فليصم بقية يومه": فإن جاز أن يؤمر بالصيام مع الأكل، ولم يدل ذلك على أن ترك الأكل ليس من شرائطه، فكذلك يجوز أن يكون الذين لم يأكلوا مأمورين بالصوم، ولا يدل ذلك على أن وجود النية من الليل في الصوم المستحق العين ليس من شرائطه.
قيل له: ما روي من قوله صلى الله عليه وسلم: "من أكل فليصم": معناه: فليمسك، على ما روي في الخبر الآخر؛ لأن الصوم هو الإمساك، ولم يكن ذلك صومًا شرعيًا على الحقيقة، وذلك لأنه قد روي في بعض الأخبار "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الآكلين بقضاء يوم".
وهو ما حدثنا عبد الباقي بن قانع قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا شعبة عن قتادة عن عبد الرحمن بن سلمة عن عمه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم يعني يوم عاشوراء، فقال: "صمتم يومكم هذا؟ قالوا: لا. قال: "فأتموا يومكم هذا، واقضوا".
فثبت أن الآكلين منهم لم يكن لهم صوم، وأنهم إنما أمروا بالإمساك من غير صوم.
فإن قيل: إنما جاز لهم ترك النية من الليل؛ لأنه كان صومًا مبتدءًا لزمهم فرضه في بعض النهار، ولم يكن وجوب الفرض متقدمًا، فيلزمهم تقديم النية من الليل، فلذلك جاز أن يؤمروا بابتداء صيام في بعض النهار.