِّدِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الشَّعْرَانِيُّ، وَهُوَ أَحْسَنُ وَقَدْ جَرَّبْنَاهُ فَوَجَدْنَاهُ صَحِيحًا.

(تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُ فِي الْوَاجِبِ لَا يُؤْخَذُ عَلَى إطْلَاقِهِ فَقَدْ تَكُونُ فِي الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ كَالْمُسْتَحَبِّ الْمُخَيَّرِ وَفِيمَا كَانَ مُوَسَّعًا كَالْحَجِّ فِي هَذَا الْعَامِ

1 -

(قَوْلُهُ تَسْلِيمٌ لِأَمْرِ اللَّهِ) وَاحِدُ الْأُمُورِ لَا وَاحِدُ الْأَوَامِرِ (قَوْلُهُ وَخُرُوجٌ مِنْ التَّدْبِيرِ) ، وَهُوَ فِي حَقِّ الْمَخْلُوقِ النَّظَرُ فِي عَوَاقِبِ الْأُمُورِ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَأَمَّا فِي حَقِّ الْبَارِئِ جَلَّ وَعَزَّ فَهُوَ إيقَاعُ الشَّيْءِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحْكَمِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015