فَفِيهَا قَوْلَانِ مَشْهُورُهُمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِيهَا ظِهَارٌ لِأَنَّهَا عَادَتْ إلَيْهِ بَعْدَ الْعَجْزِ بِمِلْكٍ جَدِيدٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِالْأَصَحِّ وَمُقَابِلُهُ اللُّزُومُ إذَا عَجَزَتْ اسْتِصْحَابًا لِحَالِ مِلْكِهَا الَّذِي كَشَفَهُ عَجْزُهَا وَقَوْلُهُ لَا مُكَاتَبَةٍ عَطْفٌ عَلَى " رَجْعِيَّةٍ " وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَلَوْ حَصَلَ عَجْزُهَا بِالْقُرْبِ وَحِينَئِذٍ يُطْلَبُ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَجُوسِيَّةِ تُسْلِمُ بِالْقُرْبِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَجُوسِيَّةَ حَيْثُ أَسْلَمَتْ بِالْقُرْبِ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ عِصْمَتِهِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ فَإِنَّهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ مِنْهُ فَلَا يَلْزَمُ فِيهَا الظِّهَارُ الْمُتَقَدِّمُ عَلَى عَجْزِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَلَوْ نَوَى وَلَوْ عَجَزَتْ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْمَوَّاقِ وَأَمَّا الْمُحَبَّسَةُ وَالْمُخْدَمَةُ فَعَلَى حُرْمَةِ وَطْئِهِمَا لَا يُظَاهَرُ مِنْهُمَا وَقَدْ نَصَّ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى أَنَّ الْمُخْدَمَةَ لَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا.

(ص) وَفِي صِحَّتِهِ مِنْ كَمَجْبُوبٍ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَفِي صِحَّةِ الظِّهَارِ مِنْ عَاجِزٍ عَنْ الْوَطْءِ قَادِرٍ عَلَى مُقَدِّمَاتِهِ كَمَجْبُوبٍ وَخَصِيٍّ وَشَيْخٍ فَانٍ - وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْعِرَاقِيِّينَ -، وَعَدَمِ صِحَّتِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَسَحْنُونٍ وَابْنِ زِيَادٍ تَأْوِيلَانِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَجْبُوبِ وَنَحْوِهِ وَالرَّتْقَاءِ حَيْثُ جَرَى فِي الْأَوَّلِ خِلَافٌ، وَصِحَّةِ الظِّهَارِ فِي الثَّانِي أَنَّ الرَّتْقَاءَ وَنَحْوَهَا يُمْكِنُ الِاسْتِمْتَاعُ وَالْوَطْءُ بَيْنَ شُفْرَيْهَا أَقْوَى مِنْ اسْتِمْتَاعِ الْمَجْبُوبِ بِزَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ وَإِنْ أَنْزَلَ.

وَلَمَّا كَانَتْ أَلْفَاظُ الظِّهَارِ صَرِيحَةً وَكِنَايَةً أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَصَرِيحُهُ بِظَهْرِ مُؤَبَّدٍ تَحْرِيمُهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ صَرِيحَ الظِّهَارِ مَا فِيهِ ظَهْرُ مُؤَبَّدَةِ التَّحْرِيمِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ أَوْ لِعَانٍ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ أُمِّ زَوْجَتِي أَوْ مُلَاعَنَتِي لَا أُخْتِ زَوْجَتِي وَعَمَّتِهَا (ص) أَوْ عُضْوِهَا أَوْ ظَهْرِ ذَكَرٍ (ش) كَوْنُ هَذَا مِنْ الصَّرِيحِ مُشْكِلٌ مِنْ قَصْرِهِ عَلَى ذِكْرِ ظَهْرِ مُؤَبَّدَةِ التَّحْرِيمِ كَمَا مَرَّ وَلِذَا قِيلَ صَوَابُهُ لَا عُضْوِهَا أَوْ كَظَهْرِ ذَكَرٍ بِالنَّفْيِ فَلَا يَكُونُ مِنْ الصَّرِيحِ، نَحْوُ أَنْتِ عَلَيَّ كَيَدِ أُمِّي وَكَظَهْرِ أَبِي وَابْنِي أَوْ غُلَامِي أَوْ فُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ ثُمَّ بَيَّنَ ثَمَرَةَ مَعْرِفَةِ الصَّرِيحِ مِنْ الْكِنَايَةِ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَا يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ (ش) أَيْ وَلَا يَنْصَرِفُ صَرِيحُ الظِّهَارِ لِلطَّلَاقِ بِحَيْثُ يَكُونُ طَلَاقًا فَقَطْ فَإِذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَأَرَادَ بِهِ الطَّلَاقَ وَجَاءَ مُسْتَفْتِيًا فَإِنَّهُ لَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ وَيَلْزَمُهُ الظِّهَارُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ كُلَّ صَرِيحٍ فِي بَابٍ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ فَإِنَّهُ إذَا نَوَى بِهَا الطَّلَاقَ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ.

(ص) وَهَلْ يُؤْخَذُ بِالطَّلَاقِ مَعَهُ إذَا نَوَاهُ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ؟ تَأْوِيلَانِ (ش) الضَّمِيرُ فِي مَعَهُ لِلظِّهَارِ وَفِي نَوَاهُ لِلطَّلَاقِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ نَوَيْتُ بِصَرِيحِ الظِّهَارِ الطَّلَاقَ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ فَهَلْ يُؤَاخَذُ بِالطَّلَاقِ لِنِيَّتِهِ وَلَا يُنَوَّى فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ وَبِالظِّهَارِ لِلَفْظِهِ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا إذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ حَتَّى يُكَفِّرَ وَهِيَ رِوَايَةُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَتَأَوَّلَ ابْنُ رُشْدٍ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ أَوْ إنَّمَا يُؤَاخَذُ بِالظِّهَارِ فَقَطْ رَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ تَأْوِيلَانِ وَلَوْ أَبْدَلَ قَوْلَهُ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ فِي الْقَضَاءِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ لِإِقْرَارِهِ (ص) كَأَنْتِ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كَأُمِّي (ش) أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ وَالطَّلَاقُ حَيْثُ نَوَاهُمَا مَعًا فَإِنْ نَوَى أَحَدَهُمَا لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ لَزِمَهُ الظِّهَارُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا نَوَاهُمَا لَزِمَهُ فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَعَلَيْهِ فَالتَّشْبِيهُ فِي التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ لَا بِقَيْدِ الْقِيَامِ وَهُنَاكَ تَقْرِيرٌ آخَرُ اُنْظُرْهُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْمَوَّاقِ) وَنَصَّهُ الْجَلَّابُ لَا يَلْزَمُ الظِّهَارُ فِي الْمُكَاتَبَةِ اللَّخْمِيُّ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ وَلَوْ عَجَزَتْ فَيَلْزَمَهُ كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ تَزَوَّجْتُكِ انْتَهَى فَظَاهِرُ الْمَوَّاقِ اعْتِمَادُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ نَصَّ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى أَنَّ الْمُخْدَمَةَ إلَخْ) يُفِيدُ اعْتِمَادَهُ فَتَكُونُ الْمُحَبَّسَةُ أَوْلَى.

(قَوْلُهُ: وَفِي صِحَّتِهِ إلَخْ) الْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْهَبُ وَقَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُظَاهِرِ هَلْ هُوَ الْوَطْءُ وَالِاسْتِمْتَاعُ مَعًا وَهُوَ الْمَذْهَبُ أَوْ الْوَطْءُ فَقَطْ كَذَا ذَكَرُوا إلَّا أَنَّ مُحَشِّيَ تت أَفَادَ أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْمَنْصُوصُ فَكَانَ الْأَنْسَبُ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَقْوَى إلَخْ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الِاسْتِمْتَاعِ الْمَذْكُورِ أَقْوَى مِنْ اسْتِمْتَاعِ الْمَجْبُوبِ بِزَوْجَتِهِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: مِنْ قَصْرِهِ) أَيْ مِنْ أَجْلِ قَصْرِهِ أَيْ عِنْدَهُمْ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) أَيْ لَا يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ مَا لِعِيسَى مِنْ أَنَّهُ يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ إذَا نَوَاهُ وَلَوْ دُونَ الثَّلَاثِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ وَقِيلَ يَنْصَرِفُ إنْ نَوَى الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ لَا دُونَهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ) أَيْ ظَاهِرَةً أَوْ خَفِيَّةً.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَبْدَلَ إلَخْ) أَقُولُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَكُونُ حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ عِنْدَ الْمُفْتِي لَا يُؤَاخَذُ بِالطَّلَاقِ، وَعِنْدَ الْقَاضِي فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ مُنَكَّرًا وَمُعَرَّفًا فَيَرِدُ أَنَّ الَّذِي يَخْتَلِفُ فِيهِ الْمُفْتِي وَالْقَاضِي أَنْ يَدَّعِيَ شَيْئًا مُخَالِفًا لِظَاهِرِ لَفْظِهِ فَيُؤَاخَذَ الْقَاضِي نَظَرًا لِلظَّاهِرِ وَلَا يُؤَاخَذَ الْمُفْتِي عَمَلًا بِمَا نَوَاهُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَبَعْدَ التَّوَقُّفِ الْمَذْكُورِ رَأَيْت مُحَشِّيَ تت أَفَادَ أَنَّ الْخِلَافَ لَيْسَ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ أَحَدَ التَّأْوِيلَيْنِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ يَقُولُ لَا يَنْصَرِفُ عِنْدَ الْقَاضِي وَلَا عِنْدَ الْمُفْتِي وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي يَقُولُ يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ عِنْدَ الْمُفْتِي وَأَمَّا عِنْدَ الْقَاضِي فَيُؤْخَذُ بِهِمَا مَعًا وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: فَالتَّشْبِيهُ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا نَوَى الطَّلَاقَ فَقَطْ يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ وَالطَّلَاقُ مَعًا عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَقَدْ قَالَ هُنَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَهُنَاكَ تَقْرِيرٌ آخَرُ) ذَكَرَهُ عب هُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَذَكَرَ فِي تَوْضِيحِهِ مَا يُفِيدُ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي التَّأْوِيلَيْنِ أَيْ لَا بِقَيْدِ قِيَامٍ أَيْضًا وَرَجَّحَهُ مُحَشِّي تت وَنَصُّهُ وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِجَرَيَانِ التَّأْوِيلَيْنِ فِيهِمَا وَإِنْ كَانَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَمْ يَذْكُرْ أَنْتِ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي لِأَنَّهَا كَمَا قَالَ الْحَطَّابُ تُؤْخَذُ بِالْأَحْرَى، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي التَّوْضِيحِ يَدُلُّ عَلَى جَرَيَانِ التَّأْوِيلَيْنِ فِيمَا ذُكِرَ انْتَهَى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015