قَوْلِهِ أَوْ جَنَى هُوَ أَوْ أَجْنَبِيٌّ خُيِّرَ فِيهِ وَهَذَا وَاضِحٌ فِي الْحُلِيِّ الْمُبَاحِ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيُؤْخَذُ مَكْسُورًا إذْ الصِّيَاغَةُ الْمُحَرَّمَةُ لَا يَجُوزُ بَقَاؤُهَا كَذَا يَنْبَغِي.

(ص) أَوْ غَصَبَ مَنْفَعَةً فَتَلِفَتْ الذَّاتُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَصَبَ دَابَّةً أَوْ دَارًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَاسْتَعْمَلَهَا بِأَنْ رَكِبَ الدَّابَّةَ أَوْ سَكَنَ الدَّارَ فَتَلِفَتْ الذَّاتُ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ فَقَطْ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تَعَدَّى عَلَيْهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الذَّاتِ وَقَوْلُنَا بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ أَيْ لَا سَبَبَ لِلْمُتَعَدِّي فِيهِ لِئَلَّا يَرِدَ مَسْأَلَةُ تَعَدِّي الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ إذَا زَادَا فِي الْمَسَافَةِ فَلَا يُقَالُ كُلٌّ مِنْهُمَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الرَّقَبَةِ إذَا هَلَكَتْ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ تَمَلُّكَهَا.

(ص) أَوْ أَكَلَهُ مَالِكُهُ ضِيَافَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَصَبَ طَعَامًا فَقَدَّمَهُ لِرَبِّهِ ضِيَافَةً فَأَكَلَهُ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَبْرَأُ مِنْ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ عَلِمَ مَالِكُهُ أَنَّهُ لَهُ أَمْ لَا لِأَنَّ رَبَّهُ بَاشَرَ إتْلَافَهُ وَالْمُبَاشِرُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ إذَا ضَعُفَ السَّبَبُ كَمَا مَرَّ بَلْ لَوْ أَكْرَهَ الْغَاصِبُ رَبَّهُ عَلَى أَكْلِهِ لَبَرِئَ الْغَاصِبُ وَكَذَلِكَ لَوْ دَخَلَ الْمَالِكُ دَارَ الْغَاصِبِ فَأَكَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْغَاصِبِ لَبَرِئَ الْغَاصِبُ ثُمَّ إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الطَّعَامُ يُنَاسِبُ حَالَ مَالِكِهِ وَإِلَّا فَيَضْمَنُهُ الْغَاصِبُ لِرَبِّهِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ مِنْ قِيمَتِهِ الَّذِي انْتَفَعَ بِهِ رَبُّهُ أَنْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ الطَّعَامِ الَّذِي شَأْنُهُ أَكْلُهُ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِلَفْظِ يَنْبَغِي كَمَا إذَا كَانَ الطَّعَامُ يُسَاوِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَيَكْفِي مَالِكَهُ مِنْ الطَّعَامِ الَّذِي يَلِيقُ بِهِ بِنِصْفِ دِينَارٍ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَغْرَمُ لَهُ تِسْعَةً وَنِصْفًا وَيَنْبَغِي إذَا أَكَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْغَاصِبِ أَنْ يُقَيِّدَ بِمَا إذَا أَكَلَهُ قَبْلَ فَوْتِهِ وَأَمَّا إنْ أَكَلَهُ بَعْدَمَا فَاتَ عِنْدَ الْغَاصِبِ وَلَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ لِأَنَّهُ قَدْ أَكَلَ مَا هُوَ مِلْكٌ لِلْغَاصِبِ وَيَرْجِعُ رَبُّهُ عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَتِهِ وَقَدْ تَخْتَلِفُ الْقِيمَتَانِ.

(ص) أَوْ نَقَصَتْ لِلسُّوقِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ النَّقْصَ لِأَجْلِ الْأَسْوَاقِ فِي بَابِ الْغَصْبِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بِخِلَافِهِ فِي بَابِ التَّعَدِّي فَإِنَّهُ مُعْتَبَرٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ غَصَبَ دَابَّةً مَثَلًا ثُمَّ وَجَدَهَا رَبُّهَا وَقَدْ نَقَصَتْ أَسْوَاقُهَا فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْغَاصِبِ وَسَوَاءٌ طَالَ زَمَانُهَا عِنْدَ الْغَاصِبِ أَوْ لَا فَإِنْ زَادَتْ لِلْأَسْوَاقِ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَلَا كَلَامَ لِرَبِّهَا مِنْ بَابِ أَوْلَى وَإِنْ كَانَتْ نَقَصَتْ فِي بَدَنِهَا فَلِرَبِّهَا أَنْ يُغَرِّمَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ بِخِلَافِ بَابِ التَّعَدِّي فَإِنَّ رَبَّهَا إذَا وَجَدَهَا وَقَدْ نَقَصَتْ فِي أَسْوَاقِهَا فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُتَعَدِّيَ قِيمَتَهَا يَوْمَ تَعَدَّى عَلَيْهَا لِأَنَّهُ حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا فَقَوْلُهُ أَوْ نَقَصَتْ لِلسُّوقِ أَيْ نَقَصَتْ السِّلْعَةُ لِأَجْلِ تَغَيُّرِ سُوقِهَا لَا لِشَيْءٍ فِي بَدَنِهَا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ نَقَصَ سُوقٌ بِلَا لَامٍ عَلَى أَنَّ السُّوقَ فَاعِلُ نَقَصَ أَيْ نَقَصَ سُوقُهَا وَفِي بَعْضِهَا أَوْ نَقَصَتْ لَا لِسُوقٍ بِإِدْخَالِ لَا النَّافِيَةِ عَلَى السُّوقِ الْمُنَكَّرِ الْمَجْرُورِ بِاللَّامِ وَالْمَعْنَى أَنَّ السِّلْعَةَ الْمَغْصُوبَةَ نَقَصَتْ فِي بَدَنِهَا لَا لِأَجْلِ سُوقِهَا وَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى مَا يَضْمَنُ فِيهِ الْقِيمَةَ وَهُوَ قَوْلُهُ وَعَلَى غَيْرِهَا فَقِيمَتُهُ كَكَسْرِهِ.

(ص) أَوْ رَجَعَ بِهَا مِنْ سَفَرٍ وَلَوْ بَعُدَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَصَبَ رَقَبَةَ دَابَّةٍ فَسَافَرَ عَلَيْهَا سَفَرًا بَعِيدًا أَوْ قَرِيبًا ثُمَّ رَجَعَ بِهَا وَلَمْ تَتَغَيَّرْ فِي بَدَنِهَا ثُمَّ وَجَدَهَا رَبُّهَا فَلَهُ أَخْذُهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْغَاصِبِ مِنْ الْقِيمَةِ وَأَمَّا الْكِرَاءُ فَيَضْمَنُهُ كَمَا شَهَرَهُ الْمَازِرِيُّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ وَابْنُ الْحَاجِبِ كَمَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ وَفِي كَلَامِ تت وَالشَّارِحِ نَظَرٌ وَانْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ.

(ص) كَسَارِقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ سَرَقَ دَابَّةً فَلَمْ تَتَغَيَّرْ فِي بَدَنِهَا فَلِرَبِّهَا أَخْذُهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى السَّارِقِ وَلَوْ تَغَيَّرَ سُوقُهَا.

(ص) وَلَهُ فِي تَعَدٍّ كَمُسْتَأْجِرٍ كِرَاءُ الزَّائِدِ إنْ سَلِمَتْ وَإِلَّا خُيِّرَ فِيهِ وَفِي قِيمَتِهَا وَقْتَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً إلَى مَكَانِ كَذَا أَوْ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا قَدْرًا مَعْلُومًا إلَى مَكَانِ كَذَا فَتَعَدَّى وَزَادَ عَلَيْهَا فِي الْمَسَافَةِ الْمُشْتَرَطَةِ زِيَادَةً يَسِيرَةً كَالْبَرِيدِ وَالْيَوْمِ أَوْ زَادَ قَدْرًا فِي الْمَحْمُولِ أَيْ زَادَ شَيْئًا يَسِيرًا وَرَجَعَتْ سَالِمَةً فَلَيْسَ لِرَبِّهَا عَلَيْهِ إلَّا كِرَاءَ الزَّائِدِ مَعَ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَهَذَا وَاضِحٌ) أَيْ أَخْذُ قِيمَةِ الصِّيَاغَةِ وَاضِحٌ

(قَوْلُهُ أَوْ غَصَبَ مَنْفَعَةً) إطْلَاقٌ عَلَى التَّعَدِّي عَلَى الْمَنْفَعَةِ مَجَازٌ (قَوْلُهُ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةَ) أَيْ قِيمَةُ مَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ فِيهَا وَلَوْ جُزْءًا يَسِيرًا مِنْ الزَّمَنِ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَرِدَ) حَاصِلُ الْإِيرَادِ أَنَّهُ فِيمَا سَيَأْتِي فِي الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرِ إذَا تَعَدَّى يَضْمَنُ وَلَوْ كَانَ بِسَمَاوِيٍّ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرِ لَمْ يَقْصِدْ تَمَلُّكَهَا وَإِنَّمَا قَصَدَ الْمَنَافِعَ كَمَا أَنَّ الْغَاصِبَ كَذَلِكَ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْغَاصِبِ السَّمَاوِيُّ لَا سَبَبَ لَهُ فِيهِ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ.

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ فَلَوْ قَالَ الْمُتَعَدِّي أَنَا مَا تَعَدَّيْتُ إلَّا عَلَى الْمَنَافِعِ وَخَالَفَهُ رَبُّهَا فَيُنْظَرُ لِلْقَرَائِنِ فَإِنْ عَرِيَ عَنْ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهَا أَنَّهُ إنَّمَا غَصَبَ الذَّاتَ وَفَائِدَتُهُ إذَا هَلَكَتْ الذَّاتُ يَكُونُ ضَامِنًا بِالِاسْتِيلَاءِ

(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَضْمَنُهُ) أَيْ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يُنَاسِبُ الشَّأْنُ أَنْ يَعْمَلَهُ لِلْبَيْعِ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِلَفْظِ يَنْبَغِي) أَقُولُ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا أَكَلَهُ قَهْرًا عَنْهُ وَأَمَّا إذَا أَكَلَهُ بِاخْتِيَارِهِ فَلَا وَجْهَ لِلرُّجُوعِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إذَا أَكَلَهُ إلَخْ) هَذَا مِمَّا يُقَوِّي كَلَامَ ابْنِ نَاجِي الْمُتَقَدِّمَ

(قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ أَنَّ النَّقْصَ إلَخْ) وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ مَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَنَقْصِ الذَّاتِ يُخَيَّرُ رَبُّهَا فِي أَخْذِهَا أَوْ أَخْذِ قِيمَتِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ فِي بَابِ التَّعَدِّي) وَهُوَ غَصْبُ الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ السُّوقَ فَاعِلُ) أَيْ وَيُرَادُ مِنْ السُّوقِ الْقِيمَةُ أَيْ أَوْ نَقَصَتْ الْقِيمَةُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ نَقَصَ سُوقُهَا نَظَرَ لِلَفْظِ سُوقٍ فَحَذَفَ التَّاءَ لَا لِمَعْنَاهُ (قَوْلُهُ مَعْطُوفًا عَلَى مَا يَضْمَنُ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ كَسْرٌ لَكِنْ بِحَسَبِ الْمَعْنَى وَكَأَنَّهُ قَالَ كَكَسْرِهِ أَوْ نَقْصِ السُّوقِ فَهُوَ عَطْفُ مَصْدَرٍ عَلَى مِثْلِهِ

(قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ تت وَالشَّارِحِ نَظَرٌ) وَذَلِكَ لِأَنَّ تت قَالَ لَا يَضْمَنُ قِيمَةً وَلَا كِرَاءً وَكَذَلِكَ فِي الشَّارِحِ

(قَوْلُهُ كِرَاءُ الزَّائِدِ إلَخْ) هَذَا تَقْرِيرٌ ثَانٍ غَيْرُ تَقْرِيرِهِ أَوَّلًا مِنْ الْعُمُومِ فِي الْمُصَنِّفِ وَالصَّوَابُ التَّقْرِيرُ الثَّانِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015