وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّفِينَةِ أَنَّ الْأَرْضَ يُنْتَفَعُ بِهَا مَعَ عَدَمِ الْبِنَاءِ وَالسَّفِينَةُ مَظِنَّةٌ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهَا حَيْثُ كَانَتْ نَخِرَةً وَأَمَّا كِرَاءُ الْبِنَاءِ فَهُوَ لِلْغَاصِبِ.

(ص) كَمَرْكَبٍ نَخِرٍ وَأَخْذِ مَا لَا عَيْنَ لَهُ قَائِمَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَصَبَ مَرْكَبًا نَخِرًا أَيْ يَحْتَاجُ لِلْإِصْلَاحِ فَرَمَّهُ وَأَصْلَحَهُ وَاسْتَغَلَّهُ فَإِنَّ الْمَالِكَ يَأْخُذُ مِنْ الْغَاصِبِ أُجْرَتَهُ نَخِرًا وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ لِلْغَاصِبِ وَيَأْخُذُ الْمَالِكُ مَرْكَبَهُ وَمَا فِيهِ مِمَّا لَا عَيْنَ لَهُ قَائِمَةٌ كَالْقُلْفُطَةِ وَنَحْوِهَا وَأَمَّا مِثْلُ الصَّوَارِي وَالْحِبَالِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ الْغَاصِبُ فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ فِي مَوْضِعٍ لَا بُدَّ لِلْمَرْكَبِ مِنْ ذَلِكَ فِي سَيْرِهَا إلَى مَوْضِعِ الْغَصْبِ فَرَبُّ الْمَرْكَبِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ قِيمَةَ ذَلِكَ بِمَوْضِعِهِ كَيْفَ كَانَ أَوْ يُسَلِّمَهُ لِلْغَاصِبِ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الدَّارَ الْخَرَابَ وَالْبِئْرَ الْخَرَابَ وَالْعَيْنَ الْخَرَابَ وَالْبُنْيَانَ الْخَرَابَ إذَا أَصْلَحَهُ الْغَاصِبُ وَلَوْ قَالَ وَتَرَكَ لَهُ مَا لَا قِيمَةَ لَهُ بَعْدَ قَلْعِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ إذْ نَحْوُ الْمَشَاقِّ وَالزِّفْتِ الْقَدِيمِ يُتْرَكُ وَإِنْ كَانَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ.

(ص) وَصَيْدِ شَبَكَةٍ (ش) عَطْفٌ عَلَى أَرْضٍ فَهُوَ مَجْرُورٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ غَصَبَ شَبَكَةً فَاصْطَادَ بِهَا فَالصَّيْدُ لِلْغَاصِبِ اتِّفَاقًا وَلِرَبِّ الشَّبَكَةِ كِرَاءُ الْمِثْلِ وَمِثْلُهَا الشَّرَكُ وَالرُّمْحُ وَالنَّبْلُ وَالْحَبْلُ وَالسَّيْفُ.

(ص) وَمَا أَنْفَقَ فِي الْغَلَّةِ (ش) قَدْ مَرَّ أَنَّ الْغَاصِبَ لَا غَلَّةَ لَهُ فَإِذَا طُولِبَ بِرَدِّ مَا غَصَبَهُ فَإِنَّهُ يُطَالِبُ بِنَفَقَتِهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ يَحْتَاجُ إلَى نَفَقَةٍ كَالشَّجَرِ وَالدَّوَابِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا بُدَّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَتَكُونُ نَفَقَتُهُ فِي عَيْنِ الْغَلَّةِ لِأَنَّهُ وَإِنْ ظَلَمَ لَا يُظْلَمُ لِأَنَّ الْغَلَّةَ إنَّمَا نَشَأَتْ عَنْ عَمَلِهِ فَيُحَاسِبُ بِنَفَقَتِهِ فِي الْغَلَّةِ فَإِنْ زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى الْغَلَّةِ فَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ زَادَتْ الْغَلَّةُ عَلَى النَّفَقَةِ فَإِنَّ الْمَالِكَ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِالزَّائِدِ فَيَأْخُذُهُ مِنْهُ فَقَوْلُهُ وَمَا أَنْفَقَ فِي الْغَلَّةِ حَصْرٌ أَيْ وَاَلَّذِي أَنْفَقَهُ مَحْصُورٌ فِي الْغَلَّةِ لَا يَتَعَدَّاهَا إلَى ذِمَّةِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَا إلَى رَقَبَةِ الْمَغْصُوبِ فَلَا يَرْجِعُ بِالزَّائِدِ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَا فِي رَقَبَةِ الْمَغْصُوبِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ غَلَّةٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَالْغَلَّةُ لَيْسَتْ مَحْصُورَةً فِي النَّفَقَةِ لِقَوْلِهِ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ وَيَرْجِعُ بِالزَّائِدِ عَلَى الْغَاصِبِ وَالْوَاوُ فِي وَمَا أَنْفَقَ لِلِاسْتِئْنَافِ وَمَا مُبْتَدَأٌ وَفِي الْغَلَّةِ خَبَرٌ.

(ص) وَهَلْ إنْ أَعْطَاهُ فِيهِ مُتَعَدِّدٌ عَطَاءً فَبِهِ أَوْ بِالْأَكْثَرِ مِنْهُ وَمِنْ الْقِيمَةِ تَرَدُّدٌ (ش) لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ مُقَوَّمًا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ أَشَارَ لِلْخِلَافِ فِيمَا إذَا أَعْطَى فِيهِ ثَمَنًا وَاحِدًا مِنْ مُتَعَدِّدٍ وَأَتْلَفَهُ شَخْصٌ فَهَلْ يَلْزَمُ مُتْلِفَهُ الثَّمَنُ أَوْ يَلْزَمُهُ الْأَكْثَرُ مِنْهُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ أُجْرَتَهُ نَخِرًا) أَيْ فَيَنْظُرُ فِيمَا كَانَ يُؤَاجِرُ بِهِ مِمَّنْ يُصْلِحُهُ فَيَغْرَمُهُ الْغَاصِبُ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهِ بِدُونِ إصْلَاحٍ (قَوْلُهُ مِمَّا لَا عَيْنَ لَهُ قَائِمَةٌ) أَيْ مِمَّا لَا يُمْكِنُ انْفِصَالُهُ عَنْهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مُشَاهَدٌ بِحَاسَّةِ الْبَصَرِ كَزِفْتٍ (قَوْلُهُ كَالْقُلْفُطَةِ) الزِّفْتُ وَالْمَشَاقُّ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ وَأَمَّا مِثْلُ الصَّوَارِي وَالْحِبَالِ) بَقِيَ مَا إذَا كَانَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ مُسَمَّرًا بِهَا أَوْ كَانَ هُوَ الْمَسَامِيرَ فَرَبُّ الْمَرْكَبِ يُخَيَّرُ فِي إعْطَائِهِ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا أَمْرِهِ بِقَلْعِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ فِي مَوْضِعٍ لَا بُدَّ لِلْمَرْكَبِ) مُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ تَسِيرُ بِدُونِهِ سَيْرًا بَطِيئًا وَبِهِ سَرِيعَةٌ فَلَيْسَ لِرَبِّهَا أَخْذُهُ جَبْرًا عَلَى الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ إلَخْ) وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا لَا عَيْنَ لَهُ قَائِمَةٌ مَا لَمْ يُنْتَفَعُ بِهِ بَعْدَ انْفِصَالِهِ

(قَوْلُهُ وَالزِّفْتُ الْقَدِيمُ) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ الْمُرَادُ مَا فِي الْمَرْكَبِ قَدِيمًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ) أَيْ وَأَمَّا حَلُّهُ أَوَّلًا فِي تَمْثِيلِهِ بِمَا لَا عَيْنَ لَهُ قَائِمَةً بِالْقُلْفُطَةِ فَهُوَ بَيَانٌ لِلْمُرَادِ لَا أَنَّهُ بَيَانٌ لِمَدْلُولِهِ وَإِلَّا نَافَى هَذَا

(قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى أَرْضٍ إلَخْ) أَيْ فَصَيْدٌ هُنَا بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ وَهُوَ الْفِعْلُ وَإِسْنَادُهُ لِلشَّبَكَةِ مَجَازٌ لِأَنَّهَا آلَةُ الصَّيْدِ وَإِنَّمَا الصَّائِدُ الْغَاصِبُ وَلَيْسَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْفَاعِلِ وَلَا لِلْمَفْعُولِ نَحْوُ " ضَرْبُ الْيَوْمِ زَيْدٌ " وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَالْعَبْدِ وَالْجَارِحِ قُوَّةُ فِعْلِهِمَا فِي الصَّيْدِ لَهُمَا

(قَوْلُهُ وَمَا أَنْفَقَ إلَخْ) قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ غَلَّةٌ بِأَنْ عُطِّلَ أَوْ كَانَ صَغِيرًا فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي نَفَقَتِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ قَدْ مَرَّ أَنَّ الْغَاصِبَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ حَلَّ الشَّارِحِ هَذَا قَدْ جَاءَ عَلَى حَلِّهِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ مِنْ الْعُمُومِ فِي الْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ وَقَدْ عَلِمْتَ قُوَّتَهُ عَلَى التَّفْصِيلِ فَيَكُونُ حَلُّ الشَّارِحِ هُنَا قَوِيًّا وَلِذَلِكَ تَجِدُ الشَّارِحَ بَهْرَامَ جَعَلَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَمَا أَنْفَقَ فِي الْغَلَّةِ هُوَ الْمُعْتَمَدَ وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْحَيَوَانِ وَالْعَقَارِ وَهُوَ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي الْمُشَارُ لَهُ فِيمَا سَبَقَ. اعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ هُنَا فَقَالَ اعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْغَاصِبِ الرُّجُوعُ بِشَيْءٍ مِمَّا أَنْفَقَهُ لَا عَلَى رَبِّ الْمَغْصُوبِ وَلَا فِي غَلَّتِهِ الَّتِي تَكُونُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَيْ الَّتِي هِيَ غَلَّةُ الْعَقَارِ وَأَمَّا الْغَلَّةُ الَّتِي تَكُونُ لِلْغَاصِبِ أَيْ كَغَلَّةِ الْحَيَوَانِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا رُجُوعٌ لِأَنَّهَا لَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَمَا أَنْفَقَ فِي الْغَلَّةِ مُشْكِلٌ اهـ

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا إشْكَالَ عَلَى حَلِّ شَارِحِنَا مِنْ الْعُمُومِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَلَا يَتَوَجَّهُ الِاعْتِرَاضُ عَلَى شَارِحِنَا إلَّا عَلَى جَمْعِهِ فِيمَا سَبَقَ بَيْنَ أَخْذِ الْقِيمَةِ وَالْغَلَّةِ مَعَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ إذَا أَخَذَ الْغَلَّةَ لَا يَأْخُذُ الْقِيمَةَ وَإِذَا أَخَذَ الْقِيمَةَ لَا يَأْخُذُ الْغَلَّةَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ) أَيْ أَشْبَهَ الشَّجَرَ وَقَوْلُهُ مِمَّا لَا بُدَّ إلَخْ فِيهِ حَذْفٌ أَيْ مِنْ شَيْءٍ لَا بُدَّ لِمَالِكِهِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ مِنْ مُعَانَاتِهِ أَيْ كُلُّ شَيْءٍ لَا بُدَّ لِمَالِكِهِ مِنْ إنْفَاقِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَكَمَ بِأَنَّ الْغَلَّةَ بِجَمِيعِ جُزْئِيَّاتِهَا لِلْمَالِكِ ثُمَّ إنَّهُ أَخْرَجَ مِنْهُ النَّفَقَةَ فَيَكُونُ الزَّائِدُ عَلَى النَّفَقَةِ بَاقِيًا لِمَالِكِهِ (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ بِالزَّائِدِ) الْأَوْلَى الْفَاءُ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَرْجِعُ بِالزَّائِدِ عَلَى النَّفَقَةِ

(قَوْلُهُ مُتَعَدِّدٌ عَطَاءً وَاحِدًا) أَيْ كَانَ مُتَعَدِّدًا صَرِيحًا أَوْ ضِمْنًا كَإِعْطَاءِ وَاحِدٍ عَشَرَةً وَآخَرَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَالْعَشَرَةُ مُتَعَدِّدَةٌ ضِمْنًا وَالْخِلَافُ الْمَذْكُورُ جَارٍ أَيْضًا فِيمَنْ أَتْلَفَ مُقَوَّمًا وَقَفَ عَلَى ثَمَنٍ بِأَنْ أَعْطَى فِيهِ مُتَعَدِّدٌ ثَمَنًا وَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ غَصْبٌ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ وَاعْلَمْ أَنَّ النَّقْلَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُتَعَدِّدُ صَرِيحًا لِقَوْلِهِ فِيهِ فَلْيَضْمَنْ مَا كَانَ أَعْطَى فِيهَا وَلَا يَنْظُرْ إلَى قِيمَتِهَا إذَا كَانَ عَطَاءً قَدْ تَوَاطَأَ عَلَيْهِ النَّاسُ اهـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015