وَهُوَ الظَّاهِرُ.

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْمَعْلَمُ الْأَثَرُ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الطَّرِيقِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ مَكَانَهَا وَالتَّحْقِيقُ مَصْدَرُ حَقَّقَ الشَّيْءَ إذَا تَيَقَّنَهُ وَعَرَفَهُ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ فَصَارَ مُحَقِّقًا لَهُ فَيَكُونُ فَعَّلَ لِلِاتِّصَافِ بِمَعْنَاهُ نَحْوَ عَدَّلْته أَيْ صَيَّرْته عَدْلًا طَلَبَ مِنْ اللَّهِ لَهُ وَلِسَائِلِهِ وَضْعُ الْمُخْتَصَرِ الْمَذْكُورِ أَنْ يُظْهِرَ لَهُمْ عَلَامَةَ الْوُقُوعِ عَلَى حَقِيقَةِ الْعِلْمِ الَّذِي طَلَبُوا الْوَضْعَ فِيهِ أَوْ عَلَامَاتِ التَّحْقِيقِ مُطْلَقًا فِيهِ أَوْ فِي غَيْرِهِ لَا يُقَالُ الْأَوْلَى لِلْمُؤَلِّفِ تَرْكُ بَيَانِ سُؤَالِهِمْ خَشْيَةَ الرِّيَاءِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ وَثِقَ مِنْ نَفْسِهِ بِانْتِفَائِهِ، فَإِنْ قُلْت هَلَّا بَادَرَ قَبْلَ السُّؤَالِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ خَيْرٍ قُلْت لَعَلَّهُ ظَنَّ اسْتِغْنَاءَ النَّاسِ عَنْهُ وَأَنَّ غَيْرَهُ أَهَمُّ فَاشْتَغَلَ بِهِ حَتَّى تَحَقَّقَ الِاحْتِيَاجُ إلَيْهِ بِسُؤَالِ الْجَمَاعَةِ لَهُ.

(ص) وَسَلَكَ بِنَا وَبِهِمْ أَنْفَعَ طَرِيقٍ (ش) لَمَّا سَأَلَ الدَّلَالَةَ عَلَى التَّحْقِيقِ وَكَانَ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ قَدْ يُتَوَصَّلُ إلَيْهِ وَيُدَلُّ عَلَيْهِ بِطُرُقٍ بَعْضُهَا أَنْجَحُ مِنْ بَعْضٍ وَكَانَ سُلُوكُ الْأَنْفَعِ أَنْجَحَ أَتَى بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ الدِّعَائِيَّةِ وَأَنْفَعَ نُصِبَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQاسْمَ الْمُشَبَّهِ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ اسْتِعَارَةٌ تَصْرِيحِيَّةٌ وَلَا يَرِدُ أَنَّ هَذِهِ رُتْبَةُ الْمُجْتَهِدِ لَا الْمُقَلِّدِ وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ فَهُوَ مُقَلِّدٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الِاجْتِهَادُ بَذْلُ الْوُسْعِ فِي اسْتِنْبَاطِ الْأَحْكَامِ مِنْ أَدِلَّتِهَا لَا إثْبَاتُ الْأَحْكَامِ بِأَدِلَّتِهَا وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ مَا ذَكَرَ اجْتِهَادٌ فِي الْجُمْلَةِ فَلَيْسَ مُرَادُهُ ظَاهِرًا، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنْ تَحْصُلَ لَهُ مَسَائِلُ الْفِقْهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُقَرَّرِ كَذَا أَفَادَهُ مُحَشِّي النَّاصِرِ.

(قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ مَكَانَهَا) أَيْ مَكَانَ الْعَلَامَةِ أَيْ ذَاتَ الْمَحَلِّ الَّذِي يَثْبُتُ فِيهِ مَا يُجْعَلُ عَلَمًا عَلَى الطَّرِيقِ فَيَكُونُ مَعْلَمٌ اسْمَ مَكَان وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَعْنًى غَيْرُ لُغَوِيٍّ فَيَكُونُ مَجَازًا مَعَ أَنَّ كَلَامَ الْقَامُوسِ يُفِيدُ أَنَّهُ يُطْلَقُ لُغَةً عَلَى كُلٍّ مِنْ الْعَلَامَةِ وَمَكَانِهَا وَيَأْتِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ الِاسْتِعَارَةِ بِالْكِنَايَةِ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ أَيْضًا وَقَوْلُهُ وَمَعَالِمُ جَمْعُ مَعْلَمٍ بِمَعْنَى مَكَانِ الْعَلَامَةِ اسْتِعَارَةٌ تَخْيِيلِيَّةٌ أَيْ إثْبَاتُهُ اسْتِعَارَةٌ عَلَى مَا هُوَ مُقَرَّرٌ مَشْهُورٌ (فَإِنْ قُلْت) قَدْ قَرَّرْت أَنَّهُ إذَا أُرِيدَ بِالْمَعْلَمِ الْعَلَامَةُ يَجُوزُ الِاسْتِعَارَةُ بِالْكِنَايَةِ وَلَفْظُ الْمَعْلَمِ حَقِيقَةُ إثْبَاتِهِ تَخْيِيلٌ أَوْ أَنَّهُ اسْتِعَارَةٌ لِلْأَدِلَّةِ، وَهَلْ إذَا أُرِيدَ مِنْ الْمَعْلَمِ نَفْسُ الْمَكَانِ هَلْ يَصِحُّ أَنْ يَتَجَوَّزَ بِهِ عَنْ شَيْءٍ أَوْ يَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةُ إثْبَاتِهِ تَخْيِيلَ قَرِينَةِ الْمَكْنِيَّةِ (قُلْت) يَصِحُّ أَنْ يُسْتَعَارَ لِمَظِنَّةِ الْأَدِلَّةِ أَيْ لِلْأَمَاكِنِ الَّتِي هِيَ مَظِنَّةٌ لِوُجُودِ الدَّلِيلِ فِيهَا مِنْ الْكُتُبِ الْمُدَوَّنَةِ فِي هَذَا الْفَنِّ أَوْ فِي الْأَحَادِيثِ أَوْ مِنْ مَسَائِلَ يُلْهِمُهَا الْمَوْلَى لَهُ يَسْتَنْبِطُ مِنْهَا الدَّلِيلَ (قَوْلُهُ إذَا تَيَقَّنَهُ) أَيْ يَقُولُ ذَلِكَ إذَا تَيَقَّنَهُ (قَوْلُهُ وَعَرَفَهُ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ) عَطْفٌ عَلَى تَيَقَّنَهُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْيَقِينَ أَخَصُّ مِنْ الْمَعْرِفَةِ مَعَ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ وَالْيَقِينَ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يُرِيدَ بِالْمَعْرِفَةِ مُجَرَّدَ الِاعْتِقَادِ الْجَازِمَ الْمُطَابِقَ وَحَقُّهَا أَيْ الْفَرْدِ الْأَعْلَى مِنْهَا هُوَ مَا كَانَ بِالدَّلِيلِ، وَهُوَ عَيْنُ الْيَقِينِ فَصَحَّ الْعَطْفُ.

(قَوْلُهُ فَصَارَ مُحَقِّقًا لَهُ) أَيْ مُتَيَقِّنًا لَهُ يَصِحُّ كَسْرُ الْقَافِ الْأُولَى وَفَتْحُهَا إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ التَّحْقِيقَ بِتَفْسِيرِهِ هَذَا، وَهُوَ التَّيَقُّنُ لَا يَأْتِي عَلَى مَعْنًى مِنْ مَعْنَيَيْ التَّحْقِيقِ الْمَشْهُورَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا ذِكْرُ الْمَسْأَلَةِ بِدَلِيلِهَا أَوْ ذِكْرُهَا عَلَى الْوَجْهِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ فِعْلٌ) أَيْ فَيَكُونُ ذِكْرُ فِعْلٍ أَيْ إسْنَادُهُ لِفَاعِلِهِ لِإِفَادَةِ الِاتِّصَافِ بِمَعْنَاهُ التَّضَمُّنِيِّ الَّذِي هُوَ التَّحْقِيقُ (قَوْلُهُ وَضْعَ) مَعْمُولٌ لِسَائِلِهِ أَيْ تَأْلِيفُ الْمُخْتَصَرِ (قَوْلُهُ عَلَامَةَ الْوُقُوعِ) أَيْ عَلَامَةَ الْوُقُوفِ أَرَادَ بِالْوُقُوفِ إدْرَاكَ الْحَقِيقَةِ وَتِلْكَ الْعَلَامَةُ هِيَ الدَّلِيلُ (قَوْلُهُ عَلَى حَقِيقَةِ الْعِلْمِ) أَيْ عَلَى حَقِيقَةٍ هِيَ الْعِلْمُ الَّذِي طَلَبُوا الْوَضْعَ فِيهِ وَفَائِدَةُ تِلْكَ الْإِضَافَةِ مَعَ كَوْنِهَا لِلْبَيَانِ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الِاطِّلَاعُ عَلَى الْمَسَائِلِ الَّتِي هِيَ ثَابِتَةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ مِنْ حَقٍّ إذَا ثَبَتَ لَا مَسَائِلَ يَظُنُّهَا حَقَّةً مُطَابِقَةً لِلْوَاقِعِ وَيَكُونُ الَّذِي فِي الْوَاقِعِ خِلَافَهَا.

(قَوْلُهُ وَثِقَ مِنْ نَفْسِهِ) أَيْ جَزَمَ أَوْ ظَنَّ ظَنًّا قَوِيًّا وَقَوْلُهُ، فَإِنْ قُلْت إلَخْ أَيْ فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَهَلَّا بَادَرَ (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّا نُسَلِّمُ أَنَّهُ خَيْرٌ وَلَكِنْ ظَنُّ اسْتِغْنَاءِ النَّاسِ عَنْهُ وَأَنَّ غَيْرَهُ أَهَمُّ فَيَكُونُ أَوْلَى بِالِاشْتِغَالِ بِهِ وَقَوْلُهُ حَتَّى يَتَحَقَّقَ الِاحْتِيَاجُ أَيْ وَإِذَا تَحَقَّقَ الِاحْتِيَاجُ فَيَكُونُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَرْتَكِبَ مَا هُوَ الْأَوْلَى 1

(قَوْله وَسَلَكَ بنا وَبِهِمْ) إنَّمَا أَتَى بِالضَّمِيرِ فِي بنا جَمْعًا وَفِيمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ لِي وَلَهُمْ مُفْرَدًا تَفَنُّنًا فِي الْعِبَارَةِ أَوْ لِعِظَمِ الْمَسْئُولِ هُنَا وَإِنَّمَا عَدَّى الْمُؤَلِّفُ سَلَكَ بِالْبَاءِ وَلَمْ يَأْتِ بِمَا هُوَ الْقِيَاسُ لِنُكْتَةٍ وَهِيَ الْإِشَارَةُ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُصَاحِبُ وَالْمُعِينُ لَهُمْ؛ لِأَنَّ الْبَاءَ لِلْمُصَاحَبَةِ كَمَا قَالَهُ بَعْضٌ (قَوْلُهُ لَمَّا سَأَلَ الدَّلَالَةَ) أَيْ إظْهَارَ الدَّلَالَةِ بِمَعْنَى الدَّلِيلِ أَوْ ذِي الدَّلَالَةِ (قَوْلُهُ وَكَانَ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ) هَذَا كُلِّيٌّ وَمِنْ جُزْئِيَّاتِهِ التَّحْقِيقُ الْمَقْصُودُ فِي الْمَقَامِ (قَوْلُهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ) عَطْفُ مُرَادِفٍ (قَوْلُهُ أَنْجَحُ مِنْ بَعْضٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ الطُّرُقَ إلَى الْحَقِّ، وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا نَافِعَةً فَفِيهَا الْأَنْفَعُ، وَهُوَ مَا قَرُبَ مَرَامُهُ وَتَيَسَّرَتْ أُمُورُهُ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَنْفَعُهُ الْعِلْمُ وَمِنْهُمْ مِنْ يَنْفَعُهُ الْعِبَادَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْفَعُهُ الْوَرَعُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْفَعُهُ الزَّهَادَةُ وَوَقَعَ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ لِبَعْضِ إخْوَانٍ حَضَّهُ فِيهِ عَلَى التَّجَرُّدِ لِلْعِبَادَةِ، ثُمَّ قَالَ وَمَا أَرَى مَا أَنْتَ فِيهِ خَيْرًا مِمَّا أَنَا فِيهِ وَكِلَانَا إنْ شَاءَ اللَّهُ عَلَى خَيْرٍ أَفَادَهُ ك وَاَلَّذِي وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ الْإِمَامُ فَقَدْ أَرْسَلَ لَهُ بَعْضُ الْإِخْوَانِ يَحُثُّهُ عَلَى التَّجَرُّدِ لِلْعِبَادَةِ وَتَرْكِ الْعِلْمِ فَأَرْسَلَ لَهُ كَلَامًا وَمِنْ جُمْلَتِهِ وَمَا أَرَى مَا أَنْتَ فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا أَنَا فِيهِ.

(قَوْلُهُ وَكَانَ سُلُوكُ الْأَنْفَعِ أَنْجَحَ) الْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ وَكَانَ سُلُوكُ الْأَنْجَحِ أَيْ الْأَنْفَعِ أَوْلَى (قَوْلُهُ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ الدِّعَائِيَّةِ) أَيْ فَقَوْلُهُ وَسَلَكَ بِنَا جُمْلَةٌ خَبَرِيَّةٌ لَفْظًا إنْشَائِيَّةً مَعْنًى وَالْمَعْنَى اللَّهُمَّ اُسْلُكْ بِنَا وَبِهِمْ أَنْفَعَ طَرِيقٍ إلَّا أَنَّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ، وَهُوَ كَوْنُ الْمَوْلَى يَذْهَبُ مَعَهُمْ فِي الطَّرِيقِ الْحِسِّيَّةِ الْأَنْفَعَ غَيْرُ مُرَادٍ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِيلٌ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ التَّصْرِيحِيَّةِ التَّبَعِيَّةِ وَتَقْرِيرُهَا شَبَّهَ صَرْفَ اللَّهِ إرَادَتَهُمْ لِلْوَجْهِ الْأَنْفَعِ مِنْ عِلْمٍ أَوْ غَيْرِهِ بِسُلُوكِهِ بِهِمْ الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ عَلَى فَرْضِ تَحَقُّقِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَحِيلًا وَاسْتَعَارَ اسْمَ الْمُشَبَّهَ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ وَاشْتَقَّ مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015