قيل له: لو كان وجود النية من الليل من شرائط صحة الصوم، لكان عدمها مانعًا من الصوم، ولم يكن يختلف فيه الفرض المبتدأ والفرض الذي تقدم وجوبه، كما أن ترك الأكل لما كان من شرائط صحة الصوم، كان وجوده مانعًا من صوم عاشوراء، ولم يختلف فيه حكم الفرض المبتدأ والمتقدم الوجوب، فلما أجاز الصوم مع ترك النية من الليل، ولم يجزه مع وجود الأكل، دل على أن ما كان مستحق العين من الصوم لم يفتقر في صحته إلى وجود النية من الليل.

فإن قيل: يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أمر الذين لم يأكلوا بالصوم الذي هو الإمساك كما أمر الآكلين.

قيل له: لا يجوز ذلك من وجهين:

أحدهما: أن الأمر بالصوم يقتضي أن يكون صومًا شرعيًا صحيحًا، ولا يجوز حمله على إمساك ليس بصوم شرعي إلا بدلالة.

والثاني: أنه أمر الآكلين بالقضاء دون غيرهم، ولو لم يكن صوم، لم يتقدم فيه الأكل منهم صومًا صحيحًا، لكانوا مأمورين بالقضاء، فهذا يدل على سقوط هذا السؤال.

فإن قيل: كيف يستدل بصوم عاشوراء على صوم شهر رمضان، وهو منسوخ قد ارتفع حكمه؟

قيل له: جهة الدلالة على ما قلنا صحيحة، من قبل أن الأمر بصوم عاشوراء قد انتظم أحكامًا، منها: لزوم فرضه، ومنها: أن كل صوم مستحق العين يجوز ترك النية فيه من الليل، فإذا نسخ الوجوب، لم ينسخ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015