هُنَا بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ وَقَوْلُهُ وَدَفَعَ قِيمَةَ الصِّبْغِ بِالْكَسْرِ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الْمَصْبُوغِ بِهِ.

(ص) وَفِي بِنَائِهِ فِي أَخْذِهِ وَدَفْعِ قِيمَةِ نُقْضِهِ بَعْدَ سُقُوطٍ كُلْفَةٌ لَمْ يَتَوَلَّهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَصَبَ عَرْصَةَ أَرْضٍ لِشَخْصٍ فَبَنَى فِيهَا بُنْيَانًا فَلِمَالِكِ الْعَرْصَةِ أَنْ يَأْمُرَ الْغَاصِبَ بِقَلْعِ بِنَائِهِ وَتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ وَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ قِيمَةَ بِنَائِهِ مَنْقُوضًا وَيُسْقِطَ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ مَا يَصْرِفُ فِي هَدْمِهِ وَتَسْوِيَةِ مَحَلِّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ شَأْنُ الْغَاصِبِ أَنْ يَتَوَلَّى النَّقْضَ وَالتَّسْوِيَةَ بِنَفْسِهِ أَوْ خَدَمِهِ وَإِلَّا أَخَذَ قِيمَةَ مَا ذُكِرَ مَنْقُوضًا مِنْ غَيْرِ إسْقَاطِ مَنْ يَتَوَلَّى النَّقْضَ وَالتَّسْوِيَةَ فَقَوْلُهُ فِي أَخْذِهِ إلَخْ وَسَكَتَ عَنْ الشِّقِّ الْآخَرِ وَهُوَ أَنْ يَأْمُرَهُ بِقَلْعِهِ وَتَسْوِيَةِ مَحَلِّهِ لِلْعِلْمِ بِهِ، وَالْغَرْسُ مِثْلُ الْبِنَاءِ وَسَكَتَ عَنْ أُجْرَةِ الْأَرْضِ قَبْلَ الْقِيَامِ عَلَى الْغَاصِبِ وَالْحُكْمُ أَنَّهَا تَجِبُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَتَسْقُطُ أَيْضًا مِنْ قِيمَةِ النُّقْضِ عَنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ لَكِنَّ هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ وَكِرَاءُ أَرْضٍ بُنِيَتْ وَأَمَّا الزَّرْعُ فَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي فَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ فَقَوْلُهُ وَفِي بِنَائِهِ أَيْ وَخُيِّرَ فِي بِنَائِهِ فَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ وَلَيْسَ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ فِيهِ.

(ص) وَمَنْفَعَةُ الْبُضْعِ وَالْحُرِّ بِالتَّفْوِيتِ (ش) لَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ الْمِثْلِيَّ بِمِثْلِهِ عَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ مَنْفَعَةَ الْحُرِّ بِالتَّفْوِيتِ أَيْ الِاسْتِيفَاءِ فَإِنْ غَصَبَ حُرَّةً وَوَطِئَهَا فَعَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا وَأَمَّا الْأَمَةُ فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَهَا رَائِعَةً كَانَتْ أَوْ وَخْشًا فَلَوْ لَمْ يَسْتَوْفِ الْمَنْفَعَةَ مِنْ الْبُضْعِ بَلْ حَبَسَ الْحُرَّةَ أَوْ الْأَمَةَ وَمَنَعَهَا مِنْ التَّزْوِيجِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ صَدَاقِهَا وَكَذَلِكَ مَنْفَعَةُ بَدَنِ الْحُرِّ لَا يَضْمَنُهَا الْغَاصِبُ إلَّا بِالتَّفْوِيتِ وَالْمُرَادُ بِهِ الِاسْتِيفَاءُ وَهُوَ وَطْءُ الْبُضْعِ وَاسْتِعْمَالُ الْحُرِّ بِالِاسْتِخْدَامِ أَوْ الْعَمَلِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَيْثُ عَطَّلَهُ مِنْ الْعَمَلِ.

(ص) كَحُرٍّ بَاعَهُ وَتَعَذَّرَ رُجُوعُهُ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الضَّمَانِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ غَصَبَ حُرًّا وَبَاعَهُ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ رُجُوعُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى أَهْلِهِ دِيَتَهُ فَلَوْ رَجَعَ رَجَعَ الْبَائِعُ بِمَا غَرِمَهُ.

(ص) وَغَيْرِهِمَا بِالْفَوَاتِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَعَدَّى عَلَى مَنْفَعَةٍ غَيْرِ مَنْفَعَةِ الْحُرِّ وَالْبُضْعِ فَلَا يَضْمَنُهَا إلَّا بِالْفَوَاتِ سَوَاءٌ اسْتَعْمَلَ أَوْ عَطَّلَ كَالدَّارِ يُغْلِقُهَا وَالدَّابَّةِ يَحْبِسُهَا وَالْعَبْدِ لَا يَسْتَخْدِمُهُ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ لِأَنَّ ذَاكَ مِنْ بَابِ غَصْبِ الذَّوَاتِ وَهَذَا مِنْ بَابِ غَصْبِ الْمَنَافِعِ وَشَمِلَ قَوْلُهُ وَغَيْرُهُمَا بِالْفَوَاتِ مَنْ غَصَبَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ لِشَخْصٍ فَحَبَسَهَا عِنْدَهُ مُدَّةً فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الرِّبْحَ لَوْ اتَّجَرَ رَبُّهَا بِهَا.

(ص) وَهَلْ يَضْمَنُ شَاكِيهِ لِمُغَرِّمٍ زَائِدًا عَلَى قَدْرِ الرَّسُولِ إنْ ظَلَمَ أَوْ الْجَمِيعَ أَوْ لَا؟ أَقْوَالٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى إلَخْ) وَهُوَ النِّيلَةُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ أُجْرَةَ الْعِلَاجِ تَذْهَبُ هَدَرًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصِّبْغِ النِّيلَةُ مَعَ الْعِلَاجِ فَلَا يَضِيعُ الْعِلَاجُ هَدَرًا

(قَوْلُهُ نُقْضِهِ) بِضَمِّ النُّونِ أَيْ قِيمَتِهِ مَنْقُوضًا إنْ كَانَ لَهُ بَعْدَ هَدْمِهِ قِيمَةٌ كَحَجَرٍ وَخَشَبٍ وَمِسْمَارٍ لَا مَا لَا قِيمَةَ لَهُ كَجِصٍّ وَحُمْرَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَدَفَعَ قِيمَةَ الْمَغْرُوسِ مَقْلُوعًا عَلَى أَنْ يَنْبَتَّ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَقِيمَتَهُ حَطَبًا (قَوْلُهُ لِلْعِلْمِ بِهِ) أَيْ لِوُضُوحِهِ فِي الْخَارِجِ (قَوْلُهُ لَكِنْ هَذَا مُسْتَفَادٌ إلَخْ) أَيْ فَلَمْ يَكُنْ سَاكِتًا عَنْهُ فَهُوَ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَسَكَتَ عَنْ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ لَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ فِيهِ إلَخْ) أَيْ لِفَسَادِ الْمَعْنَى لِأَنَّ الْمَعْنَى وَإِنْ تَعَيَّبَ خُيِّرَ فِي بِنَائِهِ وَهَذَا فَاسِدٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْبِنَاءِ تَعْيِيبٌ

(قَوْلُهُ مَنْفَعَةُ الْحُرِّ) أَرَادَ بِمَنْفَعَةِ الْحُرِّ مَا يَشْمَلُ الْبُضْعَ وَالْحُرَّ فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَحْذِفَ الْبُضْعَ إنْ قُلْتَ إنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْأَمَةَ حِينَئِذٍ فَالْجَوَابُ أَنَّهَا تُؤْخَذُ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ عَلَى الْحُرَّةِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَكَذَلِكَ مَنْفَعَةُ بَدَنِ الْحُرِّ إلَخْ شَبَهُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ لِمَا عَلِمْتَ أَنَّ مَنْفَعَةَ الْحُرِّ شَامِلٌ لَهُ

(قَوْلُهُ وَتَعَذَّرَ رُجُوعُهُ) سَوَاءٌ تَحَقَّقَ مَوْتُهُ أَوْ ظُنَّ أَوْ شُكَّ فَدِيَةُ عَمْدٍ يُؤَدِّيهَا لِأَهْلِهِ وَيُضْرَبُ أَلْفًا وَيُحْبَسُ سَنَةً وَكَذَا لَوْ فَعَلَ بِهِ ضَيَاعًا تَعَذَّرَ رُجُوعُهُ وَإِنْ لَمْ يَبِعْهُ

(قَوْلُهُ وَشَمِلَ قَوْلُهُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ اللَّخْمِيَّ حَكَى فِيمَنْ غَصَبَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ هَلْ يَغْرَمُ مَا يَرْبَحُ مِنْهَا أَوْ مَا كَانَ يَرْبَحُ فِيهَا صَاحِبُهَا؟ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ فَقِيلَ لَا شَيْءَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ إلَّا رَأْسُ مَالِهِ اسْتَنْقَصَهَا الْغَاصِبُ أَوْ اتَّجَرَ فِيهَا فَرَبِحَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ إنْ اتَّجَرَ فِيهَا وَهُوَ مُوسِرٌ كَانَ الرِّبْحُ لَهُ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَالرِّبْحُ لِصَاحِبِهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْلَمَةَ وَابْنِ حَبِيبٍ فِي الْوَلِيِّ يَتَّجِرُ بِمَالِ يَتِيمِهِ لِنَفْسِهِ جَعَلَا لَهُ الرِّبْحَ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَلِلْيَتِيمِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنَّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ قَدْرَ مَا كَانَ يَرْبَحُ فِيهَا أَنْ لَوْ كَانَتْ فِي يَدِهِ وَحَكَى صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ رِبْحَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ لِلْغَاصِبِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الرِّبْحَ لِلْغَاصِبِ مُطْلَقًا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ خُصُوصًا وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ كَلَامُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَحَكَى الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ

(قَوْلُهُ لِمُغَرَّمٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ مُتَعَلِّقًا بِيَضْمَنُ وَبِكَسْرِهَا مُتَعَلِّقًا بِشَاكِيهِ أَيْ لِظَالِمٍ وَالضَّمِيرُ فِي شَاكِيهِ لِلْغَاصِبِ لَا يُقَالُ الْغَاصِبُ ظَالِمٌ بِغَصْبِهِ فَشَاكِيهِ غَيْرُ ظَالِمٍ فَلَا يَصِحُّ جَعْلُ ضَمِيرِ شَاكِيهِ لِلْغَاصِبِ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُرَادُ بِظُلْمِهِ فِي شَكَوَاهُ حَيْثُ قَدَرَ عَلَى أَنَّهُ يَنْتَصِفُ مِنْهُ بِدُونِ شَكَوَاهُ فَلَا يُنَافِي كَوْنَ شَاكِيهِ ظَالِمًا وَلَكِنْ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ نَصُّ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ وَقَالُوا فِيمَنْ اعْتَدَى عَلَى رَجُلٍ وَقَدَّمَهُ لِلسُّلْطَانِ وَالْمُتَعَدِّي يَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا قَدَّمَهُ إلَيْهِ تَجَاوَزَ فِي ظُلْمِهِ فَأَغْرَمَهُ مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فَاخْتُلِفَ فِي تَضْمِينِهِ فَقَالَ كَثِيرٌ عَلَيْهِ الْأَدَبُ وَقَدْ أَثِمَ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ وَكَانَ بَعْضُ شُيُوخِنَا يُفْتِي إنْ كَانَ الشَّاكِي ظَالِمًا فِي شَكْوَاهُ غَرِمَ وَإِنْ كَانَ مَظْلُومًا وَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَنْتَصِفَ مِنْهُ إلَّا بِالسُّلْطَانِ فَشَكَاهُ فَأَغْرَمُهُ وَعَدَا عَلَيْهِ لَمْ يَغْرَمْ لِأَنَّ النَّاسَ إنَّمَا يَلْجَئُونَ فِي الْمَظْلِمَةِ إلَى السُّلْطَانِ وَعَلَى السُّلْطَانِ مَتَى قَدَرَ عَلَيْهِ رَدُّ مَا أَخَذَهُ ظُلْمًا مِنْ الْمَشْكُوِّ وَكَذَا مَا أَغْرَمَتْهُ الرُّسُلُ هُوَ مِثْلُ مَا أَغْرَمَهُ السُّلْطَانُ يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ مَنْ ظَلَمَهُ الشَّاكِي وَغَيْرُهُ وَكَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يُفْتِي بِأَنْ يُنْظَرَ لِلْقَدْرِ الَّذِي يَسْتَأْجِرُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015