فِي الْكَبِيرِ فَإِنْ قُلْت مَا وَجْهُ لُزُومِ الظِّهَارِ مَعَ أَنَّهُ قَدَّمَ أَنْتِ حَرَامٌ وَسَيَقُولُ الْمُؤَلِّفُ وَسَقَطَ - أَيْ الظِّهَارُ - إنْ تَعَلَّقَ وَلَمْ يَتَنَجَّزْ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَوْ تَأَخَّرَ كَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي اهـ الشَّاهِدُ فِي قَوْلِهِ أَوْ تَأَخَّرَ قُلْت: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ فِيمَا يَأْتِي لَمَّا عَطَفَ الظِّهَارَ عَلَى الطَّلَاقِ لَمْ يَعْتَبِرْ لِبَيْنُونَتِهَا بِالْأَوَّلِ وَأَمَّا مَا هُنَا فَإِنَّهُ جَعَلَ قَوْلَهُ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كَأُمِّي كَالْحَالِ مِمَّا قَبْلَهُ فَهُوَ قَيْدٌ فِيهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ جَعَلَ لِلْحَرَامِ مَخْرَجًا حَيْثُ قَالَ: مِثْلُ أُمِّي.

(ص) وَكِنَايَتُهُ كَأُمِّي أَوْ أَنْتِ أُمِّي إلَّا لِقَصْدِ الْكَرَامَةِ أَوْ كَظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ كَانَ كِنَايَةً لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ مَنْ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ أَنْتِ كَأُمِّي كَانَ هَذَا كِنَايَةً لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ لَفْظَ الظَّهْرِ وَيَلْزَمُهُ الظِّهَارُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَصَدَ بِذَلِكَ الْكَرَامَةَ لِزَوْجَتِهِ مِنْ أَنَّهَا مِثْلُ أُمِّهِ فِي الشَّفَقَةِ وَالْكَرَاهَةِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِذَلِكَ ظِهَارٌ وَمِثْلُ الْكَرَامَةِ الْإِهَانَةُ وَلَوْ وَقَعَ الظِّهَارُ مُعَلَّقًا فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى تَزَوَّجَهَا فَقَالَ سَحْنُونَ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ فَعَلْتِ كَذَا فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ ثُمَّ تَزَوَّجَ فُلَانَةَ ثُمَّ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ خِلَافُ مَا حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ بِنَاءً عَلَى اعْتِبَارِ يَوْمِ الْحِنْثِ أَوْ يَوْمِ الْيَمِينِ وَعَكْسُهُ لَوْ قَالَ إنْ فَعَلْتِ كَذَا فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ فُلَانَةَ زَوْجَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ فَعَلَ.

(ص) وَنَوَى فِيهَا فِي الطَّلَاقِ فَالْبَتَاتِ (ش) الضَّمِيرُ فِي فِيهَا يَرْجِعُ لِلْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا نَوَى بِالْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِيمَا ادَّعَاهُ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ فَإِذَا نَوَى الطَّلَاقَ بِقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَأُمِّي أَوْ كَظَهْرِ فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ صُدِّقَ وَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ نَوَى الطَّلَاقَ فَاللَّازِمُ لَهُ الْبَتَاتُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ إذْ الْجَامِعُ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ التَّحْرِيمُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْبَتَاتِ وَيُنَوَّى فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فَقَوْلُهُ فَالْبَتَاتُ جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ كَمَا قَرَّرْنَا.

وَقَوْلُهُ فِي الطَّلَاقِ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ الضَّمِيرِ فِي فِيهَا لِأَنَّ الضَّمِيرَ يَشْمَلُ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ (ص) كَأَنْتِ كَفُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ إلَّا أَنْ يُنَوِّيَهُ مُسْتَفْتٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ فَالْبَتَاتُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ كَفُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ أَوْ أَنْتِ فُلَانَةُ الْأَجْنَبِيَّةُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ ظَهْرٍ وَلَا مُؤَبَّدَةِ التَّحْرِيمِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْبَتَاتُ وَلَا يُنَوَّى فِيمَا دُونَهَا فِي الْمَدْخُولِ بِهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الظِّهَارَ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِهِ فَقَطْ فِي الْفَتْوَى وَأَمَّا فِي الْقَضَاءِ فَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ عَلَى مَا مَرَّ وَالظِّهَارُ مَعًا فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ لَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ.

(ص) أَوْ كَابْنِي أَوْ غُلَامِي أَوْ كَكُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مَا يَلْزَمُهُ فِيهِ الْبَتَاتُ فَإِذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَابْنِي أَوْ غُلَامِي أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ مِثْلُ كُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْبَتَاتُ وَيُنَوَّى فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا (ص) وَلَزِمَ بِأَيِّ كَلَامٍ نَوَاهُ بِهِ (ش) قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ كِنَايَاتِ الظِّهَارِ مِنْهَا مَا هُوَ ظَاهِرٌ وَقَدْ مَرَّ وَمِنْهَا مَا هُوَ خَفِيٌّ وَالْكَلَامُ الْآنَ فِيهِ؛ فَإِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ كُلِي أَوْ اشْرَبِي أَوْ اُخْرُجِي أَوْ اسْقِينِي الْمَاءَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَقَالَ أَرَدْتُ بِهِ الظِّهَارَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَالْمُرَادُ بِالْكَلَامِ الصَّوْتُ فَشَمِلَ كَنَعْقِ الْغُرَابِ وَنَهِيقِ الْحِمَارِ.

وَالْفِعْلُ الَّذِي يَدُلُّ عُرْفًا عَلَى الظِّهَارِ كَالْقَوْلِ الدَّالِّ عَلَيْهِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَأَمَّا الْفِعْلُ الَّذِي لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ الظِّهَارُ وَلَوْ نَوَاهُ بِهِ (ص) لَا بِإِنْ وَطِئْتُكِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ جَعَلَ لِلْحَرَامِ مَخْرَجًا إلَخْ) أَيْ صَرَفَ الْحَرَامَ عَنْ أَصْلِهِ مِنْ الطَّلَاقِ وَجَعَلَ مُرَادًا مِنْهُ الظِّهَارَ فَإِنْ قُلْت قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ بِالطَّلَاقِ لِأَنَّ الْكَلَامَ الْمُقَيَّدَ يُقَيِّدُ مَصَبَّ الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ عَلَى ذَلِكَ الْقَيْدِ مَعَ أَنَّهُ أُخِذَ بِهِ قُلْت أُخِذَ بِهِ لِنِيَّتِهِ وَقَوْلُهُ: كَالْحَالِ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَالٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنْتِ حَرَامٌ أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي فَهُوَ كَالْحَالِ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ.

(قَوْلُهُ: وَكِنَايَتُهُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ وَكَأُمِّي خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَالْجُمْلَةُ مَقُولُ الْقَوْلِ وَالتَّقْدِيرُ وَكِنَايَتُهُ ثَابِتَةٌ بِقَوْلِهِ أَنْتِ أُمِّي وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكِنَايَةَ مَا سَقَطَ مِنْهُ أَحَدُ اللَّفْظَيْنِ؛ الظَّهْرِ أَوْ الْأُمِّ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْكَرَامَةِ الْإِهَانَةُ) أَيْ إذَا كَانَ يُهِينُ أُمَّهُ فَقَالَ لَهَا أَنْتِ كَأُمِّي أَيْ فِي الْإِهَانَةِ (قَوْلُهُ: خِلَافُ مَا حَكَاهُ) أَيْ فَالْمُعْتَمَدُ مَا لِسَحْنُونٍ وَقَوْلُهُ: بِنَاءً إلَخْ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ أَيْ وَالتَّحْرِيمُ ظَاهِرٌ أَيْ التَّحْرِيمُ الْحَقِيقِيُّ وَأَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ يُحَرَّمُ وَطْؤُهَا إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَنْتَفِي بِالرَّجْعَةِ كَانَ كَلَا تَحْرِيمٍ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ " فِي الطَّلَاقِ " بَدَلُ اشْتِمَالٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي الطَّلَاقِ سَابِقٌ فِي الْمُصَنِّفِ عَلَى قَوْلِهِ فَالْبَتَاتُ (قَوْلُهُ: تَشْبِيهٌ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ كَفُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ مُخَالِفٌ لِلْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ فَإِنَّ الْكِنَايَةَ الظَّاهِرَةَ يَلْزَمُهُ فِيهَا الظِّهَارُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهَا الطَّلَاقَ فَيَلْزَمَهُ الثَّلَاثُ عَلَى مَا مَرَّ وَأَمَّا أَنْتِ كَفُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ فَيَلْزَمُهُ الْبَتَاتُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الظِّهَارَ فَيَلْزَمَهُ فَقَطْ فِي الْفَتْوَى وَمَعَ الطَّلَاقِ فِي الْقَضَاءِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْبَتَاتُ وَلَا يُنَوَّى إلَخْ) هَذَا الْحَلُّ مُوَافِقٌ لِمَا فِي شب وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي عب وَمَا فِي عب بَعِيدٌ مِنْ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَابْنِي) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لُزُومُ الْبَتَاتِ فِيمَا ذَكَرَهُ وَلَوْ نَوَى الظِّهَارَ وَهُوَ مُسْتَفْتٍ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ كَظَهْرِ ابْنِي أَوْ غُلَامِي فَظِهَارٌ وَهُوَ الصَّوَابُ.

(قَوْلُهُ: كَكُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ) لِأَنَّ الْكِتَابَ حَرَّمَ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَالْخِنْزِيرَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَنْتِ كَالْمَيْتَةِ قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ (قَوْلُهُ: وَلَزِمَ بِأَيِّ كَلَامٍ نَوَاهُ بِهِ) شَامِلٌ لِمَا إذَا أَرَادَهُ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ أَوْ كِنَايَتِهِ الظَّاهِرَةِ وَقَالَ بَعْضُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ إنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِالْكِنَايَةِ الْمَذْكُورَةِ انْتَهَى وَإِذَا لَمْ يَلْزَمْهُ بِهَا فَالصَّرِيحُ أَوْلَى كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ بِصَرِيحِ الظِّهَارِ (قَوْلُهُ: وَالْفِعْلُ الَّذِي يَدُلُّ عُرْفًا إلَخْ) كَمَا إذَا جَرَى عُرْفُهُمْ بِاسْتِعْمَالِ الْحَفْرِ فِي الظِّهَارِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015