يَأْمُرَهُ بِهَدْمِهِ وَلَهُ إبْقَاؤُهُ وَأَخْذُ قِيمَتِهِ وَكَذَلِكَ إنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَجَعَلَهُ ظِهَارَةً لِجُبَّةٍ فَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ أَوْ تَضْمِينُهُ قِيمَتَهُ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ تُفْتَقُ الْجُبَّةُ وَيُهْدَمُ الْبِنَاءُ وَالْفَتْقُ وَالْهَدْمُ عَلَى الْغَاصِبِ وَكَانَ إفَاتَتُهُ ذَلِكَ رِضًا مِنْهُ بِالْتِزَامِ قِيمَتِهِ فَقَوْلُهُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى لَوْ غَصَبَ أَنْقَاضًا فَبَنَاهَا فَالتَّوَقُّفُ فِيهِ لَا مَحَلَّ لَهُ.

(ص) وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَصَبَ رَقَبَةَ عَبْدٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ دَارٍ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَاسْتَعْمَلَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ أَكْرَاهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِلْمَالِكِ مَا اسْتَغَلَّهُ وَسَوَاءٌ هَلَكَ الْمَغْصُوبُ أَمْ لَا فَيَأْخُذُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَلَّةَ وَقِيمَةَ الرَّقَبَةِ وَلَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ فِيمَا يَأْتِي أَوْ رَجَعَ بِهَا مِنْ سَفَرٍ وَلَوْ بَعُدَ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ ضَمَانِ قِيمَتِهَا فَقَطْ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَضْمَنُ الْكِرَاءَ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ وَمَفْهُومُ مُسْتَعْمَلٍ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا كَالدَّارِ يُغْلِقُهَا وَالدَّابَّةِ يَحْبِسُهَا وَالْأَرْضِ يُبَوِّرُهَا وَالْعَبْدِ لَا يَسْتَخْدِمُهُ وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَهُ الْآتِيَ وَغَيْرُهُمَا بِالْفَوَاتِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسْتَعْمَلْ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا غَصَبَ الْمَنْفَعَةَ فَقَطْ وَحِينَئِذٍ لَا تَعَارُضَ وَهُنَاكَ جَمْعٌ آخَرُ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ.

(ص) وَصَيْدُ عَبْدٍ وَجَارِحٍ (ش) الْجَارِحُ وَاحِدُ الْجَوَارِحِ وَالْجَوَارِحُ مِنْ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ ذَوَاتِ الصَّيْدِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ غَصَبَ عَبْدًا أَوْ جَارِحًا أَوْ كَلْبًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَاصْطَادَ بِهِ صَيْدًا فَإِنَّ الصَّيْدَ يَكُونُ لِلْمَالِكِ بِلَا خِلَافٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَبْدِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ وَأَمَّا مَنْ غَصَبَ شَبَكَةً أَوْ شَرَكًا أَوْ حَبْلًا أَوْ سَيْفًا أَوْ رُمْحًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْآلَاتِ الَّتِي لَا تَصَرُّفَ لَهَا فَاصْطَادَ بِهِ صَيْدًا فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْغَاصِبِ وَعَلَيْهِ لِلْمَالِكِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَمِثْلُ الْآلَاتِ الْفَرَسُ إذَا غَصَبَهُ وَصَادَ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ صَيْدُ بِمَعْنَى مِصْيَدٍ قَوْلُهُ وَصَيْدُ عَبْدٍ إلَخْ أَيْ وَلَهُ تَرْكُهُ لِلْغَاصِبِ وَأَخْذُ أُجْرَةِ الْعَبْدِ وَالْجَارِحِ.

(ص) وَكِرَاءُ أَرْضٍ بُنِيَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَصَبَ أَرْضًا فَبَنَى فِيهَا بُنْيَانًا وَاسْتَغَلَّهُ أَوْ سَكَنَهُ فَإِنَّ عَلَيْهِ كِرَاءَهَا بَرَاحًا وَهَلْ يُنْظَرُ لِكِرَائِهَا لِمَنْ يَعْمُرُهَا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ مَرْكَبٍ نَخِرٍ أَوْ يُنْظَرُ لِكِرَائِهَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ

ـــــــــــــــــــــــــــــQبَعْضَ شُيُوخِنَا تَنَبَّهَ لِذَلِكَ وَجَعَلَ التَّخْيِيرَ فِي الْأَرْضِ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ كَمَا قُلْنَا الْأَمْرَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا الشَّارِحُ، وَالثَّالِثُ هُوَ أَخْذُ الْبِنَاءِ وَدَفْعُ قِيمَةِ النُّقْضِ ثُمَّ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْخِيَارَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَوْ رَضِيَ الْغَاصِبُ بِهَدْمِ بِنَائِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَرْضَ الْغَاصِبُ بِهَدْمِ بِنَائِهِ أَمَّا إذَا رَضِيَ بِهَدْمِ بِنَائِهِ لَمْ تَلْزَمْهُ الْقِيمَةُ وَلَوْ رَضِيَهَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ كَمَا قَيَّدَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ كَذَا قَالَ اللَّقَانِيِّ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُعْتَمَدٌ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ تَلْزَمَ الْغَاصِبَ (قَوْلُهُ فَجَعَلَهُ ظِهَارَةً لِجُبَّةٍ) بِكَسْرِ الظَّاءِ الْبِطَانَةُ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالظِّهَارَةِ هُنَا الْبِطَانَةَ الَّتِي تَكُونُ مِنْ أَسْفَلَ إنْ كَانَتْ الْجُبَّةُ مِنْ الْعُلْوِ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْأَسْفَلِ تَكُونُ الظِّهَارَةُ عَلَى حَقِيقَتِهَا مَا يَكُونُ مِنْ الْعُلْوِ

(قَوْلُهُ وَكَانَ إفَاتَتُهُ ذَلِكَ) أَيْ إفَاتَتُهُ الْمَغْصُوبَ أَيْ بِالْبِنَاءِ عَلَيْهِ أَيْ كَانَ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ إفَاتَةً لَهُ عَلَى رَبِّهِ وَكَأَنَّهُ صَارَ لَا يَتَمَلَّكُهُ وَلَوْ قَالَ وَكَانَ فِعْلُهُ ذَلِكَ رِضًا مِنْهُ بِالْتِزَامِ الْقِيمَةِ لَكَانَ أَوْضَحَ

(قَوْلُهُ وَقِيمَةَ الرَّقَبَةِ) هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ - مِنْ أَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ قِيلَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَدَرَجَ عَلَيْهِ تت بِقَوْلِهِ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمِلٍ لِعَبْدٍ وَدَارٍ وَدَابَّةٍ وَغَيْرِهَا سَوَاءٌ اسْتَعْمَلَ بِنَفْسِهِ أَوْ أَكْرَاهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْغَلَّةَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَوْ هَلَكَ الْمَغْصُوبُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَأْخُذُ الْغَلَّةَ وَقِيمَةَ الْمَغْصُوبِ اهـ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا كِرَاءَ لَهُ إذَا أَخَذَ الْقِيمَةَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْغَلَّةِ لَهُ إذَا أَخَذَ شَيْئَهُ أَوْ هَلَكَ وَلَمْ يَخْتَرْ تَضْمِينَهُ وَأَمَّا لَوْ اخْتَارَ تَضْمِينَهُ فَلَا غَلَّةَ لَهُ إذْ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْغَلَّةِ وَالْقِيمَةِ وَرَجَّحَهُ اللَّقَانِيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ مَنْ حَقَّقَ (قَوْلُهُ وَهُنَاكَ جَمْعٌ آخَرُ) أَيْ بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى الْعَقَارِ فَقَطْ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ حَيْثُ فَرَّقَ فِيهَا بَيْنَ الرِّبَاعِ وَالدُّورِ وَالْأَرَضِينَ وَبَيْنَ الدَّوَابِّ وَالْعَبِيدِ فَيَضْمَنُ فِي الرُّبَاعِ وَالدُّورِ وَالْأَرَضِينَ إذَا سَكَنَ أَوْ اسْتَغَلَّ أَوْ زَرَعَ وَإِلَّا فَلَا وَلَا يَضْمَنُ فِي الدَّوَابِّ وَالْعَبِيدِ مَا كَانَ نَاشِئًا عَنْ تَحْرِيكٍ حَيْثُ اسْتَعْمَلَ أَوْ أَكْرَى وَأَمَّا مَا نَشَأَ لَا عَنْ تَحْرِيكٍ كَسَمْنٍ وَلَبَنٍ وَصُوفٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الزِّيَادَةَ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ خُرُوجُهُ بِنَوْعِ مُعَالَجَةٍ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ أَوْ رَجَعَ بِهَا مِنْ سَفَرٍ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ قِيمَةً وَلَا كِرَاءً وَعَلَى هَذَا بَهْرَامُ

(أَقُولُ) وَحَلَّ بِهِ عب كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فَيَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ إلَّا أَنَّ بَعْضَهُمْ أَفَادَ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ يَضْمَنُ غَلَّةَ مَا اسْتَعْمَلَ مِنْ رِبَاعٍ وَحَيَوَانٍ قَائِلًا وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَأَقَرَّ مُحَشِّي تت كَلَامَ تت عَلَى الْعُمُومِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ فَيَقْتَضِي رُجْحَانَهُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَلِكَ اللَّقَانِيِّ رَجَّحَهُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ قَائِلًا قَوْلُهُ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مُطْلَقًا وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الرِّبَاعِ وَالدُّورِ وَالْأَرَضِينَ وَالدَّوَابِّ وَالْعَبِيدِ فَيَضْمَنُ فِي الرِّبَاعِ وَالدُّورِ وَالْأَرَضِينَ إذَا سَكَنَ أَوْ اسْتَغَلَّ أَوْ زَرَعَ وَإِلَّا فَلَا وَلَا يَضْمَنُ فِي الدَّوَابِّ وَالْعَبِيدِ إذَا اسْتَعْمَلَ أَوْ اسْتَغَلَّ أَوْ أَكْرَى وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَوْ رَجَعَ بِهَا مِنْ سَفَرٍ فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمَشْهُورِ بِأَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ عَلَى عُمُومِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ رَجَعَ بِهَا مِنْ سَفَرٍ عَلَى نَفْيِ الضَّمَانِ فِي الذَّوَاتِ وَقَوْلُهُ وَغَيْرُهُمَا بِالْفَوَاتِ عَلَى غَصْبِ الْمَنَافِعِ فَيَكُونُ قَدْ مَشَى عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ثَلَاثَةَ مَوَاضِعَ مُتَعَارِضَةً الْأَوَّلُ هَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ فَهُوَ مُعَارِضٌ بِمَنْطُوقِهِ لِقَوْلِهِ أَوْ رَجَعَ بِهَا مِنْ سَفَرٍ وَبِمَفْهُومِهِ لِقَوْلِهِ وَغَيْرُهُمَا بِالْفَوَاتِ وَالْجَمْعُ بِمَا عَلِمْتَهُ هُوَ الصَّوَابُ كَمَا أَشَارَ لَهُ اللَّقَانِيِّ

(قَوْلُهُ وَصَيْدُ عَبْدٍ وَجَارِحٍ) وَعَلَيْهِ لِلْغَاصِبِ أُجْرَةُ تَعَبِهِ

(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ كِرَاؤُهَا بَرَاحًا) فَلَوْ كَانَ تَرْمِيمًا فَيُقَوَّمُ الْأَصْلُ قَبْلَ إصْلَاحِهِ فَيُنْظَرُ مَا كَانَ يُؤَاجِرُهُ مِمَّنْ يُصْلِحُ فَيَغْرَمُهُ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَلِلْغَاصِبِ (قَوْلُهُ أَوْ يُنْظَرُ لِكِرَائِهَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ إلَخْ) الْفَارِقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ تَكُونُ الْقِيمَةُ قَوِيَّةً بِخِلَافِهِ عَلَى الثَّانِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015