فِي حَالَةِ الْكِرَاءِ أَوْ كِرَاءِ الزَّائِدِ فَقَطْ فِي حَالَةِ الْعَارِيَّةِ فَإِنْ لَمْ تَسْلَمْ الدَّابَّةُ بَلْ عَطِبَتْ أَوْ تَعَيَّبَتْ أَوْ كَثُرَ الزَّائِدُ فَإِنَّ الْمَالِكَ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهَا يَوْمَ التَّعَدِّي وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ كِرَاءِ الزِّيَادَةِ أَوْ يَأْخُذَ كِرَاءَ الزَّائِدِ فَقَطْ مَعَ كِرَاءِ الْأَوَّلِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْقِيمَةِ فَقَوْلُهُ كِرَاءُ الزَّائِدِ فِي الْمَسَافَةِ إذَا كَانَ يَسِيرًا وَسَوَاءٌ كَانَتْ تَعْطَبُ بِذَلِكَ أَمْ لَا وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْكَثِيرَةُ فَيُخَيَّرُ فِيهَا مُطْلَقًا سَلِمَتْ أَمْ لَا وَزِيَادَةُ الْحَمْلِ فِيهَا التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي بَابِ الْإِجَارَةِ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَحَمْلٌ تَعْطَبُ بِهِ وَإِلَّا فَالْكِرَاءُ، وَقَوْلُهُ فِيهِ أَيْ فِي كِرَاءِ الزَّائِدِ مَعَ الدَّابَّةِ إنْ تَعَيَّبَتْ وَلَمْ تَهْلِكْ وَالضَّمِيرُ فِي وَقْتَهُ لِلتَّعَدِّي ثُمَّ إنَّهَا تَعَيَّبَتْ وَاخْتَارَ كِرَاءَ الزَّائِدِ فَإِنَّهُ يُرَاعَى فِي كِرَاءِ الزَّائِدِ مَا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْعَيْبِ فَيَأْخُذُ كِرَاءَ الزَّائِدِ عَلَى أَنَّهَا مَعِيبَةٌ فِي بَعْضِ الْمَسَافَةِ الزَّائِدَةِ إذَا تَعَيَّبَتْ فِي بَعْضِهَا أَوْ مَعِيبَةٌ كُلُّهَا إذَا تَعَيَّبَتْ فِي أَوَّلِهَا فَيُقَالُ مَا كِرَاؤُهَا فِي هَذِهِ الْمَسَافَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى أَنَّهَا مَعِيبَةٌ فِي كُلِّهَا أَوْ فِي بَعْضِهَا مَثَلًا.
(ص) وَإِنْ تَعَيَّبَ وَإِنْ قَلَّ كَكَسْرِ نَهْدَيْهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَصَبَ شَيْئًا فَتَعَيَّبَ عِنْدَ الْغَاصِبِ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا كَمَا إذَا غَصَبَ أَمَةً قَائِمَةَ الثَّدْيَيْنِ فَانْكَسَرَا عِنْدَهُ فَإِنَّ رَبَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَضْمَنَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ أَوْ يَأْخُذَهُ مَعِيبًا وَلَا شَيْءَ لَهُ فَقَوْلُهُ كَكَسْرِ نَهْدَيْهَا مِثَالٌ لِقَلَّ وَمَا ذَكَرَ سَمَاوِيٌّ وَالْكَسْرُ هُنَا اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى الِانْكِسَارِ إذْ لَمْ يَقَعْ عَلَى النَّهْدَيْنِ كَسْرٌ بَلْ حَصَلَ لَهُمَا انْكِسَارٌ وَأَشَارَ بِالْمُبَالَغَةِ لِرَدِّ قَوْلِ ابْنِ الْجَلَّابِ إنَّهُ لَا يَضْمَنُ ذَلِكَ بِحُدُوثِ الْعَيْبِ الْقَلِيلِ وَإِنْ رَجَّحَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ شُيُوخِ عِيَاضٍ
وَلَمَّا كَانَ لَا فَرْقَ بَيْنَ السَّمَاوِيِّ وَجِنَايَةِ الْغَاصِبِ وَالْأَجْنَبِيِّ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ (ص) أَوْ جَنَى هُوَ أَوْ أَجْنَبِيٌّ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا جَنَى عَلَى الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ أَوْ جَنَى عَلَيْهِ أَجْنَبِيٌّ بِأَنْ قَطَعَ يَدَهُ مَثَلًا فَإِنَّ الْمَالِكَ يُخَيَّرُ فِي جِنَايَةِ الْغَاصِبِ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَفِي أَخْذِ شَيْئِهِ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ وَفِي جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ بَيْنَ تَضْمِينِ الْغَاصِبِ الْقِيمَةَ وَيَتَّبِعُ الْغَاصِبُ الْجَانِيَ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَفِي أَخْذِ شَيْئِهِ وَيَتَّبِعُ الْجَانِيَ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ شَيْئِهِ وَاتِّبَاعُ الْغَاصِبِ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ فَقَوْلُهُ (ص) خُيِّرَ فِيهِ (ش) أَيْ فِي الْمَغْصُوبِ الْمَعِيبِ هُوَ جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ وَإِنْ تَعَيَّبَ وَالتَّخْيِيرُ عَلَى مَا مَرَّ تَفْصِيلُهُ.
(ص) كَصَبْغِهِ فِي قِيمَتِهِ وَأَخْذِ ثَوْبِهِ وَدَفْعِ قِيمَةِ الصِّبْغِ (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي التَّخْيِيرِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ تَعَدَّى عَلَى ثَوْبِ آخَرَ فَصَبَغَهُ فَرَبُّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُتَعَدِّي قِيمَتَهُ أَبْيَضَ يَوْمَ التَّعَدِّي أَوْ يَأْخُذَهُ وَيَدْفَعَ لِلْمُتَعَدِّي قِيمَةَ صَبْغِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَلَا يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ وَهَذَا التَّخْيِيرُ فِيمَا إذَا زَادَهُ الصَّبْغُ عَنْ قِيمَتِهِ أَبْيَضَ أَوْ لَمْ يَزِدْهُ وَلَمْ يُنْقِصْهُ أَمَّا إنْ نَقَصَهُ الصَّبْغُ عَنْ قِيمَتِهِ أَبْيَضَ فَيُخَيَّرُ فِي أَخْذِهِ مَجَّانًا أَوْ يَأْخُذُ قِيمَتَهُ كَمَا فِي الْجَلَّابِ وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ يُخَيَّرُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ وَلَوْ نَقَصَهُ الصَّبْغُ فَقَوْلُهُ كَصَبْغِهِ أَيْ كَتَخْيِيرِهِ فِي مَسْأَلَةِ صَبْغِهِ فِي قِيمَتِهِ إلَخْ فَحَذَفَ حَرْفَ الْجَرِّ لِتَقَدُّمِ نَظِيرِهِ فِي قَوْلِهِ خُيِّرَ فِيهِ وَقَوْلُهُ فِي قِيمَتِهِ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ كَصَبْغِهِ بَدَلُ اشْتِمَالٍ وَالصَّبْغُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فِيهَا التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي بَابِ إلَخْ) وَهُوَ أَنَّهُ إذَا زَادَ زِيَادَةً يَسِيرَةً فَفِيهَا كِرَاءُ الزَّائِدِ عَطِبَتْ أَمْ تَعَيَّبَتْ أَوْ سَلِمَتْ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا وَعَطِبَتْ خُيِّرَ بَيْنَ أَخْذِ الْقِيمَةِ وَكِرَاءِ الزَّائِدِ وَإِنْ زَادَ كَثِيرًا وَسَلِمَتْ فَفِيهِ كِرَاءُ الزَّائِدِ فَقَطْ وَإِنْ زَادَ كَثِيرًا وَتَعَيَّبَتْ فَيَلْزَمُ الْأَكْثَرُ مِنْ كِرَاءِ الزَّائِدِ وَقِيمَةِ الْعَيْبِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ سِتَّةٌ إمَّا أَنْ تَكُونَ يَسِيرَةً لَا تَعْطَبُ بِهِ أَوْ كَثِيرَةً تَعْطَبُ بِهِ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَسْلَمَ أَوْ تَتَعَيَّبَ أَوْ تَعْطَبَ (قَوْلُهُ تَعْطَبُ) أَيْ الشَّأْنُ أَنْ تَعْطَبَ بِهِ لِضَعْفِ الدَّابَّةِ أَوْ كَانَ الشَّأْنُ أَنْ لَا تَعْطَبَ بِهِ لِقُوَّتِهَا وَالْفَرْضُ أَنَّهَا سَلِمَتْ فِي الصُّورَتَيْنِ.
(تَنْبِيهٌ) : قَالَ عج الرَّابِعُ مِنْ التَّنَابِيهِ اُنْظُرْ مَا ذَكَرَهُ هُنَا فِي زِيَادَةِ الْمَسَافَةِ مِنْ أَنَّهَا إذَا كَثُرَتْ وَسَلِمَتْ بِهِ الدَّابَّةُ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ فِي كِرَاءِ الزَّائِدِ وَفِي قِيمَتِهَا وَقْتَهُ مَعَ مَا يَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ مِنْ أَنَّهَا إذَا سَلِمَتْ لَيْسَ لَهُ إلَّا كِرَاءَ الزَّائِدِ فَيَجِبُ تَقْيِيدُ مَا يَأْتِي بِمَا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ قَلِيلَةً لِيُوَافِقَ مَا هُنَا الْمُطَابِقَ لِلْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ إنْ تَعَيَّبَتْ) شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ مَعَ الدَّابَّةِ أَيْ وَأَمَّا لَوْ عَطِبَتْ فَلَا يُعْقَلُ أَنْ يُقَالَ كِرَاءُ الزَّائِدِ مَعَ الدَّابَّةِ بَلْ كِرَاءُ الزَّائِدِ فَقَطْ أَوْ الْقِيمَةُ
(قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَيَّبَ) الْمَغْصُوبُ ذَاتُهُ الْمُقَوَّمُ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَمِنْهُ غَيْبَتُهُ عَلَى الْعَلِيَّةِ دُونَ الْوَخْشِ إنْ لَمْ يَقِلَّ الْعَيْبُ بَلْ وَإِنْ قَلَّ (قَوْلُهُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ) مُقَابِلُ مَذْهَبِهَا فِي الْأَوَّلِ أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَيَّبَ إلَخْ مَا قَالَهُ بَعْضٌ مِنْ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ ذَلِكَ بِحُدُوثِ الْعَيْبِ الْيَسِيرِ نَقَلَهُ فِي الْجَلَّابِ وَحَكَى الْمَازِرِيُّ قَوْلًا أَنَّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي الْعَيْبِ الْكَثِيرِ أَخْذَ السِّلْعَةِ وَقِيمَةِ النَّقْصِ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا أَصَابَ السِّلْعَةَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ مِنْ عَيْبٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ فِي أَخْذِهَا مَعِيبَةً أَوْ يُضَمِّنُهُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ إلَخْ وَالْمُخَالِفُ فِي جِنَايَةِ الْغَاصِبِ أَشْهَبُ فَإِنَّهُ يَقُولُ إذَا جَنَى عَلَيْهَا الْغَاصِبُ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُهَا عَلَى حَالِهَا بِغَيْرِ أَرْشِ جِنَايَةٍ أَوْ أَخْذُ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْغَصْبِ
(قَوْلُهُ كَصَبْغِهِ إلَخْ) فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ عَلَى قَوْلِهِ وَقِيمَةُ الصِّبْغِ مَا نَصُّهُ بِخِلَافِ الْخَيَّاطَةِ فَيَأْخُذُهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ كَالتَّزْوِيقِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَا شَابَهَهَا كَالْكَمْدِ وَالْقَصْرِ كَذَلِكَ وَاعْلَمْ أَنَّ الصِّبْغَةَ صِفَةٌ لَهَا تَأْثِيرٌ فِي الذَّاتِ وَشَأْنُهَا حُصُولُ الزِّيَادَةِ فَلِذَلِكَ وَجَبَ فِيهَا ذَلِكَ التَّخْيِيرُ فَلَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ احْتِيَاجِهَا لِكَبِيرِ حَمْلٍ (قَوْلُهُ فِي قِيمَتِهِ) أَيْ فِي أَخْذِ قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ هَذَا تَشْبِيهٌ فِي التَّخْيِيرِ) أَيْ تَشْبِيهٌ بِمَا تَقَدَّمَ فِي التَّخْيِيرِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ فِيمَا يَأْتِي إنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ كَصَبْغِهِ أَيْ كَتَخْيِيرِهِ فِي مَسْأَلَةِ صَبْغِهِ فَهُوَ حَلُّ مَعْنًى فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي التَّخْيِيرِ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْجَلَّابِ) كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ يَقْتَضِي اعْتِمَادَهُ (قَوْلُهُ فَحَذَفَ حَرْفَ الْجَرِّ) أَيْ مَعَ مَجْرُورِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي مَسْأَلَةِ