فَيَلْزَمُهُ الظِّهَارُ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ عَلَى حِنْثٍ وَبِالْعَزْمِ عَلَى الضِّدِّ يَقَعُ الْحِنْثُ وَيُمْنَعُ مِنْهَا وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ وَيُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ كَمَا قَالَ الْبَاجِيُّ.

(ص) وَلَمْ يَصِحَّ فِي الْمُعَلَّقِ تَقْدِيمُ كَفَّارَتِهِ قَبْلَ لُزُومِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الظِّهَارَ الْمُعَلَّقَ عَلَى صِيغَةِ بِرٍّ لَا يَصِحُّ أَنَّهُ يُخْرِجُ كَفَّارَتَهُ قَبْلَ لُزُومِهِ كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ أَوْ إنْ كَلَّمْتِ فُلَانًا مَثَلًا فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كَرَأْسِ أُمِّي لِأَنَّ الظِّهَارَ لَا يَلْزَمُهُ قَبْلَ دُخُولِ الدَّارِ أَوْ الْكَلَامِ لِفُلَانٍ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ فِي لُزُومِ الظِّهَارِ بَلْ لَوْ أَخْرَجَ الْكَفَّارَةَ بَعْدَ لُزُومِهِ، وَقَبْلَ الْعَوْدِ الْآتِي بَيَانُهُ لَا تَصِحُّ أَيْضًا فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَقْتَضِي صِحَّةَ الْإِخْرَاجِ بَعْدَ اللُّزُومِ وَقَبْلَ الْعَوْدِ الثَّانِي يَقْتَضِي أَنَّ غَيْرَ الْمُعَلَّقِ يَصِحُّ فِيهِ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمُعَلَّقِ يَكُونُ لَازِمًا وَغَيْرَ لَازِمٍ فَيَلْزَمُ وَبِعِبَارَةٍ الْمُرَادُ بِاللُّزُومِ هُنَا اللُّزُومُ التَّحَتُّمِيُّ وَذَلِكَ بِأَنْ يَعُودَ ثُمَّ يَطَأَ وَسَيَأْتِي هَذَا لِلْمُؤَلِّفِ فِي قَوْلِهِ وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ وَتَتَحَتَّمُ بِالْوَطْءِ وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ وَلَا تُجْزِئُ قَبْلَهُ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ هُنَا وَبَقِيَ مَفْهُومُ الْمُعَلَّقِ وَهُوَ الْمُطْلَقُ يُرْجَعُ فِيهِ لِقَوْلِهِ وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ إلَخْ فَمَا هُنَا فِي الْمُعَلَّقِ وَمَا يَأْتِي فِي الْمُطْلَقِ فَأَفَادَ هُنَا حُكْمَيْنِ وَاحِدًا بِالنَّصِّ وَهُوَ الْمُعَلَّقُ وَوَاحِدًا بِالْمَفْهُومِ وَهُوَ الْمُطْلَقُ فَيُقَيَّدُ بِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَتَجِبُ إلَخْ فَهَذَا الْمَفْهُومُ يُقَيَّدُ بِالْمَنْطُوقِ الْآتِي فَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ اعْتِرَاضٌ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي يَمِينِ الْبِرِّ كَمَا مَرَّ وَأَمَّا يَمِينُ الْحِنْثِ فَيَصِحُّ تَقْدِيمُ كَفَّارَتِهِ قَبْلَ لُزُومِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْقَوْلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ (ص) وَصَحَّ مِنْ رَجْعِيَّةٍ (ش) أَيْ إنَّ الظِّهَارَ يَصِحُّ مِنْ الرَّجْعِيَّةِ كَمَا يَصِحُّ مِمَّنْ هِيَ فِي الْعِصْمَةِ لِأَنَّهُمْ عَدُّوا تَحْرِيمَهَا كَأَنَّهُ لِعَارِضٍ لَمَّا كَانَ زَوَالُ اسْتِمْتَاعِهِ بِيَدِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَوْ قِيلَ إنَّ ظِهَارَهُ مِنْهَا قَرِينَةُ ارْتِجَاعِهَا لَمَا بَعُدَ (ص) وَمُدَبَّرَةٍ وَمُحْرِمَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الظِّهَارَ مِنْ الْمُدَبَّرَةِ يَصِحُّ لِأَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَا يَصِحُّ مِنْ الْمُعْتَقِ بَعْضُهَا وَلَا مِنْ الْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ وَلَا مِنْ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ إذْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهُنَّ وَكَذَلِكَ يَصِحُّ مِنْ كُلِّ مُحَرَّمَةٍ لِعَارِضٍ كَمُحْرِمَةٍ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ حَائِضٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لِأَنَّ وَطْأَهُنَّ جَائِزٌ وَإِنَّمَا حُرِّمْنَ لِعَارِضٍ مَا لَمْ يُقَيِّدْ بِمُدَّةِ الْحَيْضِ أَوْ الْإِحْرَامِ فَإِنْ قَيَّدَ فَلَا.

(ص) وَمَجُوسِيٍّ أَسْلَمَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ الْمَجُوسِيَّ إذَا أَسْلَمَ ثُمَّ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ الْمَجُوسِيَّةِ أَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ أَسْلَمَتْ بَعْدَ إسْلَامِ زَوْجِهَا وَلَمْ يَبْعُدْ مَا بَيْنَ إسْلَامِهَا مِنْ إسْلَامِهِ كَالشَّهْرِ فَإِنَّهُ يُقَرُّ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدٍ وَهِيَ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَقَبْلَ إسْلَامِهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ فَيَلْزَمُ الظِّهَارُ وَالطَّلَاقُ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَمِمَّنْ أَسْلَمَ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ يُوهِمُ أَنَّهُ ظَاهَرَ وَهُوَ مَجُوسِيٌّ لَكِنَّ هَذَا الْإِيهَامَ يَرُدُّهُ قَوْلُهُ سَابِقًا تَشْبِيهُ الْمُسْلِمِ وَالْمُرَادُ بِالتَّرَاخِي الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِثُمَّ الْمُدَّةُ الَّتِي يُقَرُّ فِيهَا عَلَيْهَا إنْ أَسْلَمَ وَهُوَ الشَّهْرُ لَا مُطْلَقُ التَّرَاخِي وَلَوْ بَعُدَ.

(ص) وَرَتْقَاءَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّتْقَاءَ يَصِحُّ الظِّهَارُ مِنْهَا لِأَنَّهَا وَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِمْتَاعُهُ مِنْهَا بِمَوْضِعٍ خَاصٍّ لَا يَتَعَذَّرُ اسْتِمْتَاعُهُ مِنْهَا بِسَائِرِ جَسَدِهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الظِّهَارَ يَتَعَلَّقُ بِسَائِرِ أَنْوَاعِ الْمَسِيسِ وَعَلَيْهِ لُزُومُ ظِهَارِ الشَّيْخِ الْفَانِي وَالْمَجْبُوبِ وَالْمُعْتَرِضِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَصْبَغَ وَسَحْنُونٍ وَبِعِبَارَةٍ قَوْلُهُ وَرَتْقَاءَ هَذَا يَرُدُّ قَوْلَهُ فِي الْإِيلَاءِ إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ وَطْؤُهَا لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا الْمُطَالَبَةُ لَمْ يَنْعَقِدْ فِيهَا ظِهَارٌ وَقَدْ قَالَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ وَطْؤُهَا أَيْ عَقْلًا أَوْ عَادَةً أَوْ شَرْعًا وَرَدُّوا عَلَيْهِ بِهَذِهِ فَإِنَّ وَطْأَهَا مُمْتَنِعٌ عَادَةً وَالظِّهَارُ يَنْعَقِدُ فِيهَا فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْفَيْئَةِ وَإِلَّا لَمْ يَنْعَقِدْ فِيهَا ظِهَارٌ وَكَلَامُهُ هُنَا يَرُدُّ كَلَامَهُ السَّابِقَ (ص) لَا مُكَاتَبَةٍ وَلَوْ عَجَزَتْ عَلَى الْأَصَحِّ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُكَاتَبَةَ أَحْرَزَتْ نَفْسَهَا وَمَالَهَا فَإِذَا قَالَ لَهَا السَّيِّدُ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنْ أَدَّتْ وَعَتَقَتْ فَلَا كَلَامَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ وَإِنْ عَجَزَتْ وَرَجَعَتْ إلَى الرِّقِّ

ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى الضِّدِّ يَتَحَقَّقُ فِيمَا إذَا كَانَتْ مُعَيَّنَةً وَفِيمَا إذَا لَمْ تَكُنْ مُعَيَّنَةً وَلَا يَحْصُلُ الْيَأْسُ بِتَزَوُّجِهَا بِغَيْرِهِ وَلَا بِغَيْبَتِهَا أَيْ بِمَكَانٍ لَا يُعْلَمُ خَبَرُهَا فِيمَا يَظْهَرُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْيَأْسِ مِنْ التَّحَقُّقِ وَلَا يَكْفِي فِيهِ الظَّنُّ وَكَمَا يَحْصُلُ الْيَأْسُ بِمَوْتِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا يَحْصُلُ بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الَّتِي عَيَّنَهَا الزَّوْجُ وَبِهَرَمِهِ الْمَانِعِ لِلْوَطْءِ لَا مَا لَمْ يَمْنَعْهُ مَا لَمْ يَكُنْ التَّزَوُّجُ لِأَجْلِ الْخِدْمَةِ فَقَطْ بِأَنْ نَوَى ذَلِكَ أَوْ وُجِدَ بِسَاطٌ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ الْهَرَمُ مُوجِبًا لِلظِّهَارِ (قَوْلُهُ: وَيُمْنَعُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ وَقْتِ الظِّهَارِ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَيُمْنَعُ مِنْهَا إلَخْ رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْمُصَنِّفِ لَا أَنَّهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَيَقَعُ الْحِنْثُ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التَّوْضِيحِ وَعَبَ.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) هَذَا مُسَايَرَةٌ مَعَ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ وَأَنَّ الْمُعَلَّقَ يَكُونُ غَيْرَ لَازِمٍ وَبَعْدَهَا يَلْزَمُ وَقَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَفْهُومَ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّقٍ يَكُونُ غَيْرَ لَازِمٍ ثُمَّ يَلْزَمُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ غَيْرَ الْمُعَلَّقِ لَا يَكُونُ إلَّا لَازِمًا (قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ بَعْدَ الْعَزْمِ وَقَبْلَ الْوَطْءِ لَا يُجْزِئُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُجْزِئُ تَحْقِيقًا (قَوْلُهُ: وَبَقِيَ مَفْهُومُ الْمُعَلَّقِ) لَا يُفِيدُ الْجَوَابَ عَنْ قَوْلِهِ مَعَ أَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ يَدُلُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ فِي الْقَوْلَةِ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ إنَّمَا تَقَدَّمَ لِغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: وَمَجُوسِيٍّ أَسْلَمَ) وَكَذَا يَصِحُّ مِنْ أَمَةٍ كِتَابِيَّةٍ عَتَقَتْ أَوْ أَمَةٍ مَجُوسِيَّةٍ أَسْلَمَتْ وَهَلْ إنْ عَقَلَ أَوْ مُطْلَقًا تَأْوِيلَانِ أَيْ فَلَا يَلْزَمُ عِنْدَهُمَا ظِهَارٌ فِي هَؤُلَاءِ.

(قَوْلُهُ: وَرَتْقَاءَ) وَأَوْلَى قَرْنَاءُ وَعَفْلَاءُ وَبَخْرَاءُ وَبَاقِي الْعُيُوبِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُ هُنَا يَرُدُّ) أَيْ فَثَبَتَ وَتَبَيَّنَ أَنَّ كَلَامَهُ هُنَا يَرُدُّ كَلَامَهُ السَّابِقَ غَيْرَ أَنَّهُ يَرِدُ أَنَّ الْإِيلَاءَ لَا يَصِحُّ إلَّا مِمَّنْ يَصِحُّ وِقَاعُهُ فَلَا يَصِحُّ مِنْ مَجْبُوبٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مَنُوطٌ بِالْوَطْءِ فَقَطْ بِخِلَافِ الظِّهَارِ فَمَنُوطٌ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الِاسْتِمْتَاعِ فَلَا يَرُدُّ مَا فِي أَحَدِ الْبَابَيْنِ مَا فِي الْآخَرِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015