وَمِنْ الْقِيمَةِ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ لِمَالِكٍ وَالثَّانِي لِعِيسَى وَتَعْبِيرُهُ بِالتَّرَدُّدِ لَيْسَ جَارِيًا عَلَى اصْطِلَاحِهِ فَلَوْ تَعَدَّدَ الْعَطَاءُ بِقَلِيلٍ وَكَثِيرٍ بِحَيْثُ لَوْ شَاءَ لَبَاعَ بِكُلٍّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَعْتَبِرَ الْأَكْثَرَ.

(ص) وَإِنْ وَجَدَ غَاصِبَهُ بِغَيْرِهِ وَغَيْرِهِ مَحَلِّهِ فَلَهُ تَضْمِينُهُ (ش) أَيْ وَإِنْ وَجَدَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ غَاصِبَهُ مُلْتَبِسًا بِغَيْرِ الْمَغْصُوبِ وَفِي غَيْرِ مَحَلِّ الْغَصْبِ فَلَهُ تَضْمِينُهُ الْقِيمَةَ وَلَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ أَنْ يَخْرُجَ هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ لِيَدْفَعَهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَالْبَاءُ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي مَعْنَى الْمُلَابَسَةِ وَالظَّرْفِيَّةِ وَإِنَّمَا كَانَ لَهُ تَضْمِينُهُ هُنَا بِخِلَافِ الْمِثْلِيِّ فَإِنَّهُ يَصْبِرُ لِمَحَلِّهِ كَمَا مَرَّ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّ يَغْرَمُ فِيهِ الْمِثْلَ وَرُبَّمَا يَزِيدُ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ وَاَلَّذِي يَغْرَمُ فِي الْمُقَوَّمِ هُوَ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ فِي مَحَلِّهِ وَلَا زِيَادَةَ فِيهَا لَا فِي بَلَدِ الْغَصْبِ وَلَا فِي غَيْرِهِ وَأَيْضًا الْمِثْلِيُّ يُرَادُ لِعَيْنِهِ بِخِلَافِ الْمُقَوَّمِ وَلَا يُقَالُ يَصْبِرُ لِيَأْخُذَهَا بِعَيْنِهَا لِأَنَّا نَقُولُ رُبَّمَا لَوْ صَبَرَ يَجِدُهَا قَدْ تَغَيَّرَتْ.

(ص) وَمَعَهُ أَخَذَهُ إنْ لَمْ يَحْتَجْ لِكَبِيرِ حَمْلٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ إذَا وَجَدَ الْغَاصِبَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْغَصْبِ وَالشَّيْءُ الْمَغْصُوبُ مَعَهُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّيْءُ يَحْتَاجُ إلَى كُلْفَةٍ وَمُؤْنَةٍ كَبِيرَةٍ تُصْرَفُ عَلَيْهِ حَتَّى يَصِلَ إلَى مَحَلِّ الْغَصْبِ فَإِنَّ الْمَالِكَ يُخَيَّرُ حِينَئِذٍ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ مَتَاعَهُ أَوْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهُ يَوْمَ غَصَبَهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ احْتِيَاجِهِ لِكَبِيرِ حَمْلٍ فِي ذَهَابِ الْغَاصِبِ بِهِ وَفِي رُجُوعِهِ بِهِ فَإِنْ قُلْتَ مَا وَجْهُ تَخْيِيرِ رَبِّهِ إذَا احْتَاجَ لِكَبِيرِ حَمْلٍ قُلْتُ لَمَّا انْضَمَّ لِنَقْلِهِ الِاحْتِيَاجُ الْكَبِيرُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ حُدُوثِ عَيْبٍ فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إذًا أَرْشٌ وَلَا أُجْرَةُ حَمْلٍ لِأَنَّ خِيَرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلُوا النَّقْلَ هُنَا مُفَوِّتًا وَتَتَعَيَّنُ الْقِيمَةُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لِأَنَّهُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ نَقَلَهُ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ وَهُنَا نَقَلَهُ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُ الْغَيْرِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ بِالنَّقْلِ.

(ص) لَا إنْ هَزِلَتْ جَارِيَةٌ أَوْ نَسِيَ عَبْدٌ صَنْعَةً ثُمَّ عَادَ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَضَمِنَ بِالِاسْتِيلَاءِ فَأَخْرَجَ هَذَا مِنْهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ غَصَبَ عَبْدًا أَوْ جَارِيَةً فَهَزِلَتْ الْجَارِيَةُ أَوْ نَسِيَ الْعَبْدُ الصَّنْعَةَ الَّتِي كَانَ يَعْرِفُهَا ثُمَّ عَادَ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ بِأَنْ سَمِنَتْ الْجَارِيَةُ وَعَرَفَ الْعَبْدُ الصَّنْعَةَ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْغَاصِبِ حِينَئِذٍ

ـــــــــــــــــــــــــــــQفَجَعَلَ عب مَا يَشْمَلُ الْعَطَاءَ الصَّرِيحَ وَالْمُتَعَدِّدَ ضِمْنًا كَخَمْسَةَ عَشَرَ لَا يُسَلَّمُ فَالْمُنَاسِبُ قَصْرُهُ عَلَى التَّعَدُّدِ الصَّرِيحِ كَالْعَشَرَةِ

(قَوْلُهُ لَيْسَ جَارِيًا عَلَى اصْطِلَاحِهِ) أَيْ لِأَنَّ الْخِلَافَ مَنْصُوصٌ لِلْمُتَقَدِّمِينَ وَلَا يَأْتِي التَّعْبِيرُ بِقَوْلَانِ لِأَنَّ التَّرْجِيحَ مَوْجُودٌ وَلَا بِخِلَافِ لِأَنَّ الْخِلَافَ هُنَا لَيْسَ فِي التَّشْهِيرِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ وَابْنِ الْقَاسِمِ بِلُزُومِ الثَّمَنِ هَلْ هُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ سَوَاءٌ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ فَيَكُونُ قَوْلُ عِيسَى خِلَافًا وَهُوَ مَا فَهِمَهُ الْعُتْبِيُّ وَابْنُ يُونُسَ أَوْ مُقَيَّدًا بِمَا إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْهُ لَزِمَتْهُ فَيَكُونُ قَوْلُ عِيسَى تَفْسِيرًا وَهُوَ مَا عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَحِينَئِذٍ فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ وَهَلْ إلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ فِيهِ مُتَعَدِّدٌ عَطَاءً فَبِهِ وَقِيلَ بِالْأَكْثَرِ مِنْهُ وَمِنْ الْقِيمَةِ وَهَلْ خِلَافٌ تَأْوِيلَانِ (قَوْلُهُ فَلَوْ تَعَدَّدَ إلَخْ) هَذَا بِنَاءٌ عَلَى عِيسَى أَيْ أَنَّ الْقَائِلَ أَنَّهُ يَأْخُذُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ إنْ اتَّحَدَ الثَّمَنُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا لَوْ اخْتَلَفَ كَأَنْ أُعْطِيَ عَشَرَةً وَأُعْطِيَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَالْأَكْثَرُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَيُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ مِنْ الْخَمْسَةَ عَشَرَ وَهِيَ الثَّمَنُ وَمِنْ الْقِيمَةِ فَالْمُرَادُ بِالثَّمَنِ عَلَى هَذَا هُوَ الْأَكْثَرُ مِنْ الْعَطَاءَيْنِ وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ فَالْمُرَادُ بِالثَّمَنِ هُوَ الَّذِي تَعَدَّدَ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ بِقَلِيلٍ) أَيْ مُلْتَبِسًا

(قَوْلُهُ بِغَيْرِهِ) أَيْ لَيْسَ مَعَهُ الشَّيْءُ الْمَغْصُوبُ سَوَاءٌ صَاحَبَهُ غَيْرُهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ مُلْتَبِسًا بِغَيْرِهِ) أَيْ الْمُغَايَرَةَ الْمُطْلَقَةُ فَيَصْدُقُ بِالصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ فِي مَعْنَى الْمُلَابَسَةِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ بِغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ وَالظَّرْفِيَّةِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ وَغَيْرِ مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ فِي مَحَلِّهِ) أَيْ الْغَصْبِ (قَوْلُهُ وَأَيْضًا الْمِثْلِيُّ يُرَادُ لِعَيْنِهِ) الْأَنْسَبُ الْعَكْسُ وَهُوَ أَنَّ الْمِثْلِيَّ لَا يُرَادُ لِعَيْنِهِ بِخِلَافِ الْمُقَوَّمِ وَقَدْ تَكَلَّفَ عب فِي تَصْحِيحِهَا فَإِنَّهُ قَالَ وَأَيْضًا الْمِثْلِيُّ أَيْ صِنْفٌ خَاصٌّ مِنْهُ يُرَادُ لِعَيْنِهِ كَعَدَسٍ صَعِيدِيٍّ دُونَ بُحَيْرِيٍّ لَا كُلّ مِثْلِيٍّ بِخِلَافِ الْمُقَوَّمِ أَيْ قِيمَتُهُ لَا تُرَادُ لِعَيْنِهَا لِعَدَمِ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي نَفْسِ الْقِيمَةِ هَذَا مُرَادُ عج بِهَذَا الْفَرْقِ فَلَا يُنَافِي مَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ أَنَّ الْمِثْلِيَّ لَا يُرَادُ لِعَيْنِهِ وَبِالْمُقَوَّمِ يُرَادُ لِعَيْنِهِ فَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمِثْلِيِّ هُنَا صِنْفُهُ وَبِالْمُقَوَّمِ ذَاتُهُ مِنْ حَيْثُ قِيمَتُهُ لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ فَقَطْ اهـ.

(قَوْلُهُ لِيَأْخُذَهَا) أَيْ يَصِيرُ لُزُومًا لِيَأْخُذَهَا وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الْقِيمَةِ فَسَقَطَ مَا قِيلَ إنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَصْبِرَ وَبَيْنَ أَخْذِ الْقِيمَةِ فَكَيْفَ هَذَا السُّؤَالُ (قَوْلُهُ لِأَنَّا نَقُولُ رُبَّمَا لَوْ صَبَرَ يَجِدُهَا قَدْ تَغَيَّرَتْ) أَيْ فَآلَ الْأَمْرُ إلَى الرُّجُوعِ بِالْقِيمَةِ

(قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَحْتَجْ لِكَبِيرِ حَمْلٍ) أَيْ أَوْ مَكْسٍ أَوْ خَوْفِ طَرِيقٍ (قَوْلُهُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ مَتَاعَهُ) أَيْ بِدُونِ أُجْرَةٍ (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ إلَخْ) هَذَا التَّعْمِيمُ يُعَارِضُ قَوْلَهُ أَوَّلًا إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّيْءُ يَحْتَاجُ إلَخْ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْعَجْمَاوَيَّ فَقَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى كَبِيرِ نَفَقَةٍ فِي رُجُوعِهِ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِأَخْذِهِ زَادَ غَيْرُهُ إلَّا إذَا تَحَمَّلَ الْغَاصِبُ إلَخْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إذًا أَرْشٌ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ لَيْسَ عَيْبًا حَقِيقَةً بَلْ عَيْبٌ فِي الْجُمْلَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا أَرْشَ لَهُ وَلَا أُجْرَةَ حَمْلٍ وَلَوْ كَانَ عَيْبًا حَقِيقَةً لَكَانَ فِيهِ أَرْشٌ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ خِيَرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ لَا أَرْشَ وَلَا أُجْرَةَ إلَخْ إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى كَلَامِهِ الدَّوْرُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ بِصَدَدِ وَجْهِ التَّخْيِيرِ أَيْ إنَّمَا خُيِّرَ لِذَلِكَ الْمَعْنَى فَصَارَ ذَلِكَ الْمَعْنَى هُوَ الْمُثْبِتُ لِلتَّخْيِيرِ ثُمَّ أَثْبَتَ قَوْلَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَخْ الْمَسُوقَ فِي الْمُثْبِتِ بِكَسْرِ الْبَاءِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ خِيَرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ التَّخْيِيرَ نَحْنُ بِصَدَدِ إثْبَاتِهِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلُوا النَّقْلَ هُنَا مُفَوِّتًا) أَيْ فِي حَالِ احْتِيَاجِهِ لِكَبِيرِ حَمْلٍ أَيْ إذَا احْتَاجَ لِكَبِيرِ حَمْلٍ لَمْ نَجْعَلْهُ مُفَوِّتًا أَيْ بِحَيْثُ يُحْكَمُ بِلُزُومِ الْقِيمَةِ لَا بِالتَّخْيِيرِ

(قَوْلُهُ هَزِلَتْ) بِضَمِّ الْهَاءِ وَفَتْحِهَا مَعَ كَسْرِ الثَّانِي قَالَهُ الشَّاذِلِيُّ (قَوْلُهُ ثُمَّ عَادَ كُلٌّ مِنْهُمَا) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْجَارِيَةَ لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا إعَادَةٌ فَيَأْخُذُهَا رَبُّهَا وَإِنْ لَمْ تَعُدْ لِسِمَنِهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015