وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ إلَّا عَيْنُ شَيْئِهِ لِحُصُولِ الْجُبْرَانِ وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ عَادَ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ وَالتَّغْيِيرَ فِي الْأَوَّلِ حِسِّيٌّ وَالثَّانِي مَعْنَوِيٌّ.
(ص) أَوْ خَصَاهُ فَلَمْ يَنْقُصْ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَى الْغَاصِبِ إذَا غَصَبَ عَبْدًا فَخَصَاهُ فَلَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ عَنْ حَالِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْصِيَهُ أَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ إلَّا عَبْدُهُ وَعَلَى الْغَاصِبِ الْعُقُوبَةُ فَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا نَقَصَ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْخِصَاءَ لَيْسَ بِمُثْلَةٍ وَلَوْ كَانَ مُثْلَةً لَعَتَقَ عَلَى الْغَاصِبِ وَغَرِمَ لِرَبِّهِ قِيمَتَهُ.
(ص) أَوْ جَلَسَ عَلَى ثَوْبِ غَيْرِهِ فِي صَلَاةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ جَلَسَ عَلَى ثَوْبِ غَيْرِهِ فِي صَلَاةٍ أَوْ فِي مَجْلِسٍ يَجُوزُ الْجُلُوسُ فِيهِ فَقَامَ صَاحِبُ الثَّوْبِ فَانْقَطَعَ ثَوْبُهُ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْجَالِسِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْهُ فِي صَلَاتِهِمْ وَمَجَالِسِهِمْ وَلِأَنَّ صَاحِبَ الثَّوْبِ هُوَ الْمُبَاشِرُ لِقَطْعِ ثَوْبِهِ وَالْجَالِسُ مُتَسَبِّبٌ فِي ذَلِكَ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الْمُبَاشِرَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ إذَا ضَعُفَ السَّبَبُ وَأَمَّا إذَا قَوِيَ السَّبَبُ فَإِنَّ الضَّمَانَ عَلَيْهِمَا مَعًا كَمَا يَأْتِي فِي الْجِرَاحِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَالْمُتَسَبِّبُ مَعَ الْمُبَاشِرِ كَمُكْرِهٍ وَمُكْرَهٍ.
(ص) أَوْ دَلَّ لِصًّا أَوْ أَعَادَ مَصُوغًا عَلَى حَالِهِ وَعَلَى غَيْرِهَا فَقِيمَتُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ دَلَّ لِصًّا أَوْ غَاصِبًا أَوْ مُحَارِبًا عَلَى مَالِ غَيْرِهِ فَأَخَذَهُ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الدَّالِ لِأَنَّهُ غُرُورٌ بِالْقَوْلِ وَكَذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَى مَنْ غَصَبَ حُلِيًّا مَصُوغًا فَكَسَرَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ كَسْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنْ أَعَادَهُ عَلَى غَيْرِ الْحَالَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْكَسْرِ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ لِفَوَاتِهِ فَإِنْ قِيلَ قَدْ مَرَّ أَنَّهُ يُخَيَّرُ مَعَ الْفَوَاتِ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا احْتَاجَ لِكَبِيرِ حَمْلٍ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَاكَ عَيْنُ شَيْئِهِ بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّهُ غَيْرُهُ حُكْمًا فَفَرْقٌ بَيْنَ الْفَوَاتَيْنِ وَاَلَّذِي بِهِ الْفَتْوَى فِي قَوْلِهِ أَوْ دَلَّ لِصًّا الضَّمَانُ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَمِثْلُ دَلَالَتِهِ مَا لَوْ حَبَسَ الْمَتَاعَ عَنْ رَبِّهِ حَتَّى أَخَذَهُ اللِّصُّ وَنَحْوُهُ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لِرَبِّ الشَّيْءِ عَلَى اللِّصِّ وَنَحْوِهِ وَإِنَّمَا ضَمَانُهُ عَلَى الدَّالِ وَالظَّاهِرُ رُجُوعُ الدَّالِ حَيْثُ ضَمِنَ عَلَى اللِّصِّ وَنَحْوِهِ.
(ص) كَكَسْرِهِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي لُزُومِ الْقِيمَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ غَصَبَ حُلِيًّا مَصُوغًا فَكَسَرَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَجَعَ إلَيْهِ بَعْدَ أَنْ كَانَ أَوَّلًا يَقُولُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ مَا نَقَصَهُ مِنْ الصِّيَاغَةِ وَهَذَا إذَا قَدَرَ عَلَى صِيَاغَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَهُ وَحَيْثُ غَرِمَ الْغَاصِبُ الْقِيمَةَ فَقَدْ مَلَكَهُ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَمَلَكَهُ إنْ اشْتَرَاهُ أَوْ غَرِمَ قِيمَتَهُ وَأَمَّا ح فَجَعَلَ التَّشْبِيهَ فِي قَوْلِهِ لَا إنْ هَزِلَتْ جَارِيَةٌ أَيْ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَإِنَّمَا يَأْخُذُهُ وَقِيمَةَ الصِّيَاغَةِ فَإِنْ قُلْتَ التَّشْبِيهُ لَا يُفِيدُ قِيمَةَ الصِّيَاغَةِ قُلْتُ نَعَمْ لَكِنَّهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَالتَّغْيِيرُ) أَيْ الَّذِي هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا إنْ هَزِلَتْ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا إنْ هَزِلَتْ فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا لَا إنْ تَغَيَّرَتْ وَالتَّغْيِيرُ فِي الْجَارِيَةِ حِسِّيٌّ وَفِي الْعَبْدِ مَعْنَوِيٌّ
(قَوْلُهُ أَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ) أَيْ فَلَا رَدَّ لَهُ وَهَذَا مَا عِنْدَ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَعِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ زِيَادَتَهُ كَنَقْصِهِ فِي التَّخْيِيرِ لِأَنَّهُ نَقْصٌ عِنْدَ الْأَعْرَابِ وَنَحْوِهِمْ الَّذِينَ لَا رَغْبَةَ لَهُمْ فِي الْخُصْيَانِ دُونَ أَهْلِ الطَّوْلِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبْدُوسٍ أَيْ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَهُ وَمَا نَقَصَهُ أَوْ يَأْخُذَ قِيمَتَهُ فَحْلًا فَانْظُرْ لِمَ عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْخِصَاءَ إلَخْ) يُرَدُّ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَعْتِقُ بِالْحُكْمِ رَقِيقُهُ أَوْ رَقِيقُ رَقِيقِهِ
(قَوْلُهُ فِي صَلَاةٍ) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الصَّلَاةُ عَاصِيًا بِهَا كَتَنَفُّلِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَعَلَيْهِ فَرِيضَةٌ (قَوْلُهُ يَجُوزُ الْجُلُوسُ فِيهِ) أَيْ يُبَاحُ الْجُلُوسُ فِيهِ خَرَجَ الْمُحَرَّمُ وَالْمَكْرُوهُ وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ وَطِئَ عَلَى نَعْلِ غَيْرِهِ فَمَشَى صَاحِبُ النَّعْلِ فَانْقَطَعَ فَإِنَّ الْوَاطِئَ يَضْمَنُهُ وَيُقَاسَ عَلَيْهِ مَا يَقْطَعُهُ حَامِلُ الْحَطَبِ مِنْ الثِّيَابِ فِي الطَّرِيقِ وَالنَّصُّ كَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْحَطَبِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَشَرْحِهَا وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْ حَامِلِ الْحَطَبِ إنْذَارٌ يُمْكِنُ مَعَهُ التَّخَلُّصُ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي فِي مَسْأَلَةِ النَّعْلِ عَدَمُ الضَّمَانِ كَمَنْ جَلَسَ عَلَى ثَوْبِ غَيْرِهِ فِي صَلَاةٍ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ
(قَوْلُهُ أَوْ أَعَادَ مَصُوغًا عَلَى حَالِهِ) وَأَمَّا لَوْ بَاعَهُ فَكَسَرَهُ الْمُشْتَرِي وَأَعَادَهُ لِحَالَتِهِ لَمْ يَأْخُذْهُ رَبُّهُ إلَّا بِأُجْرَةِ الصِّيَاغَةِ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ غَيْرُ عَالِمٍ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى الْغَاصِبِ بِالْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا) أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْصُلَ فِيهِ نَقْصٌ وَلَا تَغْيِيرُ صِفَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الصِّيَاغَةِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ مَا لِمُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ كَسْرِهِ ضَمِنَهُ (قَوْلُهُ بِأَنْ عَادَ عَلَى غَيْرِ الْحَالَةِ إلَخْ) أَيْ مُغَايِرَةٍ لَهَا أَوْ مِثْلِهَا لَكِنْ أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ مِمَّا كَانَ فَقِيمَتُهُ مُتَعَيِّنَةٌ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ هَذَا إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الدَّالِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْأَخْذُ مِنْ الْغَاصِبِ
(قَوْلُهُ وَرَجَعَ إلَيْهِ) وَفِي شب الْمَذْهَبُ الْمَرْجُوعُ عَنْهُ وَهُوَ أَنَّ مَا عَلَيْهِ مَا نَقَصَتْ الصِّيَاغَةُ (قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا قَدَرَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْمَرْجُوعِ إلَيْهِ وَفِيهِ تَوَقُّفٌ وَتَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضُ تَلَامِذَةِ الْمُؤَلِّفِ ثُمَّ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمَرْجُوعِ عَنْهُ أَقُولُ وَفِيهِ تَوَقُّفٌ أَعْظَمُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمَرْجُوعِ إلَيْهِ وَلَمْ تَظْهَرْ لَهُ صِحَّةٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ قَيْدٌ لِقَوْلٍ ثَالِثٍ فِي الْمَسْأَلَةِ لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّارِحُ وَهُوَ لِأَشْهَبَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ أَشْهَبَ يَقُولُ يَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ أَيْ إذَا قَدَرَ عَلَى الصِّيَاغَةِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ إلَى آخِرِ مَا قَالَ (قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْتَ إلَخْ) يَرُدُّ عَلَى كَلَامِ الْحَطَّابِ (قَوْلُهُ قُلْتُ نَعَمْ) أَيْ لِأَنَّهُ فِيمَا سَيَأْتِي حُكِمَ أَنَّ رَبَّهُ مُخَيَّرٌ فِي جِنَايَةِ الْغَاصِبِ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهِ وَبَيْنَ أَخْذِ مَا نَقَصَهُ فَيُفِيدُ هُنَا أَنَّهُ إذَا أَخَذَ الشَّيْءَ الْمَغْصُوبَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ قِيمَةَ الصِّيَاغَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فِيمَا سَيَأْتِي حُكِمَ بِأَنَّ رَبَّهُ يَأْخُذُ قِيمَةَ النَّقْصِ إذَا أَخَذَ شَيْئَهُ وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ أَخَذَ شَيْئَهُ فَيَأْخُذُ قِيمَةَ الصِّيَاغَةِ فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ الْحَطَّابَ اعْتَمَدَ الْمَرْجُوعَ عَنْهُ قُلْتُ وَلِذَلِكَ جَعَلَهُ بَعْضُهُمْ هُوَ الْمَذْهَبَ لِأَنَّ كَلَامَ الْحَطَّابِ لَا يُعْدَلُ عَنْهُ مَا لَمْ يُرَ خِلَافُهُ